أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 426

جلسة 14 من يناير سنة 1954
(63)
القضية رقم 364 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، ومصطفى فاضل، وعبد العزيز سليمان المستشارين.
( أ ) أحوال شخصية. انفصال جسماني. حكم. تسبيبه. قضاؤه بالانفصال الجسماني بين زوجين فرنسيين. عدم بيانه طلبات الخصوم وأوجه دفاعهم. بطلان الحكم. المادة 349 مرافعات.
(ب) أحوال شخصية. طلب انفصال جسماني بين زوجين فرنسيين. عدم جواز الجمع بينه وبين طلب الطلاق حتى على سبيل الاحتياط. المادة 239 مدني فرنسي.
(ج) أحوال شخصية. نفقة. حكم. تسبيبه. المادة 301 من القانون المدني الفرنسي التي تجيز الحكم لصالح الزوج الذي يحصل على الطلاق بنفقة لا تزيد على ثلث إيراد الزوج الآخر. مجال تطبيقها هو في حالة الحكم بالطلاق لخطأ الزوج الآخر. تطبيق هذه المادة في حالة الحكم بالانفصال الجسماني. خطأ في تطبيق القانون المدني الفرنسي.
1 - متى كان الحكم إذ قضى بالانفصال الجسماني بين زوجين فرنسيين لا يبين منه أن ما قضى به كان من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على طلب الزوج الاحتياطي أو بناء على طلب أصلي للزوج بعد أن نزل عن طلب الطلاق مع اختلاف الحكم في كل من هذه الأحوال في القانون الفرنسي، فإن هذا الحكم يكون قد شابه البطلان، كما خالف المادة 349 مرافعات التي توجب أن يبين في الحكم نص ما قدم الخصوم من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية.
2 - إن المادة 239 من القانون المدني الفرنسي إذ نصت على أن "للمدعي في كافة مراحل الدعوى أن يحول الطلب المقدم منه للطلاق إلى طلب فرقة بينه وبين زوجه" فقد دلت بذلك على أنه لا يجوز الجمع بين الطلبين، ولو كان طلب الفرقة البدنية مقدماً على سبيل الاحتياط، ومن ثم فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تقضي بالانفصال الجسماني استناداً إلى هذا الطلب الاحتياطي وإلا كان قضاؤها مخالفاً لصريح نص المادة المذكورة.
3 - إن المادة 301 من القانون المدني الفرنسي التي تجيز الحكم لصالح الزوج الذي يحصل على الطلاق بنفقة لا تجاوز ثلث إيراد الزوج الآخر لا تنطبق إلا في حالة ما إذا قضي لأحد الزوجين بالطلاق لخطأ الطرف الآخر وكان قد طلب الحكم له بالنفقة على خصمه. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه لم يقض بالطلاق بل قضى بالانفصال الجسماني لخطأ مشترك بين الزوجين وكانت الطاعنة لم تطلب النفقة استناداً إلى المادة 301 مدني فرنسي وإنما قضى الحكم الابتدائي لها ولأولادها بالنفقة استناداً إلى المادتين 203 و212 من القانون المذكور لحاجتها إليها هي وأولادها ولاستمرار بقاء الرابطة الزوجية التي لم تنفصم بالحكم الصادر بالفرقة البدنية، فإن الحكم المطعون فيه إذ عدل المبلغ المقضى به من محكمة أول درجة بما لا يزيد على ثلث إيراد المطعون عليه استناداً إلى المادة 301 من القانون المدني الفرنسي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون المذكور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنة والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه - قدم في 23 من فبراير سنة 1949 عريضة إلى رئيس المحكمة القنصلية الفرنسية بالإسكندرية طلب فيها التصريح له بإعلان زوجته الطاعنة للسعي في الصلح بينهما توطئة لرفع دعوى الطلاق. وبعد أن أخفقت محاولة الصلح بين الطرفين، صرح رئيس المحكمة القنصلية للمطعون عليه برفع دعوى أمام المحكمة، وقد استند في طلبه الطلاق إلى عدة أسباب تلخص في أنها أتت من الأفعال ما يعتبر انتهاكاً جسيماً للواجبات المترتبة على الزواج بحيث جعلت بقاء الزوجية أمراً لا يمكن تحمله وطلبت الطاعنة رفض الدعوى والحكم لها بنفقة على المطعون عليه. وفي 23 من سبتمبر سنة 1949 قضت المحكمة القنصلية برفض دعوى الطلاق وحكمت بإلزام المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعنة وأولادها المرزوقين لها من زوجها المطعون عليه مبلغ 65 جنيهاً شهرياً عملاً بالمادتين 203 و212 من القانون المدني الفرنسي وعمدت إلى الطاعنة بحضانة أولادها. