مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 1242

(110)
جلسة 27 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد مينا حنا وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وعطية الله رسلان أحمد - المستشارين.

الطعن رقم 1205 لسنة 33 القضائية

إصلاح زراعي - التصرف في الأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي (لائحة المناقصات والمزايدات) المشرع نظم أسلوب التصرف بالمزاد العلني في الحدائق المملوكة للإصلاح الزراعي - يخضع التصرف لقواعد خاصة نظمها قرار وزير الزراعة رقم 59 لسنة 1969 - لا يخضع للقواعد العامة الواردة بلائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 أو ما لحقها من تعديلات إلا في الحدود المنصوص عليها بقرار وزير الزراعة - قرار لجنة المزاد برسو المزاد على أعلى عطاء لا يكون نهائياً إلا بعد اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 2 من مارس سنة 1987 أودع الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل المحامي تقرير الطعن بقلم كتاب المحكمة بصفته وكيلاً عن السيد/ منصور قرشي في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 16/ 1/ 1987 في الدعوى رقم 943 لسنة 39 ق المقامة من الطاعن ضد وزير الزراعة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والذي قضى:
أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الزراعة والأمن الغذائي.
ثانياً: بعدم قبول طلب التدخل المقدم من السيد/ يحيى عثمان كيلاني لإبدائه بغير الطريق الذي رسمه القانون وإلزامه مصروفات طلبه.
ثالثاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن في تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعدم ترسية مزاد بيع الحديقة محل الدعوى على الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها تسليم الحديقة إليه مع إلزام الهيئة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بتاريخ 9/ 3/ 1987 وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات. ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 6/ 12/ 1989 إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - وحددت لنظره أمامها جلسة 10/ 1/ 1990 وبهذه الجلسة سمعت المحكمة لملاحظات ذوي الشأن وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ منصور أحمد قرشي صاحب مؤسسة قرشي للتجارة والتصدير أقام الدعوى رقم 943 لسنة 39 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 22/ 11/ 1984 ضد: (1) وزير الزراعة بصفته (2) رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، طلب فيها الحكم أولاً: بوقف تنفيذ القرار الذي أصدرته الهيئة بإعادة طرح الحديقة المسماة بحديقة أحمد حقي أبو جبل بناحية نزلة مصطفى محافظة أسيوط البالغة مساحتها ثلاثة أفدنة - للتزايد للمرة الرابعة بجلسة 15/ 12/ 1984.
ثانياً: بإلغاء القرار السلبي المتضمن الامتناع عن إرساء مزاد بيع الحديقة على المدعي باعتباره صاحب الحق الوحيد في ذلك لأنه تقدم بأعلى سعر بجلسة 7/ 1/ 1984 وكف الحاضرون عن التزايد مع أحقيته في إرساء مزاد بيع هذه الحديقة عليه وما يترتب على ذلك من آثار، وأسس دعواه على أن الهيئة أعلنت عن بيع حدائق مملوكة لها ومن بينها الحديقة محل النزاع وقد تحدد لهذا البيع بالمزاد جلسة 7/ 1/ 1984 وحضر الطاعن هذه الجلسة ودفع التأمين الابتدائي وفقاً لشروط الإعلان عن هذه الحديقة التي قدر لها سعر أساسي قدره 24834 جنيهاً وتم التزايد وكان أعلى سعر هو المقدم من الطاعن وقدره 53200 جنيهاً وقام بأداء قيمة التأمين النهائي نقداً وقيمته 20% من قيمة الحديقة. وقد أعيد طرح الحديقة للمزاد بجلسة 4/ 2/ 1984 بالمخالفة للقانون والبند الثاني من شروط الإعلان لأنه لم يتقدم أحد من الغير بزيادة العشر خلال أسبوع من تاريخ جلسة المزاد وفي هذه الجلسة تقدم الطاعن للمزاد ولم يتقدم أحد غيره وأرسل اعتراضاً لرئيس هيئة الإصلاح الزراعي على إعادة طرح الحديقة للمزايدة لأنه منذ الجلسة الأولى في 7/ 1/ 1984 كان الطاعن صاحب العطاء