أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 390

جلسة 27 من مارس سنة 1954
(12)
الطلبان رقما 7 و45 سنة 23 القضائية

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، ومصطفى فاضل، وإسماعيل مجدي، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي، وحسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، وأنيس غالي، ومصطفى كامل المستشارين.
نقل رجال القضاء وأعضاء النيابة من المحاكم المختلطة إلى المحاكم الوطنية. الشرط الزمني الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 2 من القانون رقم 79 لسنة 1949. وجوب قصره على من ورد ذكرهم في الفقرة المذكورة. عدم سريانه على وكلاء النائب العام المنقولين من القضاء المختلط إلى القضاء الوطني.
إن الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 79 سنة 1949 بوضع قواعد نقل رجال القضاء وأعضاء النيابة المصريين في المحاكم المختلطة إلى المحاكم الوطنية إذ اشترطت فيمن ينقل إلى وظيفة رئيس محكمة أو ما يماثلها أن يكون قد قضى ثماني عشرة سنة على الأقل في الاشتغال بعمل قانوني، وإذ نصت على أنه في جميع الأحوال لا يجوز أن ينقل القاضي أو رئيس النيابة في المحاكم المختلطة إلى القضاء الوطني في درجة أقل من وكيل محكمة أو ما يماثلها على ألا يرقى إلى درجة رئيس محكمة إلا بعد مضي الثماني عشرة سنة السالف ذكرها، فإن الشرط الزمني الوارد في هذه الفقرة إنما هو مقصور فقط على من ورد ذكرهم فيها فلا يسري على وكلاء النائب العام المنقولين من المحاكم المختلطة إلى المحاكم الوطنية وإنما تسري عليهم أحكام المادة الثالثة من القانون المذكور.


