مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 592

(48)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة - المستشارين.

الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - طلب تفسير الحكم (مرافعات).
المادة 192 مرافعات - طلب تفسير الحكم لا يكون إلا بالنسبة إلى قضائه الوارد في منطوقه دون أسبابه إلا ما كان من هذه الأسباب مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً جوهرياً ومكوناً لجزء منه مكمل له - لا يكون إلا حيث يلحق بهذا المنطوق أو يشوبه غموض أو إبهام يقتضي الإيضاح أو التفسير لاستجلاء قصد المحكمة - يجب أن يقف عند حد إيضاح ما أبهم أو غمض بالفعل بحسب تقدير المحكمة لا ما التبس على ذوي الشأن فهمه على الرغم من وضوحه - يجب ألا يمس طلب التفسير ما قضى به الحكم محل التفسير بنقص أو زيادة أو تعديل ولو كان قضاؤه خاطئاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 7 من يناير سنة 1986 أودع الأستاذ محمد صبري الحلوجي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد رئيس جامعة الزقازيق قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عريضة دعوى قيدت بالجدول تحت رقم 399 لسنة 32 القضائية عليا، طالباً بيان ما إذا كان الحكم الصادر في الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية عليا يتم تنفيذه باستلام المحكوم لصالحهم أرض النزاع وما عليها من مباني ومنشآت خاصة بالجامعة أم أن الحكم يثبت حق المحكوم لصالحهم في التعويض المناسب.
وقد أعلنت الدعوى قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم برفض الدعوى وإلزام جامعة الزقازيق المدعية بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الدعوى أمام هذه المحكمة جلسة 4 من نوفمبر سنة 1989 وتدوول نظرها بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1989 إصدار الحكم بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1989 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، ولم تقدم أية مذكرات خلال الأجل المصرح به، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الجامعة المدعية طلبت بعريضة الدعوى الماثلة بيان ما إذا كان الحكم الصادر في الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية عليا يتم تنفيذه باستلام المحكوم لصالحهم أرض النزاع وما عليها من مباني ومنشآت خاصة بالجامعة أم أن الحكم يثبت حق المحكوم لصالحهم في التعويض المناسب كما طلبت الجامعة بمذكراتها المقدمة أمام هذه المحكمة بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1989: أولاً تفسير الحكم الصادر في الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية عليا ببيان ما إذا كان يشتمل على استلزام التنفيذ العيني أم أنه لا يشتمل على إلزام فيمكن التنفيذ بطريق التعويض، وثانياً إلزام المدعى عليهم بالمصروفات.
ومن حيث إنه ولئن كان قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 خلا من أحكام خاصة بشأن دعاوى التفسير، إلا أنه متى كانت المادة (3) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي" فإن الرد في شروط وأوضاع ما يرفع أمام محاكم مجلس الدولة من دعاوى بطلب تفسير ما تصدره من أحكام يكون بالرجوع إلى ما تضمنه قانون المرافعات وجاء به من أحكام خاصة بدعاوى التفسير، وذلك في إطار الأصل العام المقرر بأن يكون الرجوع إلى أحكام قانون المرافعات في الحدود وبالقدر الذي لا يتعارض مع طبيعة الإجراءات أمام محاكم مجلس الدولة وبمراعاة الطبيعة الخاصة بالمنازعات التي تختص بها هذه المحاكم.
ومن حيث إن المادة 192 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى. ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متحصناً من كل الوجوه للحكم الذي يفسره، ويسري عليه ما يسري على هذا الحكم من القواعد الخاصة بقواعد الطعن العادية وغير العادية". وقد جرى قضاء هذه المحكمة على اختصاصها بنظر دعاوى التفسير التي تقام بالنسبة لما تصدره من طعون.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية فيتعين قبولها شكلاً.
ومن حيث إن عناصره تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن السادة/ إبراهيم ومحمود وعباس ومصطفى أحمد محمد عوف أقاموا بتاريخ 2 من يونيه 1982 الدعوى رقم 1017 لسنة 4 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري والمرفوعة ضد السادة/ رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة للتعليم والبحث العلمي ورئيس جامعة الزقازيق، طالبين الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 476 لسنة 1982 الصادر في 13 من مايو سنة 1982 فيما تضمنه من تقرير المنفعة العامة على قطعة الأرض المملوكة لهم والاستيلاء عليها بطريق التنفيذ المباشر.
وبجلسة 19 من ديسمبر سنة 1982 قضت تلك المحكمة بإثبات ترك الخصومة في طلب وقف التنفيذ وألزمت المدعين بمصروفات الطلب، ثم قضت بجلسة 24 من مايو سنة 1984 بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعين بالمصروفات.
