أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 546

جلسة 18 من فبراير سنة 1954
(85)
القضية رقم 86 سنة 22 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
استئناف. قيد الاستئناف. عبارة "إعلان صحيح" الواردة في المادة 407 مرافعات. المقصود منها.
عبارة "إعلان صحيح" الواردة في المادة 407 من قانون المرافعات، إنما يقصد بها أن يكون الإعلان قد تم مستوفياً البيانات والإجراءات الجوهرية المقررة في القانون بصرف النظر عن كونه حصل في الميعاد أو بعده، لأن حصول الإعلان بعد الميعاد لا يجعله في حد ذاته غير صحيح وإن ترتب عليه فوات ميعاد الطعن، إذ العبرة في صحة الإعلان هي باستيفائه الشروط المقررة في المواد 10 و11 و12 من قانون المرافعات، أما كونه قد حصل بعد فوات ميعاد الطعن فهو بحث آخر محله عند الفصل فيما إذا كان الطعن قد رفع في الميعاد أم غير ذلك ولا شأن له بصحة ورقة الإعلان في ذاتها، ومن ثم يكون تفسير عبارة "إعلان صحيح" الواردة في المادة 407 مرافعات، بأنه الإعلان الذي يتم في الميعاد هو تحميل لهذه العبارة أكثر مما تحتمل، وحملها على معنى لم يقصد إليه الشارع عند وضع المادة المذكورة، إذ كان كل ما يهدف إليه منها هو أنه راعى في حالة تعدد المستأنف عليهم واختلاف مواطنهم احتمال عدم إعلانهم جميعاً إعلاناً صحيحاً في وقت واحد فأوجب قيد الاستئناف في خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ آخر إعلان صحيح حتى لا يكون قيد الاستئناف صحيحاً بالنسبة إلى بعضهم وباطلاً بالنسبة إلى البعض الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر، ومرافعة المحامين عن الطاعن والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن محمد شفيق خير الله المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 93 سنة 1947 تجاري كلى الإسكندرية على الطاعن - مصيلحي شريف علي - طالباً الحكم بتصفية أعمال شركة المحاصة القائمة بينهما في موسم الشعير الذي بدأ في مايو سنة 1946 وانتهى في أغسطس سنة 1946 وإلزام الطاعن بتقديم كشف حساب معزز بالمستندات عن مدة قيام الشركة، وإلزامه بما يظهر من النتيجة الصحيحة للحساب مع المصروفات... الخ وأقام الطاعن من جانبه الدعوى رقم 119 سنة 1947 كلي تجاري الإسكندرية على المطعون عليهما طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إليه مبلغ 2582 جنيهاً و50 مليماً والمصروفات... الخ وقررت محكمة الإسكندرية الابتدائية ضم الدعويين إحداهما إلى الأخرى وفي 15 من مايو سنة 1948 حكمت تمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق. ثم حكمت في 14 من يناير سنة 1951 أولاً: في الدعوى رقم 93 سنة 1947 بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول 142 جنيهاً و877 مليماً والمصروفات المناسبة، ثانياً: وفي الدعوى رقم 119 سنة 1947 برفضها، وأعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 4 من فبراير سنة 1951، فاستأنفه وقيد استئنافه برقم 172 سنة 2 ق تجاري استئناف الإسكندرية، وأعلن المطعون عليه الأول بصحيفة الاستئناف في 24 من فبراير سنة 1951، ولكن الإعلان لم يتم بالنسبة إلى المطعون عليه الثاني إذ أثبت المحضر أنه لا يوجد له محل إقامة بالعنوان المبين بورقة الإعلان، فأعاد الطاعن إعلان المطعون عليه الثاني في مواجهة النيابة في 18 من مارس سنة 1951 فدفع المطعون عليه الأول ببطلان الاستئناف لقيده بعد الميعاد. وفي 22 من يناير سنة 1952 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية حضورياً للمطعون عليه الأول وغيابياً للثاني أولاً: بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى المطعون عليه الثاني لرفعه بعد الميعاد. ثانياً: بقبول الدفع وبطلان الاستئناف بالنسبة إلى المطعون عليه الأول لقيده بعد الميعاد. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم أخطأ في تأويل المادة 407 من قانون المرافعات إذ قضى ببطلان الاستئناف لقيده بعد الميعاد بالنسبة إلى المطعون عليه الأول بمقولة إن إعلان صحيفة الاستئناف إلى المطعون عليه الثاني في 18 من مارس سنة 1951 قد وقع باطلاً لحصوله بعد الميعاد القانوني ومن ثم فلا يصح أن يكون تاريخ إعلانه مبدأ لاحتساب مدة الثلاثين يوماً التي يجب أن يتم فيها القيد وإنه يتعين احتساب هذه المدة من 24 فبراير سنة 1951 تاريخ إعلان المطعون عليه الأول بصحيفة الاستئناف، مع أن المقصود من عبارة
