أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 669

جلسة 21 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وسعيد فودة.

(111)
الطعن رقم 3469 لسنة 58 القضائية

(1) شيوع "تصرف الشريك على الشيوع". ملكية. بيع.
تصرف المالك على الشيوع في حصته شائعة. أثره. نفاذ التصرف في حق شركائه وحلول المتصرف له محل الشريك المتصرف. م 826/ 1 مدني.
(2) ملكية "انتقال الحقوق العينية العقارية. إرث "شهر حق الإرث" (شهر عقاري. تسجيل).
شهر حق الإرث. ليس شرطاً لانتقال الحقوق العينية العقارية للورثة من وقت الوفاة. عدم شهر حق الإرث. جزاؤه. منع شهر أي تصرف يصدر من الوارث في عقارات التركة دون منع التصرف ذاته. م 13 ق 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.
(3) نقض "السبب الجديد". محكمة الموضوع.
دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير المحررات". عقد "تفسيره" نقض.
سلطة محكمة الموضوع في تفسير المحررات والاتفاقات بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين. لا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة المحرر تحمل المعنى الذي حصلته.
1 - مفاد نص المادة 826/ 1 من القانون المدني أن للشريك المالك على الشيوع حق التصرف في حصته شائعة وينفذ هذا التصرف في حق شركائه إذ يترتب عليه أن يحل المتصرف له محل الشريك المتصرف في ملكية الحصة الشائعة ويصبح هو الشريك في المال الشائع بدلاً من الشريك المتصرف.
2 - مؤدى نص المادة 13 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يجعل حق الإرث شرطاً لانتقال الحقوق العينية العقارية إلى الورثة حتى لا تبقى هذه الحقوق بغير مالك لحين شهر حق الإرث، وإنما تؤول هذه الحقوق للورثة من وقت وفاة المورث باعتبار أن انتقال ملكية أعيان التركة بما فيها الحقوق العينية من المورث إلى الوارث أثر يترتب على واقعة الوفاة ذاتها واكتفى المشرع في مقام تحديد الجزاء على عدم شهر حق الإرث بمنع شهر أي تصرف يصدر من الوارث في أي عقار من عقارات التركة دون منع التصرف ذاته.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان وجه النعي قد تضمن دفاعاً قانونياً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمستندات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الظاهر الذي تحتمله عباراتها وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر لها وهي لا تتقيد بما تفيده عبارة معينة منها وإنما بما تفيده في جملتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت ضد المطعون عليهما الدعوى رقم 298 سنة 1986 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بعدم نفاذ عقد البيع المؤرخ 23/ 5/ 1985 المبرم بينهما في حقها وطرد المطعون عليه الأول من الشقة محل التداعي وتسليمها خالية وذلك في مواجهة المطعون عليها الثانية وقالت بياناً لدعواها إنها تمتلك حصة قدرها 16 قيراط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار المبين بالأوراق، وقد باعت المطعون عليها الثانية الشقة رقم 1 بالدور الأرضي من هذا العقار للمطعون عليه الأول الذي وضع يده عليها ولأنها مالكة لأغلبية الأنصبة ولها حق الإدارة ولم تجر قسمة للعقار فإن هذا التصرف لا ينفذ في حقه ويضحى المطعون عليه الأول غاصباً شقة النزاع مما حدا بها إلى إقامة الدعوى، قام دفاع المطعون عليه الأول على أن العقد الصادر له ينطوي على تصرفين أحدهما بيع المطعون عليها الثانية له حصة شائعة في العقار قدرها 3 قراريط آلت ملكيتها لها بالميراث والثاني تنازلها له عن حيازتها للشقة انتفاعها، بتاريخ 24/ 2/ 1987 حكمت المحكمة بعدم نفاذ هذا العقد في حق الطاعنة وبطرد المطعون عليه الأول من شقة النزاع وتسليمها لها خالية استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 405 سنة 43 ق وبتاريخ 9/ 6/ 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالوجهين الأول والثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن المطعون عليه الأول لم يقدم دليلاً على أن عقد البيع الصادر له من المطعون عليها الثانية - سنده في الدعوى - قد تم شهره ومن ثم فإنه لا يرتب سوى التزامات شخصية بين طرفيه، هذا إلى أن البائعة له لم تقدم ما يفيد إشهار حق الإرث سبب تملكها الحصة المبيعة وبالتالي لم تنتقل إليها ملكية ما باعته فلا تحاج الطاعنة بالعقد الصادر منها إلى المطعون عليه الأول ولا يكون هذا العقد نافذاًَ في حقها لعدم تسجيله ويحق طلب طرده من شقة النزاع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعواها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 826/ 1 من القانون المدني على أن "كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً وله أن يتصرف فيها ويستولى على ثمارها وأن يستعملها..." مفاده أن للشريك المالك