أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 431

جلسة 14 من يناير سنة 1954
(64)
القضية رقم 411 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
ضرائب. رسوم بلدية. القيمة الإيجارية المنصوص عليها في المادة الأولى من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 التي قد يختارها المجلس البلدي أساساً لفرض الرسوم عليها. المقصود بها. هي القيمة الإيجارية التي تربط على أساسها عوائد الأملاك. المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 والمادة الأولى من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 المعدلة بمرسوم 20 سبتمبر سنة 1948.
إن المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 الخاص بنظام المجالس البلدية والقروية إذ أجازت للمجلس أن يفرض في دائرة اختصاصاته رسوماً على المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة، ونصت الفقرة الأخيرة منها على أن يعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها، وكذلك أحوال الإعفاء منها وتخفيضها، وتنفيذاً لهذا النص صدر مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 الذي نصت الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه المعدلة بالمرسوم الصادر في 20 من سبتمبر سنة 1948 على أنه: "بالنسبة إلى المحال الصناعية يكون تحديد الرسوم على أساس إنتاجها الفعلي، فإذا تعذر التحديد على هذا الأساس يكون على أساس القوى المحركة في هذه المحال وعدد الدواليب أو الآلات أو الأنوال التي تدار فيها أو بنسبة مئوية من القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله". إذ نص المرسوم على ذلك دون أن يعرف المقصود بعبارة
"القيمة الإيجارية" التي قد يختارها المجلس أساساً لفرض الرسوم عليها، فإن هذا لا يفيد أن المشرع قصد بإشارته إلى القيمة الإيجارية مجردة عن التعريف بها معنى آخر يختلف عن معنى القيمة الإيجارية التي تربط على أساسها عوائد الأملاك، وهو الأساس الذي اتخذه الشارع لتقدير ضرائب شتى صدرت بها قوانين في أوقات مختلفة والذي أصبح في حكم المصطلح عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع تقرير السيد المستشار المقرر، ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة، وبعد المداولة؛
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أنه في 10 من فبراير سنة 1947 أصدر مجلس بلدى كفر الزيات قراراً بفرض رسم مقداره 12% من القيمة الإيجارية للأماكن التي تشغلها المحال الصناعية وصدق وزير الصحة على هذا القرار في 23 من فبراير سنة 1947، وفي 27 من يناير سنة 1948 نبه المجلس البلدي على المطعون عليها بأداء مبلغ 2040 جنيهاً رسماً على القيمة الإيجارية للأمكنة التي تشغلها عن السنة المالية 1947 - 1948، فقامت الشركة المطعون عليها بدفع هذا المبلغ، ثم أقامت الدعوى رقم 815 سنة 73 ق الإسكندرية الابتدائية المختلطة على الطاعن وقالت بياناً لها بأن القيمة الإيجارية التي تعتبر وعاء للرسم وفقاً للمادة الأولى من المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 هي التي تتخذ أساساً للضريبة على الأملاك المبنية، وطلبت الحكم لها برد مبلغ 1119 جنيهاً عبارة عن الفرق بين مبلغ 2040 جنيهاً الذي قامت بدفعه وبين 12% من القيمة الإيجارية للمصانع والمحال التي تشغلها والمتخذة أساساً للضريبة على الأملاك المبينة مع الفوائد القانونية ابتداء من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء. فدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى مستنداً إلى أن المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 قد بين القواعد الخاصة بتحديد أساس رسوم البلدية وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها وأحوال الإعفاء منها، ومن مقتضى ذلك لا يجوز الالتجاء إلى القضاء المختلط. وفي 24 من نوفمبر سنة 1948 قضت المحكمة برفض الدفع، وفي الموضوع بإلزام الطاعن بأن يرد للشركة المطعون عليها مبلغ 1119 جنيهاً مع الفوائد بواقع 5% سنوياً ابتداء من 24 فبراير سنة 1948 حتى الوفاء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 381 سنة 5 ق الإسكندرية