مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة
1990) - صـ 614
(50)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وسعد الله محمد حنتيرة وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.
الطعن رقم 547 لسنة 34 القضائية
استثمار مال عربي وأجنبي (رسوم) (ضرائب).
المادة 42 من القانون رقم 65 لسنة 1971 في شأن استثمار المال العربي والمناطق الحرة
- إعفاء المنشآت التجارية والصناعية والمالية التي تقام بالمنطقة الحرة من أحكام قوانين
الضرائب المقررة أو التي تقرر مستقبلاً - هدف المشرع من ذلك جذب المستثمرين وتشجيعهم
- المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1974 الذي ألغى القانون رقم 65
لسنة 1971 - ما كان يتضمنه القانون رقم 65 لسنة 1971 من مزايا للمشروعات التي سبق إقرارها
في ظله يستمر تمتعها بها - هي ميزات وضمانات قصدها المشرع لمشروعات أقرتها الدولة وارتضاها
المرخص له - ميزة الإعفاء تتعلق بالضرائب حسب صراحة النص بقصر الإعفاء على الضرائب
دون الرسوم - العبرة بحقيقة الفريضة المالية وما يقابل جبايتها وليس بالتسمية التي
أوردتها النصوص - المادة 46 من القانون 43 لسنة 1974 تخضع المشروعات للرسوم التي تستحق
مقابل خدمة ولرسم سنوي 1% من قيمة السلع الداخلة والخارجة من المنطقة - أخضع المشرع
المشروعات لفريضة مالية 1% ولم يجعلها مقابل خدمة وإنما ربط استحقاقها بوقائع مادية
هي دخول السلع وخروجها - نسبة 1% فريضة إجبارية مالية بقانون لا يقابلها خدمة فهي في
حقيقتها من الضرائب وإن سميت رسماً - شمول المشروع الذي أقرته الهيئة في ظل القانون
رقم 65 لسنة 1971 بميزة الإعفاء من الضرائب بنسبة 1% - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت 13/ 1/ 1988 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي وكيلاً عن السيد/ عباس مصيلحي محمود قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 547 لسنة 34 ق ضد السيدين/ وزير الدولة لشئون الاستثمار ونائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 29/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 1998 لسنة 37 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه. ثالثاً: إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض دعوى الطاعن والحكم بإلغاء القرار رقم 1023 الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بجلسته رقم 10/ 82 المنعقدة بتاريخ 26/ 10/ 1982 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، وأعلن الطعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعن بالمصروفات، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 3/ 4/ 1989 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وقررت الدائرة بجلسة 3/ 7/ 1989 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) لنظره بجلسة 11/ 11/ 1989 فنظرته المحكمة في هذه الجلسة وبعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن أقيم خلال الستين يوماً التالية ليوم صدور الحكم المطعون فيه واستوفى
أوضاعه القانونية الأخرى فيكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما هو ثابت في الأوراق - في أنه بتاريخ 29/ 1/ 1983
أقام السيد/ عباس مصيلحي محمود الدعوى رقم 1998 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإداري
طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 1023 الصادر
من مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بجلسته رقم 10 بتاريخ 26/ 10/
1982 مع ما يترتب على ذلك من آثار وبأحقية المدعي في التمتع بالإعفاء من أداء الرسم
المنصوص عليه في المادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 وتعديلاته مع إلزام الهيئة
المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي إن الهيئة العامة للاستثمار
والمناطق الحرة سبق أن وافقت له سنة 1973 في ظل العمل بالقانون رقم 65 لسنة 1971 على
إقامة مصنع للنسيج بمنطقة حرة خاصة بمصر الجديدة وأن إنتاج هذا المصنع موجه بأكمله
للتصدير بالعملات الحرة وأنه بتاريخ 29/ 11/ 1982 تلقى كتاباً من الهيئة يطالبه بسداد
رسم بنسبة 1% على الرسائل المصدرة للخارج وذلك منذ تاريخ العمل بالقانون 43 لسنة 1974
في 27/ 6/ 1974 وطبقاً لقرار الهيئة رقم 1023 لسنة 1982 بالموافقة على فتوى الجمعية
العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بوجوب أداء الرسوم المنصوص عليها في المادة
