مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 624

(51)
جلسة 31 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد محمود الدكروري وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمد عزت السيد إبراهيم والسيد محمد السيد الطحان - المستشارين.

الطعن رقم 1804 لسنة 29 القضائية

القانون رقم 111 لسنة 1975 معدلاً بالقانون رقم 112 لسنة 1976 - المشرع لم ينظر إلى مجموع الحوافز والمكافآت والأرباح والمزايا المادية أو العينية التي كان يحصل عليها العامل المنقول من المؤسسة الملغاة بصفة إجمالية عند تحديد ما يجب الاحتفاظ به عند نقله وإنما نظر لكل منها على حدة مقارنة بما يماثلها في الجهة المنقول إليها - قرر المشرع ابتداء احتفاظه بتلك المزايا بصفة شخصية ثم قيد ذلك بعدم جواز الجمع بينها وبين ما يكون مقرراً من مزايا مماثلة في الجهة المنقول إليها - نتيجة ذلك: احتفاظ العامل بالميزة التي لا يوجد ما يماثلها في تلك الجهة فإذا وجدت استحق العامل الميزة الأكبر منهما بصرف النظر عما سيؤول إليه من راتب - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28 من إبريل سنة 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1804 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28 من فبراير سنة 1983 في الدعوى رقم 1485 لسنة 34 ق المرفوعة من محمد توفيق محمد عفيفي ضد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف حوافز الإنتاج وبدل طبيعة لعمل المقررين بالجهة الإدارية المدعى عليها بالإضافة إلى المتوسط الشهري للمزايا التي كان يحصل عليها من المؤسسة الملغاة المنقول منها مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 12 من يونيو سنة 1989 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وعينت لنظره أمامها جلسة 29/ 10/ 1989، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات المنازعة الماثلة تتحصل - حسبما تدلي بها الأوراق - في أنه بتاريخ 3 من مايو سنة 1980 أقام المطعون ضده محمد توفيق محمد عفيفي الدعوى رقم 1485 لسنة 34 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ابتغاء الحكم بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بتحديد مستحقات المدعي الناتجة عن تطبيق القانون رقم 112 لسنة 1976 والتي تتمثل في حقه في المزايا التي لا تتماثل مع ما كان يتقاضاه من المؤسسة الملغاة التي نقل منها إلى الجهاز المدعى عليه وتحديد هذه المستحقات عن الأعوام 1976 و1977 و1978 و1979 بمبلغ 1105.494 جنيهات بخلاف ما صرف إليه فعلاً وما يستجد من الأعوام التالية وإلزام المدعى عليه بالمصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل بالمؤسسة المصرية العامة لمقاولات المباني إلى أن صدر القانون رقم 111 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 وتنفيذاً لهذا القانون نقل المدعي للعمل بالجهاز المركزي للمحاسبات وتسلم عمله به اعتباراً من 1/ 1/ 1976، وإعمالاً لحكم المادة الثامنة من هذا القانون صدر قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 440 لسنة 1976 وقضى باحتفاظ العاملين المنقولين من المؤسسات التابعة له الملغاة بما كانوا يتقاضونه من بدلات تمثيل وأن يصرف لهم ما قد يتقرر من حوافز وأرباح للعاملين بالجهات المنقولين إليها لعدم وجود أنظمة مماثلة بالمؤسسات الثلاثة الملغاة، ووفقاً للقواعد التي تضمنها القرار الوزاري المشار إليه قامت اللجنة الرئيسية المنوطة بتصفية المؤسسات العامة الملغاة التابعة لوزارة الإسكان بإخطار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بما انتهت إليه في شأن بحث حالة المدعي بالنسبة لتحديد المتوسط الذي يضاف إلى مرتبه وحددت ذلك على أساس تقدير مبلغ 29.060 جنيهاً كمتوسط شهري للمكافآت عن عامي 1974 و1975 وبالنسبة للمتوسط الشهري للمزايا المادية والعينية الأخرى وما يماثلها فقد حددتها بمبلغ 900 مليم كمقابل للعلاج الطبي ولدى تطبيق ما تقدم على حالة المدعي قام الجهاز بخصم ما يصرفه من حوافز وبدل طبيعة عمل مما كان يصرف لكل العاملين بالجهاز وفقاً للوائحه وذلك على خلاف ما قضى به القانون رقم 112 لسنة 1976 المشار إليه من أن يحتفظ العاملون المنقولون بما كانوا يتقاضونه من بدلات تمثيل ومتوسط ما كانوا يحصلون عليه من حوافز ومكافآت وأرباح وأية مزايا مادية أو عينية أخرى خلال عامي 1974 و1975 وذلك بصفة شخصية مع عدم الجمع بين هذه المزايا وما قد يكون مقرراً من مزايا مماثلة في الجهة المقول إليها وفي هذه الحالة يصرف له أيهما أكبر، إذ أن المزايا التي يصرفها الجهاز المركزي للمحاسبات للعاملين به سالفة الذكر لا تماثل مع ما كان يتقاضاه من المؤسسة الملغاة والتي نقل منها إلى هذا الجهاز.