بصحيفة أعلنت في 8 من مارس سنة 1949 طلب فيها إلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى وعلى كل حال الحكم بعدم صحتها، ودفع في مذكرته المقدمة بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1949 بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى، وبأن لجنة تظلمات مجلس بلدى كفر الزيات قد رفضت تظلم الشركة المطعون عليها فلا يصح لها بعد ذلك الالتجاء إلى المحاكم. وفي 24 من مايو سنة 1951 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وبرفض الدفعين المقدمين من الطاعن، وبولاية القضاء العادي في نظر الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف استناداً إلى أن موضوع هذا الاستئناف يماثل تماماً موضوع الاستئنافين رقمي 370 و374 سنة 5 ق الإسكندرية المرفوعين من الطاعن على شركة الملح والصودا واللذين قضت فيهما المحكمة في يوم صدور الحكم المطعون فيه، ولذلك فهي تحيل على أسباب الحكم الصادر في الاستئناف رقم 374 سنة 5 ق الإسكندرية التي تعتبر أسباباً لهذا الحكم، وإلى أن الطاعن لم يعارض في مقدار الرسوم التي حصلها من المطعون عليها، وتلك التي يجب فرضها على أساس القيمة الإيجارية أخذاً بقسائم عوائد الأملاك المبنية حسب ما حددتها المطعون عليها في طلبها. وقد تبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للحكم المحال على أسبابه والمقدمة من الطاعن ضمن أوراق طعنه، أنه أحال بدوره على أسباب الحكم الصادر في الاستئناف رقم 376 سنة 5 ق الإسكندرية المقدمة صورته الرسمية من الطاعن ضمن أوراق الطعن. فقرر الطاعن طعنه بطريق النقض في الحكم الصادر في استئنافه رقم 381 سنة 5 ق الإسكندرية.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 376 سنة 5 ق الإسكندرية والمحال على أسبابه، إذ أقام قضاءه على أن الشارع عندما أصدر مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 كان يقصد احتساب القيمة الإيجارية على أساس الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884 الخاص بعوائد الأملاك المبنية، ليضع لها معياراً ثابتاً وهذا المعيار الثابت تكفل به الأمر العالي المشار إليه، وأن مهمة المجلس في تقدير الرسوم مقصورة على رجوعه إلى ذلك المعيار الثابت، بدليل أن المشرع أصدر قوانين عدة اتخذت القيمة الإيجارية أساساً لتقدير الرسم ونصت على تقديرها وفقاً للأمر العالي المذكور. إذ أقام الحكم قضاءه على هذا الأساس خالف القانون، ذلك أن مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 إذ نص في المادة الأولى منه على القيمة الإيجارية، جاء نصه مطلقاً من كل قيد، فلم يحل على الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884، وبذلك يكون قد تعمد عدم التقيد بأحكامه، إذ من المقرر أنه لا تجوز الإحالة على قانون آخر إلا بنص صريح يقضي بهذه الإحالة، ودليل ذلك أن المشرع عندما أصدر القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق، نص صراحة في المادة 75 منه على اتخاذ العوائد أساساً لتقدير القيمة الإيجارية، فعدم النص على ذلك في المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 يدل على قصد الشارع، وهو عدم التقيد بأحكام الأمر العالي الصادر في سنة 1884. والحكمة في ذلك واضحة، لأن الرسوم المقررة بهذا المرسوم تفرض سنوياً خلافاً للحالة في عوائد الأملاك المبنية التي تقدر كل ثماني سنوات، ويؤكد هذا النظر نص المادة العاشرة من المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 وهو صريح في أن وظيفة اللجنة المنصوص عليها فيه هي تقدير الرسوم لا مجرد تطبيقها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر على الطاعن بأن يرد إلى الشركة المطعون عليها مبلغ 1119 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء تأسيساً على أن الطاعن إذ اختار فرض الرسوم على المطعون عليها على أساس القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله، فإنه كان يتعين عليه أن يتقيد في تحديد هذه القيمة بالأساس الذي تربط عليه عوائد الأملاك، إذ أقام الحكم قضاءه على هذا الأساس لم يخطئ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 