أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 5 - صـ 327

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1953
(51)
القضية رقم 410 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد المستشارين.
ضرائب. رسوم بلدية. عدم جواز فرضها بأثر رجعي. مثال. المادة 31 من دكريتو 5 يناير سنة 1890 والمادة 27 من دستور سنة 1923.
إن المادة 31 من دكريتو 5 يناير سنة 1890 التي رخصت لقومسيون بلدية الإسكندرية في أن يقرر عوائد على الرسوم المقررة لم تخوله الحق في أن يرتب لقراره أثراً رجعياً. وإذن فمتى كان هذا القومسيون قد أصدر قراراً بفرض رسم إضافي بنسبة معينة من ضريبة الأرباح التجارية والأرباح الاستثنائية التي تحصل كلتاهما بعد نشر القرار المذكور في الجريدة الرسمية مهما كانت السنة التي تعود إليها تلك الضرائب، فإنه يكون قد جعل استحقاق الضريبة بأثر رجعي وخالف المادة 27 من الدستور، وليس ينفي هذه الحقيقة ما ذكر في القرار من أن الرسوم تجبى عن ضرائب الأرباح العادية والاستثنائية التي تحصل بعد تاريخ نشره متى كانت الضرائب المحصلة بعد تاريخ النشر هي عن أرباح حققت قبل ذلك واستحقت عن مدة سابقة على صدور القرار، إذ لا عبرة في هذا الخصوص بميعاد تحصيلها، وفضلاً عن ذلك فإن القرار المذكور يكون مشوباً بعيب آخر ذلك أن من شأنه الإخلال بالمساواة الواجبة بين المكلفين بالضرائب، إذ يفرق القرار بلا مبرر بين طائفة من وفوا بما استحق عليهم من ضرائب عادية واستثنائية قبل صدوره فيعفيهم من الرسوم التي فرضها وبين من وفوا بها بعد تاريخ نشره فيلزمهم بدفعها مع اتحاد الواقعة المنشئة للضريبة المستحق عليها الرسم الجديد بالنسبة إليهم جميعاً، في حين أنه لا عبرة بتاريخ الوفاء في هذه الحالة، وما كان يجوز أن يعتبر في استحقاق الفرائض المقررة على الممول بموجب القوانين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محافظ الإسكندرية بصفته رئيساً للقومسيون البلدي أصدر في 14/ 1/ 1943 قراراً نشر بالجريدة الرسمية في 1/ 2/ 1943 ونص بالمادة الأولى منه على فرض رسوم مقدارها 2.5% من مقدار الضريبة على رؤوس الأموال المنقولة والضريبة على الأرباح التجارية والصناعية و5% من الضريبة على الأرباح الاستثنائية وجاء بالمادة الثانية منه أن الرسوم المذكورة تستحق الأداء من الضرائب التي تجبى بعد نشر هذا القرار بالجريدة الرسمية مهما كانت السنة التي تعود إليها تلك الضرائب. وفي 30/ 7/ 1945 أقامت الشركة المطعون عليها الدعوى المدنية رقم 1036 لسنة 74 ق محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة. طلبت فيها إلزام الطاعنين متضامنين بأن يردا إليها مبلغي 2011 جنيهاً و350 مليماً و1437 جنيهاً و785 مليماً حصلهما الطاعنان بغير حق من الشركة المطعون عليها تنفيذاً للقرار الآنف الذكر في المدة السابقة على نشره، وهي المدة من 1/ 1/ 1940 إلى 31/ 7/ 1942 ثم المدة من 1/ 8/ 1942 إلى 31/ 1/ 1943 وكذلك بدفع فوائد المبلغين المطلوب ردهما من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 30/ 7/ 1947 لغاية تمام الوفاء وفي الأول من يونيه سنة 1949 قضت المحكمة بطلبات المطعون عليها استناداً إلى عدم مشروعية قرار القومسيون البلدي في خصوص تحصيل الضريبة بأثر رجعي على ما استحق منها قبل نشر القرار لمخالفة ذلك للمادتين 27 و134 من الدستور، ولعدم وجود نص في القانون يخول المجلس البلدي تحصيل الضريبة بأثر رجعي مما يترتب عليه رد ما حصله الطاعنان بغير حق في المدة السابقة على نشر القرار، استأنف الطاعنان وقيد استئنافهما برقم 127 لسنة 5 ق محكمة استئناف الإسكندرية التي قضت في 24 من مايو سنة 1950 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يردا متضامنين للمطعون عليها مبلغ 1760 جنيهاً وفوائده بواقع 5% سنوياً من 30/ 7/ 1945 حتى السداد، وذلك تعويضاً عما حصل من الضريبة من المطعون عليها بغير حق في المدة من 1/ 8/ 1940 إلى 1/ 5/ 1942. فقرر الطاعنان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أنه أقام قضاءه على أن تحصيل الرسم بموجب قرار القومسيون الصادر في 14/ 1/ 1943 عن المدة من 1/ 8/ 1940 إلى 1/ 5/ 1942 هو إعمال للأثر الرجعي للقرار الذي لم يخوله له القانون ولا الأمر العالي الصادر بتشكيله في 5 من يناير سنة 1890 ورتب على ذلك عدم الاعتداد بقرار القومسيون فيما نص عليه من تحصيل الرسوم مهما كانت السنة التي تعود إليها بحجة أن الرسم واقع في حقيقته على الأرباح