فأقام المدعون في تلك الدعوى المحكوم عليهم فيها، الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية عليا أمام هذه المحكمة وطلبوا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس الوزراء رقم 476 لسنة 1982 الصادر في 13 من مايو سنة 1982 فيما تضمنه من تقرير المنفعة العامة على قطعة الأرض المملوكة لهم والاستيلاء عليها بطريق التنفيذ المباشر وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات. وبجلسة 18 من مايو سنة 1985 حكمت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت جامعة الزقازيق بالمصروفات. وأوردت المحكمة في حكمها، بعد استعراض حكم المادة (34) من الدستور التي تنص على أن الملكية الخاصة مصونة ولا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون، وحكم المادة (1) من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين وكذلك حكم المادتين (1) و(2) من القانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات ومفادها أن يكون تقرير صفة المنفعة العامة أو التصريح للجهة المستملكة عن وجود نفع عام بالنسبة للعقارات المراد نزع ملكيتها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية، وأنه فيما عدا الأحوال الطارئة والمستعجلة التي تقتضي الاستيلاء على العقارات لإجراء أعمال الترميم وما إليها، يكون الاستيلاء المؤقت على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية، أوردت بأن ذلك يكشف حرص الدستور والقانون على التوفيق بين حق الدولة في الحصول على العقارات اللازمة لمشروعاتها العامة لتحقق ثمرتها المرجوة في خدمة الصالح العام، وبين حقوق ذوي الشأن من ملاك هذه العقارات، فأرسى ضابطاً أساسياً في هذا المجال هو لزوم العقارات المملوكة ملكية خاصة للمنفعة العامة الأمر الذي يتكشف من ظروف ووقائع الأحوال، فيما تقرره الجهة الإدارية في هذا الشأن يجب أن يكون مستمداً من حاجتها الملحة لهذه العقارات لإقامة مشروعاتها بما يقتضيه ذلك من تقرير صفة المنفعة العامة لها والاستيلاء عليها للصالح العام فإن دلت الظروف ووقائع الحال على غير ذلك وقعت الإجراءات المتخذة في هذه الحالة مشوبة بالبطلان لمساسها بالملكية الخاصة التي كفلها الدستور والقانون. واستعرضت المحكمة ما هو ثابت من أوراق الطعن فأوردت بأن محافظة الشرقية كانت قد وهبت إلى جامعة الزقازيق مساحة من الأرض الزراعية مقدارها 45.6.15 فدان كائنة بناحية بندر الزقازيق محافظة الشرقية بحوض العقابي (1) قسم ثان القطعة رقم 86 من 37 شائعة في مسطح مساحته 52.5.19 فدان وذلك بموجب عقد هبة مشهر في 3 من فبراير سنة 1975 تحت رقم 522، وتضمن العقد، في التمهيد الذي يعتبر جزءاً منه، الإشارة إلى أنه تقررت هبة العقارات الموضحة بالعقد تدعيماً لجامعة الزقازيق واللازمة لها. ونص في البند الثالث على أن "يقر الطرفان بصفتيهما بأن الغرض من هذه الهبة هو تخصيص الأراضي الموهوبة لإقامة مباني الكليات والمعاهد والمنشآت والمرافق اللازمة لجامعة الزقازيق" وثبت من المستندات المودعة ملف الطعن أن جامعة الزقازيق تصرفت قبل أن تستكمل منشآتها على الأرض الموهوبة لها بالبيع في مسطح 18.21.11 فدان من هذه الأرض لصالح الجمعية التعاونية لبناء المساكن لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة الزقازيق بموجب العقد