وأودعت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها وأوردت بها أن المدعي كان يحصل على مزايا من المؤسسة الملغاة المنقول منها، وأنه عند نقله إلى الجهاز المركزي للمحاسبات تم خصم المزايا التي يحصل عليها من الجهاز وهي حوافز الإنتاج وبدل طبيعة العمل من متوسط المزايا التي كان يحصل عليها من المؤسسة الملغاة وصرفت له الفروق الناتجة عن هذه المقابلة بين تلك المزايا ومن ثم فإنه لا يحق للمدعي الجمع بين متوسط المزايا التي كان يحصل عليها من المؤسسة الملغاة المنقول منها وبين المزايا المقررة للعاملين بالجهاز والتي يحصل عليها المدعي منذ نقله إليه.
وبجلسة 28 من مارس سنة 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف حوافز الإنتاج وبدل طبيعة العمل المقررين بالجهة الإدارية المدعى عليها وذلك بالإضافة إلى المتوسط الشهري للمزايا التي كان يحصل عليها من المؤسسة الملغاة المنقول منها مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أن المشرع وفقاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 111 لسنة 1975 المعدلة بالقانون رقم 112 لسنة 1976 لم ينظر إلى مجموع المكافآت والحوافز والأرباح والمزايا المادية والعينية التي كان يتقاضاها العامل المنقول من المؤسسات الملغاة عند تحديد ما يحتفظ به منها عند نقله وإنما نظر إلى كل منها على حدة مقارنة بمثيلتها في الجهة المنقول إليها، ذلك لأنه قرر ابتداء احتفاظه بذلك المزايا بصفة شخصية ولم يقيد هذا الحكم إلا بقيد عدم الجمع بينها وبين ما يكون مقرراً من مزايا مماثلة في الجهة المنقول إليها وهذا يعني احتفاظه بالميزة التي لا يوجد مثيلها في تلك الجهة على وجه الإفراد، وإذا وجدت ميزة مماثلة استحق العامل الميزة الأكبر بغض النظر عما إذا كان من شأن ذلك زيادة مرتبه عما كان يحصل عليه في المؤسسة المنقول منها، وقد كان في مكنة المشرع أن يحد من هذا الأثر بالنص صراحة على عدم زيادة ما يتقاضاه العامل في الجهة المنقول إليها عما كان يتقاضاه في المؤسسة المنقول منها، وطالما أنه لم يضع هذا القيد فإنه لا يسوغ استنباطه عن طريق التفسير وبالمخالفة لصريح النص ومتى كان الأمر كذلك فإنه كان ينبغي على الجهاز المركزي للمحاسبات أن يحسب مرتب المدعي المنقول إليه من إحدى المؤسسات الملغاة على أساس النظر إلى كل ميزة كان يتقاضاها من تلك المؤسسات على وجه الإفراد ومقارنتها بمثيلتها من الجهاز فإذا زادت عليها احتفظ له بها وإن قلت عنها استحقها بالفئة المقررة بالجهاز وإذا لم يوجد بالجهاز ميزة مماثلة احتفظ بالميزة التي كان يتقاضاها بالمؤسسة الملغاة ولو أدى ذلك إلى زيادة مرتبه في الجهاز عما كان يتقاضاه في تلك المؤسسة، ولما كان العاملون بالجهاز المركزي للمحاسبات يحصلون على حوافز إنتاج وبدل طبيعة عمل ويحصل المدعي بالتالي على تلك الحوافز وبدل طبيعة العمل فإنه لا يحق له الاحتفاظ بالمزايا المماثلة التي كان يحصل عليها من المؤسسة المنقول منها ويحق له أن يحتفظ بالميزة التي كان يتقاضاها بالمؤسسة الملغاة إذا لم يكن بالجهاز ميزة مماثلة لها، وإذا كان الثابت من الأوراق أن الجهاز المركزي للمحاسبات قد قام بحصر المبالغ المستحقة للمدعي وذلك بمقابلة المزايا التي حصل عليها من الجهاز بالمزايا التي كان يحصل عليها من المؤسسة الملغاة المنقول منها وصرفت له الفرق بينهما دون النظر لما إذا كان هناك تماثل بين المزايا التي حصل عليها في كل من المؤسسة والجهاز دون أن تحتفظ له بالميزة التي لا يوجد مثيل لها بالجهاز فإن الجهة الإدارية تكون قد أخطأت في تطبيق صحيح حكم القانون إذ كان يتعين عليها مقارنة كل ميزة على حدة وفي حالة التماثل الاحتفاظ للمدعي بالميزة الأكبر على وجه الإفراد، وإذ لم يتضح من الأوراق أن المدعي كان يحصل على ميزة حوافز الإنتاج أو بدل طبيعة العمل خلال عمله بالمؤسسة الملغاة وأن حساب المتوسط الشهري الذي يضاف إلى مرتبه كان متوسطاً شهرياً للمكافآت التي حصل عليها المدعي خلال عامي 1974 و1975 فمن ثم يحق للمدعي الاحتفاظ بميزتي بدل طبيعة العمل وحوافز الإنتاج التي يحصل عليها العاملون بالجهاز المركزي للمحاسبات بالإضافة إلى المتوسط الشهري للمكافآت التي كان يحصل عليها من المؤسسة الملغاة المنقول منها وتكون طلباته قائمة على سند صحيح من القانون ويتعين القضاء له بها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يدور حول مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه لأن البدل الذي كان يتقاضاه المطعون ضده يصبح ولا محل له بنقله إلى الجهاز المركزي للمحاسبات لوجود بدل مناظر بما لا يجوز معه الجمع بين بدلين في آن واحد، وأما حوافز الإنتاج فهي مرتبطة بطبيعة الوظيفة التي كان المطعون ضده يشغلها ولا يجوز أن يستصحبها بنقله إلى الجهاز.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الراهن يدور حول مدى استحقاق المطعون ضده بدل طبيعة العمل وحوافز الإنتاج.
