مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 508

(39)
جلسة 17 من ديسمبر 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد محمود الدكروري وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمد عزت السيد إبراهيم والسيد محمد السيد الطحان - المستشارين.

الطعن رقم 687 لسنة 34 القضائية

إدارات قانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة - مديرو وأعضاء الإدارات القانونية - القانون رقم 47 لسنة 1973 هو الأساس في تنظيم شئونهم فتطبق عليهم أحكامه دون أحكام قوانين التوظف العامة إلا ما فات هذا القانون النص عليه واقتضت الضرورة تطبيقه منها وبما لا يتعارض مع أحكام قانون الإدارات القانونية - قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 بلائحة قواعد تعيين وترقية نقل وندب وإعارة مديري وأعضاء الإدارات القانونية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4 من فبراير سنة 1988 أودع الأستاذ/ محمود الطوخي المحامي، بصفته وكيلاً عن محمود وجيه أمين إبراهيم ومحمود علي حسن علي، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 687/ 34 القضائية العليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 7616/ 38 ق، المقامة من المطعون ضدها الأولى ضد المطعون ضدهما الثاني والثالث، والقاضي أولاً: بقبول تدخل المطعون على ترقيتهما خصمين في الدعوى منضمين لجهة الإدارة. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 63 لسنة 1984 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى وظيفة مدير إدارة قانونية من الدرجة الأولى، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وعينت جلسة 13/ 6/ 1988 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، التي قررت إحالته إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 4/ 6/ 1989 وتداولت المحكمة نظره بها وبالجلسات التالية - على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل في أنه بتاريخ 29/ 9/ 1984 أقامت المطعون ضدها الأولى نجية حسن محمد هلاوى الدعوى رقم 7616/ 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري، ضد المطعون ضدهما الثاني والثالث، وطالبت في ختام صحيفتها الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للطيران المدني رقم 63 لسنة 1984 فيما تضمنه من تخطيها في الترقية لوظيفة مدير إدارة قانونية من الدرجة الأولى، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وقالت في بيان دعواها إنه بتاريخ 19/ 6/ 1984 صدر القرار المطعون فيه بترقية السيدين/ محمود وجيه أمين ومحمود علي حسن إلى وظيفة مدير إدارة قانونية بالدرجة الأولى، ولم يشملها هذا القرار رغم أنها أقدم منهما في الدرجة الثانية المرقى منها، ولا تقل عنهما في مرتبة الكفاية، إذ أن تقارير كفايتها عن السنوات الثلاث السابقة بمرتبة ممتاز، وأنها تظلمت منه في 3/ 7/ 1984 ولم تتلق رداً وبعريضة معلنة في 14/ 9/ 1985 طلب المطعون على ترقيتهما قبول تدخلهما خصمين منضمين إلى جهة الإدارة في طلب رفض الدعوى وبجلسة 10/ 12/ 1987 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين على أسباب محصلها أن جدول وظائف الإدارة القانونية بالهيئة المدعى عليها لم يتم اعتماده وفقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية وقرار وزير العدل رقم 1785 لسنة 1977 بقواعد وإجراءات إعداد واعتماد الهياكل الوظيفية وجداول توصيف الوظائف الخاصة بالإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973، ومن ثم يتعين أن تتم الترقية طبقاً لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، مع مراعاة الشروط والإجراءات ومسميات الوظائف المنصوص عليها بالقانون رقم 47 لسنة 1973، وأن الثابت أن المدعية تتساوى مع المطعون على ترقيتهما في مرتبة الكفاية، إلا أنها تشغل الدرجة الثانية من درجات القانون رقم 47 لسنة 1978 اعتباراً من 1/ 5/ 1974، بينما يشغلها المطعون على ترقيتهما اعتباراً من 31/ 12/ 1974، كما أنها مقيدة بالنقض، بينما لم يكن المطعون على ترقيته الثاني كذلك وقت صدور القرار المطعون فيه، كما أنها أقدم منه قيداً أمام الاستئناف، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى تلك الوظيفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن - مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن صريح نص المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1973 أنه هو الأساس في تنظيم شئون مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالجهات المشار إليها فيه، فتنطبق عليهم أحكامه دون أحكام قوانين التوظف العامة إلا ما فاته أو اقتضت الضرورة تطبيقه منها، وهو ما جرت به أحكام المحكمة الإدارية العليا، وأن هذا الخطأ أدى بالحكم الطعين إلى جعل ضابط المفاضلة هو الأسبقية في أقدميه الدرجة المالية عند التساوي في الكفاية، وطرح ضابط أسبقية الاشتغال بالعمل القانوني الواجب التطبيق، دون ضابط أسبقية الدرجة المالية أو الالتحاق بالخدمة وإلى ذلك ذهبت محكمة النقض والقواعد التي وضعتها لجنة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بوزارة العدل بجلستها المعقودة في 7/ 7/ 1984، وأن اعتبار قيد المطعون ضدها أمام محكمة النقض دون الطاعن الثاني وجه أفضلية عليه يخالف ما نصت عليه المادة 17 من القانون رقم 47 لسنة 1973 - في خصوص اشتراطات شغل وظيفة مدير إدارة قانونية - من التسوية بين من قيد أمام محكمة النقض لمدة سنتين وبين من قيد أمام محكمة الاستئناف ومضى على اشتغاله بالمحاماة 14 سنة. وأن مجموع مدة عمل كل من الطاعنين بأعمال نظيرة لأعمال المحاماة ومدة القيد في جداول النقابة تزيد على مدة عمل المطعون ضدهما الأولى، فيكون لهما الأفضلية في التقدم عليها لشغل الوظيفة الأعلى، وهو ما نحت إليه لجنة مديري وأعضاء الإدارات القانونية، حيث نظرت الترقية محل الطعن وحسمت التنازع علها بتقديم الطاعنين.