على الشيوع حق التصرف في حصته شائعة وينفذ هذا التصرف في حق شركائه إذ يترتب عليه أن يحل المتصرف له محل الشريك المتصرف في ملكية الحصة الشائعة ويصبح هو الشريك في المال الشائع بدلاً من الشريك المتصرف، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 13 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري التي استحدثت نظام شهر حق الإرث على أنه "يجب شهر حق الإرث بتسجيل إشهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية" وترتيبها الجزاء على مخالفة هذا الإجراء بما نصت عليه من أنه "إلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق" مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يجعل حق الإرث شرطاً لانتقال الحقوق العينية العقارية إلى الورثة حتى لا تبقى هذه الحقوق بغير مالك لحين شهر حق الإرث، وإنما تؤول هذه الحقوق للورثة من وقت وفاة المورث باعتبار أن انتقال ملكية أعيان التركة بما فيها الحقوق العينية من المورث إلى الوارث أثر يترتب على واقعة الوفاة ذاتها، واكتفى المشرع في مقام تحديد الجزاء على عدم شهر حق الإرث بمنع شهر أي تصرف يصدر من الوارث في أي عقار من عقارات التركة دون منع التصرف ذاته، لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن المطعون عليها الثانية تلقت حصتها في عقار النزاع ميراثاً عن جدتها وأن الطاعنة لم تنازع في ملكيتها لها، ثم باعت 3 قراريط مشاعاً من كامل نصيبها في هذا العقار إلى المطعون عليه الأول وتنازلت له عن حقها في الانتفاع بالشقة التي كانت تقيم فيها، وكان عقد البيع - ولو لم يكن مشهراً - ينقل إلى المشتري منفعة المبيع وكافة الحقوق المتعلقة به، ومن ثم كان للمشتري أن يحل محل البائعة في هذه الحقوق قبل باقي الشركاء المشتاعين في ذلك العقار، وكان حق الطاعنة في الإدارة لا يغل يد المطعون عليها الثانية عن التصرف في حصتها بالبيع وتمكين المطعون عليه الأول من الانتفاع بما كانت تضع اليد عليه وتحوزه وتنتفع به بما يوازي أقل من حصتها في العقار، وإذ وافق قضاء الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن المطعون عليها الثانية باعت للمطعون عليه الأول ثلاث قراريط مشاعاً في عقار التداعي في حين أن ما تبقى لها فيه هو 2 قيراط و12 سهماً بعد أن تصرفت في باقي حصتها للغير ومن ثم فلا يسري هذا التصرف في حقها لصدروه من غير مالك هذا إلى أن وضع يدها على الشقة التي تنازلت عنها إلى المطعون عليه الأول هو في حقيقته قسمة مهايأة لم تتحقق المحكمة من توافر شروطها القانونية وإعمال أثرها وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعواها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان وجه النعي قد تضمن دفاعاً قانونياً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. وكان دفاع الطاعنة أن المطعون عليها الثانية باعت ما يجاوز ملكيتها وبقيام قسمة مهايأة بين الشركاء يتعلق بواقع لم تسبق إثارته أمام محكمة الموضوع ومن ثم يكون جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والتناقض وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من أن عقد البيع العرفي الصادر من المطعون عليها الثانية يتضمن تصرفين قانونين أحدهما بيع حصة قدرها 3 قراريط مشاعاً في كامل أرض وبناء العقار وثانيهما التنازل للمطعون عليه الأول عن حيازة الشقة وهو ما لا يستقيم مع ما تضمنه العقد من نص على أن يتم تسليم الشقة عند سداد القسط الأخير من ثمن البيع بما يعد انحرافاً في تفسيره لمدلول العقد الصحيح، فضلاً عن تناقض أسبابه في هذا الخصوص وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمستندات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الظاهر الذي تحتمله عباراتها وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر لها وهي لا تتقيد بما تفيده عبارة معينة منها وإنما بما تفيده في جملتها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عبارات عقد البيع محل التداعي أن إرادة الطرفين قد انصرفت إلى بيع حصة شائعة قدرها ثلاثة قراريط في كامل أرض ومباني العقار المبين بالأوراق ولم يتضمن البيع شقة التداعي وإنما تنازلت المطعون عليها الثانية عن حق انتفاعها بهذه الشقة إلى المطعون عليه الأول باعتبار أنها كانت الحائزة لها وتضع يدها على ما يوازي أقل من حصتها ومن حقها بصفتها مالكة على الشيوع أن تتنازل عن حق منفعتها للمشتري منها الذي من حقه وضع يده على تلك الشقة خلفاً للبائعة له، وإذ كان الحكم في استخلاصه هذا قد التزم عبارات العقد الواضحة ولم يخرج بها أو ينحرف عن المعنى الظاهر لها، وكان ما رتبه من قضاء على هذا الاستخلاص لا ينطوي على ثمة تناقض تتماحى به أسبابه أو يستعصى فهم الأساس الذي أقيم عليه فإن النعي لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.