مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 796

(120)
جلسة 19 من مارس سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 406 لسنة 28 القضائية

جمارك.
المادة 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك - لموظفي الجمارك الحق في الاطلاع على الأوراق والمستندات لدى الأشخاص الذين لهم صلة بالعمليات الجمركية. على الأشخاص المذكورين الاحتفاظ بالمستندات لمدة خمس سنوات - القانون لم يرتب أي جزاء على مخالفة الالتزام بالاحتفاظ - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز الاستناد إلى عدم الاحتفاظ بالمستندات لنقل عبء إثبات سداد الرسوم الجمركية على الأشخاص - أساس ذلك: البضائع الموجودة أو المضبوطة خارج الدائرة الجمركية تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وعلى المدعي العكس إثبات ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق الحادي والعشرين من فبراير سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزير المالية ومدير عام مصلحة الجمارك ومراقب عام الشئون القانونية والإدارية بجمرك الإسكندرية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 406 لسنة 28 قضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 31/ 12/ 1981 في الدعوى رقم 760 لسنة 33 قضائية فيما قضى به من إلزام مصلحة الجمارك بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 540 مليم 3914 جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات ووقف الفصل في طلب الفوائد القانونية لحين الفصل في الدعوى الدستورية رقم 20 لسنة 1 وألزمت المدعي والإدارة بالمصروفات مناصفة بينهما، وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده في 12/ 5/ 1982، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه لأسباب إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المطعون ضده بالمصروفات وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) جلسة 9/ 11/ 1984 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 19/ 12/ 1984 وبجلسة 6/ 2/ 1985 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 19/ 2/ 1985 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما تبين من الأوراق تخلص في أن السيد/........ أقام الدعوى رقم 2303 لسنة 1978 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعنين طلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا مبلغ 540 مليم و 3914 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية والمصاريف، وقال شرحاً لدعواه أنه ضبط يقود سيارته وبها كمية من البضائع الأجنبية بنقطة سملا التي تبعد عن بلده مرسى مطروح بحوالي 25 كيلو متراً وحرر عن ذلك المحضر رقم 78/ 1973 جنح أمن الدولة مطروح لاتهامه بحيازة بضائع أجنبية مستوردة محظور تداولها بقصد الاتجار فيها، وقضت محكمة أمن الدولة ببراءته من هذه التهمة وصدق رئيس الجمهورية على الحكم، فتقدم بطلب إلى دائرة الجنح المستأنفة بمحكمة الإسكندرية لاستلام المضبوطات المودعة بمصلحة الجمارك على ذمة الفصل في القضية المشار إليها وبجلسة 29/ 10/ 1977 صدر قرار المحكمة بتسليمه المضبوطات وتنفيذاً لهذا الحكم أرسلت نيابة مطروح كتابها المؤرخ 13/ 11/ 1977 إلى مصلحة الجمارك لتسليمه المضبوطات ولكن مراقب عام الشئون القانونية والإدارية بجمرك الإسكندرية أصدر قراراً بالموافقة على صرف قيمة المضبوطات بعد خصم الرسوم الجمركية عنها، ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته قانون الجمارك إذ كان على مصلحة الجمارك أن تقوم بتسليمه البضائع المضبوطة ذاتها دون التصرف فيها بالبيع بطريق المزاد لأن ذلك أنقص قيمتها الحقيقية وثمنها وفضلاً عن ذلك فإن مصلحة الجمارك وقد تصرفت في البضائع بالبيع فكان عليها أن تدفع له ثمن البيع كاملاً دون خصم الرسوم الجمركية لأن الأصل في البضائع التي تضبط خارج الدائرة الجمركية أنها خالصة الرسوم الجمركية وعلى من يدعى غير ذلك يقع عليها عبء الإثبات، وأضاف المدعي أن مصلحة الجمارك سبق لها تقدير قيمة البضائع بمبلغ 14 ألف جنيه وأنها باعتها بمبلغ 640 مليم و 8738 جنيه وبذلك تكون قد ألحقت به خسارة بخلاف ما فاته من كسب يقدره طبقاً لسعر السوق بمبلغ 640 مليم و4738 جنيه وبذلك يصبح مجموع الخسارة التي لحقته والكسب الذي فاته مبلغ عشرة آلاف جنيه، ولذا يكون من حقه الحصول على قيمة الرسوم الجمركية التي خصمتها مصلحة الجمارك وهي 540 مليم و3914 جنيه وكذلك مبلغ عشرة آلاف جنيه كتعويض لتكون جملة ما يطلب الحكم له به 540 مليم و13914 جنيه. وبجلسة 26/ 3/ 1979 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص، وقيدت الدعوى أمام المحكمة الأخيرة برقم 760 لسنة 33 قضائية، وأمامها ردت مصلحة الجمارك على الدعوى بمذكرة جاء بها أن المصلحة قامت ببيع البضائع طبقاً للمادة 127 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك بالمزاد العلني خشية أن تتعرض للتلف أو النقص ولا مسئولية عليها في ذلك، والعبرة في تحديد قيمتها بالثمن الذي بيعت به بالمزاد العلني طبقاً للإجراءات المقررة وكان على المدعي أن يطعن في سلامة وصحة هذه الإجراءات، ونظراً لأن المدعي لم يقدم ما يفيد سداده الرسوم الجمركية على هذه البضائع فقد تم خصم قيمة الرسوم من ثمن البضائع، وبذلك لا يكون ثمة وجه للمطالبة بتعويض لعدم توافر عناصر المسئولية الإدارية، وبجلسة 31/ 12/ 1981 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأصل أن البضائع الأجنبية الموجودة