مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 781

(117)
جلسة 17 من مارس سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين - المستشارين.

الطعن رقم 632 لسنة 28 القضائية

عاملون بالقطاع العام - التسكين في الوظائف العامة - ضرورة تمويلها في الميزانية.
"يلزم التسكين أن تكون الوظائف التي يتم التسكين فيها ممولة في الميزانية، فلا يكفي إنشاء وظائف في جدول التقييم بالتوصيف المراد لها ولكن يتعين أن يكون لهذه الوظائف صداها في الميزانية بوصفها الوسيلة الوحيدة لإمكان اعتبار شغلها جائزاً وممكناً قانوناً - إذا ترتب على تسوية حالة العامل استحقاقه إحدى الفئات المالية الأعلى من الفئة التي كان يشغلها فإنه لا يجوز منحه هذه الفئة إلا إذا كانت الوظيفة التي استوفى شرط شغلها قد تم تمويلها - قواعد النقل الحكمي التي طبقت في شأن المؤسسات العامة إذا كانت من شأنها ترتيب أعباء مالية جديدة على عاتق الخزانة العامة فلا يتولد أثرها إلا بوجود الاعتماد اللازم لتنفيذها فإن لم يوجد أصلاً كان تحقيق هذا الأثر غير ممكن قانوناً" - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17 من مارس سنة 1982 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 632 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 18 من يناير سنة 1982 في الدعوى رقم 1010 لسنة 29 القضائية المقامة من ورثة نمر تادرس المصري ضد وزير المالية ورئيس مجلس إدارة شركة مطاحن جنوب القاهرة والجيزة والذي قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة إلى المدعى عليه الثاني وبقبولها شكلاً بالنسبة إلى المدعى عليه الأول بصفته وبأحقية مورث المدعين في تسوية حالته بوظيفته الواردة بجدول التعادل لوظائف المؤسسة الملغاة والمقرر لها الفئة الثالثة اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك من 1/ 7/ 1975 وألزمت الإدارة المصروفات.
وطلب الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات واحتياطياً إلغاء قرار تسكين تسكيناً حكمياً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 28 من مايو سنة 1984 وبجلسة 10 من ديسمبر سنة 1984 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث حدد لنظره أمامها جلسة 3 من فبراير سنة 1985 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، حسبما يستفاد من الأوراق، في أن مورث المدعين (نمر تادرس المصري) وهم: ايلين، تفيدة، ميلاد، دنيال، نفرتاري، تادرس المصري أقام دعواه ابتداء أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 10/ 5/ 1973 طالباً الحكم بتسوية حالته بوظيفة مدير مطحن من الفئة الثالثة اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتباراً من 1/ 7/ 1965 وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه عين بتاريخ 1/ 7/ 1963 مديراً لمطاحن دار السلام بأجر شهري قدره أربعون جنيهاً وسويت حالته في مارس سنة 1969 بوضعه على الفئة الثالثة بأجر شهري شامل قدره سبعة وخمسون جنيهاً. ومن ثم يحق له أن يطلب تسوية حالته على الفئة الثالثة اعتباراً من 1/ 7/ 1964.
وبجلسة 11/ 1/ 1975 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدولها برقم 1010 لسنة 29 القضائية.
وبجلسة 18/ 1/ 1982 حكمت محكمة القضاء الإداري بأحقية مورث المدعين في تسوية حالته بوظيفته الواردة بجدول التعادل لوظائف المؤسسة الملغاة والمقرر لها الفئة الثالثة اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك من 1/ 7/ 1975 وإلزام الإدارة المصروفات. تأسيساً على أن المؤسسة الملغاة أعملت في تسوية حالة المدعي قاعدة النقل الحكمي طبقاً لتعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وأهدرت القاعدة التنظيمية الواجبة الأعمال في هذا الخصوص وهي المنصوص عليها في المادتين 63، 64 والتي يعتد فيها بالوظيفة التي يشغلها العامل فإنها تكون قد خالفت أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1963 وبذلك يكون قرارها باطلاً لفساد الأساس الذي قام عليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الثابت من مذكرة دفاع جهة الإدارة أن الوظائف بالمؤسسات العامة ومن بينها المؤسسة المدعى عليها (الملغاة) لم يتم تمويلها بموازنة تلك المؤسسة مما اقتضى إعمال قواعد النقل الحكمي في شأن هؤلاء العاملين ومن ثم تكون دعاوى هؤلاء العاملين بتسوية حالتهم وفقاً لنص المادتين 63، 64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 62 غير قائمة على أساس سليم واجبة الرفض لعدم توافر الاعتماد المالي فضلاً عن أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على إلغاء قرار التسكين الحكمي دون التصدي لتسوية حالة العامل صاحب الشأن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يلزم للتسكين أن تكون الوظائف التي يتم التسكين فيها ممولة في الميزانية، فلا يكفي إنشاء وظائف في جداول التقييم بالتوصيف المراد لها. ولكن يتعين أن يكون لهذه الوظائف صداها في الميزانية بوصفها الوسيلة الوحيدة لإمكان اعتبار شغلها جائزاً وممكناً قانوناً، فكما أنه لا يجدي وجود مصرف في الميزانية دون تخصيص، فمن جهة أخرى لا قيام لتخصيص دون مخصص في الميزانية فكل يجري في نطاقه. وتبعاً لذلك إذا ترتب على تسوية حالة العامل استحقاقه إحدى الفئات المالية الأعلى من الفئة التي كان يشغلها فإنه لا يجوز منحه هذه الفئة إلا إذا كانت الوظيفة التي استوفى شروط شغلها قد تم تمويلها، فإذا تم نقل العامل إلى الفئة المالية المعادلة للدرجة التي كان يشغلها قبل تسوية حالته وفقاً لقواعد النقل الحكمي التي طبقت في شأن المؤسسات العامة خلافاً لما اتبع بالنسبة للشركات التابعة لها، فإن النقل إذا كان من شأنه ترتيب أعباء مالية جديدة على عاتق الخزانة العامة فلا يتولد أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذاك جائزاً وممكناً قانوناً، وهو يصبح كذلك بوجود الاعتماد اللازم لتنفيذه فإن لم يوجد أصلاً كان تحقيق هذا الأثر غير ممكن قانوناً.
وفي خصوص ميزانية المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز فلا يوجد لوظائفها صدى من تعديل أو تمويل للتقييم المقول به. "حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 6/ 6/ 1982 في الطعن رقم 1071/ 26 ق".
ومن حيث إن المدعين يهدفون من دعواهم إلى تسوية حالة مورثهم "نمر تادرس المصري" بوظيفة مدير مطحن من الفئة الثالثة اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وما يترتب على ذلك آثار. في حين أن مثل هذه الوظيفة لم تكن ممولة فمن ثم يستحيل قانوناً إجابتهم إلى هذا الطلب لعدم وجود الاعتماد المالي المخصص لمواجهة مثل هذه الأعباء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا النظر فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات.