مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 529

(41)
جلسة 23 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار طارق عبد الفتاح البشرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. فاروق عبد البر السيد وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 2456 لسنة 30 القضائية

قرار إداري - ما يخرج عن نطاق القرارات الإدارية - (عاملون مدنيون بالدولة) - إنذار العامل بوجوب تسلم عمله وإلا طبقت في شأنه قرينة الاستقالة الضمنية - الإنذار لا يمثل قراراً إدارياً بتوقيع جزاء ويعتبر مجرد إجراء تمهيدي لقرار قد يتخذ فيما بعد - لذا فإنه لا يجوز الطعن فيه استقلالاً وإنما يتعين الانتظار حتى يصدر قرار إداري يتخذ هذا الإنذار سنداً له ويطعن في هذا القرار استناداً إلى أنه اتخذ بناء على إجراء باطل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 28/ 6/ 1984 أودع الطاعن سكرتارية هذه المحكمة تقرير طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 16/ 5/ 1984 في الطعن رقم 16 لسنة 17 ق، المقام من الطاعن ضد السيد/ وزير العدل بصفته، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين رقمي 731 و928 لسنة 1981 المطعون عليهما ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من رفض الطلبات للطاعن الموضحة آنفاً، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وبتاريخ 7/ 7/ 1984، أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها طلبت فيه قبول الطعن شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي موضوع الطعن برفضه.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 8/ 3/ 1989 وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 28/ 6/ 1989 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 24/ 10/ 1989 ثم قررت بجلسة 18/ 11/ 1989 إصدار الحكم بجلسة اليوم 23/ 12/ 1989 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة عل أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 883 لسنة 35 ق، أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 22/ 5/ 1981 طالباً في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير العدل رقم 1762 لسنة 1981 في 16/ 5/ 1981 بنقله من الديوان العام للوزارة إلى الميزانية العامة للمحاكم ونقله إلى محكمة المنصورة الابتدائية وندبه للعمل وكيلاً لكبير الكتاب بهذه المحكمة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 9/ 7/ 1981 أقام الطاعن الدعوى رقم 2285 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري طلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف كامل راتبه ومستحقاته منذ وقف صرفه في نوفمبر سنة 1981 لحين الفصل نهائياً في موضوع الدعوى والحكم بإلغاء القرارين 731 و928 لسنة 1981 فيما تضمناه من نقله من عمله كمدير لإدارة رعاية العاملين بديوان عام الوزارة المدعى عليها وإلغاء جميع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وقال الطاعن شرحاً لدعواه الأولى أن القرار رقم 1762 لسنة 1981 مشوب بإساءة استعمال السلطة ومخالفة للقانون إذ أنه صدر بسبب إبلاغه عن ارتكاب بعض القادة بوزارة العدل جنايات تزوير وصرف مئات الألوف من الجنيهات بدون سند قانوني أو صدر لإبعاده من القاهرة حتى لا يعالج بصره، ولإبعاده عن مباشرة قضاياه وقد انطوى على جزاء مقنع دون تحقيق ودون أن يقترف أية مخالفة سوى مطالبته بتنفيذ حكم صدر لصالحة، وأنه صدر ممن لا يملك سلطة إصداره وأنه غير مسبب وصدر بقصد التنكيل به ولنفع أحد العاملين بالوزارة المدعى عليها وهو بذلك يحوي جزاءً تأديبياً مقنعاً إذ أنه تنزيل وظيفي يتضمن نقلاً مكانياً ونوعياً ومخالفاً للمادتين 54 و56 من القانون رقم 47 لسنة 1978.
وقال الطاعن شرحاً لدعواه الثانية، أن القرارين المطعون فيهما رقمي 739 و928 لسنة 1981 والمتضمنين نقله من إدارة رعاية العاملين إلى وظيفة وهمية بمكتب التحكيم، قد شابهما إساءة استعمال السلطة والانحراف بها ومخالفة القانون بقصد الإضرار به، بل وصل الأمر إلى حد وقف صرف راتبه وملحقاته اعتباراً من نوفمبر سنة 1981 وطلب بصفة عاجلة صرف راتبه مع إلزام وزارة العدل بإعطائه كتاباً للقومسيون الطبي لتوقيع الكشف الطبي عليه لبيان ما به من مرض والإجازات اللازمة وفي الموضوع بإلغاء القرارين المشار إليهما تنفيذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 803 لسنة 33 ق وبإلغاء عقوبة الإنذار الموقعة عليه في 16/ 5/ 1981 وما ترتب عليها من آثار. وبتاريخ 19/ 1/ 1982 أضاف المدعي إلى طلباته الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 41 لسنة 1982 الصادر في 5/ 1/ 1982 بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل بدون إذن وإلغاء جميع الآثار المترتبة على ذلك مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 9/ 2/ 1983 حكمت المحكمة - بعد ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد - بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعويين، وأمرت بإحالتهما إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، وحيث قيدتا برقم 16 لسنة 17 ق.
