أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 491

جلسة 4 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعة حسين، نائبي رئيس المحكمة، وفتيحة قره ومحمد الجابري.

(82)
الطعن رقم 2810 لسنة 58 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن: حظر احتجاز أكثر من مسكن". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً: الفساد في الاستدلال". بطلان. دفوع. صورية.
1 - إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم. قصور في أسبابه الواقعية. أثره. البطلان.
2 - عدم جواز تعويل الحكم في قضائه بنفي الصورية على ذات المستند المطعون عليه بالصورية أو على أي مستند آخر أعد لإخفائه وستره متى كان المستند الأول أساساً له ومترتباً عليه. إغفال الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنة الجوهري بصورية عقد بيع العقار الصادر لزوجة المطعون ضده وكافة المستندات المقدمة من الأخير والمعدة لإثبات تحايله على الحظر الوارد بالمادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977. قصور وفساد في الاستدلال. لا يغير من ذلك أن تكون هذه المستندات رسمية. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز للحكم أن يعول في قضائه بنفي الصورية على ذات المستند المطعون عليه بالصورية أو إذا كان هذا المستند قد أعد لإخفاء وستر محرر آخر طعن عليه بالصورية خاصة إذا كان هذا المحرر الأخير أساساً له أو مترتباً عليه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف في مذكرتها المؤرخة 13/ 2/ 1988 بدفاع حاصله صورية عقد البيع المؤرخ 7/ 4/ 1984 الصادر لصالح زوجة المطعون ضده وكذا صورية جميع المستندات المقدمة من الأخير لإثبات ملكية زوجته للعقار رقم (.....) وأنها أعدت جميعها لإثبات تحايل المطعون ضده على الحظر الوارد بالمادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977، وأن المطعون ضده تاجر مصوغات وهو مصدر الثروة وأن زوجته لا تملك شيئاً حتى تستطيع سداد ثمن العقار الجديد وقدره (.....) جنيه ثم تقيم تعلية للمبنى وهو الدور الثالث العلوي، وكان من شأن هذا الدفاع - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى، إذ أن مؤداه لو ثبت صحته - أن المطعون ضده يمتلك الشقة الأخرى بما يتوافر به في حقه الاحتجاز الموجب لطرده من الشقة استئجاره من الطاعنة، وكانت محكمة الموضوع قد التفتت عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث ووقفت منه عند حد القول "وحيث إنه لا يفوت هذه الحكمة أن تشير إلى أنها ليست بحاجة إلى تحقيق مطاعن المستأنف ضدها على صورة عقد البيع المؤرخ 7/ 4/ 1984 وحكم صحة التعاقد الصادر عنه لأنها لم تتخذ من أيهما سنداً لحكمها" ثم عّولت في قضائها على المستندات الأخرى رغم الطعن عليها بالصورية وقد يكون هذا العقد هو أساسها ونتيجة مترتبة عليه إذ ليس هناك ما يمنع أن تكون قد أعدت لإخفاء وستر صورية ولا يغير من ذلك - كما ذهب الحكم المطعون فيه - أن تكون هذه المستندات رسمية بما كان يتعين على الحكم أن يبحث أولاً الدفع بصورية عقد البيع مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وقد جره ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون إذ نفى عن المطعون ضده واقعة الاحتجاز التي يحظرها القانون في غير الحالات التي يجيزها المشرع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 395 لسنة 1985 مدني أمام محكمة المنيا الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالت بياناً لها إن المطعون ضده استأجر منها الشقة محل النزاع بموجب عقد مؤرخ 11/ 1/ 1972 وإذ يحتجز لنفسه وأسرته مسكناً آخر بالعقار رقم 89 شارع الكرنك بمعصرة سمالوط فأقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد