أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 687

جلسة 22 من مايو سنة 1954
(15)
الطلب رقم 1 سنة 23 القضائية "تنازع الاختصاص"

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وسليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، ومصطفى فاضل، وإسماعيل مجدي، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، وأنيس غالي، ومصطفى كامل المستشارين.
( أ ) تنازع الاختصاص. اختصاص. وقف تنفيذ. حكم نهائي من المجلس الملي بالتطليق وحكم آخر من المحكمة الشرعية بدخول الزوجة في طاعة زوجها. اختصاص محكمة النقض بالفصل في هذا التناقض.
(ب) تنازع الاختصاص. اختصاص. محاكم شرعية. مجالس ملية. أحوال شخصية. مناط اختصاص المحاكم الشرعية. مناط اختصاص المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس. الأمر العالي الصادر في 14 من مايو سنة 1883 المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927.
(ج) تنازع الاختصاص. اختصاص. أحوال شخصية. دعوى من الزوجة أمام المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس بطلب النفقة والطلاق لسوء العشرة والخيانة الزوجية. إسلام الزوج بعد رفع الدعوى. طلب الزوجة الطلاق لإسلام الزوج. قضاء المجلس الملي بالطلاق. تأسيس قضائه على إسلام الزوج وعدم تعرضه للسببين اللذين أقيمت عليهما الدعوى ابتداء. تجاوز المجلس حدود اختصاصه. علة ذلك.
(د) تنازع الاختصاص. أحوال شخصية. تنازع القوانين. طلاق. حق مكتسب. عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق والتطليق حقاً مستقراً لا يتأثر بما قد يطرأ بعد إبرامه.
1 - إذا صدر حكمان نهائيان متناقضان أولهما من المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص والفصل بين الطالبة وزوجها والتصريح لها بالزواج والحكم الآخر من المحكمة الشرعية برفض الدفع بعدم الاختصاص وبدخول الطالبة في طاعة زوجها، فإن الجمعية العمومية لمحكمة النقض تكون هي المختصة بالفصل في النزاع الناجم عن هذا التناقض.
2 - كانت المحاكم الشرعية منذ القدم هي المحاكم ذات الولاية العامة في مسائل الأحوال الشخصية وقد ظلت كذلك فلم يخرج من ولايتها إلا ما سمح المشرع أن يعهد به من هذه المسائل إلى جهات قضائية أخرى ويبين من نصوص الأمر العالي الصادر في 14 من مايو سنة 1883 بإنشاء المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس والقوانين المعدلة له أن المشرع قصر اختصاص هذا المجلس على مسائل الأحوال الشخصية المعينة في المادة 16 منه كما أنه جعل مناط هذا الاختصاص الاستثنائي المحدود أن يكون طرفا الخصومة من أبناء الملة أي من طائفة الأقباط الأرثوذكس وقد حرص المشرع عند إنشاء المجلس المذكور على توكيد وجوب مراعاة شروط هذا الاختصاص وعدم تجاوزها فأشار إلى ذلك في المادة الأولى من الأمر العالي المشار إليه كما نص في المادة 29 منه المعدلة بالقانون رقم 19 لسنة 1927 على أن أحكام هذا المجلس لا تنفذ إلا إذا صدرت في حدود اختصاصه، فإذا كان طرفا الخصومة مختلفين في الملة امتنع الاختصاص وظل على حاله للمحاكم الشرعية.
