أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 635

جلسة 18 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعبد الملك نصار.

(107)
الطعن رقم 167 لسنة 57 القضائية

(1) تعويض. كفالة. مسئولية "مسئولية المتبوع".
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون.
(2) دعوى "الدعوى المباشرة". تأمين. تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية".
للمضرور من حادث سيارة مؤمن عليها دعوى مباشرة قبل شركة التأمين طالما ثبتت مسئولية قائدها عن الضرر. ق 265 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري عن حوادث السيارات.
(3) التزام "أوصاف الالتزام: التضامم" تعويض. مسئولية.
جواز رجوع المضرور على المتبوع وشركة التأمين لاقتضاء التعويض. اختلاف مصدر إلزام كل منهما به. مؤداه. التزامهما بالتضامم في تعويض الضرر. أثره. توقف رجوع الموفى على الآخر على ما بينهما من علاقة.
1 - النص في المادة 174 من القانون المدني على أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها قد دل على أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة مسئولية تبعية مقررة لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمضرور من الحادث الذي يقع من سيارة مؤمن عليها تأميناً إجبارياً أن يرجع طبقاً لأحكام القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على شركة التأمين بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الحادث مستمداً حقه في ذلك من القانون مباشرة طالما ثبتت مسئولية قائدها عن الضرر.
3 - إن القانون قد أجاز للمضرور - أو ورثته - الرجوع على المتبوع لاقتضاء التعويض منه باعتباره مسئولاً عن أعمال تابعه غير المشروعة طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية وأجاز له في ذات الوقت الرجوع مباشرة على شركة التأمين لاقتضاء هذا التعويض منها باعتبار أن السيارة مرتكبة الحادث مؤمن عليها لديها وثبتت مسئولية قائدها عن الضرر وبذلك يصبح للمضرور مدينين بالتعويض المستحق له وكلاهما مدين بدين واحد له مصدران مختلفان ومن ثم تتضامم ذمتهما في هذا الدين دون أن تتضامن إذا الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر وأن كلاً منهما ملزم في مواجهة المضرور بالدين كاملاً غير منقسم وللدائن أن يوجه مطالبته إلى من يختاره منهما على انفراد أو إليهما مجتمعين وإذ استوفى دينه من أحدهما برئت ذمة الآخر، وإذا لم يستوف حقه كاملاً من أحدهما رجع بالباقي على المدين الآخر ويتوقف رجوع من يوفى منهما بكامل الدين أو بعضه على الآخر على ما قد يكون بينهما من علاقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولى والثاني أقاما الدعوى رقم 3557 سنة 1981 مدني شبين الكوم الابتدائية على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا لهما 20000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما وقالا بياناً لذلك إن المطعون ضده الأخير - تابع الشركة الطاعنة - تسبب خطأ في موت مورثهما أثناء قيادته للسيارة المملوكة لها والمؤمن عليها لدى الشركة المطعون ضدها الثالثة وكان ذلك أثناء وبسبب تأدية وظيفته، وقد قضى بحكم بات بتغريمه 100 جنيه وبإلزامه بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، ومن ثم فقد أقاما الدعوى. بتاريخ 18/ 4/ 1982 قضت المحكمة بإلزام الطاعنة والمطعون ضده الأخير بالتضامن وبالتضامم مع المطعون ضدها الثالثة بأن يؤدوا للمطعون ضدهما الأولى والثاني 5000 جنيه استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم" بالاستئناف رقم 322 سنة 15 ق كما استأنفته المطعون ضدها الثالثة لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 322 سنة 15 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 16/ 11/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن القانون رقم 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات خول المضرور من الحادث الذي يقع من سيارة مؤمن عليها تأميناً إجبارياً أن يرجع على شركة التأمين بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الحادث مستمداً حقه من ذلك من القانون مباشرة طالما ثبتت مسئولية قائد السيارة عن الضرر، حتى ولو لم يكن للمؤمن له أو انتفت مسئولية هذا الأخير ومن ثم فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يلزم شركة التأمين وحدها بالتعويض وأن يرفض الدعوى بالنسبة لها أو على الأقل إخراجها من الدعوى بلا مصاريف، كما أن الحكم إذ ألزمها بأداء التعويض بالتضامم مع شركة التأمين يكون قد أضر بها ضرراً جسيماً إذ يجوز للمضرور طبقاً للقواعد العامة أن ينفذ عليها لاقتضاء دين التعويض ويكون لها في ذات الوقت الحق في الرجوع على شركة التأمين لاستيفائه منها فيكون قد أعمل أحكام التضامم في غير محلها وأطال بذلك أمد التقاضي بدون سند من القانون وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 174 من القانون - المدني على أن "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها" قد دل على أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة مسئولية تبعية مقررة لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد كما وأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمضرور من الحادث الذي يقع من سيارة مؤمن عليها تأميناً إجبارياً أن يرجع - طبقاً لأحكام القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على شركة التأمين بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الحادث مستمداً حقه في ذلك من القانون مباشرة طالما ثبتت مسئولية قائدها عن الضرر، فإن مفاد ذلك أن القانون قد أجاز للمضرور - أو ورثته - الرجوع على المتبرع لاقتضاء التعويض منه باعتباره مسئولاً عن أعمال تابعه غير المشروعة طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية، وأجاز له في ذات الوقت الرجوع مباشرة على شركة التأمين لاقتضاء هذا التعويض منها باعتبار أن السيارة مرتكبة الحادث مؤمن عليها لديها وثبتت مسئولية قائدها عن الضرر على النحو السالف بيانه، وبذلك يصبح للمضرور مدينين بالتعويض المستحق له وكلاهما مدين بدين واحد له مصدران مختلفان ومن ثم تتضامم ذمتهما في هذا الدين دون أن تتضامن إذ الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر وأن كلاً منهما ملزم في مواجهة المضرور بالدين كاملاً غير منقسم وللدائن أن يوجه مطالبته إلى من يختاره منهما على انفراد أو إليهما مجتمعين وإذا استوفى دينه من أحدهما برئت ذمة الآخر، وإذ لم يستوف حقه كاملاً من أحدهما رجع بالباقي على المدين الآخر ويتوقف رجوع من يوفى منهما بكامل الدين أو بعضه على الآخر على ما قد يكون بينهما من علاقة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف الذي ألزم الشركة الطاعنة بأداء التعويض إلى المطعون ضدهما الأول والثاني باعتبارها مسئولة عن أعمال تابعها - المطعون ضده الرابع - الذي تسبب في الحادث بعمله غير المشروع وذلك بالتضامم مع شركة التأمين المطعون ضدها الثالثة الملزمة أيضاً بالتعويض وفقاً لقانون التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.