مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 1133

(99)
جلسة 20 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد السيد يوسف وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي - المستشارين.

الطعن رقم 397 لسنة 19 القضائية

( أ ) شركة المنتزه والمقطم (تحكيم) (شركات قطاع عام) (مرفق عام).
قرار رئيس الجمهورية رقم 358 لسنة 1959 أدرج اسم شركة المنتزه والمقطم بين شركات القطاع العام - طلب اللجوء للتحكيم - إذا وجد نص في العقد يقصر اختصاص هيئة التحكيم المنصوص عليها فيه على تفسير وتنفيذ الأحكام التي يتضمنها الاتفاق المبرم بين الشركة وجهة الإدارة في حالة ثبوت خلاف بين الطرفين فلا يمتد اختصاص هيئة التحكيم إلى تفسير القانون ذاته الصادر بالترخيص لوزير الشئون البلدية رقم 187 لسنة 1955 في قبول التنازل الصادر من الشركة المصرية للأراضي والمباني عن استغلال المنطقتين وفي التعاقد على هاتين المنطقتين مع المتنازل إليهم - تطبيق.
(ب) شركة المنتزه والمقطم (شركات قطاع عام) (مرفق عام).
هي شركة من شركات القطاع العام - القرار رقم 258 لسنة 1959 بإدراجها بين شركات القطاع العام سليماً قانوناً - أساس ذلك: أن جهة الإدارة منحت الشركة حق استغلال منطقة المنتزه لاستعمالها كمركز سياحي - اتصال العقد بنشاط مرفقين عامين هما مرفق الإنشاء والتعمير ومرفق السياحة وأعطيت الشركة حق إدارته واستغلاله تحت إشراف الإدارة تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 22/ 3/ 1973 أودع الأستاذ/ حامد أحمد الدمرداش عن الأستاذ الدكتور حسن البغداد الوكيل عن رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 397 سنة 19 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 964 سنة 13 ق بجلسة 21/ 1/ 1972 المقامة من الشركة الطاعنة والقاضي برفض الدعوى بشقيها الطلب الأصلي والطلب الاحتياطي وإلزام الشركة المدعية بالمصروفات وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه وللأسباب التي قام عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بجميع أجزائه وتعيين الحكمين اللازمين وفقاً لقانون المرافعات، ومن قبيل الاحتياط الكلي فيما لو رفض الطلب الأصلي الحكم بأن الشركة الطاعنة ليست من شركات المرافق العامة واعتبار القرار رقم 258 سنة 1959 غير نافذ ومعدوم الأثر في حقها في حدود ما نص عليه من إدراجها بين شركات المرافق العامة، وذلك كله مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أولاً وبصفة أصلية بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقية الشركة المدعية في الالتجاء إلى التحكيم، وبإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات، وبصفة احتياطية برفض الطعن وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية تم نظر الطعن بدائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة... إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة لنظرها بجلسة....... وفيها وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 20 من مايو سنة 1959 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 964 سنة 13 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد المطعون ضدهم الأول والثاني والرابع والخامس