مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 761

(114)
جلسة 16 من مارس سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وعادل محمود فرغلي - المستشارين.

الطعن رقم 445 لسنة 26 القضائية

دعوى الإلغاء - ميعاد الستين يوماً - كيفية حسابه.
قرار النقل الذي يستر وسيلة للتخطي في الترقية ويستعصى على صاحب الشأن إدراك مراميه قبل أن يبين له هدفه ودواعيه - ميعاد الطعن فيه - حسابه من التاريخ الذي ينكشف لصاحب الشأن الغاية التي استهدفتها جهة الإدارة من إصداره - مناط ذلك: أن يكون النقل قد قصد به إقصاء العامل من وظيفته توطئه لتخطيه في الترقية وإفساح المجال لمن يليه في الأقدمية أو يدنوه في الكفاية وأن يتعذر عليه وقت صدور قرار النقل التعرف على قصد الجهة التي أصدرت قرار النقل - حساب الميعاد في مواجهة صاحب الشأن من تاريخ صدور قرار الإدارة بتخطيه في الترقية - أساس ذلك: علم صاحب الشأن لا يكون علماً كافياً بفحوى القرار وأهدافه إلا من تاريخ صدور قرار التخطي في الترقية - إذا كان قرار النقل لا يستهدف إقصاء العامل من وظيفته توطئة لتخطيه في الترقية أو إذا كانت ظروف الحال تكشف عن أن العامل كان عالماً وقت صدور قرار النقل بما تستهدفه الجهة الإدارية من النقل سواء بتخطيه أو حرمانه من أي ميزة من المزايا المادية أو الأدبية التي تحققها له الوظيفة فيما لو ظل شاغلاً لها فإنه يتقيد بميعاد الطعن في قرار النقل من وقت علمه بصدوره بحسبانه الوقت الذي تتوافر فيه لصاحب الشأن عناصر العلم بفحوى القرار ومراميه على الوجه الذي يكفل له الطعن فيه على استقلال - تطبيق. [(1)]


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 10/ 2/ 1980 أودع السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 445 لسنة 26 ق في الحكم الصادر بجلسة 13/ 12/ 1976 من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) في الدعوى رقم 776 لسنة 30 ق المقامة من السيدة.......... ضد رئيس الجمهورية وآخرين والقاضي:
أولاً: بعدم قبول طلب المدعية إلغاء القرار الجمهوري رقم 2210 لسنة 1971 فيما تضمنه من نقل المدعية إلى وزارة السياحة.
ثانياً: برفض طلب إلغاء القرار الإداري رقم 14/ 1972 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية.
ثالثاً: بإلزام المدعية المصروفات.
رابعاً: باستبعاد الطلب الاحتياطي بتعويض مؤقت من جدول الجلسة لعدم سداد الرسوم المستحقة عنه.
وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في ختام طعنه وللأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في أشطاره أولاً وثانياً وثالثاً، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها للفصل في موضوعها في هذا النطاق.
وبعد أن تم إعلان الطعن على الوجه المبين في الأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي انتهت فيه إلى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في أشطاره أولاً وثانياً وثالثاً والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها للفصل في موضوعها مجدداً في هذا النطاق.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16/ 11/ 1983 وبجلسة 29/ 5/ 1984 قررت الدائرة إحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لتنظرها بجلسة 17/ 11/ 1984 حيث نظرتها المحكمة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه قبل النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 9/ 8/ 1972 أقامت السيدة......... الدعوى رقم 776 لسنة 30 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بعد أن حصلت على قرار بإعفائها من الرسوم في 20/ 6/ 1972 من لجنة المساعدة القضائية بهيئة مفوضي الدولة، طالبة الحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 2210 لسنة 1971 الصادر بنقلها من هيئة الإذاعة والتليفزيون إلى وزارة السياحة وإلغاء القرار الصادر في 5/ 1/ 1972 بتخطيها في الترقية إلى الفئة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت شرحاً لدعواها أنها التحقت بالعمل الإعلامي منذ عام 1961 واكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال، وفي الوقت الذي كانت تنتظر فيه تطبيق لائحة العاملين بالإذاعة والتليفزيون عليها صدر قرار بنقلها وقرار بتخطيها في الترقية، وتنعى على قرار النقل انطواءه على عقوبة وحرمانها من تسوية حالتها وإنها تظلمت منه إلى رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة والإعلام خلال المدة القانونية إلا أنها لم تتلق رداً على شكواها، وبتاريخ 21/ 12/ 1972 صدر قرار رئيس المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية، ثم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم حيث قيد بجدولها تحت رقم 322 لسنة 20 ق، وبجلسة 18/ 1/ 1976 أصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، فأعيدت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات حيث قيدت بجدولها بذات الرقم السابق قيدها به.
