أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 569

جلسة 4 من مارس سنة 1954
(90)
القضية رقم 64 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة سليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
بيع. دعوى صحة التعاقد. التزام البائع بضمان التعرض. هذا الالتزام لا يسقط أبداً بالتقادم. مثال. دعوى بصحة ونفاذ البيع وتسليم المبيع. منازعة البائع أو ورثته في طلبات المشتري بحجة سقوط الالتزامات المترتبة على العقد بالتقادم. غير جائزة.
من أحكام عقد البيع المقررة بالمادتين 266 و300 من القانون المدني القديم والمادة 439 من القانون المدني الجديد إلزام البائع بضمان عدم منازعته المشتري في المبيع فيمتنع عليه أبداً التعرض للمشتري وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب العقد إلا إذا توافرت لديهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية. وإذن فمتى كانت الطاعنة قد أقامت الدعوى بطلب إثبات صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليها من مورث المطعون عليهم مع إلزامهم بتسليم الأطيان المبيعة، وكان دفاع المطعون عليهم بسقوط حق الطاعنة لقعودها عن رفع دعواها أكثر من خمس عشرة سنة بعد تاريخ صدور العقد هو من قبيل المنازعة الممتنعة عليهم قانوناً بمقتضى إلزام القانون مورثهم بالضمان السالف الذكر فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة استناداً إلى هذا الدفاع يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر، ومرافعة المحامين عن الطاعنة والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة؛
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أنه في 20/ 6/ 1948 أقامت الطاعنة على المطعون عليهم الدعوى رقم 1909 سنة 1948 قنا الجزئية بطلب إثبات صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في 28/ 5/ 1926 الصادر إليها من مورث المطعون عليهم جلياط سوريال عن فدان على المشاع في ثلاثة أفدنة وكسور بينت حدودها وطلبت إلزام المطعون عليهم بالتسليم...الخ.
فدفع المطعون عليهم بأن حق الطاعنة قد سقط بمضي المدة الطويلة بعد تاريخ التعاقد. وفي 28/ 4/ 1949 قضت المحكمة الجزئية برفض الدعوى استناداً إلى أن عقد الطاعنة لم يسجل فهو لم ينشئ سوى التزامات شخصية قبل البائع سقطت بمضي المدة. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة قنا الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية وقيد استئنافها برقم 327 سنة 1949. وفي 28/ 11/ 1950 قضت بالتأييد. فقررت الطاعنة طعنها في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى برفض دعواها تأسيساً على أن عقد البيع الذي تطلب الحكم بصحته ونفاذه لم يسجل، فهو لم ينشئ سوى التزامات شخصية قبل البائع سقطت بالتقادم الطويل، مع أنها تمسكت بأن الأطيان المبيعة لها من مورث المطعون عليهم إنما ظلت في وضع يد السيدة رومه عبد المسيح البائعة للبائع لها، وهو مورث المطعون عليهم حتى وفاتها في 18/ 8/ 1945 بسبب احتفاظ السيدة المذكورة بحق الانتفاع بالمبيع، وأنه بناء على ذلك لا يستطيع المطعون عليهم التمسك بكسب ملكية الفدان المبيع من مورثهم إلى الطاعنة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، ووجه الخطأ فيما أقام عليه الحكم قضاءه هو أن عقد البيع لم يزل بعد العمل بقانون التسجيل من عقود التراضي وكل ما أحدثه هذا القانون من تغيير في أحكام البيع هو أن نقل الملكية أصبح متراخياً إلى ما بعد التسجيل لذلك بقى البائع ملزماً بموجب العقد بتسليم المبيع وبنقل الملكية للمشتري وبعدم التعرض له فيها وينبني على ذلك أنه لا يجوز له أن يدفع دعوى إثبات التعاقد التي ترفع عليه من المشتري بالتقادم إلا إذا كان قد كسب ملكية العقار المبيع منه بوضع اليد المدة الطويلة أما إذا كان وضع يد البائع - أو من تلقى هو عنه الملك - بسبب وقتي معلوم فإنه لا يجوز له أن يدفع دعوى الطاعنة بالتقادم المكسب كما لا يجوز له أن يدفعها بالتقادم المسقط لأن دعوى صحة التعاقد تعتبر دعوى استحقاق مآلاً، والقاعدة المقررة قانوناً هي أن الملكية لا تسقط بالتقادم فيجب أن تسري هذه القاعدة على السبل التي تؤدي إلى الملك.
ومن حيث إن هذا الطعن في محله، ذلك بأن من أحكام عقد البيع المقررة بالمادتين 266 و300 من القانون المدني (القديم) والمادة 439 من القانون المدني الجديد إلزام البائع بضمانة عدم منازعة المشتري في المبيع فيمتنع عليه أبداً التعرض للمشتري وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب العقد إلا إذا توافرت لديهم من بعد تاريخ عقد البيع شروط وضع اليد على الأرض المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة. ولما كان دفاع المطعون عليهم بسقوط حق الطاعنة لقعودها عن رفع دعواها أكثر من خمس عشرة سنة بعد تاريخ صدور العقد موضوع الدعوى هو من قبيل المنازعة الممتنعة قانوناً على المطعون عليهم بمقتضى إلزام القانون مورثهم بالضمان السالف الذكر، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة استناداً إلى هذا الدفاع - لما كان ذلك، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.