طالبة الحكم بتعيين الحكمين اللازمين وفقاً لأحكام المادة (825) من قانون المرافعات. ثانياً ومن قبيل الاحتياط الكلي فيما لو فرض المستحيل ورفض الطلب الأول. الحكم بأن الشركة الطاعنة ليست من شركات المرافق العامة واعتبار القرار رقم 258 سنة 1959 غير نافذ ومعدوم الأثر في حقها في حدود ما نص عليه من إدراجها في شركات المرافق العامة مع إلزامهم بمصروفات التقاضي وأتعاب المحاماة في كل حالة مع حفظ جميع الحقوق الأخرى. وقالت الشركة شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 29/ 11/ 1954 وقع ممثلها مع السيد وزير الشئون البلدية والقروية عقداً بشأن منطقتي المنتزه والمقطم، عهدت فيه أن يكون رأس المال المستثمر في الأعمال المنصوص عليها في العقد مبلغ مليونين من الدولارات على الأقل، زيد فيما بعد إلى مليونين وستمائة ألف، كما نص على أن رأس المال هذا يخضع لأحكام القانون رقم 156 سنة 1953، وقد نصت الاتفاقات بين الطرفين على أن يكون للوزارة مندوب لدى الشركة لمراقبة تنفيذ أحكام هذه الاتفاقات، كما بينت حقوق طرفي العقد في عبارات واضحة لا تحتمل التأويل، ومنذ أن تمت هذه الاتفاقات انصرفت الشركة إلى أعمال التعمير والإنشاء مطمئنة إلى أن عقدها مع الوزارة ليس من عقود التزام المرافق العامة، وفي 28/ 2/ 1959 أذاع وزير الشئون البلدية والقروية بياناً أدرج فيه الشركة الطاعنة في عداد شركات المرافق العامة. الأمر الذي حدا بالشركة أن توجه إليه كتاباً في 2/ 3/ 1959 ضمنته أن الشركة ليست من شركات المرافق العامة، وإنما تخضع لنظام خاص، لذا ولما كان العقد قد نص على أن كل خلاف يتعلق بتفسيره أو بتنفيذه يطرح على التحكيم، لذلك فإن الشركة تلتمس إحالة النزاع الخاص بإدراجها بين شركات المرافق العامة على التحكيم، وقد وقع اختيار الشركة على الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس محكمة النقض سابقاً ليكون محكماً لها في هذا النزاع إلا أن الشركة تلقت في 20/ 3/ 1959 من وزير الشئون البلدية والقروية كتاباً يرفض فيه التحكيم استناداً إلى أن المسألة محل الاعتراض من الشركة تتعلق بتكييف العقد وليس بتفسيره أو تعيين أحكامه، مضيفاً أن التحكيم كالتقاضي ما هو إلا وسيلة للوصول إلى قرار في المنازعة التي تقدم من صاحب الشأن وهو بذاته لا يوقف أي إجراء أو قرار إداري، لهذا ولما كان التكييف لا يعدو أن يكون مجرد تفسير للثقافة، وكان من حق الشركة بعد أن عينت محكمها أن تلجأ وفقاً للمادة 825 من قانون المرافعات إلى المحكمة التي يكون من اختصاصها أصلاً الحكم في تلك المنازعة لتعيين من يلزم من المحكمين وكان سكرتير عام وزارة الشئون البلدية والقروية قد أعلن الشركة في 21/ 3/ 1959 بصورة من القرار الجمهوري رقم 258 لسنة 1959 الذي أدرج اسم الشركة بين شركات المرافق العامة بالإقليم المصري فإن الشركة تقيم دعواها الماثلة للحكم لها بطلباتها، وبجلسة 21/ 1/ 1973 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها بشقيها الطلب الأصلي والاحتياطي وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وقد شيدت المحكمة بذلك القضاء برفض الطلب الأصلي على أن القيد الخاص بالعقد المبرم بينهما يعني إخضاع ما قد يثار بينهما من خلاف حول تفسير أو يتضمن أحكام العقد إلى محكمين يتفقان على