التجارية والأرباح الاستثنائية لا على واقعة دفع الرسوم عنها، مع أن هذا الذي ارتكن إليه الحكم يخالف المادة الثانية من قرار 14/ 1/ 1943 التي تنص على أن الرسوم تستحق السداد على الضرائب التي تجبى بعد تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد تم النشر في 1/ 2/ 1943 ومفاد ذلك أن الواقعة المنشئة للرسوم هي واقعة الأداء والتحصيل التالية للنشر فلا يمكن أن يقال بوجود أثر رجعي للقرار، إذ هو بنصه الصريح يجعل الرسم مستحقاً على ما يدفع بعد نشره، ويدل على ذلك أن ما دفع من الضريبة قبل نشره لا تستحق عليه رسوم، كما أن قرار البلدية حتى مع التسليم بأثره الرجعي قرار تشريعي له حكم القانون وقد صدر صحيحاً في شكله، ومن ثم لا يكون نصه على الأثر الرجعي مخالفاً لحكم المادة 27 من الدستور، إذ هو يدخل في عموم القوانين المقصودة بهذه المادة أو هو على الأقل قرار تنظيمي يتضمن حكماً عاماً له قوة تشريعية.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص: "من حيث إنه بالنسبة لما أثير حول رجعية القرار فإن تلك المسألة قد ناقشتها المحكمة وانتهت منها إلى أنه متى خلا القانون الذي يستمد منه القرار وجوده من النص على الرجعية فلا يملكها الوزير حين يصدر قراره التفويضي، ولا جدال في أن للمجلس البلدي بالإسكندرية حق فرض الرسوم تطبيقاً للأمر العالي الصادر في 5 من يناير سنة 1890 حسب المادتين 15 و31 منه. وقد استوفى هذا القرار شكله بموافقة مجلس الوزراء على تلك الرسوم، ولكن لا يملك المجلس ولا رئيس القومسيون أن يقرر الرجعية في القرار، لأن الأمر العالي السابق ذكره لم يرد فيه نص يجيز الرجعية. ولذلك لا يقبل من البلدية القول بأن لها الحق في شمول قرارها بالرجعية. وحيث إن قولها أخيراً بأنه ليس هناك رجعية لأن العبرة بتاريخ جباية الضريبة لا بتاريخ استحقاقها، وأنه لما كانت جباية الضريبة باعتبارها واقعة مادية قد حدثت عقب صدور القرار فليس في الأمر رجعية - هذا القول مردود بأن الرسم في حقيقته واقع على الأرباح التجارية والصناعية والأرباح الاستثنائية، لا على واقعة الضريبة"، وهذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه، ذلك أن المحكمة إذ قضت بأن قرار 14/ 1/ 1943 الذي فرض رسماً إضافياً بنسبة 2.5% من ضريبة الأرباح التجارية و5% من ضريبة الأرباح الاستثنائية التي تحصل كلتاهما بعد نشر هذا القرار في 1/ 2/ 1943 مهما كانت السنة التي تعود إليها تلك الضرائب، إنما قصد منه جعل استحقاق الضريبة بأثر رجعي لا تكون قد خالفت القانون، ذلك لأن القرار المذكور قد جعل استحقاق الرسومن أن المجلس أن للمجلأن أاا المقررة بمقتضاه منوطاً بواقعة جباية الضرائب المشار إليها فيه بعد تاريخ نشره ولو كانت مستحقة عن سنين سابقة على صدوره، وبذلك يكون القرار في الواقع وحقيقة الأمر قد سحب حكمه على ضرائب استحقت قبل تاريخ نشره، وليس ينفي هذه الحقيقة ما ذكر في القرار من أن الرسوم تجبى على ما يحصل من ضرائب الأرباح العادية أو الاستثنائية بعد تاريخ نشره، متى كانت الضرائب المحصلة بعد تاريخ نشره هي عن أرباح حققت قبل ذلك واستحقت عن مدة سابقة على صدور القرار، إذ لا عبرة في هذا الخصوص بميعاد تحصيلها. ولما كانت المادة 31 من دكريتو 5 يناير سنة 1890 التي رخصت لقومسيون بلدية الإسكندرية في أن يقرر عوائد على الرسوم المقررة لم تخوله الحق في أن يرتب لقراره أثراً رجعياً، فإن بلدية الإسكندرية تكون بالقرار المشار إليه قد جاوزت نطاق تفويضها فخالفت بذلك المادة 27 من الدستور، وفضلاً عن ذلك فإن القرار المذكور قد شابه عيب آخر، ذلك أن من شأنه الإخلال بالمساواة الواجبة بين المكلفين بالضرائب، إذ يفرق القرار بلا مبرر بين طائفة من وفوا بما استحق عليهم من ضرائب عادية أو استثنائية قبل صدور القرار المشار إليه فيعفيهم من الرسوم المفروضة بمقتضى هذا القرار، وبين من وفوا بها بعد تاريخ نشره فيلزمهم بها مع اتحاد الواقعة المنشئة للضريبة المستحق عليها الرسم الجديد بالنسبة لهم جميعاً، في حين أنه لا عبرة بتاريخ الوفاء في هذه الحالة، وما كان يجوز أن يعتبر في استحقاق الفرائض المقررة على الممولين بموجب القوانين، ومن ثم لا يكون الحكم قد أخطأ في القانون إذ قضى برد ما حصل من الرسوم عن المدة المقضي بالرد فيها استناداً إلى عدم مشروعية قرار 14/ 1/ 1943 فيما قضى به من أثر رجعي لتحصيل الرسوم عن الضرائب المستحقة قبل نشره.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس، ومن ثم يتعين رفضه.