أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 420

جلسة 14 من يناير سنة 1954
(62)
القضية رقم 121 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
(1) نقض. طعن. الخصوم في الطعن. نزاع على ما إذا كانت المنقولات المرصودة لمنفعة العقار المنزوعة ملكيته يشملها البيع أو لا يشملها. الخصوم في هذا النزاع هما المدين المنزوعة ملكيته والمشتري الراسي عليه المزاد. لا حاجة لاختصام الدائنين الذين انتقلت حقوقهم إلى ثمن العقار.
(2) تنفيذ عقاري. إثبات. بيع عقار مرهون بالمزاد. المنقولات المرصودة من مالكها لمنفعة هذا العقار يشملها البيع. على من يدعي العكس عبء الإثبات. المادة 688 مدني مختلط.
(3) أموال. عقار بالتخصيص. المنقولات المرصودة في العقار المستغل استغلالاً تجارياً بمعرفة المالك لمنفعة هذا العقار. تعتبر عقاراً بالتخصيص. مثال. المادة 18 مدني مختلط.
1 - لما كان الطاعن هو المدين الذي نزعت ملكيته ويعتبر بهذا الوصف بائعاً ويعتبر المطعون عليه الذي رسا عليه المزاد مشترياً، وكان النزاع على ما إذا كان البيع يشمل المنقولات موضوع الدعوى أو لا يشملها محصوراً بين الطرفين في الطعن، ولا مصلحة فيه للدائنين الذين انتقلت حقوقهم بحكم رسو المزاد إلى ثمن العقار المبيع، فإن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم اختصام هؤلاء الدائنين يكون على غير أساس.
2 - تعتبر العقارات بالتخصيص وفقاً لنص المادة 688 من القانون المدني المختلط داخلة ضمن الملحقات المشار إليها في المادة المذكورة، وتباع مع العقار المرهون ما لم يتفق صراحة على خلاف ذلك، ويقع عبء إثبات هذا الاتفاق على من يدعيه. وإذن فمتى كان الطاعن بوصفه "مدعياً" هو المكلف بإثبات أن المنقولات موضوع النزاع لا يشملها عقد الرهن الصادر منه، فإنه كان لزاماً عليه هو أن يقدم هذا العقد إلى محكمة الموضوع في سبيل إثبات دعواه، وإذ هو لم يفعل فلا يقبل منه النعي عليها بالخطأ في تطبيق المادة المشار إليها.
3 - تعتبر المنقولات التي رصدها المالك لخدمة عقاره المستغل استغلالاً تجارياً بمعرفته عقاراً بالتخصيص وفقاً لنص المادة 18 من القانون المدني المختلط، وليس بلازم لاعتبارها كذلك أن تكون مثبتة بالعقار على وجه القرار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن كان مديناً لورثة جان فوكليس بدين بمقتضى عقدي رهن رسميين محررين من 29 من أغسطس سنة 1931 و12 يونيه سنة 1937، وفي 27 يونيه سنة 1940 وقع الدائنون تنفيذاً لهذين العقدين حجزاً على عقار وصف بأنه "2100 متر مربع على الشيوع في قطعة أرض مساحتها 4230 متراً و70 سم مع المباني القائمة على جزء منها والتي يملك المدين نصفها وهي مباني اللوكاندة المعروفة باسم لوكاندة أسوان الكبرى المكونة من ثلاثة أدوار فوق جملة دكاكين والباقي جنينة بأسوان مركز ومديرية أسوان مع جميع مشتملاته وملحقاته" وبعد استيفاء إجراءات البيع رسا مزاد هذا العقار على المطعون عليه في 21 من فبراير سنة 1942 بالحكم الصادر من محكمة مصر المختلطة في القضية رقم 579 سنة 65 ق جدول خصوصي. وفي 30 مارس سنة 1942 نفذ الحكم رسو المزاد بالتسليم وشمل التسليم نصف المنقولات التي كانت موجودة بالفندق من أسرة ودواليب ونحوها. وفي سنة 1946 أقام الطاعن الدعوى رقم 709 سنة 71 ق محكمة مصر المختلطة - على المطعون عليه وعلى ورثة جان فوكليس وعلى البنك العقاري والبنك الزراعي وشركة فهمي وشفيق حلبوني طلب فيها أن يقضي له بأن حكم رسو المزاد المشار إليه لا يشمل النصف على الشيوع في المنقولات التي كانت موجودة في الفندق وبإلغاء محضر التسليم المحرر في 30 