مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 1143

(100)
جلسة 20 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد السيد يوسف والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد - المستشارين.

الطعن رقم 3049 لسنة 32 القضائية

طبيعة عقد الالتزام.
يتعين تفسير شرط التحكيم في عقد الالتزام بما لا يتعارض مع اختصاص مجلس الدولة في هذا الشأن - أساس ذلك - أن اختصاص المجلس ورد في قانون موضوعي بينما منح التزام المرافق العامة من الأعمال الإدارية التي تقوم بها السلطة التشريعية كنوع من الوصاية على السلطة التنفيذية وهذه الأعمال ليست قوانين من حيث الموضوع وإن كانت تأخذ شكل القانون لأن العرف جرى على أن السلطة التشريعية تفصح عن إرادتها في شكل قانون - مؤدى ذلك: أنه لا يجوز أن يخالف هذا العمل الإداري أحكام القانون لأنه وإن كانت السلطة التي تصدرهما واحدة فإن القاعدة المقررة في القانون العام أن السلطة التي تضع قاعدة عامة لا تملك مخالفتها بأعمال فردية وإن كانت تملك تعديلها بقاعدة عامة أخرى - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 17/ 7/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن بجدولها تحت رقم 3049 لسنة 32 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود الإدارية والتعويضات بجلسة 18/ 5/ 1986 في الدعوى رقم 476 لسنة 39 ق المقامة من المطعون ضده ضد الطاعن وآخرين وذلك فيما قضى به من قبول تدخل المدعى عليه الرابع خصماً منضماً للمدعى عليهم، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه الأول بصفته بتعيين محكم عنه في هيئة التحكيم المنصوص عليها في البند خامساً من اتفاق 14 من إبريل سنة 1955 المشار إليه بالأسباب وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات، وأعلن الطعن إلى المطعون ضدها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة..... إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة..... وفيها وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص كما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 28/ 10/ 1984 أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 476 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة العقود الإدارية والتعويضات ضد:
1 - وزير الإسكان والمرافق.
2 - محافظ القاهرة.
3 - رئيس مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا للسياسات - طالبة الحكم بصفة أصلية:
1 - وقف تنفيذ قرار المدعى عليهم السلبي بالامتناع عن إحالة النزاع بينهم وبين الشركة المدعية إلى هيئة التحكيم طبقاً للبند الخامس من الاتفاق المبرم في 14 من إبريل سنة 1955 وتعيين محكم يمثل الحكومة في هيئة التحكيم من مستشاري مجلس الدولة أو غيرهم.
2 - وبصفة عاجلة وقف تنفيذ قرار وزارة الإسكان بإنهاء مدة امتياز مرفق استصلاح وتعمير منطقة المقطم في 8/ 11/ 1984 وما يترتب على ذلك من التصريح للشركة المدعية بالاستمرار في إدارة المرفق بالشروط الواردة في عقد 9 من نوفمبر سنة 1954 واتفاق 14 من إبريل سنة 1955 حتى تفصل هيئة التحكيم في النزاع حول مدى أحقية الشركة في استكمال مدة الامتياز.
3 - وفي الموضوع بإلغاء القرارين السابقين.
4 - إلزام المدعى عليهم المصروفات مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