سماع الشهود حكمت بإجابة الطاعنة لطلباتها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 58 لسنة 23 ق بني سويف "مأمورية المنيا"، وبتاريخ 13/ 4/ 1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف في المذكرة المقدمة بجلسة 13/ 2/ 1988 بأن الصورة الضوئية لعقد البيع المؤرخ 7/ 4/ 1984 الصادر لصالح زوجة المطعون ضده لا حجية له في الإثبات ولا يقوم مقام الأصل، وأنه على فرض أنها تمثل عقد بيع فقد طعنت عليه مع سائر المستندات المقدمة من المطعون ضده لمحكمة الموضوع بالصورية المطلقة وهي الكشف الرسمي الصادر من الضرائب العقارية ومحضر التنظيم المحرر ضد زوجة المطعون ضده لإقامتها بناء بدون ترخيص والحكم الجنائي الصادر فيه إلا أن الحكم المطعون فيه أهدر دفاعها وهو جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى وأقام قضاءه على أن زوجة المطعون ضده هي المالكة للمسكن الآخر واستدل على ذلك بالمستندات المقدمة من المطعون ضده - عدا عقد البيع وحكم صحة التعاقد - في حين أن هذه المستندات كانت محلاً للنعي بالصورية فلا يجوز للحكم أن يستدل بها لنفي الصورية هذا إلى أن هذه المستندات اصطنعت جميعها لإخفاء وستر عقد البيع الصوري وكان أساساً لها فهي لا تصلح بدورها لنفي الصورية مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وأدى به ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون إذ نفى عن المطعون ضده حالة الاحتجاز التي يحظرها القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز للحكم أن يعّول في قضائه بنفي الصورية على ذات المستند المطعون عليه بالصورية أو إذا كان هذا المستند قد أعد لإخفاء وستر محرر آخر طعن عليه بالصورية خاصة إذا كان هذا المحرر الأخير أساساً له أو مترتباً عليه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف في مذكرتها المؤرخة 13/ 2/ 1988 بدفاع حاصله صورية عقد البيع المؤرخ 7/ 4/ 1984 الصادر لصالح زوجة المطعون ضده وكذا صورية جميع المستندات المقدمة من الأخير لإثبات ملكية زوجته للعقار رقم (13) شارع الكرنك بناحية معصرة سمالوط - وأنها أعدت جميعها لإثبات تحايل المطعون ضده على الحظر الوارد بالمادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977، وأن المطعون ضده تاجر مصوغات وهو مصدر الثروة وأن زوجته لا تملك شيئاً حتى تستطيع سداد ثمن العقار الجديد وقدره 30000 جنيه ثم تقيم تعلية للمبنى وهو الدور الثالث العلوي، وكان من شأن هذا الدفاع - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى، إذ أن مؤداه لو ثبت صحته - أن المطعون ضده يمتلك الشقة الأخرى بما يتوافر به في حقه الاحتجاز الموجب لطرده من الشقة استئجاره من الطاعنة، وكانت محكمة الموضوع قد التفتت عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث ووقفت منه عند حد القول "وحيث إنه لا يفوت هذه الحكمة أن تشير إلى أنها ليست بحاجة إلى تحقيق مطاعن المستأنف ضدها على صورة عقد البيع المؤرخ 7/ 4/ 1984 وحكم صحة التعاقد الصادر عنه لأنها لم تتخذ من أيهما سنداً لحكمها" ثم عّولت في قضائها على المستندات الأخرى رغم الطعن عليها بالصورية وقد يكون هذا العقد هو أساسها ونتيجة مترتبة عليه إذ ليس هناك ما يمنع أن تكون أعدت لإخفاء وستر صوريته ولا يغير من ذلك - كما ذهب الحكم المطعون فيه - أن تكون هذه المستندات رسمية بما كان يتعين على الحكم أن يبحث أولاً الدفع بصورية عقد البيع مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وقد جره ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون إذ نفى عن المطعون ضده واقعة الاحتجاز التي يحظرها القانون في غير الحالات التي يجيزها المشرع. بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.