أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 285

جلسة 21 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين المتناوي نائبي رئيس المحكمة، فتيحه قره ومحمد الجابري.

(53)
الطعن رقم 2759 لسنة 58 القضائية

(1 - 6) إيجار "إيجار الأماكن: التأخر في الوفاء بالأجرة: التكليف بالوفاء". إثبات "عبء الإثبات. "أوراق تجارية «الشيك»". التزام "انقضاء الالتزام: الوفاء". بطلان. حكم "عيوب التدليل. دعوى "شروط قبولها، مصروفات الدعوى". محكمة الموضوع.
(1) تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء. خلو الدعوى منه أو وقوعه باطلاً. أثره. عدم قبول الدعوى ولو لم يتمسك المستأجر بذلك.
(2) التكليف بالوفاء. المقصود به. كفاية ذكر اسم المؤجر والمستأجر ومقدار الأجرة التي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة بها ولو ثبت بعد ذلك أنها أقل من المقدار الوارد في التكليف. عدم وقوعه باطلاً طالما كان اعتقاد المؤجر مبنياً على أساس من الواقع أو القانون.
(3) تضمين المؤجر التكليف بالوفاء ما اعتقد أحقيته من زيادة في الأجرة إعمالاً لنص المادة "7" ق 136 لسنة 1981، وكامل الأجرة المستحقة دون خصم ما ادعاه المستأجر من نفقات ترميم بالعين المؤجرة انتهاء الحكم المطعون فيه إلى الاعتداد به والالتفات عن الدفع ببطلانه لوجود خلاف بين الطرفين حول أحقية المؤجر للزيادة المطلوبة إعمالاً لنص المادة المذكورة ولعدم إثبات المستأجر أن إصلاح التلف كان مستعجلاً لا يتحمل الالتجاء إلى القضاء المستعجل للترخيص بإجرائه. لا خطأ.
(4) إصدار الشيك. لا يعد وفاءً مبرئاً لذمة الساحب. عدم انقضاء التزامه إلا بصرف المسحوب عليه قيمة الشيك للمستفيد.
(5) توفى المستأجر المتخلف عن سداد الأجرة الحكم بإخلائه. شرطه. الوفاء بالأجرة المتأخرة حتى إقفال باب المرافعة في الاستئناف شاملة مصروفات الدعوى وما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية. التزام المحكمة بالتحقق من حصول الوفاء بها ولو لم يطلبها المؤجر.
(6) التزام المستأجر بتقديم الدليل على سداد كامل الأجرة المستحقة في ذمته وما تكبده المؤجر من مصروفات ونفقات فعلية حتى إقفال باب المرافعة في الاستئناف. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى إخلاء الطاعن من عين النزاع لعدم تقديمه الدليل على استيفاء المؤجر - المطعون ضده الأول - قيمة الشيكات من الجهة المسحوب عليها. لا عيب.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التكليف بالوفاء يعتبر شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة فإن خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى ولو لم يتمسك المدعى عليه بذلك.
2 - لئن جاءت المادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1981 خلواً من البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء إلا أنه لما كان يقصد به إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة فإنه يجب أن يذكر فيه بداهة اسم المؤجر والمستأجر ومقدار الأجرة المطالب به ويكفي فيه أن يكون القدر الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف بمعنى أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما يستند ادعاء المؤجر إلى أساس من الواقع أو القانون.
3 - إذ كانت الزيادات التي قررها المشرع بنص المادة 7 من القانون رقم 136 سنة 1981 في أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى وما استثنته المادة 27 من هذا القانون من أماكن اعتبرتها في حكم الأماكن المؤجرة لأغراض السكنى كانت محل خلاف بين المؤجرين والمستأجرين من حيث مقدار هذه الزيادة وماهية الأماكن التي تخضع لها حتى أن المحكمة الدستورية العليا قضت في الطعن رقم 21 سنة 8 ق بعدم دستورية المادة 27 من القانون رقم 136 سنة 1981 كما أن ما ادعاه الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع من قيامه بترميمات ضرورية بالعين المؤجرة لم تكن تحتمل الالتجاء إلى القضاء المستعجل للترخيص له بها على نفقة المؤجر كانت محل منازعة المطعون ضده الأول حتى أن حسمها الحكم المطعون فيه بقوله "ولم تثبت الجمعية حدوث الخلل أو التلف الذي ادعته في سقف المخزن ولا سببه وأن إصلاح ذلك التلف كان مستعجلاً لا يحتمل الالتجاء إلى القضاء المستعجل لإثباته والترخيص في إجراء الترميم الضروري له على نفقة المؤجر ومن ثم فلا يجوز للجمعية خصم نفقات الترميم المدعاة من الأجرة" وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن ثم فإن تضمين المطعون ضده ما اعتقد أحقيته له من زيادات في الأجرة إعمالاً لنص المادة 7 من القانون رقم 136 سنة 1981 وتضمينه أيضاً كامل الأجرة المستحقة له دون خصم ما ادعاه الطاعن من نفقات ترميم بالعين المؤجرة لا يجعل التكليف بالوفاء باطلاً ولا على الحكم المطعون فيه إن اعتد بسلامة التكليف وعدم بطلانه.