واحتياطياً - أولاً: وبصفة عاجلة وقف تنفيذ قرار وزارة الإسكان بانتهاء مدة الامتياز بمرفق استصلاح وتعمير المقطم في 8/ 11/ 1984 وما يترتب على ذلك من التصريح للشركة المدعية بالاستمرار في إدارة المرفق بالشروط الواردة في عقد 9 نوفمبر واتفاق 14 إبريل سنة 1955، ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار السالف الذكر وباستحقاق الشركة المدعية لمدة أربعة عشر عاماً لتستكمل بها مدة الامتياز المحددة بعقد امتياز استصلاح وتعمير منطقة المقطم المؤرخ 9 نوفمبر سنة 1954 المعدل باتفاق 14 إبريل سنة 1955. حيث تنتهي مدة الامتياز في 8 نوفمبر سنة 1998 وهي مدة مساوية للمدة التي توقفت فيها الشركة عن العمل في المنطقة المذكورة للأسباب الموضحة بالعريضة. ثالثاً: استحقاق الشركة المدعية الحصول على قطعة أرض أو قطع أراضي في منطقة المقطم وضمها إلى منطقة الامتياز بدل الأراضي التي وضع الجيش والإذاعة اليد عليها من أراضي منطقة الامتياز والبالغة مساحتها 14 مليون متر مربع مع حفظ حق الشركة في المطالبة بالتعويضات المترتبة على حرمانها من استغلال الأراضي المذكورة وتلك المترتبة على الفروق في المواصفات إن وجدت بين الأراضي المستولى عليها والأراضي البديلة. رابعاً: إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة مع حفظ الحقوق الأخرى للشركة المدعية وقالت الشركة المدعية شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1954 صدر القانون رقم 565 سنة 1954 بتخويل وزير الشئون البلدية والقروية سلطة التعاقد نيابة عن الحكومة مع الشركة المصرية للأراضي والمباني بشأن استغلال منطقة قصر المنتزه واستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم وذلك طبقاً لنصوص عقد امتياز المرفق بهذا القانون وتم التوقيع عليه من قبل الحكومة والشركة المذكورة في 9/ 11/ 1954 ونص البند الأول من العقد على أن مدة الاستغلال خمسة وعشرون عاماً تبدأ من تاريخ العقد، وفي البند الثالث والثلاثين على أن المدة المحددة لاستصلاح وتعمير منطقة المقطم هي ثلاثون عاماً - وبعد تنازل أبرم في 6/ 12/ 1954 تنازلت الشركة المذكورة عن عقد الامتياز بشقيه إلى فريق من الخبراء الايطاليين واعتمدت الحكومة التنازل بالقانون رقم 187 لسنة 1955، وأبرمت الحكومة نفاذاً لهذا القانون مع ذلك الفريق اتفاقاً بتاريخ 14 من إبريل سنة 1955 عدلت بمقتضاه بعض شروط عقد الامتياز وكان من بين هذه التعديلات ما ورد بالبند خامساً من هذا الاتفاق من أن كل خلاف بين الطرفين على تفسير أو تنفيذ الأحكام التي تضمنها الاتفاق وعقد 9 نوفمبر سنة 1954 وشروط قبول التنازل يفصل فيه عن طريق التحكيم وتؤلف هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء يختار كل من الطرفين عضواً عنهم ويتولى هذان العضوان اختيار العضو الثالث وتكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن فيها أمام المحاكم المصرية بالطرق التي رسمها القانون وبعد ذلك آل الامتياز بشقيه إلى الشركة المدعية التي أسست لهذا الغرض تنفيذاً لنصوص وردت في عقد الحوالة سالف الذكر واعتمدت بمقتضى صيغة التنازل المصاحبة للقانون رقم 187 لسنة 1955 المشار إليه، وقد انتهت مدة الامتياز في شقه الخاص باستغلال منطقة قصر المنتزه وسلمت المنطقة للحكومة في حينه أما بالنسبة للشق الخاص باستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم، فقد صادفت الشركة عدة عوائق ومشاكل وظروف غير متوقعة أدت إلى توقفها عن العمل مدداً طويلة أثناء وفيما بين السنوات 1956، 1967، 1973 نتيجة للقيود التي فرضتها الدولة على المنطقة بسبب الحروب بالإضافة إلى حرمان الشركة من استغلال ما يقرب من أربعة عشر مليون متر مربع من أجود أراضي المنطقة التي يضع الجيش اليد على شق منها لأغراض عسكرية ووضعت هيئة الإذاعة المصرية يدها على الشق الآخر، وأقامت عليها مرسلات لها ولم يزل هذا الوضع قائماً حتى الآن، وأضافت الشركة قولها إنه في عام 1974 في ظل سياسة الانفتاح آلت أسهمها إلى شركاء جدد من المصريين والعرب وصدرت لها عدة وعود شفوية من السيد/ رئيس الجمهورية السابق وعشرة من كبار المسئولين عن مدة الامتياز ومنح الشركة أرضاً بديلة عن المستولى عليها وتعويضاً عن خسائرها فضاعفت الشركة من نشاطها وقامت بعدة إنجازات كبيرة، وأشارت إلى أن الدراسات التي قامت بها بعض اللجان التي شكلت بوزارة الإسكان خصيصاً لدراسة أوضاع الشركة انتهت في تقرير