المسجل رقم 4411 لسنة 1977 وباعت لذات الجمعية مسطحاً مساحته 5.6.11 فدان من تلك الأرض وذلك بموجب العقد المسجل رقم 3940 لسنة 1981 كما أبرمت الجامعة العقد المسجل رقم 2674 لسنة 1981 مع الدكتور/ سند نجيب عن نفسه وبصفته عن بيع مسطح 1.11 فدان، وتمت هذه التصرفات جميعاً محددة ومفرزة. وفي شهر يناير سنة 1982 أرسل رئيس جامعة الزقازيق كتاباً إلى وزير الدولة للتعليم والبحث العلمي أشار فيه إلى عقد الهبة رقم 522 لسنة 1985 عن مساحة 45.6.15 فدان شائعة في مساحة 52.5.19 فدان، وذكر أن الجامعة خططت لإقامة العديد من المباني والمنشآت تدريجياً وفقاً لاحتياجاتها، وأن السيد/ إبراهيم أحمد محمد عوف أحد ورثة البائعين للمحافظة قام بتسجيل العقد رقم 1895 لسنة 1979 - القطعة 570 - عن مساحة 4.1 فدان وأن هذه الأرض تحتاجها الجامعة فعلاً لتوسعها إذ أنها تقع داخل الحرم الجامعي وليس من المعقول إقامة منشآت خاصة عليها. وبعد عرض الكتاب المشار إليه على السيد/ رئيس مجلس الوزراء أصدر القرار رقم 476 لسنة 1982 بتاريخ 13 من مايو سنة 1985 الذي نص في مادته الأولى على أن "يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع استكمال المنشآت العلمية لجامعة الزقازيق. كما نص في المادة الثانية على أن يستولي بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لتنفيذ هذا المشروع والبالغ مساحته 4.1 فدان بحوض العقابي رقم 1 قسم ثان - بندر الزقازيق والموضحة حدودها ومعالمها واسم مالكها بالمذكرة والرسم التخطيطي المرفقين" وأوردت المحكمة أنه يستفاد من سياق هذه الوقائع أن الجامعة قد أخلت بالشرط المانع من التصرف في الأرض الموهوبة لها والمخصصة لإقامة مباني الكليات والمعاهد والمنشآت والمرافق اللازمة لها وذلك حين بادرت بمجرد استيلائها على الأرض الموهوبة لإقامة منشآت الجامعة عليها إلى التصرف فيها في غير الغرض المخصص لها طبقاً لعقد الهبة وبمساحات كبيرة على نحو ما سبق بيانه، ولم تقم بالتالي، وهي الجامعة المنشأة حديثاً، بما كان يمليه عليها الواجب من وضع تخطيط يتفق واحتياجاتها الحالية وتوسعاتها المستقبلية، ولا يجدي الجامعة القول بأن تصرفها في جزء من الأرض تم في وقت لم تكن تتوقع فيه الجامعة إلى هذه التوسعات، إذ أنها بفعلها تكون قد أهدرت مصالحها بما أجرته من تصرفات، الواحد تلو الآخر، في مساحات من الأرض الموهوبة لها، فلا يقبل منها بعد ذلك القول باحتياجها الأرض المملوكة ملكية خاصة للطاعنين لإجراء التوسعات. وقد رتب الحكم على ذلك أنه في واقعة المنازعة لا تكون قد تحققت الاعتبارات التي من أجلها أجاز الدستور والقانون اتخاذ إجراءات نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة بالنسبة لأرض الطاعنين، بل إن اتخاذ هذه الإجراءات ضدهم، في ظل الوقائع والظروف المشار إليها، إنما ينطوي على إساءة لاستعمال السلطة وتجاوز في إعمال حكم الدستور والقانون لمساسها بالملكية الخاصة في غير الأحوال المقررة وتشويه للغاية التي قامت عليها فكرة التضحية بالمصالح الشخصية لحساب الصالح العام وإذ صدر القرار المطعون فيه منطوياً على هذه المثالب والعيوب فإنه يكون قراراً باطلاً جديراً بالإلغاء.
وانتهى الحكم، المطلوب تفسيره بالدعوى الماثلة، إلى "قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت جامعة الزقازيق بالمصروفات.