تعيينهما، ولما كانت المنازعة تنحصر في مسألة تكييف العقد وليس في تفسير وتحليل نصوصه فيكون طلب الشركة المدعية لتعيين المحكمين اللازمين لتكييف العقد أمراً خارجاً على مجال التحكيم، وبالنسبة للطلب الاحتياطي فقد أقامته على سند من القول أن الثابت من مذكرة السيد وزير الشئون البلدية والقروية التي تقدم بها إلى مجلس الوزراء في أكتوبر سنة 1974 ومن القانون رقم 565 سنة 1954 ومن العقد المبرم في 9/ 11/ 1954 بينه وبين الشركة المصرية للأراضي والمباني، ومن التنازل المبرم في 6/ 12/ 1954 من هذه الشركة ومن كل من الكونت وثيولور اثوثيونو والدكتور جريدو ملفي ومسيو انطونيو روما والكدنت اورباثديا رولا في المذكرة المرفوعة بتاريخ 24/ 3/ 1955 من السيد وزير الشئون البلدية والقروية إلى مجلس الوزراء ومن القانون رقم 187 سنة 1955 ومن العقد المبرم بينه وبين الشركة المدعية الثابت فيه أن هذا العقد الأخير اتصل بمرفقين عامين هما مرفق الآثار والتعمير ومرفق السياحة وقد أعطيت الشركة المدعية حق إدارتها واستغلالها لمدة محدودة وتحت إشراف الجهة الإدارية وعلى ذلك فإن العقد يعتبر من عقود امتياز المرافق العامة.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، فبالنسبة للطلب الأصلي فإن شرط التحكيم جائز بالتطبيق للمادة 501 من قانون المرافعات، والحكومة بشأنها في ذلك شأن الإقرار على ما جرى عليه العمل والتشريع، وكان يتعين على المحكمة أن تمتنع عن تفسير شرط التحكيم ذلك أن تفسير هذا الشرط هو تحري العاقدين من شرطهما وهو ما يخرج عن اختصاص المحكمة.
1 - إن شرط التحكيم يشتمل جميع المنازعات سواء تعلقت بتفسير العقد أو بتكييفه طبقاً للمادة 148 من القانون المدني، والمادة (150) من ذات القانون، وبالنسبة للطلب الاحتياطي فقد خالف الحكم المادة (668) من القانون المدني التي عرضت عقد التزام المرافق العامة فإنه ذو صفة اقتصادية ولم يفطن الحكم المطعون فيه إلى أن ما عهدت الحكومة بإدارته واحتكاره إلى الشركة الطاعنة هو في حقيقة الأمر كازينوهات لعب قمار ويدل على ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 187 سنة 1955 الخاص بقبول التنازل الصادر من الشركة المصرية للأراضي والمباني إلى بعض مؤسسي الشركة الطاعنة وما ورد في المذكرة المقدمة لمجلس الوزراء في أكتوبر سنة 1954، فضلاً عن أن العقد لم يشتمل على قوائم أسعار أو غير ذلك مما يتميز به التزامات المرافق العامة.
2 - كما خالف الحكم القانون رقم 156 سنة 1953 المعدل بالقانون رقم 475 سنة 1954 الخاص باستثمار رؤوس الأموال الأجنبية إذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى أن تعاقد الطاعنة مع الإدارة نص فيه على خضوع رأس مالها لأحكام ذلك القانون الذي تضع المادتان الأولى والثانية منه بربح رأس المال نظاماً خاصاً يخالف النظام المنصوص عليه في القانون رقم 129 سنة 1947 الخاص بالتزام المرافق العامة.
3 - إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أسباب متهافتة لأنه لم يفصل طبيعة المرفق العام الموضوع وذلك مسلك التجهيل - وأنكر على الشركة الطاعنة حقها في ابتعاد دفاعها بعد أن تعنت عن ذلك السبب اتصال المفاوضات الخاصة بتسوية مركزها مع الحكومة ودياً وبعد أن طلبت إعادة القضية للمرافعة لإفساح المجال لهذه التسوية.