أعد خلال عام 1983 واعتمده الوزير السابق إلى تأكيد صحة الوقائع الخاصة بتوقف الشركة نتيجة الظروف المذكورة واستيلاء الجيش والإذاعة على ذلك الشق من أراضي منطقة الامتياز وإلى اقتراح منح الشركة مدة استكمالية وأرضاً بديلة، وعلى الرغم من ذلك لم تتخذ الحكومة أي إجراء إيجابي في هذا الخصوص مما أدى بالشركة إلى المطالبة بمنحها أربعة عشر عاماً لتستكمل بها مدة الامتياز بدلاً من المدد التي تعطلت خلالها عن العمل وتعويضها بأراض جديدة بدلاً من تلك المستولى عليها وإصدار القرار اللازم حيال هذه الطلبات أو اعتماد إحالته إلى هيئة التحكيم المنصوص عليها في البند "خامسا". وقد تضمنت هذه المطالبة مذكرة مكتوبة مؤرخة في 16/ 4/ 1984 إلى السيد وزير الإسكان في 6/ 5/ 1984 غير أن الشركة تلقت كتاب الوزارة رقم 453 المؤرخ 13/ 7/ 1984 متضمناً عدم الموافقة على وجهة نظرها في خصوص امتداد عقد الامتياز ومتجاهلاً طلب إحالة النزاع إلى هيئة التحكيم مما اضطرها إلى توجيه إنذار إلى المدعى عليهم في 21/ 10/ 1984 تضمن أنها حددت محكمها وهو الأستاذ إبراهيم نور الدين خليل المستشار السابق وطلبت إلى الحكومة تعيين محكم في هيئة التحكيم حتى تمارس الهيئة اختصاصها في الفصل في النزاع القائم بين الطرفين وأن تمتنع الحكومة عن التعرض للشركة في استمرارها في إدارة منطقة المقطم إلى أن تبت هيئة التحكيم في النزاع، وأن العقد مثار المنازعة في شقه الخاص بمنطقة المقطم هو من النوع الثاني وليس الأول وأن الوزارة خلطت بين مد مدة الامتياز وبين استكمال مدته وأن طلب الشركة هو البديل للاستكمال حتى تكون مدة الثلاثين عاماً مدة فعلية بعد استبعاد مدة الأربعة عشر عاماً التي توقف فيها العمل من مدة العقد وبجلسة 30/ 6/ 1985 طلبت شركة النصر للإسكان والتعمير وصيانة المباني تدخلها خصماً منضماً للمدعى عليهم وقدمت مذكرة التمست فيها قبول تدخلها خصماً منضماً إلى المدعى عليهم ورفض طلبات الشركة المدعية الأصلية والاحتياطية مع إلزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبجلسة 19/ 11/ 1986 تقدمت الشركة المدعية بمذكرة تنازلت فيها عن طلب وقف تنفيذ قرار إنهاء مدة الامتياز وإلغاء هذا القرار مع حفظ حقها في التعويض وفي إضافة المدة من 8/ 11/ 1984 إلى أن تفصل هيئة التحكيم في النزاع إلى المدة الاستكمالية التي تستكمل بها مدة الثلاثين عاماً وخلصت الشركة إلى طلب الحكم بإلغاء قرار المدعى عليهم السلبي بالامتناع عن إحالة النزاع إلى هيئة التحكيم، وبإلزام جهة الإدارة بتعيين محكم عنها في هيئة التحكيم خلال عشرة أيام من تاريخ النطق بالحكم وإلا وقعت عليها غرامة لصالح الشركة المدعية بواقع ألف جنيه يومياً، وبجلسة 16/ 3/ 1986 قرر الحاضر عن الشركة المدعية في مواجهة الحاضر عن الحكومة أن الطلبات النهائية في الدعوى هي إلزام وزارة الإسكان بتعيين محكم عنها لفض الخلافات القائمة بين الشركة المدعية والحكومة طبقاً لأحكام العقود، وبجلسة 18/ 5/ 1986 حكمت المحكمة بقبول تدخل المدعى عليه الرابع خصماً منضماً للمدعى عليهم، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه الأول بصفته بتعيين محكم عنه في هيئة التحكيم المنصوص عليها في البند خامساً من اتفاق 14 من إبريل سنة 1955 وألزمته المصروفات وذلك تأسيساً على صراحة نص البند خامساً وإعمالاً لما ارتضاه طرفا التعاقد والمنصب عليه إرادتهما.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أسباب محصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون إذ يخرج طلب الشركة مد مدة العقد 14 عاماً عن نطاق التفسير وباعتبار أن اللجوء إلى التحكيم طريق استثنائي لا يتوسع فيه، وأن إنهاء العقد يصادف صحيح القانون حيث لم تقم الشركة بالتعمير وظلت متقاعسة عن القيام بما هو مطلوب منها زهاء المدة التي تطالب بمد العقد إليها وأن جهة الإدارة استعملت حقها المنصوص عليه في العقد.