ومن حيث إن الجامعة، المدعية في دعوى التفسير الماثلة، تقيم دعواها، على نحو ما أوردته بعريضتها، على أنه بعد أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا الحكم بجلسة 4 من يونيه سنة 1985 في الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية عليا القاضي بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام جامعة الزقازيق بالمصروفات، أراد المحكوم لصالحهم تنفيذ الحكم وذلك بوضع يدهم على أرض النزاع الأمر الذي اعترضت عليه الجامعة تأسيساً على أن التنفيذ إما أن يكون تنفيذاً بطريق التعويض إذا تعذر التنفيذ العيني فضلاً عن أن الأحكام التي تنفذ تنفيذاً جبرياً هي فقط أحكام الإلزام دون غيرها من الأحكام المقررة أو المنشئة والحكم الصادر في ذلك الطعن ليس حكم إلزام فلم يتضمن في أسبابه أو في منطوقه ما يشير من قريب أو من بعيد إلى استلام المحكوم لهم الأرض. كما أبدت الجامعة أن التنفيذ في هذه الحالة يجب أن يكون بطريق التعويض لاستحالة التنفيذ العيني نظراً لإقامة منشآت تعليمية وطلابية تكلفت مبالغ باهظة، على أرض النزاع فيكون من دواعي المصلحة العامة أن يحصل المحكوم لصالحهم على تعويض لا أن تحصل الجامعة على قيمة تلك المنشآت، وتبدي الجامعة بأنها أقامت الدعوى الماثلة بطلب تفسير ذلك الحكم إزاء إصرار المحكوم لصالحهم على التنفيذ العيني باستلام الأرض بما عليها من منشآت، وأكدت الجامعة بمذكرتها المقدمة لهذه المحكمة بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1989 على أنها إنما تستهدف بدعواها الماثلة بيان ما إذا كان الحكم الصادر من هذه المحكمة في الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية عليا يتضمن في طلباته ما يلزم الجامعة بتسليم الأرض إلى المحكوم لصالحهم بالحكم أم أنه لا يتضمن شيئاً من ذلك، أي أنها تستهدف بيان ما إذا الحكم المشار إليه هو حكم إلزام يستوجب التنفيذ العيني أم أنه ليس كذلك وبالتالي يمكن بدلاً من التنفيذ العيني، في حالة استحالة ذلك التنفيذ بطريق التعويض، وأوردت الجامعة بالمذكرة المشار إليها أن الحكم لم يشتمل على ما يفيد التسليم من عدمه، مما يحق معه أن تلجأ الجامعة إلى طلب تفسيره استناداً لحكم المادة 192 من قانون المرافعات. كما عقبت الجامعة على ما جاء بتقرير هيئة مفوضي الدولة في الدعوى الماثلة، فقالت إنه ليس صحيحاً ما قام عليه التقرير من أن الجامعة تهدف بدعواها الماثلة بيان ما إذا كان منطوق الحكم بتسليم الأرض إلى المدعى عليهم (وهم المحكوم لصالحهم بالحكم المطلوب تفسيره) أم أنه يكتفي بدفع التعويض المناسب لهم فقط، فالجامعة لا تطلب ذلك بدعواها الماثلة، وإنما تهدف إلى بيان ما إذا كان الحكم يشتمل في طياته على إلزام من عدمه حتى يمكن تنفيذه في ضوء ما يسفر عنه طلب التفسير، وأضافت بأنها لم تلجأ إلى طلب التفسير إلا لتفادي التضارب بين ما تتخذه من إجراءات لتنفيذ الحكم وبين مضمونه إزاء إصرار الصادر لصالحهم على تنفيذه تنفيذاً عينياً.
ومن حيث إنه، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، فإن طلب تفسير الحكم لا يكون إلا بالنسبة إلى قضائه الوارد في منطوقه فهو الذي يحوز حجية الشيء المقضى به أو قوته دون أسبابه إلا ما كان من هذه الأسباب مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً جوهرياً ومكوناً لجزء منه مكمل له، كما لا يكون إلا حيث يلحق بهذا المنطوق أو يشوبه غموض أو إبهام يقتضي الإيضاح والتفسير لاستجلاء قصد المحكمة فيما غمض أو أبهم ابتغاء الوقوف على حقيقة المراد منه، حتى يتسنى تنفيذ الحكم بما يتفق وهذا القصد. ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً للحكم الذي يفسره من جميع الوجوه لا حكماً جديداً، ولذلك يلزم أن يقف عند حد إيضاح ما أبهم أو غمض بالفعل بحسب تقدير المحكمة، لا ما التبس على ذوي الشأن فهمه، على الرغم من وضوحه وكل ذلك دون المساس بما قضى به الحكم محل التفسير بنقص أو زيادة أو تعديل، وإلا كان في ذلك إخلال بقوة الشيء المقضى به. والتزاماً لهذه القواعد وفي نطاقها يتحدد موضوع طلب التفسير، فلا يكون له محل إذا تعلق بأسباب منفكة عن المنطوق أو بمنطوق لا غموض فيه ولا إبهام أو إذا استهدف تعديل ما قضى به الحكم بالزيادة أو النقص ولو كان قضاؤه خاطئاً أو إذا قصد إلى إعادة مناقشة ما فصل فيه من الطلبات الموضوعية أياً كان وجه الفصل في هذه الطلبات. وبالترتيب على ذلك يتعين استظهار دعوى التفسير على أساس ما قضى به الحكم المطلوب تفسيره، إن كان ثمة وجه في الواقع والقانون لذلك، دون التجاوز إلى تعديل ما قضى به.