ومن حيث إن المادة الثامنة من القانون رقم 111 لسنة 1975 بإلغاء المؤسسات العامة المعدلة بالقانون رقم 112 لسنة 1976 تقضي بأن يحتفظ العاملون المنقولون بما كانوا يتقاضونه من بدلات تمثيل ومتوسط ما كانوا يحصلون عليه من حوافز ومكافآت وأرباح وأية مزايا مادية أو عينية أخرى خلال عامي 1974 و1975 وذلك بصفة شخصية مع عدم الجمع بين هذه المزايا وما قد يكون مقرراً من مزايا مماثلة في الجهة المنقول إليها العامل وفي هذه الحالة يصرف له أيهما أكبر، ومفاد ذلك أن المشرع لم ينظر إلى مجموع الحوافز والمكافآت والأرباح والمزايا المادية أو العينية التي كان العامل المنقول من المؤسسات الملغاة يحصل عليها منها بصفة إجمالية عند تحديد ما يجب الاحتفاظ به عند نقله، وإنما نظر لكل منها على حدة مقارنة بما يماثلها في الجهة المنقول إليها، فقرر ابتداء احتفاظه بتلك المزايا بصفة شخصية ثم قيد ذلك الحكم بعدم الجمع بينها وبين ما قد يكون مقرراً من مزايا مماثلة في الجهة المنقول إليها وهذا يعني احتفاظ العامل بالميزة التي لا يوجد ما يماثلها في تلك الجهة على وجه الإفراد، حتى إذا وجد مثيل لتلك الميزة استحق العامل الأكبر منهما بصرف النظر عما سيؤول إليه أمر راتبه وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى زيادته عما كان يتقاضاه من قبل إبان عمله في المؤسسة المنقول منها، وبديهي أنه يستحق المزايا المقررة للعاملين بالجهة المنقول إليها بعد نقله وقد انخرط في عداد أولئك العاملين وأضحى واحداً منهم وبالتالي لا يكون هناك ثمة وجه لحجبها عنه وإيثارهم بها دونه.
ومن حيث إنه وفقاً لما تقدم فإن المقابلة عند حساب مرتب المطعون ضده وقد تم نقله من المؤسسة المصرية العامة لمقاولات المباني - وهي إحدى المؤسسات الملغاة، إلى الجهة الإدارية الطاعنة، إنما تجرى على أساس النظر إلى كل ميزة كان يتقاضاها من المؤسسة على وجه الإفراد وإجراء المقارنة بما يماثلها بالجهة الإدارية التي تم النقل إليها، فإن زادت عليها احتفظ له بها، وإن قلت عنها استحقها بالفئة المقررة لها، وإذا انتفى وجود الميزة المماثلة احتفظ له بتلك التي كان يتقاضاها بالمؤسسة الملغاة وإن وجد بالجهة المنقول إليها مزايا أخرى للعاملين بها لم يكن لها مثيل بالجهة الأخرى استحقها كغيره.
ومن حيث إنه متى كان الثابت من الأوراق أن العاملين بالجهة الإدارية الطاعنة يحصلون على بدل طبيعة عمل وعلى حوافز إنتاج في الوقت الذي أجدبت فيه تلك الأوراق مما ينبئ عن أن المطعون ضده كان يحصل على ما يماثلهما من مزايا مقابلة في عمله بالمؤسسة الملغاة التي نقل منها ومن ثم فإنه يكون محقاً في مطالبته بهما ويكون الحكم المطعون فيه - وقد قضى بأحقيته فيهما - قد أصاب وجه الحق وجاء مطابقاً لحكم القانون، مما يهوي بالنعي الموجه إليه ويجعله بالتالي خليقاً برفضه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة قد أخفقت في طعنها الراهن، ومن ثم وجب إلزامها بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.