أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 529

جلسة 8 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد أحمد سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى إبراهيم عارف، أحمد عبد العال الحديدي، إلهام نجيب نوار نواب رئيس المحكمة وسيد محمود يوسف.

(88)
الطعن رقم 1945 لسنة 58 القضائية

- إيجار "إيجار الأماكن" "المنشآت الآيلة للسقوط". بطلان. قرار إداري.
القرار الإداري. ماهيته. الإجراءات الشكلية لإصداره. الغاية منها. بطلانه لعيب شكلي ينص عليه القانون أو إغفال إجراء جوهري من إجراءات إصداره. وجوب تشكيل اللجان المختصة بشأن المباني الآيلة للسقوط أو الترميم أو الصيانة من ثلاثة أعضاء. إصداره قراراتها بكامل تشكيلها. اعتبار ذلك إجراءً جوهرياً على إغفاله البطلان. ثبوت صدور قرار النزاع من عضوين فقط. أثره. م 57 ق 49 لسنة 1977، 30/ 1 قرار وزير الإسكان والتعمير 99 لسنة 1978 باللائحة التنفيذية للقانون المذكور.
"مثال في إيجار بشأن بطلان قرار اللجنة لصدوره بغير كامل تشكيلها".
مفاد النص في المادتين 57 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977، 30/ 1 من قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978 باللائحة التنفيذية للقانون سالف البيان - يدل على أن المشروع ناط بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم معاينة وفحص المباني والمنشآت وتقدير ما يلزم اتخاذه للمحافظة على الأرواح والأموال لترميمها أو صيانتها أو تدعيمها لجعلها صالحة للغرض المخصصة من أجله إذا كان في ذلك ما يحقق سلامتها والحفاظ عليها في حالة جيدة، وإذ كانت حالة العقار لا يجدي معها الترميم أو الصيانة أو التدعيم، فإن لتلك الجهة أن تقدر ما إذا كان الأمر يتطلب الهدم الكلي أو الجزئي، وتختص اللجان المشار إليها في المادة (57) سالفة البيان بدراسة التقارير المقدمة من الجهات المختصة بشئون التنظيم فيما يتعلق بتلك المباني وإجراء المعاينات على الطبيعة وإصدار قرارات في شأنها، وتعتبر القرارات التي تصدرها هذه اللجان قرارات إدارية ذلك أن القرار الإداري - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً ابتغاء مصلحة عامة. ولئن كانت قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست هي كأصل عام هدفاً في ذاتها إلا أنها إجراءات ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء وينبغي أن يفرق فيها بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة ويؤثر إغفالها في سلامة القرار وصحته وبين غيرها من الشكليات القانونية وعليه فلا يبطل القرار الإداري لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال الإجراء أو كان الإجراء جوهرياً في ذاته بحيث يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عنى القانون بتأمينها. وكانت المصلحة التي تغياها المشرع من وجوب تشكيل اللجان المختصة بدراسة التقارير المقدمة من الجهة الإدارية بشأن المباني التي يخشى من سقوطها أو سقوط جزء منها وكذلك بشأن المباني التي تحتاج إلى ترميم أو صيانة على النحو سالف البيان هو - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 49 لسنة 1977 ضمان صدور قرارات اللجان المذكورة على جانب من الدقة والموضوعية بما يحقق ما تهدف إليه الدولة في سياسة الإسكان وكان هذا الذي ابتغاه المشرع وهدف إليه لا يتحقق إلا بصدور قرارات هذه اللجان عنها بكامل تشكيلها، إذ أن صدور القرارات سالفة البيان من بعض الأعضاء فقط من شأنه أن يجعلها مفتقدة إلى الدقة والموضوعية مما يخل بسياسة الدولة في الإسكان ومن ثم فإن صدور القرارات سالفة البيان عن اللجنة بكامل تشكيلها يكون إجراءً جوهرياً في ذاته يترتب على إغفاله البطلان رغم عدم النص عليه صراحة وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق أن القرار موضوع الدعوى صادر عن لجنة مشكلة من عضوين فقط رغم أن القانون استوجب أن يكون تشكيلها من ثلاثة أعضاء على النحو آنف البيان فإن القرار يكون باطلاً وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 933 لسنة 1982 أمام محكمة طنطا الابتدائية - مأمورية المحلة الكبرى - بطلب الحكم أصلياً ببطلان قرار اللجنة المختصة الصادر بترميم العقار محل النزاع واحتياطياً إلغائه وهدم العقار حتى سطح الأرض، وقال بياناً لها إنه أخطر بالقرار سالف البيان الذي جاء باطلاً لصدوره من لجنة مشكلة على خلاف ما أوجبه القانون فقد أقام الدعوى ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الطعن، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 521 لسنة 37 ق. طنطا