3 - متى كانت الزوجة التابعة لطائفة الأقباط الأرثوذكس قد أسست دعواها أمام المجلس الملي بطلب النفقة والطلاق من زوجها التابع لنفس الملة على سوء العشرة والخيانة الزوجية، وكان الزوج قد أشهر إسلامه بعد رفع الدعوى ودفع بعدم اختصاص المجلس الملي بنظرها فتنازلت الزوجة عن طلب النفقة وطلبت الطلاق لإسلام الزوج، فإن المجلس المذكور إذ قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص وبالطلاق لإسلام الزوج دون أن يتعرض لأي من السببين اللذين أقيمت عليهما الدعوى ابتداء يكون قد جاوز حدود اختصاصه ذلك أنه فصل في دعوى اختلف طرفاها ديانة في حين أن مناط اختصاصه الاستثنائي المحدود هو وجوب اتحاد طرفي الخصومة في الملة، ولا يسوغ أن يمد المجلس اختصاصه لمثل هذا الطلب الإضافي بمقولة إنه متى كان الزواج قد تم أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كان المجلس الملي مختصاً بالفصل في أثار الزواج مهما اختلفت ديانة الزوجين بعد العقد ذلك لأن الأمر العالي الصادر بإنشاء هذا المجلس إنما أقام اختصاصه على اتحاد ملة طرفي الخصومة فحسب ولم يجعل لجهة تحرير عقد الزواج شأناً في الأمر، كذلك لا محل لتبرير اختصاصه بأنه وقد كان هو المختص بنظر الدعوى وقت رفعها يظل مختصاً مهما طرأ عليها بعد رفعها مما يؤثر على اختصاصه إذ هذا القول مدفوع - أولاً - بأن الدعوى التي رفعت للمجلس الملي وكان مختصاً وقت ذاك بنظرها هي دعوى نفقة وطلاق لسوء العشرة والخيانة الزوجية أما الطلب الذي فصل فيه وأجابه وهو الطلاق لإسلام الزوج فقد رفع له بعد إسلام المدعى عليه ولم يتعرض للطلب السابق - وثانياً - بأن المدعى عليه أصبح بعد إشهار إسلامه مسلماً تحكم الشريعة الإسلامية وحدها دون غيرها حالته الشخصية فلا يسوغ إعمالاً للقاعدة المقررة في فقه المرافعات إخضاعه في أحواله الشخصية للمجلس الملي وهو مجلس طائفي محدود الولاية لا يستطيع أن يحكم بغير القواعد التي وضعت لأبناء الطائفة من الأقباط الأرثوذكس إذ في هذا إهدار غير جائز لحقوق موضوعية ومخالفة للنظام العام.
4 - ليس للزوجة قانوناً التحدي بحق مكتسب في أن تطلب التطليق وفقاً لأحكام القانون الذي أبرم عقد الزواج تحت سلطانه ذلك لأن عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق والتطليق حقاً مستقراً لا يتأثر بما قد يطرأ بعد إبرامه مما يكون من شأنه سريان قانون آخر في هذا الخصوص وقد أيد المشرع المصري هذا النظر فيما سنه من قواعد لتنازع القوانين وذلك بما قرره في المادة 13 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع مرافعة محامي الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل في أن المدعى عليه تزوج من الطالبة وكلاهما من طائفة الأقباط الأرثوذكس وذلك في 31 من يوليو سنة 1947، وفي 6 من يناير سنة 1951 رفعت الطالبة على المدعى عليه دعوى أمام مجلس ملي فرعي القاهرة للأقباط الأرثوذكس قيدت برقم 10 سنة 51 طلبت فيها الحكم - أولاً - بإلزام زوجها بأن يدفع لها نفقة شهرية قدرها خمسون جنيهاً ابتداء من أول ديسمبر سنة 1950 - ثانياً - بالفصل بينها وبين زوجها وذلك تأسيساً كما هو ثابت من صحيفة دعواها على أن "حياتها كان أكثرها مراً لا خير فيه ذلك أنه كان ولا يزال سيء الخلق شرس الطباع" وأنها ترجئ الإفاضة في ذلك حتى تنظر الدعوى ويطلب منها أن تقيم الدليل على ما تقول، وأن الأنباء قد تواترت عندها وعند والدها على "أن للزوج خليلة استأجر لها شقة قريبة من المصنع ويقيم عندها أياماً وليالي" وأنها تحققت - بالوقائع التي ذكرتها - أن زوجها يخونها خيانة سافرة - لذلك هي تطلب الحكم لها بالطلاق، وقد نظرت الدعوى أمام العضو المنتدب من المجلس الملي الفرعي في 27/ 1/ 1951 وتأجلت لجلسة 7 فبراير سنة 1951 حيث