وبجلسة 19/ 5/ 1984 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذي خلصت فيه إلى أن القرار رقم 739 لسنة 1981 نص في المادة الأولى منه على إلغاء القرار رقم 2086 لسنة 1979 الصادر بإنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 7/ 9/ 1978 واعتباره كأن لم يكن وتسوية حالته على هذا الأساس وبذا يكون قد صدر نفاذاً للحكم الصادر لصالح المذكور، وكان الأمر يقتضي إعادته إلى ذات المجموعة النوعية التي كان يشغلها، أي إلى درجة معادلة للدرجة الثانية الإدارية غير أن القرار المشار إليه نص في المادة الثانية منه على نقله منها إلى الدرجتين الأولى التخصصية وبمجموعة القانون وهي مجموعة مغايرة للمجموعة الأولى، إذ أن درجته كانت إدارية وليست قانونية وتحدد عمله في المجموعة الجديدة بالقرار رقم 928 لسنة 1981 بإلحاقه بمكتب التحكيم، على وظيفة غير مدرجة بالهيكل الوظيفي للمكتب الأمر الذي حدا بالمستشار رئيس المكتب إلى طلب نقله، ومن ثم يكون القراران المشار إليهما قد صدرا مخالفين للقانون متعيناً إلغاؤهما. كما انتهت المحكمة إلى أن القرار رقم 1762 لسنة 1981 بنقل الطاعن إلى محكمة المنصورة الابتدائية مع ندبه وكيلاً لكبير الكتاب بها، صدر صحيحاً ممن يملك سلطة إصداره، وأن الإنذار الصادر بتاريخ 16/ 5/ 1981 ليست عقوبة من العقوبات التي نص عليها القانون، ويتعين لذلك رفض طلب إلغائه. أما عن طلب إلغاء القرار رقم 41 لسنة 1982 الصادر في 5/ 1/ 1982 بإنهاء خدمة الطاعن واعتباره مستقيلاً فقد خلصت المحكمة إلى أن الوزارة طبقت أحكام المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 - تطبيقاً سليماً، ويكون طلب إلغائه على غير أساس جديراً بالرفض/ أما عن طلب صرف الطاعن راتبه اعتباراً من شهر يونيه سنة 1981 فإنه وقد تم فصله من تاريخ انقطاعه عن العمل في 18/ 5/ 1981 ولم يؤد عملاً منذ هذا التاريخ فإن طلب صرف راتبه يكون غير قائم على أساس سليم متعين الرفض.
ومن حيث إن الطاعن أقام طعنه في الحكم المذكور استناداً إلى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع. وذلك تأسيساً على ما يلي:
أولاً: أن المحكمة التأديبية وقد انتهت إلى إلغاء القرارين الصادرين برقمي 731 و928 لسنة 1981 فإن مؤدى ذلك ولازمه العودة بالطاعن إلى ذات مركزه القانوني الوظيفي وإذ كان المدعي قبل إلغاء القرار رقم 2086 لسنة 1979 فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتباراً من 7/ 9/ 1978 واعتباره كأن لم يكن، شاغلاً وظيفة مدير إدارة رعاية العاملين بوزارة العدل فإنه كان يجب إعادته إلى ذات الوظيفة لا التنكيل به بنقله إلى غير وظيفته بدرجة بالهيكل الوظيفي بمكتب التحكيم لا وجود لها إطلاقاً فضلاً عن أن وظيفة الطاعن بإدارة رعاية العاملين ظلت مشغولة بالندب حتى الآن.