46 من هذا القانون، وأضاف المدعي أن هذا القرار يخالف القانون ذلك أن المادة الرابعة
من القانون 43 لسنة 1974 أكدت أن يستمر تمتع المشروعات التي أقرت في ظل العمل بالقانون
65 لسنة 1971 بالمزايا التي اكتسبتها ومنها الإعفاء الضريبي المطلق ونشأ له بذلك مركز
قانوني لا يجوز المساس به خاصة وأن الرسم المستحدث بنص المادة 46 هو في حقيقته ضريبة
لا مقابل خدمة أو منفعة خاصة وأنه لا صحة لما ذهبت إليه فتوى الجمعية العمومية من أن
التمتع بالإعفاء من الضريبة المستقبلية رهن بأن يكون فرضها قد تم في ظل العمل بالقانون
رقم 65 لسنة 1971، وردت الهيئة العامة للاستثمار بأن مجلس الإدارة سبق أن وافق بجلسته
بتاريخ 20/ 5/ 1973 للمدعي بإقامة مصنع لتجهيز الأنسجة القطنية الخام وتحويلها إلى
شمواه وفرو صناعي وأن مجلس الوزراء وافق بتاريخ 2/ 6/ 1974 على إنشاء منطقة حرة خاصة
بالمنطقة الصناعية بمصر الجديدة وأن مجلس الإدارة وافق مرة أخرى على المشروع بتاريخ
2/ 6/ 1974 م ثم أصدر مجلس الإدارة قراراً بتاريخ 14/ 2/ 1975 بتحديد مدة المشروع بخمسين
سنة تبدأ بمن تاريخ الترخيص وأخيراً صدر الترخيص رقم 10 بتاريخ 20/ 3/ 1975، وأن إقرار
المشروع في ظل الإعفاءات المقررة بالقانون رقم 65 لسنة 1971 لا يعني تمتعه بالإعفاء
من الضرائب التي تتقرر قانوناً بعد إلغاء العمل بهذا القانون ومن ثم يستحق قانون الرسم
المذكور في المادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 وطلبت الهيئة رفض الدعوى وإلزام
المدعي المصروفات، وبجلسة 29/ 12/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وأقامت
قضاءها على أن مفاد المواد 29 و42 من القانون رقم 65 لسنة 1971 و4 من مواد إصدار القانون
رقم 43 لسنة 1974 معدلاً بالقانون رقم 32 لسنة 1977 و 46 من هذا القانون أن المشروعات
التي تقام بالمنطقة الحرة تعفى من الضرائب وفقاً لأحكام القوانين المعمول بها وقت صدور
القانون 65 لسنة 1971 أو التي تتقرر مستقبلاً وبديهي أن المقصود بذلك هو ما يتقرر بعد
العمل بهذا القانون وطوال فترة سريانه بحيث ينقضي الإعفاء بالنسبة لأي ضرائب تتقرر
بعد إلغاء هذا القانون وذلك لزوال السند القانوني في الإعفاء وأنه مما يؤكد ذلك ويرسخه
أن المادة الرابعة من مواد إصدار القانون 43 لسنة 1974 عندما قضت بإلغاء القانون 65
لسنة 1971 نصت على تمتع المشروعات التي سبق إقرارها في ظله بما تقرر لها من الحقوق
والمزايا المنصوص عليها فيه، ومن ثم فإن جميع المشروعات أو المنشآت سواء تلك التي تم
إقرارها في ظل العمل بالقانون رقم 65 لسنة 1971 أو قبله أو تلك التي تم إقرارها في
ظل العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1974، فإنها تخضع للرسم السنوي المقرر بالمادة 46 من
هذا القانون، وبالإضافة إلى ذلك فإنه وفقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 65 لسنة 1971
فإن إدخال البضائع في المنطقة الحرة وإخراجها منها تخضع للضريبة والرسوم المستحقة عليها
وفقاً لما تقرره اللائحة التنفيذية ولم يرد عليها الإعفاء المقرر في المادة 42 من ذات
القانون والذي لا يمتد إلى الضرائب التي تفرض بعد إلغاء القانون رقم 65 لسنة 1971.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه بني على خطأ في تطبيق القانون
وتأويله كما شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أن إعفاء الطاعن من الرسم
محل النزاع يبنى على حكم المادة 46 من القانون رقم 43 لسنة 1974 ويستمد منها مباشرة
وليس مستمداً من القانون رقم 65 لسنة 1971 وأن الحكم حصر النزاع في أي القانونين يطبق
ولم يورد الحكم أسباباً تبرر سريان الرسم بحكم المادة 46 ذاتها، كما أخطأ الحكم في
فهم الواقع فرغم ما قرره الحكم من أن مشروع الطاعن سبق إقراره في ظل القانون رقم 65
لسنة 1971 إلا أنه اعتبره من المشروعات المنصوص عليها في المادة 46 ولذلك أخضعه للرسم
الذي يسري على المشروعات التي تقام في ظل العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1974 وأن مهمة
المحكمة الإدارية العليا هي مراقبة صحة الوقائع واستخلاص التكييف القانوني الصحيح للنزاع
وأن عبارة "تعفى المشروعات التي تقام، لا تستوي مع عبارة "تعفى المشروعات المقامة"
فالأولى لا تشمل المشروعات التي أقيمت والثانية تشمل التي أقيمت والتي تقام، ومؤدى
ذلك أن المشروعات التي سبق قيامها قبل العمل بالقانون 43 لسنة 1974 تتمتع بالضمانات
