أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 725

جلسة 24 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي. إبراهيم شعبان نائبي رئيس المحكمة)، سيد محمود قايد وعبد الله فهيم.

(119)
الطعن رقم 2500 لسنة 58 القضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن: احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(1) مخالفة حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد. م 8 ق 49 لسنة 1977 أثره. زوال العقد بمجرد وقوع المخالفة. للمؤجر حق طلب إخلاء العين. زوال سبب المخالفة. لا أثر له.
(2) تقدير المقتضى لاحتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد. من سلطة قاضي الموضوع. شرطه. أن يركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه في قضائه. (مثال في إيجار لاستدلال غير سائغ على توافر مقتضى الاحتجاز).
1 - المقرر في قضاء محكمة النقض أن مخالفة حظر الاحتفاظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضٍ وفقاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 يترتب عليه زوال العقد بمجرد وقوع المخالفة، إذ لم يشترط القانون حداً أدنى للزمن الذي يتحقق به ظرف الاحتجاز، ويكون للمؤجر - باعتباره الطرف الآخر في التعاقد - أن يطلب إخلاء العين المؤجرة. ولا يؤثر في ثبوت هذا الحق له زوال سبب المخالفة بعد ذلك.
2 - لئن كان تقدير توافر مقتضى تعدد أكثر من مسكن في البلد الواحد من عدمه يخضع لمطلق سلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها، إلا أنه يتعين أن يركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه في قضائه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي مخالفة حظر احتجاز المطعون ضده الأول أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض على ما أورده بمدوناته من أن "... عن السبب الثاني من أسباب الاستئناف من أن المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) المستأجر الأصلي مؤجر شقتين في بلد واحد، فإن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول قد ترك عين النزاع للمدعى عليه الثاني (المطعون ضده الثاني) ومن ثم تنتفي واقعة استئجاره لشقتين في بلد واحد، ومن ثم يكون هذا الطلب على غير سند من القانون، الأمر الذي يضحى معه هذا الاستئناف على غير سند من الواقع والقانون متعيناً رفضه وتأييد الحكم المستأنف لهذه الأسباب..." وإذ كان هذا الذي استند إليه الحكم في قضائه على النحو المتقدم ليس فيه ما يكشف عن حصول ترك المطعون ضده الأول للشقة محل النزاع للمطعون ضده الثاني في وقت معاصر في الزمن لاحتجازه المسكن الآخر، كما وأنه لا يكشف عن سنده السائغ في توافر مقتضى الاحتجاز، ذلك أن مجرد ترك العين لآخر لا يتوافر به هذا المقتضى فإنه يكون قد شابه القصور والفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهما الدعوى رقم 1121 لسنة 1986 أمام محكمة الفيوم الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لهما، وقالا بياناً لدعواهما أنه بموجب عقد مؤرخ أول يوليو سنة 1983 استأجر منهما المطعون ضده الأول هذه الشقة، وإذا احتجز شقة أخرى بذات البلدة وقام بتأجير الشقة محل النزاع إلى المطعون ضده الثاني من الباطن بالمخالفة لشروط عقد الإيجار فقد أقام الدعوى أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت إلى أقوال شهود الطرفين، حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 998 لسنة 23 ق بني سويف "مأمورية الفيوم"، وبتاريخ 6/ 4/ 1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أقام قضاءه بانتفاء واقعة احتجاز المطعون ضده الأول لأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضى على سند من قيامه بترك الشقة محل النزاع إلى المطعون ضده الثاني، في حين أن هذا الترك لا ينفي الاحتجاز أو يصحح الوضع كما أنه لا يعتبر من قبيل المقتضى الذي يبيح احتجاز أكثر من مسكن، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مخالفة حظر الاحتفاظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض وفقاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 يترتب عليه زوال العقد بمجرد وقوع المخالفة، إذ لم يشترط القانون حداً أدنى للزمن الذي يتحقق به ظرف الاحتجاز، ويكون للمؤجر - باعتباره الطرف الآخر في التعاقد - أن يطلب إخلاء العين المؤجرة ولا يؤثر في ثبوت هذا الحق له زوال سبب المخالفة بعد ذلك، وأنه ولئن كان تقدير توافر مقتضى التعدد من عدمه يخضع لمطلق سلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها، إلا أنه يتعين أن يركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه في قضائه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي مخالفة حظر احتجاز المطعون ضده الأول أكثر من مسكن في البلد الواحد من دون مقتض على ما أورده بمدوناته من أنه "... عن السبب الثاني من أسباب الاستئناف من أن المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) المستأجر الأصلي مؤجر شقتين في بلد واحد، فإن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول قد ترك عين النزاع للمدعى عليه الثاني (المطعون ضده الثاني) ومن ثم تنتفي واقعة استئجاره لشقتين في بلد واحد، ومن ثم يكون هذا الطلب على غير سند من القانون، الأمر الذي يضحى معه هذا الاستئناف على غير سند من الواقع والقانون متعيناً رفضه وتأييد الحكم المستأنف لهذه الأسباب". وإذ كان هذا الذي استند إليه الحكم في قضائه على النحو المتقدم ليس فيه ما يكشف عن حصول ترك المطعون ضده الأول للشقة محل النزاع للمطعون ضده الثاني في وقت معاصر في الزمن لاحتجازه المسكن الآخر، كما وأنه لا يكشف عن سنده السائغ في توافر مقتضى الاحتجاز، ذلك أن مجرد ترك العين لآخر لا يتوافر به هذا المقتضى فإنه يكون قد شابه القصور والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة للبحث في باقي أوجه الطعن.