أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 774

جلسة 15 من إبريل سنة 1954
(116)
القضية رقم 314 سنة 22 القضائية

برئاسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) ضرائب. التنازل عن المنشأة تم قبل العمل بالقانون رقم 137 لسنة 1948. عدم سريان أحكام هذا القانون. وجوب تطبيق المادتين 58، 59 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلهما.
(ب) ضرائب. المقصود بالقانون رقم 11 لسنة 1940. هو حماية البائع للمحل التجاري في استيفاء باقي الثمن.
1 - متى كان التنازل عن المنشأة قد تم وأخطرت به مصلحة الضرائب قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 137 لسنة 1948 فإن أحكام هذا القانون لا تسري عليه بل تنطبق أحكام المادتين 58 و59 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلهما.
2 - لا محل للتحدي في هذا الخصوص بأحكام القانون رقم 11 سنة 1940 الذي كان معمولاً به وقت التنازل والقول بأن مصلحة الضرائب تعتبر وفقاً له من الغير فلا يسري عليها التنازل إلا إذا كان ثابتاً بعقد رسمي أو بعقد عرفي مقرون بالتصديق على التوقيعات فيه، ذلك لأن هذا القانون لا يضفي على الدائنين حماية أكثر مما تقرره القواعد العامة ولا يمنع من سريان عقد بيع المحل التجاري في حق دائني البائع حتى ولو تم البيع دون اتباع ما يقضي به القانون المذكور من إجراءات، ذلك أن هذا القانون إنما قصد به ضمان حق البائع في حالة عدم استيفاء المتبقي له من الثمن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنة والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن مورث المطعون عليهم الأولين أقام الدعوى رقم 1353 سنة 1950 الدرب الأحمر على الطاعنة والمطعون عليها الثانية بصحيفة قال فيها إنه في 17 من أكتوبر سنة 1950 أوقعت الطاعنة باعتبارها دائنة للمطعون عليها الثانية حجزاً إدارياً وفاء لضرائب مستحقة لها على منقولات المطعم المملوك له بموجب عقد بيع صادر له من المطعون عليها الثانية في 28 من نوفمبر سنة 1947 ومعلن بجريدة المحاكم المختلطة في 22 من ديسمبر سنة 1947 وأخطرت به الطاعنة في 30 من نوفمبر سنة 1947 فأجابت في 11 من ديسمبر سنة 1947 بأنها لا تمانع فيه. وكانت حجزت قبل ذلك على هذه المنقولات وفاء لمبلغ 157 جنيهاً فدفعه لها مورث المطعون عليهم الأولين في 13 من نوفمبر سنة 1948، ولكنها عادت وأوقعت الحجز من جديد في 17 من أكتوبر سنة 1950 وطلب الحكم بأحقيته للمنقولات المحجوزة وإلغاء الحجز. وفي 8 من إبريل سنة 1951 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أن الحجز الموقع في 17 من أكتوبر سنة 1950 إنما كان وفاء لضرائب مستحقة على البائعة من سنة 1940 إلى سنة 1946 أي من تاريخ سابق على تاريخ البيع وأن كلاً من المتنازل والمتنازل له مسئول بالتضامن عما استحق من ضرائب حتى تاريخ التنازل وفقاً للمادة 59 من القانون رقم 14 سنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 137 سنة 1948. فاستأنف مورث المطعون عليهم الأولين هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 1058 سنة 1951 س القاهرة. وفي 13 من مايو سنة 1952 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (مورث المطعون عليهم الأولين) للمنقولات الموضحة بصحيفة الدعوى والمحجوز عليها بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 1950 بناء على طلب مصلحة الضرائب ضد المستأنف عليها الثانية (المطعون عليها الثانية) وإلغاء الحجز المذكور. فقررت مصلحة الضرائب بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بإلغاء الحجز الموقع من مصلحة الضرائب واعتبار عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث المطعون عليهم الأولين حجة على الطاعنة - مع أن هذا العقد هو عقد بيع محل تجاري لم يثبت بعقد رسمي أو بعقد عرفي مقرون بالتصديق على توقيعات طرفيه ولم يشهر بقيده في السجل الخاص، ومن ثم فإنه لا يعتبر حجة على مصلحة الضرائب التي تعتبر من الغير وفقاً للمادتين 1 و2 من القانون رقم 11 سنة 1940 - ومع أن نص المادة الأولى من القانون رقم 137 سنة 1948 الصادر بتعديل المادة 59 من القانون رقم 14 سنة 1939 لم يقصد به استحداث حكم جديد بل قصد به زيادة الإيضاح وتأكيد نية