ثانياً: متى كان ثابتاً لدى المحكمة أن القرارين سالفي الذكر صدرا مشوبين بعيب مخالفة القانون وخلوصها إلى إلغائهما، فإنه لا يستقيم ما استندت إليه تبريراً لسلامة القرار رقم 1762 لسنة 1981 من أن نقله إلى موازنة المحاكم الابتدائية قد تم باقتراح السيد المستشار رئيس مكتب التحكيم لأن السيد المذكور لا يملك هذا الاقتراح ولا يصلح اقتراحه سنداً قانونياً للنقل بعد أن تكشف أن النقل إلى هذا المكتب صدر مشوباً بالمخالفة للقانون وكان مقتضى ذلك إعادة الطاعن إلى وظيفته الأصلية.
ثالثاً: إن القرار رقم 1762 صدر مخالفاً لنص المادتين 54 من نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 43 من لائحته التنفيذية حيث صدر بغير موافقة لجنتي شئون العاملين في الوحدة المنقول منها والوحدة المنقول إليها، والثابت أن الموافقة قد اقتصرت على لجنة شئون العاملين بوزارة العدل دون لجنة شئون العاملين بالمحاكم كما أنه لم يتغي مصلحة عامة ومشوب بإساءة استعمال السلطة فقد تم نقله إلى ذات المحكمة التي كان يعمل بها وكيلاً للكاتب العام خمس سنوات متلاحقة.
رابعاً: الطاعن مصاب بانفصال شبكي من جراء الحملات المتلاحقة له من الإدارة وعسفها وهو من ثم يستطيع الحصول على إجازة مرضية بمرتب كامل بناء على قرار القومسيون الطبي العام فإذا كان قد أخطر بمرضه الجهة المنقول منها فقد قدم العذر الذي يحول دون اعتباره مستقيلاً.
خامساً: إن الظروف والملابسات المحيطة بالقرارات الصادرة في شأن الطاعن تدل دلالة واضحة وصريحة على أن الغاية التي تبتغيها جهة الإدارة من إصدارها ليست صالح العمل وإنما النيل من الطاعن.
سادساً: طالما لم يثبت أن انقطاع الطاعن لم يكن بعذر مقبول أو بعذر رفضته الإدارة فمن ثم يقوم به المناط في استحقاق راتبه، إذ أن القومسيون الطبي حيل بينه وبين الطاعن لتقرير حالته المرضية.
سابعاً: لم يتم إعلان الطاعن بأية جلسة على الإطلاق كما أنه لم يتسلم أي إخطار بذلك حتى يتمكن من إبداء دفاعه كاملاً، كما أنه لم يتم إنذاره قبل إصدار قرار إنهاء خدمته طبقاً للقانون.
ثامناً: إن قرار النقل صدر حتى تتمكن الوزارة من عدم تنفيذ حكم صدر لصالح الطاعن في القضية رقم 2097 لسنة 32 ق بإلغاء قراري تخطيه وتسكينه إلى درجة المدير العام بديوان عام وزارة العدل وهذا الحكم وإن كان مرفقاً ضمن حافظة مستندات الطاعن ولم يلتفت إليه الحكم المطعون فيه فإن ذلك يشوب الحكم الأخير بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
تاسعاًَ: إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم وجود جزاء مقنع بعد أن قضت به محكمة القضاء الإداري يدمغه بعيب التناقض ومخالفة القانون.
عاشراً: إن عقوبة الإنذار التي تم توقيعها على الطاعن دون إجراء تحقيق فيها وتوافر حق الدفاع للطاعن فإنه يجعل هذه العقوبة باطلة ومنعدمة لمخالفتها أحكام القانون.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه على ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض طلباته بإلغاء القرار رقم 1762 لسنة 1981 الصادر في 16/ 5/ 1981 بنقله من الديوان العام بالوزارة إلى القسم المدني بمحكمة المنصورة الابتدائية مع ندبه وكيلاً لكبير كتاب تلك المحكمة وبإلغاء الإنذار الصادر في 16/ 5/ 1981 عن الانقطاع عن العمل والمبلغ له في 15/ 6/ 1981 وبإلغاء القرار الصادر برقم 41 لسنة 1982 في 5/ 1/ 1982 بإنهاء خدمة الطاعن باعتباره مستقيلاً من وظيفته في 19/ 5/ 1981 وبالاستمرار في صرف مرتبه كاملاً اعتباراً من شهر يونيو سنة 1981.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء القرار رقم 1762 لسنة 1981 بنقله من الديوان العام بالوزارة إلى القسم المدني بمحكمة المنصورة الابتدائية مع ندبه للعمل وكيلاً لكبير كتاب هذه المحكمة. فقد جاء في ديباجة هذا القرار أنه صدر بناء على المذكرة المقدمة بتاريخ 13/ 5/ 1981 (مذكرة المستشار رئيس مكتب التحكيم) والتي انتهت إلى أن الصالح العام يقتضي نقل الطاعن الباحث أول بمجموعة وظائف القانون بديوان الوزارة - ملحق للعمل بالإدارة العامة لشئون التحكيم - إلى جهة أخرى بما يتفق مع مؤهله وخبرته، وأنه صدر من وكيل وزارة العدل المفوض في اختصاصات الوزير وبعد موافقة لجنة شئون العاملين بديوان الوزارة بتاريخ 13/ 5/ 1981 - بالتمرير - على نقله إلى موازنة المحاكم الابتدائية على درجة تعادل درجته بديوان الوزارة (الدرجة الأولى) وموافقة لجنة شئون العاملين بالمحاكم الابتدائية بذات التاريخ على نقله إلى القسم المدني بمحكمة المنصورة الابتدائية مع ندبه للعمل وكيلاً لكبير الكتاب بها، وبعد اعتماد قراري التحقيق من السيد المستشار وكيل أول الوزارة - بتاريخ 14/ 5/ 1981.