وبجلسة 13/ 2/ 1979 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها القاضي:
أولاً: بعدم قبول طلب إلغاء القرار الجمهوري رقم 2210 لسنة 1971 فيما تضمنه من نقل المدعية إلى وزارة السياحة شكلاً.
ثانياً: برفض طلب إلغاء القرار الإداري رقم 14 لسنة 1972 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية.
ثالثاً: بإلزام المدعية المصروفات.
رابعاً: باستبعاد الطلب الاحتياطي بالحكم بتعويض مؤقت من الجدول لعدم سداد الرسوم المستحقة عنه، وأقامت قضاءها على أن القرار الجمهوري رقم 2210 لسنة 1971 الصادر بنقلها إلى وزارة السياحة قد صدر في 2/ 9/ 1971 إلا أن المدعية لم تتقدم بطلب إعفائها من الرسوم دعوى الإلغاء الخاصة بهذا القرار إلا في 22/ 2/ 1972 الذي قيد برقم 501/ 26 ق وصدر القرار بإعفائها من الرسوم في 20/ 6/ 1972 فأقامت الدعوى في 9/ 8/ 1972، وأن المدعية قد أقرت في صحيفة دعواها بعلمها بالقرار المطعون فيه علماً يقيناًَ منذ صدوره وليس في الأوراق دليل على تقديم المدعية لأي تظلم، وبذلك يكون طلب معافاتها من الرسوم المقدم 22/ 2/ 1972 قد قدم بعد المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء مما يجعل دعواها غير مقبولة شكلاً، أما بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 14 لسنة 1972 الصادر في 5/ 1/ 1972 بإجراء حركة ترقيات العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن قرار نقل المدعية وقد أصبح نهائياً حصيناً من الإلغاء أو السحب فإن طلب إلغاء قرار ترقية العاملين بالاتحاد يكون على غير أساس سليم من القانون باعتبار أن المدعية وقت صدوره لم تكن من عداد العاملين بالاتحاد ولا يكون لها الحق في الطعن في حركة الترقيات الصادرة بشأن العاملين فيه مما يتعين معه رفض طلب إلغاء قرار الترقية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضى به من عدم قبول طلب إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 2210 لسنة 1971 بنقل المدعية إلى وزارة السياحة شكلاً، ورفض طلب إلغاء القرار رقم 14 لسنة 1972 فيما تضمنه من تخط للمدعية في الترقية تأسيساً على أن المدعية إنما كانت تنعى على قرار نقلها انطواءه على الرغبة في عقابها وحرمانها من تسوية حالتها وتخطيها في الترقية إلى الفئة الخامسة على ما انطوى عليه القرار رقم 14/ 1972 الصادر في 5/ 1/ 1972 بإجراء حركة ترقيات العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون، وكان هذا القرار الأخير هو الذي كشف للمدعية عن الهدف الذي كان تتغياه جهة الإدارة من قرار النقل، ومن ثم فإنه يعتد في حساب ميعاد الطعن للإلغاء في قرار نقلها من عملها باتحاد الإذاعة والتليفزيون إلى وزارة السياحة بذات الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء في قرار الترقية الذي تضمن تخطيها فلا يسوغ أن تحاسب المدعية على ميعاد الطعن في قرار النقل قبل أن يتكشف لها هدفه ودواعيه وتسفر جهة الإدارة عن وجهها فيما كانت ترمى إليه بالنقل.
