أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 502

جلسة 4 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.

(84)
الطعن رقم 220 لسنة 59 القضائية

(1) تزوير. دعوى "دعوى التزوير".
- الأوراق المدعى بتزويرها. من أوراق الدعوى. الأمر بضمها والاطلاع عليها. إجراء لا يلزم إثباته بمحضر الجلسة أو في مدونات الحكم.
(2) تزوير. حكم. استئناف. إثبات.
- النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه بالتزوير. إبداؤه أمام محكمة الدرجة الثانية بعد أن فصلت محكمة أول درجة في الادعاء بالتزوير. غير جائز. علة ذلك. عدم جواز النعي على محكمة الاستئناف عدم قضاءها بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير.
(3) حكم "عيوب التدليل: قصور: ما لا يعد كذلك". دفوع.
- إغفال الحكم الرد على دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. لا قصور.
(4) إثبات "ندب الخبراء". خبرة. محكمة الموضوع.
- محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير عمل أهل الخبرة. أخذها بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. مؤداه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه.
(5) تزوير "الحكم في دعوى التزوير". دعوى "دعوى التزوير". حكم.
- عدم جواز الحكم بصحة الورقة المدعى بتزويرها وفي موضوع الدعوى معاً. علة ذلك. صدور الحكم من المحكمة الاستئنافية. وجوب التقيد بهذه القاعدة سواء كان الحكم بالتأييد أو الإلغاء.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأوراق المدعى بتزويرها لا تعدو أن تكون من أوراق القضية فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الجلسة التي يلزم إثباتها في محضرها أو في مدونات حكمها.
2 - إن المشرع إذ نص في المادة 57 من قانون الإثبات على أن للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الادعاء في أية حالة كانت عليها بنزوله عن التمسك بالمحرر المطعون فيه فإن مفاد هذا النص أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء الإجراءات ينبغي أن يتم قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون فيه إلا أمام محكمة الاستئناف وبعد صدور الحكم الابتدائي بالرد والبطلان فليس له أن ينعى على محكمة الاستئناف عدم قضائها بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير.
3 - إذا كان دفاع الطاعن لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقرير عمل أهل الخبرة هو مما تستقل به محكمة الموضوع وأنها متى رأت في حدود سلطتها الأخذ بتقرير الخبير لصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي توجه إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير.
5 - النص في المادة 44 من قانون الإثبات يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون القضاء في الادعاء سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصم من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة أخرى تؤيد دفاعه في موضوع الدعوى لا فرق في ذلك بين أن يكون إنكار المحرر أو الادعاء بتزويره حاصلاً أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة ولا أن يكون القضاء من أيهما صادراً بصحته أو برده وبطلانه وسواء كان الحكم من محكمة ثان درجة بالتأييد أو الإلغاء لاتحاد الحكمة التشريعية في جميع الأحوال السابقة، وهي ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة وحكم بتزويرها أو ادعى التزوير وأخفق في ادعائه من تقديم ما قد يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بالمحرر الذي ثبت تزويره أو التخلص من الالتزام الذي يثبته وفشل في الطعن عليه إذ المحرر المحكوم بصحته أو بطلانه لا يعدو أن يكون دليلاً في الدعوى وقد تتعدد الأدلة على إثبات الالتزام أو نفيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن تقدم بطلب إلى رئيس محكمة شبين الكوم الابتدائية لإصدار أمر أداء بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ 1500 جنيه استناداً إلى أنه يداينه بالمبلغ المذكور بموجب سند إذني مؤرخ 21/ 10/ 1978 وأنه تخلف عن السداد. امتنع رئيس المحكمة عن إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى قيدت برقم 2071 لسنة 1980 مدني شبين الكوم الابتدائية. طعن المطعون ضده على السند بالإنكار. ندبت المحكمة خبيراً لإجراء المضاهاة. وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى إلى أن توقيع المطعون ضده على السند الإذني مزور قضت المحكمة برده وبطلانه وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت بتاريخ 28/ 1/ سنة 1986 برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم" بالاستئناف رقم 226 لسنة 19 ق. وبتاريخ 13/ 11/ سنة 1988 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم اطلاع محكمة أول درجة على السند المطعون عليه إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع كما خلا حكمها بدوره ومحاضر جلساتها مما يفيد اطلاعها على هذا السند وهو ما يبطل الحكم لإغفاله هذا الإجراء الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأوراق المدعى بتزويرها لا تعدو أن تكون أوراق القضية فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من إجراءات الجلسة التي يلزم إثباتها في محضرها أو في مدونات حكمها. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن محكمة أول درجة أشرت على المظروفين اللذين كانا يحتويان على السند المطعون عليه بالإنكار - بما يفيد فضهما، ثابت أيضاً بالحكم الصادر منها بتاريخ 28/ 4/ سنة 1981 اطلاعها على هذا السند وقد أورد الحكم المطعون فيه بمدوناته قوله "أن محكمة أول درجة قد أفسحت صدرها لطلبات المدعي (الطاعن) وقامت بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة بين التوقيع المنسوب صدوره للمستأنف والوارد أسفل السند الإذني موضوع الفحص..." بما يفيد اطلاع محكمة الاستئناف على السند المذكور وفحصه قبل إصدار حكمها المطعون فيه وكان هذا الإجراء مما لا يلزم إثباته في محضر الجلسة أو بأي محضر آخر أو بمدونات الحكم وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت وأن الأحكام تصدر بعد الاطلاع على الأوراق وعلى من يدعي خلاف ذلك أنه يثبته وكان الطاعن لم يقدم الدليل على أن محكمة الدرجة الأولى أو محكمة الاستئناف لم تطلع على السند المطعون عليه بالإنكار - فإن تعييبه بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول إنه تنازل أمام محكمة الاستئناف عن التمسك بالسند الإذني موضوع التزوير إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إلى هذا التنازل وبيان أثره في إنهاء إجراءات التزوير وفقاً لنص المادة 57 من قانون الإثبات بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 57 من قانون الإثبات على أن للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الادعاء في أية حالة كانت عليها بنزوله عن التمسك بالمحرر المطعون فيه فإن مفاد هذا النص أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء الإجراءات ينبغي أن يتم التمسك قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون فيه إلا أمام محكمة الاستئناف وبعد صدور الحكم الابتدائي بالرد والبطلان فليس له أن ينعى على محكمة الاستئناف عدم قضائها بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير وإذ كان دفاع الطاعن في هذا الصدد لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أن المطعون ضده استكتب لتوقيعه باليد اليمنى في حين أنه يكتب بيده اليسرى ومن ثم فقد شاب عملية المضاهاة وتقرير الخبير أخطاء عديدة، أيضاًَ طلب من محكمة الاستئناف ندب خبير استشاري وتمكينه من الاطلاع على السند المطعون عليه وسماع أقوال محرر السند إلا أن المحكمة أغفلت هذا الدفاع بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير عمل أهل الخبرة هو مما تستقل به محكمة الموضوع وأنها متى رأت في حدود سلطتها الأخذ بتقرير الخبير لصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي توجه إلى ذلك التقرير لأن في أخدها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد أخذت بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى للأسباب التي أوضحتها المحكمة في مدونات حكمها وخلصت إلى رد وبطلان السند موضوع الدعوى لتزوير توقيع المطعون عليه وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم ولا على المحكمة إن هي التفتت عن طلبه ندب خبير استشاري متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوعها كما لا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب لطلب الطاعن سماع أقوال محرر السند لما هو مقرر في أن المحكمة غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ما دام في قيام الحقيقة التي أوردتها واطمأنت إليها الرد الضمني المسقط لكل ما يخالفها ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برد وبطلان السند الإذني وفي موضوع الاستئناف بحكم واحد مخالفاً بذلك نص المادة 44 من قانون الإثبات التي تقضي بأن يكون الحكم برد وبطلان الورقة سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة 44 من قانون الإثبات إذ نصت على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحته أخذت في نظر الموضوع في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة" قد دلت وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون القضاء في الادعاء سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصم من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة أخرى تؤيد دفاعه في موضوع الدعوى لا فرق في ذلك بين أن يكون إنكار المحرر أو الادعاء بتزويره حاصلاً أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة ولا أن يكون القضاء من أيهما صادراً بصحته أو برده وبطلانه وسواء كان الحكم من محكمة ثاني درجة بالتأييد أو الإلغاء لاتحاد الحكمة التشريعية في جميع الأحوال السابقة - وهي ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة وحكم بتزويرها أو ادعى بالتزوير وأخفق في ادعائه من تقديم ما قد يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بالمحرر الذي ثبت تزويره أو التخلص من الالتزام الذي يثبته وفشل في الطعن عليه إذ المحرر المحكوم بصحته أو بطلانه لا يعدو أن يكون دليلاً في الدعوى وقد تتعدد الأدلة على إثبات الالتزام أو نفيه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في الادعاء بالتزوير وفي الموضوع معاً فإنه يكون خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.