مارس سنة 1942 وبإلزام المطعون عليه بأن يسلم الطاعن ما كان قد تسلمه بمقتضى هذا المحضر وبمبلغ 1200 جنيهاً مقابل الانتفاع بها ابتداء من تاريخ محضر التسليم حتى 30 مارس سنة 1946 بواقع 300 جنيهاً سنوياً، وفي 5 من إبريل سنة 1949 حكمت المحكمة بإلغاء محضر التسليم المشار إليه فيما تضمنه من تسليم المطعون عليه النصف على الشيوع في المنقولات وبتسليم هذا المقدار إلى الطاعن وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعن مبلغ 600 جنيه مع كامل المصروفات، مؤسسة حكمها على أنه وإن كانت المادة 688 من القانون المدني المختلط قد نصت على أن رهن العقار يشمل توابعه وملحقاته ما لم يتفق صراحة على ما يخالف ذلك إلا أن قاعدة عدم تجزئة الرهن غير متعلقة بالنظام العام ويجوز للدائن المرتهن أن يتنازل عن التمسك بها، وأنه يستفاد من مراجعة ملف قضية البيع ومذكرات طالبي البيع أن الرهن لم يرد على "لوكاندة أسوان" باعتبارها مستغلة تجارية بل ورد على عقار بما عليه من مبان كان يباشر فيها هذا الاستغلال وأنه لم يكن ثمة ما يمنع طالبي البيع لو أنهم قصدوا بيع المنقولات أن يشيروا إلى ذلك صراحة في نشرة البيع وأنه من غير المعقول أن يكون الثمن الأساسي الذي حدد في جلسة 24 يناير سنة 1942 بمبلغ 1500 جنيهاً شاملاً لثمن المنقولات الكائنة بأربع وتسعين غرفة من غرف النوم - فرفع المطعون عليه استئنافاً عن هذا الحكم لدى محكمة الاستئناف المختلطة أحيل فيما بعد على محكمة استئناف القاهرة حيث قيد في جدولها برقم 1219 سنة 66 ق - وفي 9 يناير سنة 1951 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى "الطاعن" مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين وبمبلغ عشرين جنيهاً أتعاباً للمطعون عليه - فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن الطاعن لم يختصم فيه سائر من كانوا مختصمين في الدعوى في مرحلتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية وهم الدائنون الذين كانوا يباشرون إجراءات البيع والدائنون الآخرون الذين صدر حكم رسو المزاد في مواجهتهم.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأنه لما كان الطاعن هو المدين الذي نزعت ملكيته فإنه يعتبر بهذا الوصف بائعاً ويعتبر المطعون عليه الذي رسا مزاد العقار عليه مشترياً، فالنزاع على ما إذا كان المبيع يشمل المنقولات موضوع الدعوى أو لا يشملها محصور بين الطرفين في الطعن ولا مصلحة فيه للدائنين الذين انتقلت حقوقهم بحكم رسو المزاد إلى ثمن العقار المبيع.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في النعي على الحكم بمخالفته للقانون وقصور أسبابه إذ جرى على اعتبار منقولات الفندق مما شمله التنبيه ومحضر الحجز العقاري وحكم رسو المزاد رغم عدم ذكر هذه المنقولات صراحة أو دلالة في أية ورقة من أوراق الإجراءات المشار إليها تأسيساً على أن المنقولات المذكورة تعتبر عقاراً بالتخصيص مرتبطاً مصيره بمصير العقار الأصلي يلاحقه بقوة القانون ويلازمه ملازمة التابع للمتبوع وعلى أن أحكام الرهن تفترض إلحاق العقار بالتخصيص بالعقار الأصلي سواء في الرهن أو في البيع ما لم يقدم ما يدل على انتفاء هذا الغرض وذلك وفقاً للمادة 688 من القانون المدني المختلط، جرى الحكم على هذا الاعتبار في حين أنه لا يبين من أسبابه أن محكمة الاستئناف قد اطلعت على عقدي الرهن الصادرين من الطاعن وكان لزاماً عليها أن تطلع عليهما حتى تتبين منهما قصد المتعاقدين في خصوص ما كان يشمله الرهن وهذا القصور مما يفوت على محكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون.