ومن حيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قرار النقل الذي يستر وسيلة للتخطي، ويستعصى على صاحب الشأن إدراك مراميه قبل أن يظهر له هدفه ودواعيه، فإنه لا يحاسب على ميعاد الطعن فيه إلا من التاريخ الذي يتكشف له الغاية التي استهدفتها جهة الإدارة من ورائه، إلا أن مناط ذلك أن يكون النقل قد قصد به فعلاً إقصاء العامل من وظيفته توطئة لتخطيه في الترقية وإفساح المجال لم يليه في الأقدمية أو يدنوه في الكفاية من أن يشغل الوظيفة التي كان يستحقها فيما لو ظل قائماً بعمله في الوحدة الإدارية أو المجموعة الوظيفية التي نقل منها وأن يتعذر عليه وقت صدور قرار النقل أن يتعرف على قصد الجهة التي أصدرت قرار النقل، وما تهدف إليه من وراء ذلك من تأثير على مركزه القانوني، ففي هذه الحالة فحسب - إذا توافرت شروطها - يكون من العدل ألا تسري المواعيد في مواجهة صاحب الشأن إلا من تاريخ صدور قرار الإدارة بتخطيه في الترقية خروجاً على القاعدة العامة من سريان مواعيد الطعن في كل قرار إداري من تاريخ علم صاحب الشأن به باعتبار أن علم صاحب الشأن، لا يكون في هذه الحالة، علماً كافياً بفحوى القرار وأهدافه ومراميه، إلا من تاريخ صدور قرار التخطي في الترقية، أما إذا كان قرار النقل لا يستهدف إقصاء العامل من وظيفته توطئة لتخطيه في الترقية، أو كانت ظروف الحال تكشف عن أن العامل كان عالماً وقت صدور قرار النقل بما تستهدفه الجهة الإدارية من النقل سواء بتخطيه أو حرمانه من أي مزية من المزايا المادية أو الأدبية التي تحققها له الوظيفة فيما لو ظل شاغلاً لها، فلا مناص من إلزامه بمواعيد الطعن في القرارات الإدارية من وقت علمه بصدور قرار النقل - إن أراد الطعن فيه بحسبانه الوقت الذي تتوافر فيه لصاحب الشأن عناصر العلم بفحوى القرار ومراميه على الوجه الذي يكفي للطعن فيه على استقلال.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الطعن أنه بتاريخ 2/ 9/ 1971 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 210 لسنة 1971 ناصاً في مادته الأولى على أن "ينقل السادة العاملون بقطاع الإعلام الواردة أسماؤهم في الكشوف المرفقة بدرجاتهم ومكافآتهم إلى الجهات الموضحة قرين اسم كل منهم بهذه الكشوف ويحتفظ لمن يتقاضى منهم بدل طبيعة عمل بقيمة هذا البدل على أن تستهلك هذه القيمة من علاواته الدورية أو علاوات ترقية مستقبلة".
وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية صراحة عن أسباب صدور هذا القرار فجاء بها أن "...... تستدعي دواعي أمن سلامة العمل بالإذاعة والتليفزيون والاستعلامات نقل بعض العاملين بهذه الجهات ممن تناولتهم كشوف التنظيمات السرية أو كانوا على علاقات وثيقة ومريبة بالمتآمرين - إلى جهات أخرى على أن يكون نقلهم بدرجاتهم أو مكافآتهم..". وقد ورد اسم المدعية ضمن هذه الكشوف من بين العاملين الذين تقرر نقلهم إلى وزارة السياحة، وتنفيذاً لهذا القرار استلمت المذكورة عملها في وزارة السياحة بتاريخ 9/ 10/ 1971 وبتاريخ 5/ 1/ 1972 أصدر اتحاد الإذاعة والتليفزيون القرار رقم 14 لسنة 1972 بإجراء حركة ترقيات تنفيذاً لقرار رئيس المجلس الأعلى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون رقم 2 لسنة 1972 الصادر بلائحة العاملين بالاتحاد والذي نصت المادة 104 منها على أن "ترفع فئات العاملين بالاتحاد وقطاعاته الذين أمضوا في فئاتهم الوظيفية حتى 31/ 12/ 1971 مدداً لا تقل عن المدة المحددة قرين كل فئة من الفئات التالية - إلى الفئة الوظيفية التي تعلوها مباشرة" ويبين من مطالعة القرار المشار إليه أنه تضمن إجراء حركة ترقيات شاملة لجميع العاملين بالاتحاد الذين أمضوا في فئاتهم الوظيفية المدد المبينة بالجدول الملحق بها، ومن ثم فإن القرار المذكور يكون قد صدر تنفيذاً حتمياً لقاعدة تنظيمية لم تمارس فيها الجهة الإدارية سلطتها التقديرية في اختيار العاملين بالاتحاد لشغل الوظائف، واقتصرت مهمتها على نقل المراكز القانونية العامة الثابتة للعاملين بمقتضى اللائحة إلى مراكز ذاتية ينفرد بها أصحابها دون أن تتدخل في إقامة المفاضلة بينهم توطئة لشغل الوظائف الأعلى.