4 - المقرر في قضاء محكمة النقض أن مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرأًً لذمة ساحبه إذ أن الالتزام المترتب في ذمته لا ينقض إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد.
5 - المقرر أنه يتعين - لكي يتوقى المستأجر الحكم بالإخلاء - الوفاء بالأجرة المتأخرة حتى قفل باب المرافعة في الاستئناف شاملة مصروفات الدعوى باعتبار أنها تدخل ضمن ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية وتلتزم المحكمة بالنظر في حصول هذا الوفاء بإعمال أثره في الدعوى دون موجب لطلب من المؤجر.
6 - إذ كان الطاعن وهو المستأجر هو المكلف بتقديم الدليل على سداده كامل الأجرة المستحقة في ذمته وما تكبده المؤجر المطعون ضده الأول من مصروفات ونفقات فعلية حتى قفل باب المرافعة في الاستئناف فلا يسوغ له قلب عبء الإثبات والتمسك بسحبه شيكات بقيمة أجرة بعض الشهور وإرسالها بالبريد للمطعون ضده الأول بل يتعين عليه أن يقم الدليل على أنه استوفى قيمتها فعلاً من الجهة المسحوب عليها هذه الشيكات ومن ثم فلا يعيب الحكم أن قضى بالإخلاء لعدم تقديم الطاعن دليل الوفاء بالأجرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن بصفته والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 1471 سنة 1984 مدني سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1971 والتسليم وقال في بيانها إنه بموجب العقد المشار إليه استأجرت منه الجمعية التي يمثلها الطاعن مخزناً بأجرة شهرية قدرها ستة جنيهات وقد استحق له زيادة في الأجرة بواقع 30% سنوياً من 1/ 7/ 1981 ولمدة خمس سنوات تالية عملاً بنص المادة 7 من القانون رقم 136 سنة 1981 باعتبار أن المخزن أقيم في سنة 1944 وإذ تقاعس المستأجر عن الوفاء بالأجرة الأصلية عن المدة من أول سنة 1982 حتى أخر فبراير سنة 1984 وجملتها 167.80 مليمجـ بعد خصم مبلغ 62.99 مليمجـ المرسل له بشيك وما تجمد له أيضاًَ مبلغ 83.26 مليمجـ من الزيادة فقد كلفه بالوفاء بهذه المبالغ رسمياً ولما لم يتمثل أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول الحكم بالاستئناف رقم 255 سنة 62 ق أسيوط "مأمورية سوهاج" وبتاريخ 17/ 4/ 1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1971 والتسليم. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور وفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه مبلغ 86.40 مليمجـ بزعم أنه قيمة الزيادة في الأجرة إعمالاً لنص المادة 7 من القانون رقم 136 سنة 1981 وانتهى خبير الدعوى إلى عدم استحقاق المؤجر هذه الزيادة ولتضمنه أيضاً مبلغ 81.46 مليمجـ أنفقتها الجمعية في ترميمات مستعجلة بالعين المؤجرة بعد أن أنذرت المؤجر للقيام بها فتقاعس ولم يعترض على قيامها بهذه الترميمات ولم يخصمها من الإيجار الذي كلفها بالوفاء به وإذ اعتد الحكم بهذا التكليف بالوفاء الباطل فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التكليف بالوفاء يعتبر شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة فإن خلت الدعوى منه أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى ولو لم يتمسك المدعى عليه بذلك ولئن جاءت المادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1981 خلواً من البيانات التي يجب أن يتضمنها التكليف بالوفاء إلا أنه لما كان يقصد به إعذار المستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة فإنه يجب أن يذكر فيه بداهة اسم المؤجر والمستأجر ومقدار الأجرة المطالب به ويكفي فيه أن يكون القدر الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به حتى ولو ثبت بعد ذلك أن