ومن حيث إن القرار رقم 1762 لسنة 1981 صدر عقب صدور القرار رقم 739 لسنة 1981 بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 7/ 9/ 1978، والذي قضى خطأ بنقل الطاعن إلى المجموعة القانونية بدلاً من المجموعة الإدارية وتحدد عمله في المجموعة الجديدة بإلحاقه بمكتب التحكيم على وظيفة غير مدرجة بالهيكل الوظيفي للمكتب، الأمر الذي حدا بالمستشار رئيس المكتب أن يتقدم بالمذكرة المشار إليها سلفاً وبناء عليها صدر القرار 1762 لسنة 1981 بنقل الطاعن من جديد إلى وظيفة من المجموعة الإدارية في القسم المدني بمحكمة المنصورة الابتدائية.
ومن حيث إنه من المستقر عليه قضاء أن نقل العامل من وظيفة إلى أخرى يدخل في السلطة التقديرية لجهة الإدارة تجريه وفقاً لما تراه محققاً لصالح العمل والصالح العام وأنه لا معقب عليها في ذلك ما دام تصرفها في هذا الشأن قد خلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وطالما كان النقل غير منطو على جزاء بأن تضمن نقلاً إلى وظيفة أدنى، ولم يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية وأنه ليس للموظف الحق في البقاء في وظيفة معينة أو التمسك بها دون سواها كما استقر القضاء على أن النقل المكاني صحيح ما دام لا ينطوي على جزاء بتنزيل الموظف من الوظيفة التي يشغلها إلى وظيفة أخرى درجتها أقل من درجته.
ومن حيث إنه ليس من حق الطاعن البقاء في وظيفة معينة كان يشغلها قبلاً، كما إنه ليس من حقه التمسك بها دون سواها لأن ذلك قد يتنافى مع مصلحة المرفق الذي يعمل به.
ومن حيث إن القرار رقم 1762 لسنة 1981 لم يتضمن أي جزاء تأديبي مقنع فلم يتضمن تنزيلاً لوظيفة الطاعن، أو تفويت دور له في الترقية، أو تخفيضاً في مرتبه. كما أن الطاعن وقد نسب إلى القرار عيب إساءة استعمال السلطة ولم يقدم الدليل على ذلك فإنه يكون قد فشل في إثبات أي عيب يمكن أن يؤدي إلى عوار في هذا القرار وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب وجه الحق عندما انتهى إلى مشروعية القرار سالف الذكر.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء الإنذار الصادر بتاريخ 16/ 5/ 1981 فإنه يبين من الأوراق أن الطاعن علم بقرار نقله إلى المنصورة في 18/ 5/ 1981 وأخلي طرفه من هيئة التحكيم بذات التاريخ ولما لم يتسلم عمله بالمنصورة أنذر على عنوان محاميه، بوجوب تسلمه العمل وإلا طبقت عليه المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة كما أنذر على عنوانه 92 شارع أحمد عرابي شقة 102، لكنه لم يتسلم العمل رغم ذلك واكتفى بالالتجاء إلى القضاء في 23/ 5/ 1981 طالباً إلغاء قرار نقله.