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد بجدولها برقم 6/ 6 ق أحوال شخصية طالباً أصلياً إلغاءه والحكم بالطلاق من الطاعنة مع ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية وإثبات تعهده بالقيام بالمصاريف الخاصة بتربية وتعليم أولاده وكذلك إعفاءه من كل نفقة أو إعانة قبل زوجته أو تحديد النفقة والإعانة إن كان هناك محل لذلك بما لا يزيد على أربعين جنيهاً. وذلك ابتداء من أول فبراير سنة 1949 واحتياطياً إحالة القضية على التحقيق لإثبات الوقائع التي يسندها إلى الطاعنة. وفي 12 من فبراير سنة 1951 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الطلاق وتعديله إلى الحكم بالانفصال الجسماني بين الزوجين وبتعديل الحكم المستأنف فيما يختص بمقدار النفقة بإلزام المستأنف (المطعون عليه) بأن يدفع للمستأنف ضدها (الطاعنة) مبلغ 48 جنيهاً و836 مليماً نفقة شهرية للمستأنف عليها مع إلزام المستأنف (المطعون عليه) بجميع المصاريف و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة، فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم، أولاً: بطلانه لمخالفته المادة 349 من قانون المرافعات، ذلك أنه لم يبين طلبات المطعون عليه الاحتياطية في وقائعه بحيث لا يعرف ما إذا كان ما قضى به من التفريق الجسماني كان إجابة لطلب المطعون عليه أو أنه من تلقاء نفس المحكمة، وما إذا كان المطعون عليه قد طلب الانفصال الجسماني من باب الاحتياط مع تمسكه بطلبه الأصلي وهو الطلاق أو أنه حول طلبه الأصلي بالطلاق إلى طلب التفريق الجسماني، وثانياً: أنه أخذ بما ورد بمحضر جلسة 27 من نوفمبر سنة 1950 من طلب المطعون عليه احتياطياً الحكم بالفرقة البدنية مع أن تقديم هذا الطلب على سبيل الاحتياط غير جائز وفقاً للمادة 239 من القانون المدني الفرنسي، وثالثاً: أنه استند إلى المادة 301 من القانون المدني الفرنسي فيما قضى به من نفقة للطاعنة وعدل على هذا الأساس ما قضى به الحكم الابتدائي من نفقة لها ولأولادها استناداً إلى المادتين 203 و212 مدني فرنسي في حين أن المادتين الأخيرتين هما الواجب تطبيقهما في حالة الحكم بالانفصال الجسماني ذلك أن المادة 301 مدني فرنسي إنما تنطبق على النفقة التي يحكم بها للزوج المحكوم له بالطلاق لخطأ من الزوج الآخر على ألا يزيد مقدار هذه النفقة عن ثلث إيراد الزوج المحكوم عليه بها، بينما أن المادتين 203 و212 مدني فرنسي تنطبقان على النفقة الواجبة على الزوج لزوجته ولأولاده أثناء قيام الزوجية ولم يرد فيهما قيد ثلث الإيراد الوارد في المادة 301 مدني فرنسي.
ومن حيث إن هذا النعي بجميع أوجهه في محله، ذلك أولاً أنه لا يبين من الحكم ما إذا كان ما قضي به من انفصال جسماني كان من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على طلب الزوج الاحتياطي أو بناء على طلب أصلي للزوج بعد أن نزل عن طلب الطلاق مع اختلاف الحكم في كل من هذه الأحوال في القانون الفرنسي - كما يخالف الحكم المادة 349 مرافعات التي توجب أن يبين في الحكم نص ما قدم الخصوم من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية، وثانياً: أن المادة 239 من القانون المدني الفرنسي إذ نصت على أن "للمدعي في كافة مراحل الدعوى أن يحول الطلب المقدم منه للطلاق إلى طلب فرقة بينه وبين زوجه" فقد دلت بذلك على أنه لا يجوز الجمع بين الطلبين ولو كان طلب الفرقة البدنية مقدماً على سبيل الاحتياط. ولما كان الثابت بمحضر جلسة 27 من نوفمبر سنة 1950 أن المطعون عليه طلب الفرقة البدنية على سبيل الاحتياط فإن الحكم إذ كان قد أسس قضاءه على هذا الطلب الاحتياطي يكون قد خالف صريح نص المادة المذكورة، وثالثاً: بينما قضى الحكم الابتدائي بالنفقة للطاعنة وأولادها على أساس المادتين 203 و212 مدني فرنسي وقدّرها بمبلغ 65 جنيهاً شهرياً عدل الحكم المطعون فيه مبلغ النفقة إلى 48 جنيهاً و836 مليماً شهرياً استناداً إلى أن "الثابت من المستندات المقدمة من المستأنف (المطعون عليه) أن إيراده الإجمالي السنوي هو 1758 جنيهاً و50 مليماً وتنص المادة 301 من القانون المدني الفرنسي على جواز الحكم لصالح الزوج الذي يحصل على الطلاق بنفقة لا تتجاوز ثلث إيراد الزوج الآخر فيكون ثلث إيراد المستأنف 586 جنيهاً و7 مليمات أي مبلغ 48 جنيهاً و836 مليماً شهرياً". وهذا الذي استند إليه الحكم هو خطأ في تطبيق القانون المدني الفرنسي الواجب التطبيق، ذلك أن المادة 301 من القانون المذكور لا تنطبق إلا في حالة ما إذا قضي لأحد الزوجين بالطلاق لخطأ الطرف الآخر وكان قد طلب الحكم له بنفقة على خصمه، وهذا الوصف لا ينطبق على واقعة الدعوى، ذلك أنه لم يقض بالطلاق بل قضى الحكم بالانفصال الجسماني لخطأ مشترك بين الزوجين ولم تطلب الطاعنة النفقة استناداً إلى المادة 301 مدني فرنسي وإنما قضى الحكم الابتدائي لها ولأولادها بالنفقة استناداً إلى المادتين 203 و212 من القانون المذكور لحاجتها هي وأولادها إليها ولاستمرار بقاء رابطة الزوجية التي لم تنفصم بالحكم الصادر بالفرقة البدنية، ومن ثم يكون ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعديل للمبلغ المقضى به من محكمة أول درجة استناداً إلى المادة 301 مدني فرنسي خطأ في تطبيق القانون المذكور.
ومن حيث إنه يخلص مما سبق أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون في الأوجه السابق بيانها خطأ يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.