ومن حيث إنه يتعين إنزال المبادئ العامة والأصول المقررة، المشار إليها في شأن تحديد نطاق الدعوى بطلب التفسير وحدود اختصاص المحكمة عند نظرها، على الدعوى الماثلة بطلب تفسير الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 4 من يونيه سنة 1985 في الطعن رقم 2441 لسنة 30 القضائية عليا، مع مراعاة الالتزام بحكم المادة 101 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 التي تجري عبارتها على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية..." وكذلك حكم المادة 52 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 التي تنص على أن "تسري في شأن جميع الأحكام، القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة.
ومن حيث إن الثابت أن الحكم المطلوب تفسيره، بالدعوى الماثلة، جرى منطوقه بما يأتي "حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت جامعة الزقازيق بالمصروفات. والثابت أيضاً من استعراض أسباب الحكم المشار إليه أن الطلبات في الدعوى وفي الطعن كانت تتحصل في طلب إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 476 لسنة 1982 الصادر في 13 من مايو سنة 1982 فيما تضمنه من تقرير المنفعة العامة على قطعة الأرض المملوكة للمدعين (وهم الطاعنون في ذلك الطعن) والاستيلاء عليها بطريق التنفيذ المباشر، ويبين من أسباب ذلك الحكم أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 476 لسنة 1982 والمشار إليه، كان ينص في المادة الأولى على أن "يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع استكمال المنشآت العلمية لجامعة الزقازيق" كما نصت المادة الثانية منه على أن "يستولى بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لتنفيذ هذا المشروع والبالغ مساحتها 4.1 فدان بحوض عقابي رقم 1 قسم بندر الزقازيق والموضحة حدودها ومعالمها واسم مالكها بالمذكرة والرسم التخطيطي المرفقين.
وقد صدر الحكم المطلوب تفسيره بإلغاء القرار المطعون فيه، وهو قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 476 لسنة 1982، إلغاء مجرداً. فجرى منطوق الحكم في صراحة ووضوح تامين بإلغاء ذلك القرار في جميع أشطاره سواء بتقرير المنفعة العامة أو الاستيلاء على الأرض بطريق التنفيذ المباشر. وينطوي الحكم بالإلغاء بحكم اللزوم القانوني، على أثر هادم مقتضاه العودة بالحالة وكأن القرار المحكوم بإلغائه لم يصدر بما مفاده محو آثاره من وقت صدوره، وذلك الحكم الصادر بالإلغاء، بما يتوافر من قوة الأمر المقضي، ومن حجية مطلقة قبل الكافة، يكون من الممتنع إعادة المساس به أو تعديل ما قضى به بالزيادة أو بالانتقاص أو بالتعديل. فلا يجوز قانوناً أن يكون الحكم بالإلغاء محلاً لمصادقة من ذوي الشأن وإلا كان في ذلك إبقاء على المخالفة القانونية التي شابت القرار المحكوم بإلغائه وتفويتاً لثمرة الحكم - الأمر الذي يتعارض بذاته، بحسب الأصل، مع الحجية التي تلحق به والقوة الملزمة - التي يتمتع بها، فإذا كان ذلك، وكان الحكم محل الدعوى الماثلة، قد انتهى إلى إلغاء القرار المطعون فيه، وورد الإلغاء، حسب صريح منطوق الحكم، على القرار في كامل أشطاره فلا يكون ثمة إبهام أو غموض قد شابه، فضلاً عن ذلك فلم يكن مطروحاً على المحكمة التي أصدرت الحكم طلب التنفيذ بمقابل أي عن طريق التعويض، إذ اقتصرت الطلبات على طلب إلغاء القرار، فإذا كان ذلك فما كان للحكم المطلوب تفسيره أن يحكم، بعد إذ استظهر عدم مشروعية القرار، بالتعويض بديلاً عن الإلغاء الذي اقتصرت الطلبات في الدعوى وفي الطعن عليه فلا يملك قاض المشروعية أن يرفض الحكم بإلغاء قرار تأكد من عدم مشروعيته استناداً إلى اعتبارات تتعلق بأية نتائج يمكن أن تترتب على الحكم بالإلغاء. ولا يكون ثمة محل لتساؤل، والحال كذلك، عما إذا كان الحكم المطلوب تفسيره انطوى على مكنة تنفيذه عن طريق التعويض بديلاً عما قضى به، في صراحة ووضوح، من إلغاء القرار المطعون فيه. وتكون الدعوى الماثلة في حقيقتها، بطلب تعديل ما قضى به الحكم من إلغاء مما تكون معه الدعوى متعينة للرفض لمخالفتها إطار دعوى التفسير والحدود التي يجب ألا تتجاوزها على نحو ما سبق البيان.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها وألزمت جامعة الزقازيق المدعية بالمصروفات.