المشرع في وجوب تطبيق أحكام القانون رقم 11 سنة 1940 ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية مورث المطعون عليهم الأولين في المحجوزات وإلغاء الحجز استناداً إلى أن مورثهم أخطر مصلحة الضرائب بالتنازل دون مراعاة القانونين رقمي 11 سنة 1940 و137 سنة 1948 - قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلغاء الحجز على أن مناط مسئولية مورث المطعون عليهم الأولين عن الضرائب التي استحقت على المالكة السابقة هو أن "لا يكون قد أخطر مصلحة الضرائب بالشراء في الميعاد القانوني الذي نصت عليه المادتان 58 و59 من القانون رقم 14 سنة 1939 أي في بحر ستين يوماً من تاريخ التنازل عن المنشأة - أما وقد ثبت فعلاً أنه أخطر مصلحة الضرائب في هذا الميعاد فلا يكون هناك وجه لإلزامه بالضرائب المستحقة على المستأنف عليها الثانية وتكون دعوى المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) في هذا الصدد على غير أساس إذ أن التعديل الذي جاء به القانون رقم 137 سنة 1948 لا يسري على الماضي فهو لا يسري على حالات التنازل السابقة على تاريخ صدوره وهذه تحكمها المادتان سالفتا الذكر. وإخطار المستأنف للمصلحة في الميعاد يدرأ عنه أية مسئولية مستقبلة عن الضرائب السابقة يؤيد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير بأن الباعث على استصدار هذا القانون هو ما أسفر عنه التطبيق العملي لنص المادة 59 سالفة الذكر في التجاء بعض الممولين إلى التنازل عن منشآتهم الخاضعة للضريبة تنازلاً صورياً بقصد التخلص من الضرائب المستحقة عليهم. وكانت مصلحة الضرائب لا تستطيع توقيع الحجز الإداري على المنشأة المتنازل عنها ما دام أن كلاً من البائع والمشتري قد أخطراها بهذا التنازل في الموعد المحدد فأرادت المصلحة أن تتلافى هذا التهرب بنص صريح تحتم فيه تطبيق أحكام القانون رقم 11 سنة 1940 الذي يحتم في مادته الأولى أن يكون عقد البيع ثابتاً بعقد رسمي أو بعقد عرفي مقرون بالتصديق على توقيعات المتعاقدين أو بأختامهم حتى يكون للتنازل مبنى الجدية والصحة". وهذا الذي جاء بالحكم صحيح في القانون ذلك بأنه يبين من مطالعة المادتين 58 و59 من القانون رقم 14 سنة 1939 قبل تعديلهما بالقانون رقم 137 سنة 1948 أنهما كانتا تنصان على أنه في حالة التنازل عن منشأة يجب في ظرف ستين يوماً من تاريخ التنازل أن يقوم المتنازل والمتنازل له بتبليغ مصلحة الضرائب عن هذا التنازل وفي حالة عدم الإخطار يكون المتنازل له مسئولاً بالتضامن مع المتنازل عما كان مستحقاً من الضرائب على المنشأة قبل حصول التنازل، ثم رأى المشرع أن التطبيق العملي لنص المادة 59 سالفة الذكر أسفر عن تهرب كثيرين من الممولين عن أداء الضرائب المستحقة عليهم بإجراء تنازلات صورية عن منشآتهم وإخطار مصلحة الضرائب بها في الموعد المحدد فأراد أن يتلافى ذلك بنص صريح فأصدر القانون رقم 137 سنة 1948 واستبدل بنص المادة 59 من القانون رقم 14 سنة 1939 نصاً جديداً يقضي بألا يكون التنازل حجة فيما يتعلق بتحصيل الضرائب ما لم تتخذ الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 11 سنة 1940، ولما كان القانون رقم 137 سنة 1948 لم يعمل به إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 12 من أغسطس سنة 1948 كما نصت على ذلك المادة الثانية منه، وكان التنازل موضوع الطعن قد حصل في 28 نوفمبر سنة 1947 وأخطرت عنه مصلحة الضرائب وأجابت بعدم الممانعة في 11 ديسمبر سنة 1947، فإن أحكام هذا القانون لا تسري عليه بل تنطبق عليه أحكام المادتين 58 و59 من القانون رقم 14 سنة 1939 قبل تعديلهما، ولا يجدي الطاعنة في هذا المقام التحدي بأحكام القانون رقم 11 سنة 1940 الذي كان معمولاً به وقت التنازل والقول بأنها تعتبر وفقاً له من الغير فلا يسري عليها التنازل إلا إذا كان ثابتاً بعقد رسمي أو بعقد عرفي مقرون بالتصديق على التوقيعات فيه، لا يجديها ذلك لأن هذا القانون لا يضفي على الدائنين حماية أكثر مما تقرره القواعد العامة ولا يمنع من سريان عقد بيع المحل التجاري في حق دائني البائع حتى ولو تم البيع دون اتباع ما يقضي به القانون المذكور من إجراءات ذلك أن هذا القانون إنما قصد به ضمان حق البائع في حالة عدم استيفاء المتبقي من الثمن ومن ثم يتعين رفض الطعن.