حضرت الزوجة وشرحت دعواها وأشارت إلى ما تدعيه من خيانة زوجية، كما حضرت بجلسة 9 مايو سنة 1951 ولم يحضر الزوج، وذكرت أنها تطلب الطلاق لسوء العشرة والخيانة الزوجية، وأنه لما كان تحقيق وقائع هذه الدعوى يتطلب وقتاً طويلاً لذلك هي تطلب فرض نفقة لها، وفي جلسة 11 مايو سنة 1951 حضر المدعى عليه أمام المجلس الملي الفرعي ودفع بعدم اختصاصه بنظر الدعوى لأنه أصبح مسلماً، وقدم إشهاداً محرراً في 7 من مايو سنة 1951 أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية ورد به أنه يقرر أنه كان مسيحياً أرثوذكسياً، وأن الله قد هداه للإسلام من سنة تقريباً وأصر على إسلامه ونطق بالشهادتين مع التبرئ من كل دين يخالف دين الإسلام وأنه اختار لنفسه اسم "أمين اسحق". فلما تقدم هذا الإشهاد طلب الحاضر عن المدعية التأجيل، فأجلت الدعوى لجلسة 25 من مايو سنة 1951 حيث قرر الحاضر عن المدعية التنازل عن طلب النفقة مؤقتاً وطلب الطلاق لإسلام الزوج، فقضى المجلس الملي في الجلسة المذكورة برفض الدفع بعدم الاختصاص وبالفصل بين الزوجين وبالتصريح للزوجة بالزواج بعد تصديق المجلس الملي العام، وقد بني الحكم في خصوص الدفع على "أن الدعوى رفعت أصلاً أمام هذا المجلس وهو صاحب الولاية الشرعية في الفصل بين الطرفين في كل ما ينشأ بينهما من نزاع يتعلق بأحوالهما الشخصية وذلك لأن كلاهما تابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ولأن الزواج انعقد بينهما طبقاً لطقوسها، ومن المسلم به فقهاً وقضاء أن قيام أحد الزوجين بتغيير دينه في أثناء نظر الدعوى لا أثر له في تغيير اختصاص الجهة ذات الولاية إذا ما ثبت أن هذا التغيير إنما الغرض منه سلب ولاية هذه الجهة بعد أن تعلق به اختصاصها الأمر الذي استبانه هذا المجلس من تصرف المدعى عليه، فإن دعوى المدعية أثبتت (رفعت) في 6 من يناير سنة 1951 ولم يلجأ المدعى عليه إلى تغيير دينه إلا في 7 مايو سنة 1951 بعد أن سلخت الدعوى بضعة شهور وذلك بغية الوقوف دون المدعية وما عساه يفرض عليه من نفقة". وبنى المجلس الملي قضاءه بالفصل بين الزوجين على أنه "ثبت من الإعلام الشرعي المؤرخ 7 مايو سنة 1951 أن المدعى عليه ترك الديانة المسيحية واعتنق الدين الإسلامي وأنه تسمى باسم أمين اسحق" وأنه لذلك يتعين التفريق بين الزوجين والتصريح للمدعية بالزواج - ولما رفع هذا الحكم للمجلس الملي العام للتصديق عليه قضى بذلك في 12 من يوليو سنة 1951 في غيبة الزوج، وقد ورد في أسبابه عن الدفع بعدم الاختصاص أنه في غير محله "لأن الزواج الذي عقد في الكنيسة القبطية من المسائل الدينية التي تخضع لسلطان الكنيسة التي عقدته مهما اختلف الخصوم ديناً ومذهباً وبذلك يكون الاختصاص للمجلس الملي للأقباط الأرثوذكس الذي عقد الزواج تحت أحكامه" وقد رفع المدعى عليه التماساً عن هذا الحكم فقضى المجلس الملي العام في 6 من نوفمبر سنة 1951 برفضه - بعد ذلك رفع المدعى عليه دعوى على الطالبة أمام محكمة مصر الجديدة الشرعية قيدت برقم 190 سنة 1952 طلب فيها الحكم على الطالبة بدخولها في طاعته في المسكن الشرعي الذي أعده لهذا فدفعت الطالبة الدعوى بعدم اختصاص المحاكم الشرعية بنظر الدعوى "لأن المدعي لا يزال على ديانته وأن المجلس الملي حكم بتطليقها في 25 مايو سنة 1951 وصدق على هذا الحكم في 12/ 6/ 1951" فقضت المحكمة في 8 من يونيه سنة 1952 غيابياً للطالبة برفض الدفع بعدم الاختصاص لأن إسلام الزوج أصبح ثابتاً رسمياً من تاريخ الإشهاد بإشهار الإسلام وأن المتداعيين قد أصبحا من هذا التاريخ - 7 مايو سنة 1951 - لا يخضعان إلا لأحكام الشريعة الإسلامية ولا سبيل إلى طلاق المدعى عليها من المدعي إلا إذا طلقها هو أو طلقتها عليه المحكمة الشرعية وعلى ذلك يكون الطلاق الذي صدر من