ومن حيث إن اتفاق 14 من إبريل سنة 1955 الملحق يعتبر استغلال منطقة قصر المنتزه واستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم المبرم في 9 من نوفمبر سنة 1954 صدر في ظل أحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن مجلس الدولة والساري اعتباراً من 29/ 3/ 1955 وقد نصت المادة العاشرة فيه على أن "يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في المنازعات الخاصة بعقود الالتزام والأشغال العامة والتوريد أو بأي عقد إداري آخر، ومن ثم فإنه يتعين تفسير نص البند الخامس من الاتفاق المشار إليه بما لا يتعارض مع أحكام المادة (10) سالفة الذكر خاصة وأن القانون رقم 187 لسنة 1955 الصادر بالترخيص لوزير الشئون البلدية والقروية بالتعاقد مع الشركة المدعية وهو يخرج عن نطاق التفسير القاصر على الاتفاق والتنازل أشار في ديباجته صراحة إلى أحكام القانون رقم 129 لسنة 1947 بالتزام المرافق العامة كما أورد في مذكرته الإيضاحية أن قبول الوزارة للتنازل عن استغلال منطقة قصر المنتزه واستصلاح منطقة جبل المقطم وتعميرها يتضمن إنهاء التزام الشركة المصرية للأراضي والمباني فيما يتعلق بالمنطقتين موضوع التنازل ومنح هذا الالتزام إلى ملتزمين جدد هم المتنازل إليهم مما يفيد أن إرادة المشرع انتهت صراحة إلى اعتبار هذا العقد من عقود التزام المرافق العامة وهي عقود إدارية باستمرار.
ومن حيث إن القاعدة أن المشرع منزه عن السهو والخطأ فإنه ينبغي تفسير البند الخامس من الاتفاق المشار إليه بما لا يهدم خصائص العقد الإداري ولا بما يزيل اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بذلك العقد، إذ أن اختصاص المجلس ورد في قانون موضوعي أي كقاعدة عامة، بينما أن منح التزام المرافق العامة فهو من الأعمال الإدارية التي تقوم بها السلطة التشريعية كنوع من الوصاية على السلطة التنفيذية وهذه الأعمال ليست قوانين من حيث الموضوع، وإن كانت تأخذ شكل القانون لأن العرف جرى على أن السلطة التشريعية تفصح عن إرادتها في شكل قانون، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز أن يخالف هذا العمل الإداري أحكام القانون، وإن كانت السلطة التي تصدرها واحدة إذ من القواعد المقررة في القانون العام أن السلطة التي تضع قاعدة عامة لا تملك مخالفتها بأعمال فردية، وإن كانت تملك تعديلها كقاعدة عامة أخرى.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن البند الخامس المشار إليه لا يتناول المنازعة الراهنة إذ أنها تتعلق بحق جهة الإدارة في إنهاء التعاقد للصالح العام بإرادتها المنفردة ويتصل أيضاً اتصالاً وثيقاً بسير المرفق العام وهي بحكمها امتيازات تملكها الإدارة ولا يسوغ للمتعاقد معها أن يشاركها فيها وكل ما له طلب التعويض إن كان لذلك وجه، ومن جهة أخرى فإن منح الشركة المطعون ضدها هذا الامتياز أو الذي تم إبرامه بمقتضى قانون أذن للوزير المختص في إبرامه، لا يسوغ بعد أن انقضت مدة التعاقد أن تضاف إليه مدة أخرى لم يصرح بها القانون بحجة استكمال ما أوقف منها، وأن يتم ذلك بقرار من هيئة التحكيم وإنما السبيل إلى ذلك صدور قانون جديد، إن كان لذلك مقتض، بإضافة تلك المدة والتي تبلغ على حد قول الشركة المطعون ضدها أربعة عشر عاماً، إذ تنص المادة 501 من قانون المرافعات - مع القول جدلاً بتطبيقها في مجال العقود الإدارية في فقرتها الأخيرة على أنه لا يصح التحكيم إلا لمن له التصرف في حقوقه، ولا يملك الوزير أن يمد أجل عقد أبرم بناء على قانون خاص إلا بعد استصدار قانون آخر يجيز له ذلك أياً كانت مسميات المدة المضافة سواء كانت استكمالاً أم مداً لمدة العقد طالما أن أجله قد انقضى طبقاً للقانون الصادر بالترخيص به، فذلك مقتضى وصاية السلطة التشريعية في هذه الحالة والتي تستلزم تقدير ما إذا كانت هناك دواع لمدة أخرى أم غير ذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ تطبيق القانون متعين الإلغاء مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات.


[(1)] راجع الطعن رقم 397 لسنة 19 بذات الجلسة.