الأعلى سعراً ولم يتقدم غيره بزيادة العشر وبدلاً من إرساء المزاد على الطاعن أخطرته الهيئة بتاريخ 1/ 11/ 1984 بإعادة فتح مزاد الحديقة ذاتها بجلسة 15/ 12/ 1984. ولما كانت إعادة طرح الحديقة للمزاد فيه مخالفة للقانون ويلحق بالطاعن أضراراً بالغة يتعذر تداركها فإنه يطلب الحكم له بطلباته، ونظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وقدم كل من طرفي النزاع مستنداته ومذكراته وبجلسة 9/ 12/ 1984 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها في شقيها العاجل والموضوعي وأثناء تحضير الدعوى وبجلسة 7/ 1/ 1985 تدخل السيد يحيى عثمان كيلاني تدخلاً اختصامياً في مواجهة طرفي الدعوى وذلك أمام السيد/ مفوض الدولة وطلب بملكيته للثلاثة أفدنة من الحديقة محل الدعوى بمقولة إنه يضع اليد عليها منذ ثلاثين عاماً. كما دفع الحاضر عن الهيئة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الزراعة وبعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد وفي الموضوع برفضها. وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرها في الدعوى. ونظرت المحكمة الدعوى على النحو المفصل بالمحاضر وبجلسة 20/ 4/ 1986 قرر الحاضر عن المدعي أنه حضر جلستي المزاد في 4/ 2/ 1984 و 18/ 2/ 1984 وأن الهيئة المدعى عليها قررت تأجيل المزاد لأجل غير مسمى وطلب أجلاً لتعديل طلباته. وبموجب عريضة معلنة في 16/ 6/ 1986 عدل المدعي طلباته في الدعوى إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليها بتسليمه الحديقة موضوع هذه الدعوى باعتبار ذلك من آثار عقد البيع الذي اكتملت أركانه. وبجلسة 11/ 1/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري:
أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الزراعة.
ثانياً: بعدم قبول طلب التدخل من السيد/ يحيى عثمان كيلاني لإبدائه بغير الطريق الذي رسمه القانون وإلزامه بمصروفات طلبه.
ثالثاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها في شقه الثالث القاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد - وهو موضوع الطعن الماثل - على أسباب محصلها أن المحكمة في نطاق ما تملكه من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم وإعطائها التكييف الصحيح فإنها ترى أن الدعوى - رغم تعديل المدعي لطلباته - لازالت تهدف في حقيقتها إلى الطعن على القرار الصادر من جهة الإدارة لعدم إرساء المزايدة عليه وطرحها من جديد بجلسة 15/ 12/ 1984 ومن ثم فإن الدفع المبدى من جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد يظل قائماً ويتعين بحثه في ضوء بيان طبيعة القرار محل الطعن وما إذا كان قراراً سلبياً بالامتناع أم قراراً إيجابياً يخضع الطعن عليه للقيود والضوابط المستقرة في الفقه والقضاء ولما كان المشرع قد نظم كيفية التصرف في حدائق الإصلاح الزراعي وأخضع هذا التصرف لقواعد خاصة تضمنها القرار الجمهوري رقم 46 لسنة 1969 وقرار وزير الزراعة رقم 59 لسنة 1969 على نحو مغاير لنصوص لائحة المناقصات والمزايدات ولا تنطبق هذه اللائحة إلا فيما لم يرد فيه نص في القرار المشار إليه. ومقتضى هذا التنظيم جعل القرار النهائي بإرساء المزاد لمجلس إدارة الهيئة باعتماد قرار لجنة المزاد وإلزام المتزايد الإبقاء على إيجابه بقبول الشراء بالسعر المقدم منه مهما تعددت الجلسات وأن الثابت من الأوراق أن المدعي وإن كان قد تقدم بأعلى سعر بجلسة 7/ 1/ 1984 إلا أن الهيئة لم تر إرساء المزاد عليه وأعادت طرح ذات الحديقة في المزاد بجلستين متتاليتين وقد ارتضى المدعي قرار الهيئة المذكور وحضر الجلستين المشار إليهما مما يقطع بأن قراراً إدارياً صريحاً قد صدر باستمرار المزايدة وعدم ترسيتها على المدعي وهذا القرار يعتبر من القرارات التي تصدرها الإدارة أثناء المراحل التمهيدية للتعاقد والتي استقر على تسميتها بالقرارات الإدارية المنفصلة وأنها قرارات إدارية نهائية شأنها في ذلك شأن أي قرار إداري نهائي وتطبق في شأنها كافة الأحكام الخاصة بالقرارات الإدارية النهائية ومنها جواز الطعن فيها بالإلغاء في المواعيد المقررة.