المجلس الملي قد صدر من جهة لا تملك إصداره ويكون قد وقع باطلاً ولا يصح تنفيذه بحكم القانون. وقضت المحكمة في الموضوع بدخول الزوجة في طاعة زوجها في المسكن الذي أعده لأنها لم تثبت ما ادعته مشغولية هذا المسكن، فعارضت الطالبة في هذا الحكم فقضت المحكمة في 26 من أكتوبر سنة 1952 بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وقد اعتبر الحكم دفع الطالبة لدعوى الطاعة بعدم أمانة الزوج على زوجته دفعاً غير جدي لما أورده من أسباب، فاستأنفت الطالبة هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية وقيد برقم 3908 سنة 1953 وطلبت إلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة الشرعية لأن المستأنف عليه لا يزال على دينه واحتياطياً عدم سماع الدعوى لانقطاع صلة الزوجية بين الطرفين أو رفضها لأنها دعوى كيدية ذلك لأن المستأنف عليه يعيش مع امرأة أخرى في نفس المنزل الذي أعده للطاعة، وفي 9 من إبريل سنة 1953 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. وقد لجأ طرفا الخصومة للقضاء المستعجل بمحكمة القاهرة لوقف تنفيذ هذه الأحكام فرفع الزوج في 1/ 12/ 1951 دعواه طالباً وقف تنفيذ حكم المجلس الملي فقضى فيها استئنافياً في 3 من مارس سنة 1952 بعدم اختصاص القضاء المستعجل كما قضى بذلك في الدعوى التي رفعتها الزوجة في 21/ 4/ 1953 بالحكم الصادر من القاضي المستعجل في 25 من إبريل سنة 1953 بعد ذلك قدمت الطالبة الطلب الحالي في 29/ 8/ 1953 لرئيس محكمة النقض طالبة (أولاً) وبصفة مستعجلة بأن يأمر السيد رئيس محكمة النقض بوقف تنفيذ حكم محكمة مصر الجديدة الشرعية في القضية رقم 190 سنة 1952 والذي قضى بدخولها في طاعة المدعى عليه والمؤيد استئنافياً من محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية في القضية رقم 3908 سنة 1952 بتاريخ 9 من إبريل سنة 1953 (ثانياً) عرض الموضوع على الجمعية العمومية لمحكمة النقض وذلك وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء لتقضي المحكمة بوقف تنفيذ حكم المحكمة الشرعية سالف الذكر واعتباره كأن لم يكن لصدوره من محكمة لا ولاية لها في القضاء وبسبب انقطاع رابطة الزوجية بين المدعية والمدعى عليه (وذلك بعد تعديل الطالبة لطلباتها وذلك بجلسة 7/ 11/ 1953) وفي 19 من سبتمبر سنة 1953 صدر الأمر في الطلب الأول بوقف تنفيذ الحكمين الأول الصادر من المجلس الملي في 25 من مايو سنة 1951 والمؤيد في 12 من يونيه سنة 1951 والآخر الصادر في 8 من يونيه سنة 1952 من محكمة مصر الجديدة الشرعية والمؤيد استئنافياً في 9 من إبريل سنة 1953 وذلك مؤقتاً حتى تفصل الجمعية العمومية لمحكمة النقض في النزاع القائم بشأن تنفيذهما.
وحيث إن أساس طلب الطالبة يتحصل في أن الحكم الصادر من المجلس الملي بالتطليق هو حكم صدر منه في حدود ولايته وذلك لأن دعوى التطليق رفعت له في 6 من يناير سنة 1951 وكلا الطرفين قبطي أرثوذكسي فهو مختص بنظرها ويظل المجلس مختصاً بنظر الدعوى رغماً عن إشهار المدعى عليه إسلامه في 7 من مايو سنة 1951 إذ ليس من شأن تغيير الدين اللاحق على رفع الدعوى أن يجرد الجهة المنظورة أمامها الدعوى من اختصاصها، والمدعية وإن كانت تقدمت في 25 من مايو سنة 1951 بسبب جديد للتطليق - وهو إسلام المدعى عليه - إلا أن هذا ليس من شأنه أن يجعل من طلب المدعية دعوى جديدة على أن إسلام المدعى عليه ليس من شأنه أن يؤثر على اختصاص المجلس الملي وذلك لأن المدعى عليه لم يسلم حقيقة فهو ما زال على دينه يمارس شعائره فلا يصح أن يعتد بإسلامه، ولم يخالف المجلس الملي في قضائه بالطلاق قاعدة من قواعد النظام العام فقد طبق قاعدة موضوعية من قانون عقد الزواج وهي جواز الحكم بالطلاق إذا غير أحد الزوجين دينه بعد الزواج.
وحيث إن المدعى عليه طلب رفض طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الشرعية لصدوره منها في حدود ولايتها وفصله بأن الحكم الصادر من المجلس الملي لا يصح الاعتداد به لصدوره منه في غير حدود ولايته، إذ لا ولاية للمجلس الملي إلا فيما يقع بين أفراد الطائفة من نزاع في أحوالهم الشخصية، وهو لم يعد من أفراد الطائفة منذ أشهر إسلامه في 7 من مايو سنة 1951 وأنه أسلم عن عقيدة وإيمان لا غشاً واحتيالاً كما تدعي الطالبة وغير صحيح أنه مارس شيئاً من شعائر الدين المسيحي بعد إسلامه بل الصحيح أنه منذ إسلامه يقوم بأداء شعائر الإسلام، محافظاً عليها ومداوماً لها وأن حقيقة الخلاف بينه وبين أسرة زوجته إنما ترجع فقط إلى علمها برغبته في اعتناق الإسلام تلك الرغبة التي كانت تراوده منذ زمن طويل فلما أيقنت الأسرة أنه جاد في إشهار هذه الرغبة حاولت عبثاً صرفه عنها فلما فشل المسعى دفعت الزوجة لرفع الدعوى أمام المجلس الملي بطلب التطليق الذي أسس على سوء العشرة والخيانة الزوجية وهي وقائع غير صحيحة، وأن المجلس الملي فصل في 25 من مايو سنة 1951 في دعوى جديدة لم تكن مرفوعة إليه قبل إسلامه في 7 من مايو سنة 1951 وهي التطليق لإسلام الزوج وقد قضى فيها المجلس دون أن يتعرض للدعوى السابقة وهي دعوى التطليق لسوء العشرة والخيانة الزوجية، مع أن المجلس لا يملك الفصل في هذه الدعوى الجديدة لأنها لم ترفع إلا في 25 من مايو سنة 1951 بعد أن أصبح هو مسلماً فلا يصح الاعتداد بالحكم الذي أصدره المجلس لا سيما إذا لوحظ أن الحكم بني على قاعدة تخالف النظام العام وهي أن إسلام الزوج يجيز فسخ عقد زواجه من كتابية.
وحيث إن النيابة العامة طلبت أصلياً - الحكم بعدم الاختصاص واحتياطياً رفض الطلب - وأسست الدفع بعدم الاختصاص على أن المشرع جعل بمقتضى القانون رقم 147 لسنة 1949 من الجمعية العمومية لمحكمة النقض محكمة تفصل في تنازع الاختصاص الذي يقع بين الجهات القضائية المختلفة لا محكمة تنازع قوانين - ويقوم الطلب الاحتياطي على أن الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بإلزام الطالبة بدخولها في طاعة المدعى عليه هو حكم صادر منها في حدود ولايتها بخلاف الحكم الصادر من المجلس الملي بتطليق الطالبة إذ هو حكم صدر من المجلس في غير حدود ولايته التي تستلزم وجود اتحاد الطرفين في الانتماء لطائفة الأقباط الأرثوذكس، وقد أصبح المدعى عليه يختلف ديانة عن الطالبة منذ أشهر إسلامه في 7 من مايو سنة 1951 وأصبح من هذا التاريخ مسلماً تجرى عليه الأحكام الدينية الخاصة بالمسلمين دون بحث إلى أي حد يطابق ما ظهر من إيمانه ما خفي منه، وأنه لا يصح التحدي بأنه لا عبرة بتغيير الدين الطارئ بعد رفع الدعوى على اختصاص المجلس الملي. أولاً: لأن الدعوى التي رفعت إليه في 6 من يناير سنة 1951 هي غير الدعوى التي رفعت له في 25 مايو سنة 1951 بعد إسلام المدعى عليه، ثانياً: لو سلم جدلاً أنها نفس الدعوى فلا ولاية للمجلس الملي وذلك لسببين أولهما أن قاعدة عدم تأثير تغيير الدين الطارئ بعد رفع الدعوى على اختصاص الجهة المرفوع إليها الدعوى مشروط فيها - شأن الجنسية - أن تكون الجهة المطروح عليها النزاع ذات ولاية عامة وثانيهما أنه لا محل لتطبيق القاعدة في حالة إسلام المدعى عليه لأن في الأخذ بها مخالفة لقاعدة من قواعد النظام العام وهي أنه لا يجوز لجهة دينية غير إسلامية أن تقضي في الأحوال الشخصية الخاصة بمسلم.
وحيث إنه يبين مما تقدم أنه قد صدر بين طرفي الخصومة حكمان نهائيان متناقضان أولهما من المجلس الملي الفرعي للأقباط الأرثوذكس لمدينة القاهرة في 25 من مايو سنة 1951 وصدق عليه من المجلس الملي العام في 12 من يوليو سنة 1951، وقد قضى الحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص والفصل بين الطالبة والمدعى عليه والتصريح للطالبة بالزواج، والحكم الآخر صدر من محكمة مصر الجديدة الشرعية في 8 من يونيه سنة 1952 وهو يقضي برفض الدفع بعدم الاختصاص وبدخول الطالبة في طاعة زوجها "المدعى عليه" في المسكن الذي أعده وتأيد من المحكمة المذكورة في المعارضة التي رفعتها الطالبة وذلك بالحكم الصادر في 26 من أكتوبر سنة 1952 الذي تأيد استئنافياً من محكمة القاهرة الشرعية في 9 من إبريل سنة 1953 وبذلك تكون الجمعية العمومية لمحكمة النقض هي المختصة في الفصل في النزاع الناجم عن هذا التناقض وذلك وفقاً لنص المادة 19 من قانون نظام القضاء المعدل بالقانون رقم 400 سنة 1952 ولذلك يتعين رفض الدفع بعدم الاختصاص.