والمزايا المنصوص عليها في هذا القانون ومنها مزية الإعفاء من الضرائب والرسوم المنصوص
عليها في المادة 46 من هذا القانون، وقد كفل المشروع للمشروعات التي أقيمت قبل العمل
بالقانون 43 لسنة 1974 التمتع بالإعفاء من الضرائب والرسوم باعتبارها مشروعات مقبولة
وتتمتع بالمزايا المنصوص عليها فيه، كما كفل لها عدم الخضوع للضريبة المسماة برسم سنوي
1% ولو قصد المشرع غير ذلك لاستعمل عبارة "المقامة" أو "المقبولة" أو "المرخص بها"
أو "المنتفعة بأحكام هذا القانون" لإخضاع كل المشروعات للرسم السنوي المشار إليه وأن
عبارة المادة 46 قاطعة في أن ما يخضع للرسم هو المشروعات التي تقام في ظل القانون 43
لسنة 1974 ومشروع الطاعن سبق قيامه في ظل القانون 65 لسنة 1971 فلا يخضع للرسم المستحدث،
وهي حكمة قدرها المشرع وما رآه ملائماً لتحقيق ما يرمي إليه من أهداف.
ومن حيث إن المنازعة الماثلة تنحصر في مدى مشروعية القرار رقم 1023 الصادر من مجلس
إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بتاريخ 26/ 10/ 1982 والمبلغ للطاعن
عباس مصيلحي بتاريخ 29/ 11/ 1983 متضمناً إلزامه برسم بنسبة 1% من قيمة البضائع الداخلة
إلى المنطقة الحرة الخاصة التي تم إقرارها قانوناً في ظل العمل بالقانون رقم 65 لسنة
1971 وكذا البضائع الخارجة منها وذلك تطبيقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 46 من نظام
استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 وذلك
اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون في 27/ 6/ 1974، وإذ كانت الهيئة العامة المدعى
عليها لا تنازع الطاعن في أن مشروعه بإقامة مصنع في منطقة حرة خاصة بمصر الجديدة قد
أقر في 20/ 5/ 1973 فمن ثم يسري بشأنه القانون رقم 65 لسنة 1971 في شأن استثمار المال
العربي والمناطق الحرة وقد نصت المادة 42 من هذا القانون على أن "تعفى المنشآت التجارية
والصناعية والمالية التي تقام بالمنطقة الحرة من أحكام قوانين الضرائب المقررة أو التي
تقرر مستقبلاً في جمهورية مصر العربية" وواضح من ذلك أن المشرع لاعتبارات المصلحة العامة
أعفى تلك المنشآت والمشروعات التي تقام بالمنطقة الحرة ليس فقط من الضرائب المستحقة
قانوناً نتيجة توافر الوقائع المنشئة لدين الضريبة في تواريخ محددة ومنذ العمل به وإنما
مد الإعفاء إلى ما هو أبعد من ذلك إذ جنب تلك المشروعات من أحكام القوانين ذاتها المتعلقة
بإنشاء الضرائب فلم تعد مخاطبة بأحكام تلك القوانين سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو
الإخطارات أو الربط أو التظلم أو التحصيل وهدف المشرع في ذلك الحين - وقبل مرحلة الانفتاح
- هو جذب المستثمرين وتشجيعهم على العمل الجاد في سبيل تنمية اقتصاديات البلاد ودفع
حركة الإنتاج والتصدير لزيادة الموارد المالية للدولة، ومن ثم فإن المشرع في مرحلة
تالية ولتغير الظروف العامة أصدر القانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار المال العربي
والأجنبي والمناطق الحرة ولكنه نص في المادة الرابعة من مواد الإصدار على أن "يلغى
القانون رقم 65 لسنة 1971 في شأن استثمار المال العربي والمناطق الحرة ويستمر تمتع
المشروعات التي سبق إقرارها في ظله بما تقرر لها من الحقوق والمزايا المنصوص عليها
في هذا القانون، أما المشروعات التي سبق إقرارها قبل العمل بالقانون رقم 65 لسنة 1971
المشار إليه فيستمر تمتعها بالمزايا والضمانات التي كانت مقررة لها قبل تاريخ العمل
بالقانون المشار إليه، فواضح أن ما كان يتضمنه القانون رقم 65 لسنة 1971 من مزايا المشروعات
التي سبق إقرارها في ظله يستمر تمتع تلك المشروعات بها رغم إلغاء هذا القانون وهي ميزات
وضمانات قصدها المشرع لعلة واضحة هي أن تلك المشروعات أقرتها الدولة وارتضاها المرخص
له على أساس تلك الميزات والضمانات ولا يقتصر الإعفاء على ما تحقق قبل إلغاء القانون
رقم 65 لسنة 1971 لأن ذلك الإعفاء يشمله مباشرة نص المادة 42 من هذا القانون ولو قصده
المشرع لما أورد أصلاً نص المادة الرابعة من القانون رقم 43 لسنة 1974 إذ أن الضريبة
يحكمها دائماً القانون الساري وقت استحقاها سواء بالنسبة للواقعة المنشئة لها أو دواعي
الإعفاء من تحصيلها، ومؤدى ذلك ولازمه أنه عملاً بنص المادة الرابعة سالفة الذكر يستمر
تمتع المشروعات التي أقرت في ظل القانون رقم 65 لسنة 1971 بمزية الإعفاء من قوانين
الضرائب التي قررها المشرع من بعد إلغاء هذا القانون ومرد ذلك كله إرادة المشرع المصري
ابتداء وانتهاء.