"آخر إعلان صحيح" الواردة في المادة 407 مرافعات هو أن تكون إجراءات الإعلان قد تمت صحيحة لا أن يكون الإعلان قد تم في الميعاد الذي يجب أن يرفع فيه الاستئناف، وقد أعلن المطعون عليه الثاني إعلاناً صحيحاً في 18 من مارس سنة 1951 فيتعين أن يكون هذا التاريخ هو مبدأ احتساب مدة الثلاثين يوماً التي يجب أن يقيد الاستئناف خلالها، وعلى هذا الأساس يكون قيد الاستئناف قد حصل في الميعاد القانوني على خلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون عليه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى ببطلان الاستئناف بالنسبة إلى المستأنف عليه الأول والمطعون عليه الأول لقيده بعد الميعاد استناداً إلى "أن المشرع وإن كان قد نص في المادة 407 من قانون المرافعات على وجوب قيد الاستئناف خلال ثلاثين يوماً من تاريخ آخر إعلان لصحيفة الاستئناف وذلك في حالة تعدد المستأنف عليهم حتى لا ينقضي ميعاد القيد بالنسبة لبعضهم قبل إعلان صحيفة الاستئناف للآخرين، إلا أنه قد اشترط لذلك صراحة في صلب المادة المذكورة أن يكون الإعلان الأخير الذي يبدأ منه ميعاد القيد قد وقع صحيحاً بمعنى أن يكون الإعلان مستوفياً المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات، ومن بينها مواعيد الطعن في الأحكام... وأن إعلان المستأنف عليه الثاني قد وقع باطلاً لحصوله بعد الميعاد القانوني... فلا يعتبر أساساً لبدء ميعاد القيد بالنسبة للمستأنف عليه الأول، وكان يجب على المستأنف أن يقيد استئنافه بالنسبة للمستأنف عليه الأول في خلال ثلاثين يوماً بدءاً من 24 من فبراير سنة 1951 تاريخ إعلانه بصحيفة الاستئناف لكنه قيده بتاريخ 12 من إبريل سنة 1951 أي بعد الميعاد القانوني، ومن ثم يكون الدفع ببطلان الاستئناف بالنسبة للمستأنف عليه الأول في محله"... وهذا الذي بنى عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون، ذلك بأن عبارة "إعلان صحيح" الواردة في المادة 407 من قانون المرافعات، إنما يقصد بها أن يكون الإعلان قد تم مستوفياً البيانات والإجراءات الجوهرية المقررة في القانون بصرف النظر عن كونه حصل في الميعاد أو بعده، لأن حصول الإعلان بعد الميعاد لا يجعله في حد ذاته غير صحيح وإن ترتب عليه فوات ميعاد الطعن إذ العبرة في صحة الإعلان هي باستيفائه الشروط المقررة في المواد 10 و11 و12 من قانون المرافعات، أما كونه قد حصل بعد فوات ميعاد الطعن فهو بحث آخر محله عند الفصل فيما إذا كان الطعن قد رفع في الميعاد أم غير ذلك ولا شأن له بصحة ورقة الإعلان في ذاتها، ومن ثم يكون تفسير عبارة "إعلان صحيح" الواردة في المادة 407 من قانون المرافعات بأنه الإعلان الذي يتم في الميعاد هو تحميل لهذه العبارة أكثر مما تحمل وحملها على معنى لم يقصد إليه الشارع عند وضع المادة المذكورة إذ كان كل ما يهدف إليه منها هو أنه راعى في حالة تعدد المستأنف عليهم واختلاف مواطنهم احتمال عدم إعلانهم جميعاً إعلاناً صحيحاً في وقت واحد فأوجب قيد الاستئناف في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ آخر إعلان صحيح حتى لا يكون قيد الاستئناف صحيحاً بالنسبة إلى بعضهم وباطلاً بالنسبة إلى البعض الآخر، ولذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ احتسب بدء ميعاد القيد من 24 فبراير سنة 1951 لا من 18 من مارس سنة 1951 تاريخ الإعلان الصحيح الحاصل إلى المطعون عليه الثاني يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه فيما قضى به من بطلان الاستئناف واعتباره كأن لم يكن بالنسبة إلى المطعون عليه الأول.