وحيث إن المحاكم الشرعية كانت منذ القدم هي المحاكم ذات الولاية العامة في مسائل الأحوال الشخصية وقد ظلت كذلك فلم يخرج من ولايتها إلا ما سمح المشرع أن يعهد به من هذه المسائل لجهات قضائية أخرى من ذلك أنه رأى أن يكون الفصل في مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بالأقباط الأرثوذكس من اختصاص مجلس طائفي عهد إليه النظر فيما يحصل بين أبناء الملة من الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية الواضحة أنواعها بكتاب الأحوال الشخصية الذي صار نشره مع قوانين المحاكم المختلطة فيما عدا ما هو من اختصاص المجالس الحسبية (المحاكم المدنية للأحوال الشخصية...) إنما مسائل المواريث لا تنظر إلا باتفاق جميع أولي الشأن فيها (المادة 16 من الأمر العالي الصادر في 14 من مايو سنة 1883 المعدلة بالقانون رقم 19 سنة 1927) وظاهر من نصوص الأمر العالي الصادر بإنشاء هذا المجلس في 14 من مايو سنة 1883 والقوانين المعدلة له أن المشرع قصر اختصاص المجلس الملي على مسائل الأحوال الشخصية المعينة في المادة السادسة عشرة منه كما أنه جعل مناط هذا الاختصاص الاستثنائي المحدود أن يكون طرفا الخصومة من أبناء الملة أي من الأقباط الأرثوذكس ومرجع هذا المناط أن المجلس هو مجلس خاص بطائفة بعينها لا يشترك في انتخاب من ينتخب من أعضائه إلا أفراد الطائفة القبطية الأرثوذكسية وأنه لصفته الخاصة لا يملك الحكم بغير قواعده التي تسري على أبناء الطائفة (هـ 23 من قرار وزير الداخلية الصادر في 16 من نوفمبر سنة 20) ولذلك قصر اختصاصه عليهم دون سواهم، وقد حرص المشرع عند إنشاء هذا المجلس على توكيد وجوب مراعاة شروط هذا الاختصاص، وعدم تجاوزها فأشار إلى ذلك في المادة الأولى من الأمر الصادر في 14 من مايو سنة 1883 كما نص في المادة 29 منه المعدلة بالقانون رقم 19 سنة 1927 على أن أحكام المجلس لا تنفذ إلا إذا صدرت في حدود اختصاصه وكانت تضيف إلى ذلك قبل تعديلها أنه إذا لاحظ البطريك أن المجلس تعدى اختصاصه في مسألة من المسائل فله أن يرفع الأمر إلى ناظر الداخلية الذي له في هذه الحالة بعد الاتفاق مع ناظر الحقانية أن يوقف تنفيذ كل قرار مخالف لأحكام اللائحة ومن هذا يبين أن المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس هو مجلس طائفي منح اختصاصاً استثنائياً في بعض مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بأبناء الطائفة دون غيرهم وأنه يشترط لتحقق هذا الاختصاص أن يكون طرفا الخصومة من الأقباط الأرثوذكس فإذا كان أحدهم من أبناء الطائفة والآخر مسلماً امتنع الاختصاص وظل على حاله للمحاكم الشرعية.
وأن أي حكم يصدره المجلس الملي في غير حدود اختصاصه لا يصح تنفيذه.