وبتاريخ 22/ 2/ 1988 قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك ببطلان القرار المطعون عليه لصدوره عن لجنة ثنائية بالمخالفة لما أوجبه القانون في المادة رقم 57 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 والمادة 30 من لائحته التنفيذية من وجوب صدوره من لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد من الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر على سند من أن القانون لم ينص صراحة على بطلانه في هذه الحالة وأن الغاية من التشكيل قد تحققت بندب ثلاثة خبراء قدموا تقريراً بعد معاينة العقار وهو خطأ يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 57 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 سنة 1977 على أنه "تشكل في كل وحدة من وحدات الحكم المحلي لجنة أو أكثر يصدر بها قرار من المحافظ المختص، تضم اثنين من المهندسين المعماريين أو المدنيين المقيدين بنقابة المهندسين، تتولى دراسة التقارير المقدمة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في شأن المباني المشار إليها في المادة (55) وإجراء المعاينات على الطبيعة، وإصدار قرارات في شأنها على وجه السرعة ويبين القرار الذي يصدره وزير الإسكان والتعمير كيفية تشكيل تلك اللجان والقواعد والإجراءات التي تتبع في مزاولة أعمالها...." والمادة 30/ 1 من قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978 باللائحة التنفيذية للقانون سالف البيان على أن "تشكل اللجان المنصوص عليها في المادة (57) من القانون المشار إليه بقرار من المحافظ المختص برئاسة المهندس رئيس جهاز التنظيم بالوحدة المحلية المختصة وعضوية اثنين من ذوي الخبرة من المهندسين المدنيين أو المعماريين المقيدين بنقابة المهندسين يختارهما المحافظ...." يدل على أن المشرع ناط بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم معاينة وفحص المباني والمنشآت وتقرير ما يلزم اتخاذه للمحافظة على الأرواح والأموال لترميمها أو صيانتها أو تدعيمها لجعلها صالحة للغرض المخصصة من أجله إذا كان في ذلك ما يحقق سلامتها والحفاظ عليها في حالة جيدة، وإذا كانت حالة العقار لا يجدي معها الترميم أو الصيانة أو التدعيم، فإن لتلك الجهة أن تقدر ما إذا كان الأمر يتطلب الهدم الكلي أو الجزئي، وتختص اللجان المشار إليها في المادة (57) سالفة البيان بدراسة التقارير المقدمة من الجهات المختصة بشئون التنظيم فيما يتعلق بتلك المباني وإجراء المعاينات على الطبيعة وإصدار قرارات في شأنها، وتعتبر القرارات التي تصدرها هذه اللجان قرارات إدارية ذلك أن القرار الإداري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً ابتغاء مصلحة عامة ولئن كانت قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست هي كأصل عام هدفاً في ذاتها إلا أنها إجراءات ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء وينبغي أن يفرق فيها بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة ويؤثر إغفالها في سلامة القرار وصحته وبين غيرها من الشكليات القانونية وعليه فلا يبطل القرار الإداري لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال الإجراء أو كان الإجراء جوهرياً في ذاته بحيث يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عنى القانون بتأمينها وكانت المصلحة التي تغياها المشرع من وجوب تشكيل اللجان المختصة بدراسة التقارير المقدمة من الجهة الإدارية بشأن المباني التي يخشى من سقوطها أو سقوط جزء منها وكذلك بشأن المباني التي تحتاج إلى ترميم أو صيانة على النحو سالف البيان هو - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 49 سنة 77 - ضمان صدور قرارات اللجان المذكورة على جانب من الدقة والموضوعية بما يحقق ما تهدف إليه الدولة في سياسة الإسكان وكان هذا الذي ابتغاه المشرع وهدف إليه لا يتحقق إلا بصدور قرارات هذه اللجان عنها بكامل تشكيلها إذ أن صدور القرارات سالفة البيان من بعض الأعضاء فقط من شأنه أنه يجعلها مفتقدة إلى الدقة والموضوعية مما يخل بسياسة الدولة في الإسكان ومن ثم فإن صدور القرارات سالفة البيان عن اللجنة بكامل تشكيلها يكون إجراءً جوهرياً في ذاته يترتب على إغفاله البطلان رغم عدم النص عليه صراحة وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق أن القرار موضوع الدعوى صادر عن لجنة مشكلة من عضوين فقط رغم أن القانون استوجب أن يكون تشكيلها من ثلاثة أعضاء على النحو آنف البيان فإن القرار يكون باطلاً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلان القرار المطعون فيه.