ومن حيث إنه متى كانت ميزة الإعفاء سالفة الذكر تتعلق بالضرائب فإنه يتعين الوقوف عند
صراحة النص بقصر الإعفاء على الضرائب دون الرسوم باعتبار أن هذا الإعفاء ورد على خلاف
الأصل من خضوع كافة المشروعات للضرائب وأن الرسم إنما يستحق مقابل خدمة خاصة محددة
ومتميزة، والعبرة في ذلك بحقيقة الفريضة المالية وما يقابل جبايتها وليس بالتسمية التي
أوردتها النصوص إذ أن المشرع المصري كثيراً ما يطلق الرسم على الضريبة كما في قانون
الجمارك رقم 66 لسنة 1963 فمدار البحث حقيقة المعنى لا ظاهر اللفظ، وإذا كانت المادة
46 من نظام الاستثمار والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 تنص على أنه
"مع عدم الإخلال بما هو منصوص عليه في هذا القانون تعفى المشروعات التي تقام بالمنطقة
الحرة والأرباح التي توزعها من أحكام قوانين الضرائب والرسوم في جمهورية مصر العربية
كما تعفى الأموال العربية والأجنبية المستثمرة بالمنطقة الحرة من ضريبة التركات ورسم
الأيلولة. ومع ذلك تخضع هذه المشروعات للرسوم التي تستحق مقابل خدمات ولرسم سنوي لا
يجاوز 1% (واحد في المائة) من قيمة السلع الداخلة إلى المنطقة الحرة أو الخارجة منها
لحساب المشروع ويصدر بتحديد هذا الرسم قرار من مجلس إدارة الهيئة وتعفى من هذا الرسم
تجارة البضائع العابرة (الترانزيت).
ومفاد ذلك أن المشرع أخضع هذه المشروعات للرسوم التي تستحق مقابل خدمات باعتبار أن
ذلك ثمن للخدمة التي تؤدى للمشروع خاصة أو التي يطلبها ولا تستحق إلا بهذه المناسبة
كما أخضع هذه المشروعات لفريضة مالية أخرى لا تزيد على 1% ولم يجعلها مقابل خدمة أياً
كانت حتى ولو بصفة عامة وإنما ربط استحقاقها بوقائع مادية هي دخول السلع إلى المنطقة
الحرة أو الخروج منها لحساب المشروع وهي فريضة إجبارية يحدد نسبتها مجلس إدارة الهيئة
المذكورة ومحلها قيمة السلع المذكورة ومن ثم فهي فريضة مالية تقررت بقانون ولا يقابلها
خدمة معينة للمشروع ومن ثم فهي في حقيقتها من الضرائب وإن سميت رسماً شأنها في ذلك
شأن الضرائب الجمركية على الوارد والصادر، وترتيباً على ذلك فلما كان المشروع (المصنع)
الذي أقرته الهيئة للطاعن عباس مصيلحي في المنطقة الحرة في ظل العمل بالقانون رقم 65
لسنة 1971 متمتعاً بميزة الإعفاء من الضرائب على النحو السالف ذكره، فإن ذلك يشمل الفريضة
المالية المقررة في الفقرة الثانية من المادة 46 سالفة الذكر ويكون قرار مجلس إدارة
الهيئة العامة للاستثمار الصادر في 26/ 10/ 1982 بإلزامه بأداء هذا الرسم (الضريبة)
غير قائم على أساس من القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون ويتعين الحكم بإلغائه وإلغاء القرار محل الطعن مع إلزام الهيئة
بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار الهيئة المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الهيئة العامة للاستثمار بالمصروفات عن درجتي التقاضي.