وحيث إنه بالرجوع إلى وقائع النزاع يتضح أن المجلس الملي وإن كان مختصاً بنظر دعوى الطالبة حين رفعتها في 6 من يناير سنة 1951 طالبة فرض نفقة لها على زوجها والحكم لها بالطلاق لسوء العشرة والخيانة الزوجية وذلك لما كان من اتحاد طرفي الخصومة في الملة وقت ذلك إلا أنه من الثابت أن المدعى عليه أصبح منذ 7 من مايو سنة 1951 مختلفاً في الدين عن المدعية، إذ أشهر إسلامه وقدّم بجلسة 11 من مايو سنة 1951 إعلاماً شرعياً يفيد ذلك ودفع بعدم اختصاص المجلس بنظر الدعوى فلما تأجلت الدعوى لجلسة 25 من مايو سنة 1951 بناء على طلب المدعية حضر وكيلها في الجلسة المذكورة وتنازل عن طلب النفقة وطلب الطلاق لإسلام الزوج المدعى عليه، فقضى المجلس برفض الدفع بعدم الاختصاص وبالطلاق لإسلام الزوج دون أن يتعرض لأي من السببين اللذين أقيمت عليهما الدعوى ابتداء وهما سوء العشرة والخيانة الزوجية، وبذلك يكون المجلس في قضائه بالفصل بين الزوجين لإسلام الزوج قد جاوز اختصاصه إذ قضى بإجابة طلب رفع إليه في 25 من مايو سنة 1951 بعد أن أصبح المدعى عليه مسلماً، وبذلك يكون قد فصل في دعوى اختلف طرفاها ديانة، وهي دعوى لا ولاية له عليها ذلك لأن مناط اختصاصه الاستثنائي المحدود هو وجوب اتحاد طرفي الخصومة في الملة، ولا يسوغ أن يمد المجلس اختصاصه لمثل هذا الطلب الإضافي بمقولة إنه متى كان عقد الزواج قد تم أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كان المجلس الملي مختصاً بالفصل في آثار الزواج مهما اختلفت ديانة الزوجين بعد العقد، ذلك لأن الأمر العالي الصادر بإنشاء المجلس إنما قام اختصاصه على اتحاد ملة طرفي الخصومة فحسب ولم يجعل لجهة تحرير عقد الزواج شأناً في الأمر فضلاً عن أن هذا القول يؤدي إلى نتيجة غير مقبولة وهي تطبيق القواعد التي كانت تحكم عقد الزواج وقت إبرامه على حالة جديدة أحدثها تغيير أحد الزوجين لدينه بعد الزواج، كذلك لا محل لتبرير اختصاص المجلس الملي بأنه وقد كان هو المختص بنظر الدعوى وقت رفعها إليه في 6 من يناير سنة 1951 يظل مختصاً بنظرها مهما طرأ عليها بعد رفعها مما يؤثر على اختصاصه، إذ هذا القول مدفوع، أولاً - بأن الدعوى التي رفعت للمجلس الملي في 6 يناير سنة 1951 وكان وقت ذلك مختصاً بنظرها هي دعوى نفقة وطلاق لسوء العشرة والخيانة الزوجية أما الطلب الذي فصل فيه المجلس وأجابه وهو الطلاق لإسلام الزوج فقد رفع له في 25 من مايو سنة 1951 بعد إسلام المدعى عليه أما الطلب السابق فلم يعرض له المجلس، ثانياً - إن المدعى عليه أصبح بعد أن أشهر إسلامه في 7 من مايو سنة 1951 مسلماً تحكم الشريعة الإسلامية وحدها دون غيرها حالته الشخصية وهما الطلاق والتطليق فلا يسوغ إعمالاً للقاعدة المقررة في فقه المرافعات إخضاعه في أحواله الشخصية للمجلس الملي وهو مجلس طائفي محدود الولاية لا يستطيع أن يحكم بغير القواعد التي وضعت لأبناء الطائفة من الأقباط الأرثوذكس إذ في هذا إهدار غير جائز لحقوق موضوعية ومخالفة للنظام العام ولا محل للقول بأن المدعى عليه لا يصح اعتباره مسلماً لأنه لا زال على دينه وإنه إنما أظهر اعتناقه للإسلام تهرباً من اختصاص المجلس الملي أو احتيالاً للكيد للمدعية، لا محل لمناقشة هذا القول بعد ما هو ثابت من أن المجلس الملي قضى باعتباره تاركاً دينه ومعتنقاً للإسلام معللاً بذلك قضاءه بالفصل بينه وبين زوجته وبعد ما ثبت أن محكمة مصر الجديدة الشرعية - التي تأيد حكمها استئنافياً - وقد دفع أمامها بعدم الاختصاص لأن الزوج ما زال على دينه قضت برفض الدفع لثبوت إسلام الزوج قائلة "إن إسلام الزوج أصبح ثابتاً رسمياً من تاريخ الإشهاد بإشهار الإسلام وأن المتداعيين قد أصبحا من هذا التاريخ (7 من مايو سنة 1951) لا يخضعان إلا لأحكام الشريعة الإسلامية ولا سبيل لطلاق المدعى عليها من المدعي إلا إذا طلقها هو أو طلقتها عليه المحكمة الشرعية وعلى ذلك يكون الطلاق الذي صدر من المجلس الملي قد صدر عن جهة لا تملك إصداره".
وحيث إنه لذلك يكون الحكم الصادر بين طرفي الخصومة من مجلس ملي فرعي القاهرة في 25 من مايو سنة 1951 والمصدق عليه من المجلس الملي العام في 12 من يوليو سنة 1951 والذي يقضي بالفصل بين الزوجين والتصريح للزوجة بالزواج قد صدر من المجلس الملي في غير حدود ولايته فلا يصح الاعتداد به أو تنفيذه.