ولما كان الثابت من المستندات التي قدمها المدعي أنه حضر جلستي المزاد في 4/ 2/ 1984 و18/ 2/ 1984 ثم تظلم لرئيس مجلس إدارة الهيئة بتاريخ 19/ 2/ 1984 ولم يقم برفع دعواه إلا في 22/ 11/ 84 ومن ثم فإن دعواه تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الطعن على هذا الحكم يقوم على أنه قد صدر مخالفاً للقانون وأنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
(1) أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين اعتد بالقرار الوزاري رقم 59 لسنة 1965 بتنظيم بيع حدائق الإصلاح الزراعي والتي أعطت لمجلس الإدارة الحق في اعتماد رسو المزاد في حين أن هذا القرار يتعين ألا يخالف قانون المناقصات والمزايدات الذي يلزم الهيئة بقبول أعلى عطاء واعتبار العقد منعقداً مع صاحبه بقوة القانون.
(2) أن قانون المناقصات والمزايدات يحتم على جهة الإدارة في المادة 23 منه - أن تتخذ قراراً محدداً في المزايدة، هو صدور قرار بالتعاقد بالبيع مع مقدم أعلى سعر بشرط ألا يقل عن الثمن الأساسي فإذ امتنعت جهة الإدارة عن إصدار هذا القرار فإن هذا الامتناع يكون قراراً إدارياً سلبياً لا يتقيد الطعن فيه بميعاد معين ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر قد جاء مخالفاً للقانون.
(3) أن الحكم المطعون فيه قد أصابه التناقض في أسبابه.
(4) أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف طلبات الطعن إذ اعتبر طلب الحكم بتسليم الحديقة موضوع الدعوى تعديلاً لطلب إلغاء القرار السلبي المتضمن الامتناع عن إرساء مزاد بيع الحديقة في حين أنه هو الأثر القانوني المترتب على إلغاء القرار السلبي بعدم إرساء البيع عليه.
(5) أن الحكم المطعون فيه لم يعمل رقابته القانونية على الأسباب التي تذرعت بها جهة الإدارة لإرجاء المزايدة للتحقق من صحتها.
ومن حيث إن المادة التاسعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 قد تضمنت النص على توزيع الأراضي المستولى عليها على صغار الفلاحين في كل قرية وبينت شروط التوزيع ومقداره ونصت المادة العاشرة من القانون المشار إليه على أنه استثناء من حكم المادة السابقة تتولى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إدارة الأراضي المستولى عليها المخصصة للحدائق واستغلالها ويجوز للهيئة أن تتصرف في هذه الأراضي.. وفقاً للقواعد والشروط التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية ويسري هذا الحكم على أراضي الحدائق التي سلمت أو تسلم بناء على قانون إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لتوزيعها كما يسري على ما ترى الدولة إسناد إدارته أو استغلاله أو التصرف فيه إلى هذه الهيئة من أراضي الحدائق الداخلة في ملكيتها وعلى ما تنشئه الهيئة من الحدائق.
ونفاذاً لهذه النصوص صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1964 في شأن التصرف في حدائق الإصلاح الزراعي وبإلغاء القرار رقم 3193 لسنة 1967 بشأن التصرف في حدائق الإصلاح الزراعي وقضى في مادته الأولى على أنه يتم التصرف في أراضي الحدائق المستولى عليها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي التي لا تتجاوز مساحة كل منها عشرين فداناً ببيعها بطريق المزاد العلني وفقاً للقواعد والشروط التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة والإصلاح الزراعي ثم أصدر وزير الزراعة نفاذاً للنص السابق - قراره رقم 59 لسنة 1969 بقواعد وشروط التصرف في حدائق الإصلاح الزراعي ونص في مادته الأولى على أن يتم التصرف في حدائق الإصلاح الزراعي المنصوص عليها في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1969 وفقاً للقواعد والشروط المنصوص عليها في المواد الآتية وقد تضمنت المادة الثانية وما بعدها من هذا القرار تقدير اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة قواعد تقرير الثمن الأساسي والإعلان عنه والإعلان عن المزاد ومكانه وموعده وذلك عن طريق النشر في صحيفتين يوميتين وتشكيل لجان المزاد وطريقة سيرها في عملها ونصت المادة 11 على أن تصدر لجنة البيع بالمزاد قرارها في نهاية جلساتها برسو المزاد على صاحب أكبر عطاء بشرط ألا يقل عن التقدير النهائي للثمن الأساسي المقدر للحديقة محل المزاد ولا يكون قرار اللجنة نهائياً إلا بعد اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وإذا لم يعتمد المجلس رسو المزاد لأي سبب من الأسباب يرد التأمين فوراً إلى دافعه دون أية زيادة أو تعويض.