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها تنص على أن "تسري أحكام القانون المرافق على مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها" ومفاد ذلك أن هذا القانون هو الأساس في تنظيم شئون هؤلاء فتطبق عليهم أحكامه دون أحكام قوانين التوظف العامة، إلا ما فات هذا القانون النص عليه واقتضت الضرورة تطبيقه منها، إذا لا يجوز إهدار أحكام قانون خاص، وإعمال أحكام قانون عام، لمنافاته لمقتضى تشريعه، وأن المواد 11 و12 و13 و14 من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه. وقرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 بلائحة قواعد تعيين وترقية ونقل وندب وإعارة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام، الصادر تنفيذاً للتفويض التشريعي الوارد بنص المادة الثامنة من القانون المذكور، نظمت أحكام تعيين وترقية هؤلاء تنظيماً شاملاً بما لا يجوز معه استدعاء أحكام التعيين والترقية المنصوص عليها في أنظمة التوظف العامة، إلا ما فات تنظيمه منها واقتضت الضرورة الرجوع فيه إلى أحكام نظم التوظف العامة، وبما لا يتعارض مع أحكام قانون الإدارات القانونية.
ومن حيث إن المادة 11 من هذا القانون تنص على أن "تكون الوظائف الفنية في الإدارات القانونية الخاضعة لهذا القانون على الوجه الآتي: مدير عام إدارة قانونية - مدير إدارة قانونية." وتنص المادة 13 منه على أن "ليشترط فيمن يشغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية أن يكون قد مضى على قيده بجدول المحامين المدة المبينة قرين كل وظيفة منها وذلك على النحو التالي".... مدير إدارة قانونية: الفرد أمام محكمة النقض لمدة سنتين. أو القيد أمام محاكم الاستئناف وانقضاء أربع عشرة سنة على الاشتغال بالمحاماة.." وتنص المادة 14 على أنه مع مراعاة ما هو منصوص عليه في المادة التالية يكون التعيين في وظائف الإدارات القانونية في درجة محام ثالث فما يعلوها بطريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة على أساس مرتبة الكفاية، مع مراعاة الأقدمية بين المرشحين عند التساوي في الكفاية وتنص المادة السادسة من قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978، المشار إليه على أن "تحددها الأقدمية في الفئة الوظيفية بتاريخ القرار الصادر بالتعيين فيها، ما لم يحددها القرار بتاريخ آخر، وتتحدد الأقدمية فيما بين المعينين بقرار واحد بترتيب أسمائهم فيه، ويراعى في تحديد الأقدمية القواعد التالية ( أ ) إذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الفئة الوظيفية السابقة "وطبقاً لصريح حكم هذا النص، فإن العبرة في الأقدمية كعناصر مفاضلة للترقية إلى وظائف الأعلى عند التساوي في الكفاية هي بالأقدمية في الفئة الوظيفية السابقة، وذلك بالنسبة إلى قرارات الترقية الصادرة في ظل العمل بأحكام قرار وزير العدل المشار إليه.
ومن حيث إنه متى كان الثابت أن السيد/ محمود وجيه أمين حاصل على ليسانس الحقوق عام 1963 وعين في 14/ 9/ 1963، وقيد بالجدول العام في 20/ 2/ 1967، وبالاستئناف في 7/ 3/ 1971 وبالنقض في 26/ 12/ 1979 وأن السيد/ محمود علي حسن حصل على ليسانس الحقوق عام 1963 وعين في 16/ 12/ 1963 وقيد بالجدول العام 5/ 2/ 1970 م وبالاستئناف في 1/ 4/ 1973 وأن المطعون ضدها الأولى حصلت على ليسانس الحقوق عام 1966 وعينت في 15/ 4/ 1967 وقيدت بالجدول العام في 5/ 2/ 1970 وبالاستئناف في 10/ 12/ 1972 والنقض في 29/ 12/ 1979 فقد استوفوا جميعاً مدد القيد المتطلبة قانوناً للترقية لوظيفة مدير إدارة قانونية - طبقاً لنص المادة 13 من قانون الإدارات القانونية المشار إليه - وتساووا جميعاً في مرتبة الكفاية، وبالتالي فلا محيص من إجراء المفاضلة بينهم على أساس الأقدمية في الفئة الوظيفية السابقة. وإذ كانت المطعون ضدها تشغل الدرجة الثانية من درجات القانون رقم 47 لسنة 1978 اعتباراً من 1/ 5/ 1974، في حين شغلها الطاعنان اعتباراً من 31/ 12/ 1974، فإنها تكون أحق منهما بالترقية إلى وظيفة مدير إدارة قانونية، ويكون القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى هذه الوظيفة قد وقع مخالفاً للقانون حقيقاً القضاء بإلغائه. ولا وجه للاحتجاج بأن لجنة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بوزارة العدل قررت بجلستها المعقودة في 7/ 7/ 1984 الاعتداد بأقدمية العمل القانوني وليس بأقدمية الدرجات المالية أو أسبقية الالتحاق بالخدمة، وأن تحدد الأقدمية بين الأعضاء القانونيين بالإدارات القانونية على أساس أسبقية تاريخ القيد بالجدول العام أو ما يتلو ذلك من تسلسل القيد أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف ومحكمة النقض.. دون أسبقية الدرجة المالية أو الالتحاق بالخدمة..، ذلك أن القرار المطعون فيه صادر بتاريخ 19/ 6/ 1984 في تاريخ سابق على تاريخ صدور هذه القواعد فلا تسري في شأنه. وإذ انتهى الحكم المطعون إلى ذلك، فإنه يتعين القضاء برفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين بالمصروفات.