مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 650

(54)
جلسة 2 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد مينا ورأفت محمد السيد يوسف وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي - المستشارين.

الطعن رقم 2173 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الدعوى التأديبية - سقوطها.
تتكون المخالفة الإدارية الوقتية من فعل يحدث في وقت محدود وينتهي بمجرد ارتكابه في حين أن المخالفة الإدارية المستمرة تتكون من فعل متجدد ومستمر - تقاعس العامل عن تصحيح خطأ شاب بيان تاريخ تخرجه هو مخالفة مستمرة تبدأ حالة الاستمرار فيها منذ صدور قرار التعيين - الأثر المترتب على ذلك: عدم سقوط الدعوى التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 1/ 6/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد/ مدير النيابة الإدارية بصفته بسكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل ضد...... في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 6/ 4/ 1988 في الدعوى رقم 28/ 30 ق القاضي بسقوط الدعوى التأديبية قبل المطعون ضده وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب الواردة في صحيفة الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده طبقاً لتقرير الاتهام.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده في 12/ 6/ 1988.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن انتهت فيه إلى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وتدوول نظر الطعن على النحو المبين في محاضر الجلسات وقدم كل من الطاعن والمطعون ضده مذكرة بدفاعهما وبجلسة 28/ 11/ 1989 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 14/ 12/ 1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 28 لسنة 30 ق مشتملة على تقرير اتهام ضد........ مدير عام المشروعات بشركة الوادي الجديد العامة للمقاولات وسابقاً بشركة المحمودية العامة للمقاولات والشركة العقارية المصرية (بدرجة مدير عام) لأنه خلال المدة من 1974 حتى سنة 1983 بشركة الوادي الجديد العامة للمقاولات خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة وذلك بأن تقاعس عن اتخاذ الإجراء اللازم لتصحيح ما شاب قرار تعيينه بشركة الوادي الجديد العامة للمقاولات رقم 59 لسنة 1974 من بيان مخالف للحقيقة وذلك لتضمنه أنه خريج دفعة فبراير سنة 1959 في حين أنه خريج دفعة 1960 على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق وبناء عليه يكون المذكور قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المواد 44/ 1، 46 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971، 78، 80 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً طبقاً للنصوص المشار إليها وبالمواد 82، 84 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 والمادة الأولى من القانون رقم 19 سنة 1959 معدلاً بالقانون رقم 172 لسنة 1981 وبالمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 6/ 4/ 1988 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بسقوط الدعوى التأديبية وشيدت قضاءها على أن قرار تعيين المحال مديراً للتنفيذ بشركة الوادي الجديد العامة للمقاولات صدر برقم 59 لسنة 1974 في 3/ 3/ 1974 وتم إخطار النيابة الإدارية بواقعة الإقرار المخالف للحقيقة والمقدم من المحال والذي صدر بناء عليه قرار التعيين بكتاب الرقابة الإدارية المؤرخ 4/ 3/ 1983 ولم تبدأ النيابة الإدارية التحقيق في المخالفة إلا في شهر مايو سنة 1983 أي بعد انقضاء مدة السنوات الثلاث التي يترتب على فواتها سقوط الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في التكييف القانوني للواقعة إذ أن الواقعة التي قدم عنها المحال إلى المحاكمة التأديبية بحسب وصفها الوارد بتقرير الاتهام تتحصل في تقاعس المحال عن تصحيح ما شاب قرار تعيينه من خطأ في البيان الخاص بتاريخ التخرج وهي مخالفة مستمرة منذ صدور قرار التعيين 24/ 3/ 1974 حتى تاريخ إحالته للتحقيق سنة 1983 طالما أنه لم يسع إلى تعديل ما شاب قرار التعيين من عوار ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الدعوى التأديبية لمضي المدة قد استند في قضائه إلى تكييف غير صحيح للواقعة يتنافى وتكييفها الوارد بقرار الإحالة وحسبها من المخالفات الإدارية المستمرة وليست من المخالفات الوقتية مما يتعين معه إلغاؤه وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده طبقاً لتقرير الاتهام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 5/ 8/ 1973 تقدم المطعون ضده بطلب إلى شركة الوادي الجديد العامة للمقاولات ذكر فيه أنه إيماء إلى الإعلان المنشور بصحيفة الأهرام في 1/ 8/ 1973 بخصوص طلب مهندسين مدني خبرة 14 عاماً والتمس تعيينه في الشركة باعتبار أنه حاصل على بكالوريوس هندسة مدني سنة 1959 وبناء على ذلك صدر قرار الشركة رقم 59 لسنة 74 بتعيينه بوظيفة مدير إدارة تنفيذ بوصفه حاصلاً على بكالوريوس هندسة دفعة سنة 1959 وقامت الرقابة الإدارية في 4/ 3/ 1983 بإخطار النيابة الإدارية بناء على معلومات وصلت لها بأن المذكور حاصل على بكالوريوس هندسة دفعة سنة 1960 وليس سنة 1959 كما ذكر المطعون ضده في طلبه.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يتحصل في تكييف المخالفة المنسوبة للمطعون ضده وما إذا كانت تعتبر مخالفة وقتية أم مستمرة.
ومن حيث إن المخالفة الإدارية الوقتية تتكون من فعل يحدث في وقت محدود وتنتهي بمجرد ارتكابه في حين أن المخالفة الإدارية المستمرة فهي تتكون من فعل متجدد ومستمر وبالنسبة للمخالفة المنسوبة للمطعون ضده فهي بحسب وصفها الوارد في تقرير الاتهام تتحصل في تقاعس المطعون ضده عن تصحيح ما شاب قرار تعيينه من خطأ في البيان الخاص بتاريخ تخرجه وهي مخالفة مستمرة بدأت حالة الاستمرار بالنسبة لها منذ صدور قرار تعيينه في 3/ 3/ 1974 حتى تاريخ إحالته للتحقيق سنة 1983 ولا يغير من هذا النظر القول بأن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده إنما نتجت عن إهمال الشركة التي عين بها إذ كان يتعين عليها أن تطابق البيانات التي ذكرها المطعون ضده في الطلب المقدم منه على المستندات الرسمية المطلوبة للتعيين ذلك أنه على الرغم من التسليم بوجود إهمال من المسئولين بالشركة في أداء واجبهم فإن ذلك لا يعفي المطعون ضده من تصحيح ما شاب قرار تعيينه من خطأ في البيان الخاص بتاريخ تخرجه إذ أنه ظل متكتماً هذا الأمر حرصاً على ما حصل عليه من مكاسب وظيفية دون وجه حق حتى تم كشف المخالفة بمعرفة الرقابة الإدارية وهذا الموقف المستمر من جانب المطعون ضده يعتبر خروجاً على مقتضيات الواجب الوظيفي ولا يتفق وواجب الأمانة التي يجب أن يتحلى بها العامل ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الدعوى التأديبية بمضي المدة يكون قد استند في قضائه لتكييف غير صحيح للواقعة باعتبارها مخالفة إدارية مستمرة وليست من المخالفات الوقتية ومن ثم يكون مما يتعين معه إلغاؤه ومجازاة المطعون ضده عن المخالفة المنسوبة إليه.
ومن حيث إن المادة 91 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام قد نصت على أنه يجوز أن يوقع على من انتهت خدمته غرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه العامل في الشهر عند تركه الخدمة ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد انتهت مدة خدمته بإحالته للمعاش في 19/ 2/ 1989 ومن ثم فإن المحكمة تكتفي بتغريمه مائة جنيه عن المخالفة المنسوبة إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبتغريم المطعون ضده خمسين جنيهاً عن المخالفة المنسوبة إليه.