الخاص بنظام المجالس البلدية والقروية إذ أجازت للمجلس أن يفرض في دائرة اختصاصاته رسوماً على المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة، ونصت الفقرة الأخيرة منها على أن يعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها وكذلك أحوال الإعفاء منها وتخفيضها، وتنفيذاً لهذا النص صدر مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 الذي نصت الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه المعدلة بالمرسوم الصادر في 20 سبتمبر سنة 1948 على أنه: "بالنسبة إلى المحال الصناعية يكون تحديد الرسوم على أساس القوى المحركة في هذه المحال وعدد الدواليب أو الآلات أو الأنوال التي تدار فيها أو بنسبة مئوية من القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله". إذ نص المرسوم على ذلك دون أن يعرف المقصود بعبارة "القيمة الإيجارية" التي قد يختارها المجلس أساساً لفرض الرسوم عليها، فإن هذا لا يفيد أن المشرع قصد بإشارته إلى القيمة الإيجارية مجردة عن التعريف بها معنى آخر يختلف عن معنى القيمة الإيجارية التي تربط على أساسها عوائد الأملاك. وهو الأساس الذي اتخذه الشارع لتقدير ضرائب شتى صدرت بها قوانين في أوقات مختلفة. من ذلك الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884 الخاص بعوائد المباني والقانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية. ورسوم التوثيق في المواد المدنية إذ نص في المادة "75" على أن يكون أساس تقدير الرسوم النسبية على قيم العقارات المتنازع فيها، فإذا لم توضح هذه القيم أو توضحت وكانت في نظر قلم الكتاب أقل من قيمتها الحقيقية قدرها هذا الأخير بحيث لا تقل قيمة الأملاك المبنية عن قيمتها الإيجارية السنوية المتخذة أساساً لربط الوائد عليها مضروبة في 15، والقانون رقم 142 لسنة 1944 الخاص بفرض رسم أيلولة على التركات إذ نص في الفقرة الثانية من المادة 36 المعدلة بالقانون رقم 217 لسنة 1951 على أن تقدر قيمة الأملاك الخاضعة لعوائد المباني بما يعادل اثني عشر مثلاً من القيمة الإيجارية السنوية المتخذة أساساً لربط العوائد. والقانون رقم 99 لسنة 1949 الخاص بفرض ضريبة عامة على الإيراد إذ نص في الفقرة الثالثة من المادة السادسة المعدلة بالقانون رقم 218 لسنة 1951على "أن يكون تحديد إيراد العقارات مبنية كانت أو زراعية على أساس القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط عوائد المباني أو ضريبة الأطيان......" فإذا كان الشارع قد عنى في القوانين المشار إليها بتعريف القيمة الإيجارية بأنها هي المتخذة أساساً لربط العوائد عليها، وأغفل المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 هذا التعريف، فإن هذا لا يعني أنه قصد بالقيمة الإيجارية معنى آخر خلاف المعنى الذي أفصح عنه في القوانين الأخرى السالف ذكرها والذي أصبح بذلك في حكم المصطلح عليه، ويؤكد هذا النظر أن الشارع يهدف دائماً في تقدير الضرائب على العقارات إلى أن يكون مبنياً على أسس لها سمة الاستقرار بحيث لا تتغير من سنة إلى أخرى، بل يستمر العمل بها فترة مناسبة، وهذا الأساس الثابت يجب أن تحوطه ضمانات عند التقدير كفلها الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884، وليس ثمة علة مقبولة لاعتبار القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لتقدير وعاء الضرائب الأصلية المفروضة على الممولين بمقتضى القوانين السالف ذكرها مختلفة عن القيمة الإيجارية التي تتخذ أساساً لتقدير الرسوم البلدية بمقتضى المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945، أما استناد الطاعن إلى المادة العاشرة من المرسوم المذكور والتي تنص على أن "تؤلف في كل مجلس لجنة للقيام بعملية حصر المحال والعقارات والأشياء والحيوانات وغيرها المبينة بالمادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944، وتقدير الرسوم البلدية على كل منها طبقاً للأساس الذي اختاره المجلس عند تقدير فرض الرسم تطبيقاً للمواد السابقة وتحديد تاريخ استحقاقها، فمردود بأن هذا النص لا يتأدى منه المعنى الذي ذهب إليه الطاعن.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.