ومن حيث إن الحاضر عن الشركة الطاعنة قدم صورة من محضر اجتماع الجمعية العمومية الغير عادية لمساهمي شركة المنتزه والمقطم في 22 مارس سنة 1986 وقد تضمنت أن 86% من مجموعة الأسهم وافقت على تصفية الشركة لانتهاء أجلها وبتعيين الأستاذ مصطفى عزيز عبد الغني مصفياً لها وله كافة الاختصاصات في تمثيل الشركة أمام كل الجهات والمحاكم - كما قدم توكيلاً خاصاً في 30/ 12/ 1989 رقم 944195 مصدق عليه بهذا التصديق رقم 3938 سنة 1989 بتوكيل المصفي السابق ذكره الأستاذ مصطفى عبد الغني للسيدين الأستاذين سعد عوف وعلاء الدين نور الدين في الدعوى رقم 397 سنة 19 ق. عليا أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن البادي من الوقائع متقدمة الإشارة أن الشركة الطاعنة طلبت اللجوء إلى التحكيم بسبب إذاعة وزير الشئون البلدية والقروية في 28/ 3/ 1959 بياناً أدرج فيه الشركة الطاعنة في عداد شركات المرافق العامة، وقد أعلنها سكرتير عام وزارة الشئون البلدية والقروية في 21/ 3/ 1959 بصورة من القرار الجمهوري رقم 258 سنة 1959 الذي أدرج اسم الشركة بين شركات القطاع العام.
ومن حيث إن البند الخامس من العقد المبرم بين الشركة الطاعنة وجهة الإدارة ينص على أن "كل خلاف بين الطرفين على تفسير أو تنفيذ الأحكام التي تضمنها هذا الاتفاق وعقد 9 من نوفمبر وشروط قبول الوزارة للتنازل يفصل فيه عن طريق التحكيم وتؤلف هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء يختار كل من الطرفين عضواً منهم ويتولى هذان العضوان اختيار العضو الثالث، وتكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن فيها أمام المحاكم المصرية بالطرق التي رسمها القانون.
ومن حيث إن البادي من هذا النص أنه قصر اختصاص هيئة التحكيم المنصوص عليها فيه على تفسير وتنفيذ الأحكام التي يتضمنها الاتفاق المبرم بين الشركة الطاعنة وجهة الإدارة وكذا شروط قبول الوزارة للتنازل وذلك في حالة حدوث خلاف بين الطرفين.
ومن حيث إنه لا يمتد اختصاص هيئة التحكيم إلى تفسير نصوص القانون ذاته الصادر بالترخيص لوزير الشئون البلدية والقروية رقم 187 سنة 1955 في قبول التنازل الصادر من الشركة المصرية للأراضي والمباني إلى الكونيت ونيولورا توتينو والسيد انطونيو روما والكونت اوربانويا رولا والدكتور جربنو بلفي عن استغلال منطقة قصر المنتزه واستصلاح منطقة جبل المقطم وتعميرها، وفي التعاقد على هاتين المنطقتين مع المتنازل إليهم.
ومن حيث إنه يبين من هذا القانون أنه أشار في ديباجته إلى القانون رقم 129 سنة 1947 بالتزامات المرافق العامة مما يفهم منه أن القانون المذكور رقم 187 سنة 1955 قد حدد طبيعة الاتفاق فإنه يدخل في إطار التزامات المرافق العامة فضلاً عما ورد بالمذكرة الإيضاحية من أنه ونظراً إلى قبول الوزارة للتنازل عن استغلال منطقة قصره المنتزه واستصلاح منطقة جبل المقطم وتعميرها متضمن إنهاء التزام الشركة المصرية للأراضي والمباني فيما يتعلق بالمنطقتين موضوع التنازل ومنح هذا الالتزام إلى ملتزمين جدد هم المتنازل إليهم كما أن الاتفاق المرافق الذي سيبرم مع المتنازل إليهم يتضمن تعديلاً لشروط عقد 9 من نوفمبر سنة 1954 الذي أبرم مرفقاً للأحكام والشروط المرافقة للقانون رقم 565 سنة 1954 الصادر بالإذن للوزير في إبرامه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن طبيعة الاتفاق قد حددت سلفاً في القانون رقم 187 سنة 1955 ولا يملك المتعاقدان الخروج على أحكامه في هذا الشأن، من ثم فإنه يتعين فهم عبارة تفسير الاتفاق أو شروط التنازل كما لا يشمل تحديد طبيعته أي تكييفه وما ينتج عن