وحيث إن الحكم الصادر من محكمة مصر الجديدة الشرعية في الدعوى رقم 195 سنة 1952 التي رفعها المدعى عليه طالباً دخول زوجته في طاعته والتي قضى فيها بذلك في 8 من يونيه سنة 1952 وتأيد استئنافياً من محكمة القاهرة الشرعية في 9 من إبريل سنة 1953 غير معتد بالحكم الصادر من المجلس الملي هو حكم صادر من المحكمة الشرعية وهي تملك الاختصاص وذلك لاختلاف ديانة الزوجين ولم يخالف فيما قضى به قاعدة من قواعد النظام العام وفي هذا ما يكفي لصلاحيته للتنفيذ ورفض طلب وقف تنفيذه.
على أنه مع ذلك فإن هذا الحكم - خلافاً لما تزعمه الطالبة - إذ قضى بإلزام الزوجة بالدخول في طاعة زوجها بعد إسلامه لم يصادم عقيدة دينية ترتبط بها الزوجة ويلزمها اتباعها ويحرم عليها مخالفتها إذ ليس في قواعد الدين المسيحي ما يحرم على الزوجة المسيحية أن تستمر في معاشرة زوجها الذي يغير دينه بعد الزواج ومرجع ذلك ما أثبته ابن العسال في الفصل الخامس "في حد الزواج وأحواله" وإن كان أخ له امرأة ليست بمؤمنة وهي تحب أن تقيم معه فلا يتركها وإن كانت امرأة من أهل الإيمان لها زوج غير مؤمن ويجب الرجل أن يقيم معها فلا تفارق بعلها فإن الرجل الذي لا يؤمن يطهر بالمرأة المؤمنة والمرأة التي لا تؤمن تطهر بالرجل المؤمن وإن أراد الذي لا يؤمن منهما الفرقة فليفارق صاحبه ولذلك كان الرأي عند بعض الفرق المسيحية كما ورد في حاشية المادة 82 من كتاب الخلاصة القانونية للايفومانس فيلوتاؤس عوض عدم إباحة الطلاق إذا غير أحد الزوجين دينه بعد الزواج بل يبقى الزواج قائماً ما دام أحد الزوجين المنفصل حياً - ولكن الرأي الذي يجري عليه المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس هو ما تضمنته المادة 51 من القواعد التي أقرها المجلس الملي في 9 من مايو سنة 1938 وما أوردته تفصيلاً المادة 8 من كتاب الخلاصة القانونية لفلتاؤس عوض وهو أنه إذا خرج أحد الزوجين عن الديانة النصرانية بالكلية وأشهر أمره علناً وترجح قطع الرجاء من الرجوع للدين المسيحي وتشكي من ذلك الزوج الآخر ورغب التصريح له من الرئيس الشرعي بالزواج بآخر مؤمن. فإن كان الزوج المفارق المذهب خرج عن إيمانه قريباً وجب على الرئيس إمهال الزوج الآخر مدة يمكن احتمالها أعني مدة لا يلحقه ضرر من مكوثها بدون زيجة لا في ذاته ولا في أحواله، ومتى صبرت ولم يرتجع المفارق وتأكد اليأس من توبته يمكن الزوج الآخر شرعاً من التزوج بمن يريد ولا سيما إذا كان المفارق النصرانية تزوج زيجة خارجة عن المذهب.
أي أن الرأي على أن يباح للزوجة المسيحية التي يترك زوجها الديانة المسيحية أن تطلب التطليق متى توافرت الشروط المبينة في المادة المشار إليها ولكن ظاهر أن هذا ليس واجباً يلزمها ديانة بل هو لا يعدو أن يكون مجرد خيار إن شاءت الزوجة أعملته وإن شاءت أهملته فلا تثريب عليها إن هي ظلت تعاشر زوجها بعد تغيير دينه - على أنه مهما يكن الرأي في هذا الشأن فليس للزوجة قانوناً التحدي بحق مكتسب في أن تطلب التطليق وفقاً لأحكام القانون الذي أبرم عقد الزواج تحت سلطانه ذلك لأن عقد الزواج - على الرأي السائد في فقه القانون لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مستقراً لا يتأثر بما قد يطرأ بعد إبرامه مما يكون من شأنه سريان قانون آخر في هذا الخصوص - وقد أيد المشرع المصري هذا النظر فيما سنه من قواعد لتنازع القوانين وذلك بما قرره في المادة 13 من القانون المدني من أنه "يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال - أما الطلاق فيسري عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق - ويسري على التطليق والانفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى.
وحيث إنه لذلك يكون طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الشرعية المشار إليه آنفاً على غير أساس ويتعين رفضه.