المقدار الواجب دفعه أقل من المقدار المذكور في التكليف بمعنى أن التكليف بأجرة متنازع عليها لا يقع باطلاً طالما يستند ادعاء المؤجر إلى أساس من الواقع أو القانون لما كان ذلك وكانت الزيادات التي قررها المشرع بنص المادة 7 من القانون رقم 136 سنة 1981 في أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى وما استثنته المادة 27 من هذا القانون من أماكن اعتبرتها في حكم الأماكن المؤجرة لأغراض السكنى كانت محل خلاف بين المؤجرين والمستأجرين من حيث مقدار هذه الزيادة وماهية الأماكن التي تخضع لها حتى أن المحكمة الدستورية العليا قضت في الطعن رقم 21 سنة 8 ق بعدم دستورية المادة 27 من القانون رقم 136 سنة 1981 كما أن ما ادعاه الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع من قيامه بترميمات ضرورية بالعين المؤجرة لم تكن تحتمل الالتجاء إلى القضاء المستعجل للترخيص له بها على نفقة المؤجر كانت محل منازعة المطعون ضده الأول حتى أن حسمها الحكم المطعون فيه بقوله "ولم تثبت الجمعية حدوث الخلل أو التلف الذي ادعته في سقف المخزن ولا سببه وأن إصلاح ذلك التلف كان مستعجلاً لا يحتمل الالتجاء إلى القضاء المستعجل لإثباته والترخيص في إجراء الترميم الضروري له على نفقة المؤجر ومن ثم فلا يجوز للجمعية خصم نفقات الترميم المدعاة من الأجرة" وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن ثم فإن تضمين المطعون ضده ما اعتقده أحقيته له من زيادات في الأجرة إعمالاً لنص المادة 7 من القانون رقم 136 سنة 1981 وتضمينه أيضاً كامل الأجرة المستحقة له دون خصم ما ادعاه الطاعن من نفقات ترميم بالعين المؤجرة لا يجعل التكليف بالوفاء باطلاً ولا على الحكم المطعون فيه إن اعتد بسلامة التكليف وعدم بطلانه ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور وفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يعتد بوفائه بأجرة شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1983 بموجب شيك وأجرة نوفمبر وديسمبر سنة 1983 بموجب شيك آخر أرسلا للمطعون ضده الأول بموجب خطابات مسجلة بدعوى أنه لم يقدم دليلاً على قبض قيمتها مع أنه كان يتعين على المطعون ضده الأول أن يقدم الدليل على قبضه قيمة هذين الشيكين الثابت إرسالهما إليه هذا إلى أن الحكم لم يعتد أيضاً بوفائه للأجرة حتى تاريخ التكليف بالوفاء الحاصل في 17/ 7/ 1983 لتوقي الإخلاء واشترط سداد الأجرة حتى تاريخ الحكم وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرأً لذمة ساحبه إذ أن الالتزام المترتب في ذمته لا ينقض إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد والمقرر أيضاً أنه يتعين لكي يتوقى المستأجر الحكم بالإخلاء الوفاء بالأجرة المتأخرة حتى قفل باب المرافعة في الاستئناف شاملة مصروفات الدعوى باعتبار أنها تدخل ضمن ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية وتلتزم المحكمة بالنظر في حصول هذا الوفاء بإعمال أثره في الدعوى دون موجب لطلب من المؤجر. لما كان ذلك وكان الطاعن وهو المستأجر هو المكلف بتقديم الدليل على سداده كامل الأجرة المستحقة في ذمته وما تكبده المؤجر (المطعون ضده الأول) من مصروفات ونفقات فعلية حتى قفل باب المرافعة في الاستئناف فلا يسوغ له قلب عبء الإثبات والتمسك بسحبه شيكات بقيمة أجرة بعض الشهور وإرسالها بالبريد للمطعون ضده الأول بل يتعين عليه أن يقيم الدليل على أنه استوفى قيمتها فعلاً من الجهة المسحوب عليها هذه الشيكات ومن ثم فلا يعيب الحكم أن قضى بالإخلاء لعدم تقديم الطاعن دليل الوفاء بالأجرة ويضحى النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.