هذا التكييف من آثار قانونية، وبالترتيب على ما تقدم فإن الطلب الأصلي للشركة الطاعنة يكون في غير محله ويتعين رفضه لمخالفته القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للطلب الاحتياطي والخاص باعتبار الشركة ليست من شركات المرافق العامة واعتبار القرار رقم 258 سنة 1959 غير نافذ ومعدوم الأثر في حقها في حدود ما نص عليه من إدراجها بين شركات المرافق العامة، فإن التزام المرافق العامة ليس إلا عقداً إدارياً يتعهد فيه أحد الأفراد أو الشركات بمقتضاه القيام على نفقته وتحت مسئوليته المالية بتكليف من الدولة أو إحدى وحداتها الإدارية، وطبقاً للشروط التي توضع له، بأداء خدمة عامة للجمهور، وذلك مقابل التصريح له باستغلال المشروع لمدة محددة من الزمن واستيلائه على الأرباح فالالتزام عقد إداري ذو طبيعة خاصة وموضوعه إدارة مرفق عام ولمدة محدودة ويتحمل الملتزم بنفقات المشروع وأخطاره المالية ويتقاضى عوضاً كحصيلة من المنتفعين.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على المنازعة الراهنة، فإن البادي من الاطلاع على العقد المبرم في 9 نوفمبر سنة 1954 وعلى التنازل الصادر للشركة الطاعنة أن جهة الإدارة منحت الشركة الطاعنة حق استغلال منطقة المنتزه لاستعمالها كمركز سياحي ممتاز لمدة خمسة وعشرين عاماً يبدأ من تاريخ التوقيع على العقد وتلتزم الشركة مقابل منحها حق استغلال المنطقة بأداء مبلغ 54 ألف جنيه إلى الوزارة وتتولى الشركة صيانة الحدائق والمنتزهات والغابات والطرق مقابل سبعة آلاف جنيه، ومن ثم فإنه من أن العقد قد اتصل بمرفقين عامين هما مرفق الإنشاء والتعمير ومرفق السياحة كما نص على سبيل المثال - في البند (4) على أن من حق الشركة تحديد وتحصيل مقابل دخول مختلف المرافق بالمنطقة بما في ذلك المتحف الذي يطل إدارته تحت إشراف الحكومة ما عدا يومي الجمعة والأحد فللوزارة الحق في تحديد مقابل دخول الحديقة خلال هذين اليومين فقط، وبالنسبة لمنطقة المقطم فقد تضمن العقد مثلاً أن تقوم الشركة باستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم لمدة ثلاثين عاماً وبتعديلها وجعلها منطقة سكنية وتزويدها بمياه الشرب وتتولى إلى نهاية العقد توزيع المياه والتيار الكهربائي داخل تلك المنطقة وذلك طبقاً للشروط وقوائم الأسعار التي يتفق عليها ومصدرها باعتبارها قرار وزاري إلى غير ذلك من الشروط التي يتضح منها أن العقد المبرم بين الشركة الطاعنة والجهة الإدارية قد اتصل بمرفق عام وأعطيت الشركة حق إدارته واستغلاله لقاء ميزات معينة تحت إشراف الإدارة، هذا بالإضافة إلى ما سبق إيراده من الإشارة في القانون الصادر بالترخيص للشركة الطاعنة إلى قانون التزام المرافق العامة رقم 127 سنة 1947 إنما يقطع بأن الشركة الطاعنة من شركات المرافق العامة ويكون القرار رقم 258 سنة 1959 بإدراجها بين تلك الشركات سليماً في القانون.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن الطلب الاحتياطي يكون بدوره غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات الخاصة بالحكم المطعون فيه أن المحكمة استجابت لطلب الشركة الطاعنة بتأجيل الدعوى لتقديم المستندات التي طلبتها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى هذه النتيجة يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون الطعن عليه في غير محله مما يتعين رفضه مع إلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات طبقاً لنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.


[(1)] راجع الطعن رقم 3049 لسنة 32 من المحكوم فيه بذات الجلسة.