ومن حيث إنه يبين من العرض المتقدم للملابسات التي أحاطت بقرار النقل ودون الخوض في الموضوع - إن قرار نقل المدعية وغيرها من العاملين قد صدر مستقلاً عن القرار الصادر بإجراء حركة الترقيات سواء من حيث السلطة التي أصدرت كلاً منهما أو الأهداف التي قصدت إليها، فقد بات واضحاً أن قرار النقل قد صدر من رئيس الجمهورية بقصد إقصاء العناصر التي أثبتت ثورة التصحيح وما صاحبها من تحقيقات إخطارها على المصالح العليا في الدولة إذا ما استمرت على رأس العمل في أجهزة الإعلام بما لها من قدرة في التأثير على الجماهير، وهي أهداف تسمو إن صح سندها - عما تقتضيه مجرد رغبة اتحاد الإذاعة والتليفزيون في إقصاء بعض العاملين فيه لإفساح المجال لغيرهم للترقية بدلاً منهم سيما وإن إقصاءهم أو الإبقاء عليهم لن يؤثر على حق العاملين في الترقية إلى الوظائف الأعلى إذا ما توافرت شروط الترقية الواردة في لائحة العاملين بالاتحاد الأمر الذي يتظاهر على فصم عرى الوصل المصطنع بين قرار النقل الصادر من رئيس الجمهورية تحقيقاً لدواعي الأمن والقرار الصادر من اتحاد الإذاعة والتليفزيون تطبيقاً للائحة العاملين به ويجعل كل منهما مستوفياً لشروط الكفاية الذاتية في المضمون والهدف والمرمى على وجه لا يجوز معه تعليق أحدهما على الآخر.
ومن ثم يكون علم المدعية بقرار النقل علماً يقينياً باستلامها العمل في وزارة السياحة اعتباراً من 9/ 10/ 1971 مبدأ لسريان مواعيد الطعن في مواجهتها بحسبان هذا العلم اليقيني كافياً للتعرف على فحوى القرار وما تهدف إليه دون أن يؤثر في مضمون هذا العلم أو مؤداه صدور قرار اتحاد الإذاعة والتليفزيون بتطبيق لائحة الإتحاد على زملائها.
ومن حيث إنه لا مقنع في القول بأن الجهة الإدارية كانت بسبيل إصدارها للائحة العاملين والتي كانت قد قررت إصدارها في أول إبريل سنة 1971، إلا أنها تراخت عمداً في إصدارها حتى شهر نوفمبر سنة 1971 وريثما يتم نقل المدعية وزملائها - إذ لو صح هذا القول لتأكد أن المدعية كانت وقت صدور النقل على علم تام بكل ما يرمى إليه قرار النقل من أهداف، ومن ثم تفقد كل رخصة في تراخيها عن إقامة دعواها طعناً في القرار المذكور الذي أحاطت بكل ظروفه وملابساته في المواعيد المقررة قانوناً لإلغائه فإذا كان الثابت أن المدعية قد تسلمت عملها في وزارة السياحة تنفيذاً لقرار النقل في 9/ 10/ 1971، إلا أنها تراخت في اللجوء إلى القضاء حتى تقدمت بطلب إعفائها من الرسوم القضائية في 22/ 2/ 1972 أي بعد فوات المواعيد المقررة قانوناً لإلغاء قرار النقل المشار إليه، فإن المحكمة تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه من القضاء بعدم قبول دعواها شكلاً، لاكتساب قرار النقل بعدم الطعن فيه في المواعيد حصانة تعصمه من الإلغاء، ويكون طعن هيئة مفوضي الدولة قائماً على غير أساس سليم من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فقد أضحت المدعية بصدور قرار نقلها إلى وزارة السياحة من غير عداد العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون ومن ثم فلا يكون لها حق في الطعن في القرارات الصادرة بترقية العاملين في الاتحاد، وإذ انتهجت المحكمة - في حكمها الطعين - هذا النهج فإنها لا تكون قد جانبت الصواب إن هي قضت برفض طلب إلغاء قرار الترقية المطعون فيه، ويكون النعي عليها بمخالفتها للقانون هو بدوره غير جدير بالقبول مما يتعين معه القضاء برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.


[(1)] يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 الصادر بجلسة 15/ 12/ 1985 والذي يقضي بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في قرارات النقل والندب.