ومن حيث إن الإنذار سالف الذكر لا يمثل قراراً بتوقيع جزاء على الطاعن وإنما يعتبر مجرد إجراء تمهيدي لقرار قد يتخذ فيما بعد، لذا فإنه لا يجوز الطعن فيه استقلالاً، وإنما يتعين الانتظار حتى يصدر قرار إداري يتخذ هذا الإنذار سنداً له، ويطعن في هذا القرار استناداً إلى أنه اتخذ بناء على إجراء باطل لذا فإن الدعوى تكون غير مقبولة في صدد طلب إلغاء الإنذار الموجه إلى الطاعن.
ومن حيث إنه عن الطعن في حكم المحكمة القاضي برفض طلب إلغاء القرار رقم 41 لسنة 1982 الصادر في 5/ 1/ 1982 بإنهاء خدمة الطاعن فالثابت من الأوراق أنه صدر القرار سالف الذكر ناصاً في المادة الأولى على "إنهاء خدمة السيد...... الشاغل لوظيفة مدير عام من الدرجة (1380 - 2244) تنمية إدارية بالقسم المدني بمحكمة المنصورة الابتدائية ورفع اسمه من سجل قيد أسماء العاملين بالقسم المدني بالمحاكم الابتدائية باعتباره مستقيلاً من وظيفته اعتباراً من 19/ 5/ 1981 التاريخ التالي لإخلاء طرفه من مكتب التحكيم بوزارة العدل وعدم مباشرته العمل بمحكمة المنصورة الابتدائية".
ومن حيث إن القرار سالف الذكر صدر بعد أن أنذرته محكمة المنصورة في 22/ 6/ 81، بتطبيق أحكام المادة 98 من قانون العاملين المدنيين بالدولة عليه، ثم قامت بإخطاره بإنذار على يد محضر في 12/ 8/ 1981 على عنوانه 92 شارع أحمد عرابي شقة 102، وفي ذات الوقت على محله المختار لدى مكتب محاميه الأستاذين محمد شرف والحمزة دعبس، ثم أعيد إنذاره في 28/ 11/ 1981 على محل إقامته مرة أخرى بإنذار على يد محضر سلم للبواب لعدم وجوده. كل هذه الإنذارات ولم يعر الأمر التفاتاً وظل منقطعاً عن عمله الأمر الذي حدا بجهة الإدارة إلى إصدار قرارها رقم 41 لسنة 1982 وإذ كان القرار سالف الذكر قد صدر بالتطبيق السليم لحكم المادة 98 من قانون العاملين المدنيين بالدولة لذا فإنه يكون قراراً بريئاً من العيوب. ولا يغير من ذلك إدعاء الطاعن المرض وقتذاك، إذ كان يتعين عليه أن يتوجه إلى جهة عمله المنقول إليها فيتسلم عمله بها ثم يبلغ هذه الجهة - باعتبارها الجهة المختصة بأموره الوظيفية - بمرضه، ويطلب منها إحالته إلى القومسيون الطبي أما وإنه لم يتبع هذه الإجراءات فلا يلومن إلا نفسه. وإذا كان الأمر كذلك فإن الطعن على حكم المحكمة التأديبية في هذا الصدد يكون غير قائم على أساس من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه إذا كان القرار رقم 41 لسنة 1982 قد قضى بإنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 19/ 5/ 1981، التاريخ التالي لإخلاء طرفه من مكتب التحكيم بوزارة العدل وعدم مباشرته العمل بمحكمة المنصورة الابتدائية، وكان هذا القرار متفقاً مع صحيح حكم القانون على الوجه الذي أشرنا إليه سلفاً، لذا فإن حرمانه من مرتبه اعتباراً من يونيو سنة 1981 يكون قائماً على أساس سليم من القانون والواقع، ذلك أن خدمته قد انتهت من الناحية القانونية اعتباراً من 19/ 5/ 1981 وبالتالي لا يستحق مرتباً من هذا التاريخ كما إنه لما كان المرتب مقابل العمل، وكان الطاعن قد انقطع عن العمل اعتباراً من التاريخ سالف الذكر، فإنه لم يؤد عملاً للإدارة يمكن أن يستحق عنه أجراً. وإذا كانت المحكمة في حكمها المطعون فيه قد ذهبت هذا المذهب فإن حكمها هذا يكون سليماً، ويكون النعي عليه بعدم السلامة جديراً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.