خارج الدائرة الجمركية تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وأن من يدعى خلاف ذلك فهو المكلف قانوناً بإثباته ولما كان الثابت أن البضائع ضبطت خارج الدائرة الجمركية فإنها تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وعلى الإدارة إثبات عكس ذلك، وبالتالي فلا يحق لها خصم قيمة الرسوم الجمركية من الثمن الذي بيعت به البضائع ويكون قيامها بخصم هذه الرسوم وهي مبلغ 540 مليم و3914 جنيه على خلاف القانون ويجب رده، وأضافت المحكمة أن قيام جهة الإدارة ببيع البضائع رغم عدم قابليتها للتلف أو النقصان مخالف لأحكام قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 غير أن الثابت من الأوراق أن المدعي لم يحتفظ بالمستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية المدة المقررة طبقا للمادة 30 من قانون الجمارك المشار إليه، ولذا فقد أخطأ بتواجده في منطقة الرقابة الجمركية ومعه البضائع دون ما يفيد سداده الرسوم الجمركية، وهذا الخطأ من جانبه يجب خطأ جهة الإدارة المتمثل في بيع المضبوطات ويستغرقه، الأمر الذي ترى معه المحكمة رفض طلب التعويض، وفيما يتعلق بطلب الفوائد القانونية فقد أوقفت المحكمة الفصل في هذا الطلب لحين الفصل في الدعوى الدستورية رقم 20 لسنة 1 بشأن دستورية المادة 226 من القانون المدني.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون فقد استندت المحكمة في حكمها برد الرسوم الجمركية إلى أن المطعون ضده ضبط خارج الدائرة الجمركية يحمل البضائع المستوردة ولذا فإن المضبوطات تعتبر خالصة الرسوم طالما أن مصلحة الجمارك لم تثبت العكس، وهذا النظر مخالف للقانون لأن المطعون ضده ملزم طبقاً للمادة 30 من قانون الجمارك بإثبات سداده الرسوم الجمركية للبضائع المضبوطة والاحتفاظ بما يفيد ذلك لمدة خمس سنوات وإلا حق لمصلحة الجمارك فرض الرسوم على هذه البضائع وتحصيلها من الثمن الذي بيعت به بالمزاد والحكم الصادر ببراءة المطعون ضده في جنحة حيازة البضائع للاتجار فيها لا علاقة له بالرسوم المستحقة على هذه البضائع ولذا يكون الحكم فيما قضى به من إلزام مصلحة الجمارك برد الرسوم قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن البادي من تقرير الطعن أنه مقصور على شق الحكم المطعون فيه الذي قضى بإلزام مصلحة الجمارك بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 540 مليم و3914 جنيه قيمة الرسوم الجمركية التي تم فرضها على البضائع المضبوطة دون الشق الخاص بالتعويض.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يقوم على تبيان ما إذا كانت المادة 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك، توجب على المطعون ضده إثبات سداده الرسوم الجمركية على البضائع التي ضبطت معه أم أن عبء إثبات ذلك يقع على عاتق مصلحة الجمارك.
ومن حيث إن المادة 30 المشار إليها تنص على أن (لموظفي الجمارك الحق في الاطلاع على الأوراق والمستندات والسجلات والوثائق أياً كان نوعها وضبطها عند وجود مخالفة وذلك لدى مؤسسات الملاحة والنقل وجميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين لهم صلة بالعمليات الجمركية وعلى الأشخاص والمؤسسات المذكورة الاحتفاظ بهذه المستندات لمدة خمس سنوات).
ومن حيث إن البادي من نص المادة المذكورة أن الفقرة الأولى منها تعطي موظفي الجمارك حق الاطلاع على الأوراق والمستندات لدى الأشخاص الذين لهم صلة بالعمليات الجمركية وأن الفقرة الثانية توجب على الأشخاص المذكورين الاحتفاظ بالمستندات المشار إليها مدة خمس سنوات، وهذا الالتزام الأخير لم تتضمن نصوص القانون أي جزاء على مخالفته، ومن ثم فلا يجوز القول بأن عدم الاحتفاظ بالمستندات يترتب عليه تلقائياً عبء إثبات سداد الرسوم الجمركية على عاتق الأشخاص المذكورين على خلاف الأصل الذي يقضي بأن البضائع الموجودة أو المضبوطة خارج الدائرة الجمركية تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وعلى مدعى العكس أن يثبت ذلك، وهو الأصل الذي استقرت عليه أحكام القضاء قبل العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 المعدل للمادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، الذي افترض العلم بالتهريب إذا لم يقدم من وجدت في حيازته بضائع أجنبية بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن ضبط البضائع الأجنبية مع الطاعن تم سنة 1973 خارج الدائرة الجمركية، ومن ثم فإنها تعتبر خالصة الرسوم الجمركية طبقاً للأصل العام المعمول به وقت الضبط، طالما لم تقدم مصلحة الجمارك الدليل القاطع على أن الرسوم الجمركية لم تؤد عنها، ولا يجدي المصلحة في ذلك احتجاجها بنص الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون الجمارك المشار إليها، لأن هذا القانون لم يقرر جزاء على مخالفتها كما سلف البيان، ولا يجديها كذلك القول بأن الرسوم الجمركية عن البضائع المضبوطة لم تسدد بدليل خلو سجلات المصلحة مما يفيد قيام المطعون ضده بسداد هذه الرسوم عنها لأن هذه السجلات خاصة بالمستوردين والذين لهم صلة بالعمليات الجمركية ولم تقدم المصلحة ما يفيد أن المطعون ضده من بينهم.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد وافق صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه من أن عبء إثبات عدم سداد الرسوم الجمركية يقع على عاتق مصلحة الجمارك وأنها لم تقدم ما يدل على ذلك، ويكون الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون ويتعين لذلك الحكم برفضه مع إلزام الطاعنين بالمصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.