ومن حيث إنه ورد بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ما يلي "وحيث إن القول بأنه لم يذكر في بيان العقار ما يفيد صراحة أو دلالة أن العقار المنزوعة ملكيته يشمل أشياء أخرى من شأنها أن تتبع العقار المذكور بقوة القانون هو قول فيه قلب للأوضاع وكان الأولى أن يقال إنه ليس في بيان العقار ما يدل على أن المرتهن أراد تجزئة الرهن أو أن نازعي الملكية أرادوا تجزئة الصفقة على اعتبار أن القانون يفترض فرضاً إلحاق العقار بالتخصيص بالعقار الأصلي سواء في الرهن أم في البيع وعلى من يريد نفي هذا الغرض أن يذكر ذلك صراحة وحيث إن القول بأن الرهن أو البيع لم يقع على الفندق باعتباره مستغلاً تجارياً هو قول غير وجيه إذ لو فعل المرتهن أو الحاجز ذلك لاختلط الرهن العقاري أو بيعه برهن المنقول أو بيعه، وغني عن البيان أن المستغل التجاري بجميع عناصره يعتبر وحدة منقولة تجري عليه أحكام المنقول فيما ذكره عقد الرهن وما ذكره محضر الحجز وقائمة الشروط ونشرة البيع كان بأسلوب سليم لا غبار عليه وحسب المرتهن أو البائع أن يكون قد بين العقار المرهون أو المحجوز بذكر موقعه ومقدار مساحته وحدوده وأوصافه مع التنويه بأنه فندق ولا داعي إطلاقاً لذكر تفصيلات المنقولات الملحقة بالعقار لأنها تدخل حتماً ضمن الرهن العقاري وضمن الحجز العقاري كما سبقت الإشارة إلى ذلك"، وهذا الذي انتهى إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون ولا قصور، ذلك أنه وفقاً لنص المادة 688 من القانون المدني المختلط تعتبر العقارات بالتخصيص داخلة ضمن الملحقات المشار إليها في المادة المذكورة ما لم يتفق صراحة على خلاف ذلك ويقع عبء إثبات هذا الاتفاق على من يدعيه. ولما كان الطاعن بوصفه "مدعياً" هو المكلف بإثبات أن المنقولات موضوع النزاع لا يشملها عقدا الرهن الصادران منه كان لزاماً عليه هو أن يقدم إلى محكمة الموضوع في سبيل إثبات دعواه عقدي الرهن المشار إليهما وإذ هو لم يفعل فلا يقبل منه أن ينعى على محكمة الموضوع خطأ في تطبيق المادة المشار إليها - على أن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن البيع بالمزاد قد تم على أساس ما ورد في قائمة شروط البيع ونشراته من وصف العقار وصفاً جامعاً شاملاً ورد به أنه "فندق" يتبعه كافة ما يشتمل عليه ويلحق به دون استثناء ودون أي تحفظ وفي هذا البيان ما يكفي لإقامة الحكم.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ تطبيق القانون إذ اعتبر المنقولات موضوع النزاع عقاراً بالتخصيص في حين أنها لا تعتبر كذلك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم لم يخطئ تطبيق المادة 18 من القانون المدني المختلط إذ اعتبر أن هذه المنقولات التي كانت مملوكة للمدين - الطاعن - ومخصصة منه لخدمة عقاره المنزوعة ملكيته - وهو الفندق - هي عقار بالتخصيص. أما قول الطاعن بأنه يشترط لاعتبارها كذلك أن تكون مثبتة بالعقار على وجه القرار فمردود بأن هذا الشرط ليس بلازم بالنسبة للمنقولات المرصودة بمعرفة المالك لخدمة عقاره المستغل بمعرفته استغلالاً تجارياً كما هو الحال في واقعة الدعوى.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين الحكم برفضه.