المحكمة

من حيث إن الطلبين قد استوفيا الأوضاع القانونية.
ومن حيث إن الطالب يبني طلبه الأول (المقيد برقم 7 سنة 23 ق) على أنه حصل على شهادة الليسانس في القانون عام 1926 ثم أتم دراسته في فرنسا وحصل على درجة الدكتوراة في سنة 1930 وفي فبراير سنة 1931، التحق بخدمة وزارة الخارجية وظل يتدرج في وظائفها حتى يناير سنة 1939 بإدارة الشئون القانونية، وفي أغسطس سنة 1940 ندب لوظيفة محام من الدرجة الأولى بإدارة قضايا الحكومة ثم ألحق بالمفوضيات المصرية في الخارج وفي 11 من سبتمبر سنة 1946 عين وكيلاً للنيابة من الدرجة الثانية لدى المحاكم المختلطة ورقي إلى وظيفة وكيل نيابة من الدرجة الأولى في أغسطس سنة 1948 وفي 26 من سبتمبر سنة 1949 صدر مرسوم بتعينه وكيلاً للنيابة من الدرجة الأولى الممتازة بالمحاكم الوطنية وذلك تنفيذاً للقانون رقم 79 لسنة 1949 بوضع قواعد لنقل رجال القضاء وأعضاء النيابة المصريين في المحاكم المختلطة عند نهاية فترة الانتقال إلى المحاكم الوطنية وتحديد أقدميتهم، وفي 23 من ديسمبر سنة 1949 عين الطالب قاضياً من الدرجة الأولى وفي 3 من سبتمبر سنة 1950 رقي الطالب إلى وظيفة رئيس نيابة من الدرجة الثانية ثم في 27 من أكتوبر سنة 1951 رقي رئيساً للنيابة من الدرجة الأولى، وفي أول يناير سنة 1953 صدر المرسوم المطعون فيه متخطياً إياه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة من الفئة "ب" ونال هذه الترقية عشرة من زملائه كانوا يلونه في الأقدمية، وفي نفس التاريخ صدر قرار وزير العدل مكملاً لذلك المرسوم تخطى الطالب أيضاً في الترقية إلى درجة رئيس نيابة من الفئة الممتازة ونال هذه الترقية خمسة من زملائه، وينعى الطالب على هذا المرسوم والقرار مخالفتهما للمادة 31 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 بشأن استقلال القضاء التي جعلت الأهلية أساساً للترقية بالنسبة إلى من هم في درجة الطالب وعند التساوي تراعى الأقدمية، ويقول إنه لا يقل أهلية عمن تخطوه بالمرسوم والقرار سالفي الذكر وانتهى إلى طلب إلغائهما وإلغاء قرار مجلس القضاء الأعلى الذي انبنيا عليه فيما تضمنته من عدم ترقيته وتعويضه للفرق في المرتب وإعانة الغلاء بين ما يتقاضاه في درجته الحالية وبين ما يستحقه إذا رقي وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن توجيه الطلب إلى قرار مجلس القضاء الأعلى غير مقبول، إذ لا شأن لهذا المجلس في الخصومة القائمة بين الطالب وبين الجهة الإدارية على ما هو مبين في طعنه ذلك، لأن الدولة - أخذاً بما جاء في المادة 14 من قانون المرافعات - تعتبر ممثلة بالوزارة ومديري المصالح المختصة والمحافظين والمديرين وليس مجلس القضاء الأعلى من هذه الجهات وآراؤه التي يبديها ليست في حد ذاتها قرارات إدارية تجعلها محلاً لقضاء الإلغاء أمام محكمة النقض ومن ثم يتعين عدم قبول الطلب الموجه إلى مجلس القضاء الأعلى.
ومن حيث إن وزارة العدل تقول في مذكرتها التي ردت بها على الطالب بأن القانون رقم 79 لسنة 1949 يشترط فيمن ينقل من المحاكم المختلطة إلى وظيفة رئيس محكمة أو ما يماثلها أن يكون قد قضى ثماني عشرة سنة على الأقل في الاشتغال بعمل قانوني، والطالب لم يبدأ ممارسته العمل القانوني إلا في 14 من مارس سنة 1940 عند تعيينه مأموراً قنصلياً على ما بين من ملف خدمته ولم تبد الوزارة سبباً آخر لتخطي الطالب سوى تخلف هذا الشرط.
ومن حيث إن النيابة العامة ترى الأخذ بوجهة نظر الطاعن في الطعن في مرسوم أول يناير سنة 1953.
ومن حيث إن قول الوزارة مردود بأن الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1949 تنص على أنه يشترط فيمن ينقل إلى وظيفة رئيس محكمة أو ما يماثلها أن يكون قد قضى ثماني عشرة سنة على الأقل في الاشتغال بعمل قانوني، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن ينقل القاضي أو رئيس النيابة في المحاكم المختلطة إلى القضاء الوطني في درجة أقل من وكيل محكمة أو ما يماثلها على ألا يرقى إلى درجة رئيس محكمة إلا بعد مضي الثماني عشرة سنة المنصوص عليها في الفقرة السابقة، وهو نص واضح الدلالة على أن شرط توفيت المدة التي قدرها الشارع بثماني عشرة سنة مقصور فقط على من ورد ذكرهم صراحة في الفقرة المذكورة وهم من كانوا عند نقلهم قضاة بالمحاكم المختلطة أو رؤساء نيابة بها فإنهم ينقلون على الأقل إلى درجة وكيل محكمة أو ما يماثلها بالقضاء الوطني وأن حكم هذا الشرط الزمني يجب ألا يتعدى من عناهم الشارع وخصهم بالذكر إلى غيرهم، يضاف إلى ذلك أن الشارع في الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون المذكور قد نص على أنه "يعتبر وكلاء النائب العام من الدرجة الأولى من المحاكم المختلطة كأنهم كانوا في وظائف وكلاء للنائب العام من الدرجة الأولى في المحاكم الوطنية من تاريخ تعينهم" والطالب عند نقله إلى القضاء الوطني كان وكيلاً للنائب العام من الدرجة الأولى في المحاكم المختلطة وقد شغل هذه الوظيفة منذ عام 1948، ولما كان الشارع قد سوّى بين وكلاء النيابة من الدرجة الأولى سواء منهم من كان في القضاء الوطني أو من نقل إليه من القضاء المختلط واعتبرهم جميعاً متساوين في أحقيتهم للترقية إلى الدرجة القضائية الأعلى دون اشتراط أي قيد يقيد البعض منهم دون البعض الآخر فإن المرسوم المطعون فيه والقرار الوزاري المتمم له يكونان قد صدرا على خلاف مقتضى الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 79 لسنة 1949 ويتعين لذلك إلغاؤهما.
وحيث إن الطالب يبني طلبه الثاني (المقيد برقم 45 سنة 23 ق) على أن الوزارة قد خالفت المادة 21 من المرسوم بقانون رقم 188 سنة 1952 وأساءت استعمال سلطتها في تطبيقه، إذ تخطته في المرسوم الصادر في 30 يوليه سنة 1953 ورقت زملاءه الذين كانوا يلونه في الأقدمية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها من مناصب النيابة العامة إذ رقي الأستاذ....... الذي كان يلي الطالب في الأقدمية قبل صدور مرسوم أول يناير سنة 1953 دونه مع أنه لا يمتاز في الأهلية مما كان يقتضي أن تشمله الترقية قبله، وانتهى إلى طلب إلغاء المرسوم الصادر في 30 من يونيه سنة 1953 فيما تضمنه من عدم ترقيته وإلغاء القرار الوزاري المترتب عليه وقرار مجلس القضاء الأعلى الذي انبنيا عليه.
ومن حيث إن توجيه الطلب إلى قرار مجلس القضاء الأعلى غير مقبول للأسباب التي تقدم ذكرها في الطلب الأول.
ومن حيث إن الوزارة تقول في ردها على هذا الطلب بأنه متصل بطلبه الأول ويتوقف الفصل فيه على ما يقضى به فيه، وأن ما يثيره الطاعن من تخطي الأستاذ........ إلى درجة رئيس محكمة "أ" دونه لا محل له، لأن المذكور كان قبل حركة 30 من يوليه سنة 1953 في درجة رئيس محكمة "ب"، والطاعن لم يتجاوز درجة رئيس نيابة من الدرجة الأولى ولم يبلغ من حيث الأهلية درجة من تخطوه في تلك الحركة.
وحيث إن تخطي الطالب في مرسوم أول يناير سنة 1953 قد جاء مخالفاً للقانون رقم 79 لسنة 1949 على ما سلف بيانه، أما ما تقوله الوزارة من أن أهلية الطالب ليست أسوة لمن سبقوه إلى الترقية وكانوا يلونه في الأقدمية، فإن المحكمة في سبيل التثبت من سلامة تطبيق القانون قد أمرت بضم بيانات رسمية مستخرجة من واقع الملف السري للأستاذ...... الذي كان يلي الطالب في الأقدمية عند صدور مرسوم أول يناير سنة 1953، واطلعت المحكمة على هذه البيانات وعلى أوراق الملف السري الخاص بالطالب، فتبين من المقارنة أن كلاً منهما كفاء للآخر في أهليته، ومن ثم يتعين إلغاء المرسوم المطعون فيه لمخالفته للمادة 21 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1953 وكذلك القرار الوزاري المترتب عليه فيما تضمنه كل منهما من تخطي الطالب في الترقية إلى درجة رئيس محكمة "أ" أو ما يعادلها.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلبه فرق المرتب فهو أثر من آثار هذا الحكم تعمله السلطات الإدارية والحكم به خارج عن ولاية هذه المحكمة.