ومن حيث إنه يبين من النصوص السابقة أن المشرع قد نظم أسلوب التصرف بالمزاد العلني في الحدائق المملوكة للإصلاح الزراعي وأخضع هذا التصرف لقواعد خاصة نظمها قرار وزير الزراعة رقم 59 لسنة 1969 المستند لقرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1969 بناء على قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 بموجب المادة العاشرة منه وبهذه المثابة فإن التصرف في حدائق الإصلاح الزراعي وقد نظمه المشرع بقواعد وأحكام خاصة فإنه لا يخضع بالتالي للقواعد العامة الواردة بلائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 أو ما لحقها من تعديلات إلا في الحدود المنصوص عليها في المادة 16 من قرار وزير الزراعة سالف الذكر ولما كان هذا التنظيم الخاص المتكامل قد تضمن أن قرار لجنة المزاد برسو المزاد على صاحب أعلى عطاء لا يكون هذا القرار نهائياً إلا بعد اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أي أنه جعل القرار النهائي بإرساء المزايدة للمجلس المذكور لدى اعتماده لقرار لجنة رسو المزاد ثم يتم بعد ذلك التعاقد مع الراسي عليه المزاد وفي هذا الخصوص يختلف هذا التنظيم الخاص عما ورد بلائحة المناقصات والمزايدات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن ولئن كان قد أقام دعواه ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الذي أصدرته الهيئة بإعادة طرح الحديقة للتزايد.
ثانياً: بإلغاء القرار السلبي المتضمن الامتناع عن إرساء مزاد الحديقة عليه باعتباره صاحب أعلى عطاء. إلا أنه وبمقتضى عريضة معلنة في 16/ 6/ 1986 عدل المدعي طلباته في الدعوى إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليها - الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - تسليمه الحديقة موضوع النزاع باعتبارها حقاً خالصاً له اكتسبه كأثر من آثار عقد البيع الذي تم بينه وبين الهيئة واكتملت أركانه بانتهاء جلسة المزاد في 7/ 1/ 1984 وهو صاحب أكبر عطاء ولم يتقدم أحد غيره بزيادة الثمن إلى العشر.
ومن حيث إن طلبات الطاعن المعدلة صريحة وواضحة ولا تحتمل ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري حين أجهدت نفسها في تكييف طلبات الطاعن المعدلة وما إذا كان هناك قرار إيجابي أو سلبي وماهية هذا القرار وطبيعته... الخ وذلك لأن هذه الطلبات المعدلة من جانب المدعي قاطعة في الدلالة على طلب إلزام الهيئة بتسليمه الحديقة التي رسا مزادها عليه واعتباره بذلك متعاقداً مع الهيئة على شرائها بحسبانه صاحب أعلى عطاء وهذه الطلبات بهذه المثابة لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المتطلبة لرفع دعوى الإلغاء وبالتالي تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى وفقاً لطلبات الطاعن المعدلة... فإنه يبين من نص المادة 11/ 2، 3 من قرار وزير الزراعة 59 لسنة 1969 أن انتهاء المزاد على صاحب أكبر عطاء لا يخول له أي حق على الحديقة موضوع المزاد ولا يعتبر أنه متعاقد عليها بانتهاء المزاد حتى ولو قررت لجنة البيع إرساء المزاد عليه إذ أن ذلك لا يعد تعاقداً منها وإنما يخضع قرارها في هذا الشأن لاعتماد مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التي هي السلطة العليا في اعتماد قرار اللجنة فإذا لم تعتمده لأي سبب من الأسباب يرد التأمين لدافعه دون أية زيادة أو تعويض، وينبني على ذلك أنه ليس ثمة تعاقد بين الطاعن والهيئة العامة للإصلاح الزراعي يمكن القول معه بأنه رتب حقاً للمدعي على الحديقة موضوع النزاع ومن ثم يكون طلب إلزام الهيئة بتسليمها له غير قائم على سند من القانون متعين الرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب عندما قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتعين لذلك القضاء بإلغائه في هذا الشق وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً، وبقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.