مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 801

(121)
جلسة 23 من مارس سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وثروت عبد الله أحمد عبد الله وعادل محمود فرغلي وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

الطعن رقم 980 لسنة 25 القضائية

( أ ) تقادم - الحق في التعويض الناشئ عن الإخلال بالالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام لأنه المقابل له - تسري بالنسبة للحق في التعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصيل - التعويض عن الأضرار المادية التي تتحصل في حرمان الطاعن من راتبه بسبب فصله من الخدمة تسقط دعوى المطالبة به بمضي مدة التقادم المسقط للحق في المرتب وهي خمس سنوات - سريان مدة التقادم من التاريخ الذي يستطيع فيه ذو الشأن اتخاذ الإجراءات للمحافظة على حقه - انقطاع مدة التقادم بأي إجراء من إجراءات المطالبة القضائية [(1)] - تطبيق.
(ب) عاملون بالقطاع العام - انتهاء الخدمة - الفصل بغير الطريق التأديبي.
القانون رقم 28 لسنة 1974 - سريانه على العاملين المدنيين الذين انتهت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 - يخرج العاملون المدنيون الذين فصلوا من الخدمة بغير الطريق التأديبي قبل صدور القانون رقم 31 لسنة 1963 من الخضوع لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 25/ 6/ 1979 أودع الأستاذ/ محمد عبد الرحمن منصور المحامي نائباً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 980 لسنة 25 ق. ع وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) في الدعوى رقم 1262 لسنة 31 ق المقامة من الطاعن ضد السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير التربية والتعليم، والقاضي بجلسة 8/ 2/ 1979 برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن في ختام طعنه للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم للطاعن بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا بصفتهما وبالتضامن فيما بينهما للطاعن قدر التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته بسبب فصله بمقتضى القرار الجمهوري رقم 571 لسنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزامهما المصروفات عن الدرجتين.
وبعد أن تم إعلان الطعن لذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 12/ 1983 حيث نظرته الدائرة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية.
وبجلسة 9/ 1/ 1985 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لتنظره بجلسة 9/ 2/ 1985، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات، قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه قبل النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 14/ 5/ 1977 أقام الطاعن الدعوى رقم 1262 لسنة 31 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) طالباً الحكم له بإلزام كل من رئيس الجمهورية وزير التربية والتعليم بأن يدفعا له متضامنين التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته نتيجة فصله بالقرار الجمهوري رقم 571 لسنة 1959، وقال شرحاً لدعواه أنه عين في 4/ 1/ 1954 مدرساً بوزارة التربية والتعليم، وفي 1/ 4/ 1959 صدر قرار جمهوري بفصله من الخدمة، ثم اعتقل خلال الفترة من 28/ 3/ 1959 حتى أفرج عنه في 4/ 4/ 1965، وأعيد تعيينه بمقتضى القرار رقم 330 الصادر في 28/ 4/ 1965 في وظيفة عضو فني بتوجيه المكتبات في الدرجة الثامنة وهي نفس الدرجة التي كان يشغلها وبنفس المرتب منذ فصله من العمل في 2/ 4/ 1959 ثم سويت حالته على أساس تسلسل علاواته حتى منح الدرجة السابعة اعتباراً من 31/ 2/ 1966، وأضاف المدعي أن القرار الجمهوري الصادر بفصله من الخدمة قد صدر مخالفاً للقانون ومشوباً بعيب الانحراف بالسلطة لأنه كان يؤدي عمله على الوجه الأكمل ولم تعلق به أي شائبة تمس كرامة الوظيفة أو حسن السمعة، وأن صدور القانون رقم 31 لسنة 1963 قد حال بينه وبين الالتجاء إلى القضاء إلى أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية القانون وأضحى من حقه الالتجاء إلى القضاء، وإذ أعيد إلى عمله في ذات وظيفته في 28/ 4/ 1965 فإن من حقه أن يعوض عن مدة فصله من الخدمة ابتداء من 1/ 4/ 1959 حتى 28/ 4/ 1965 وما يترتب عليها من أضرار تتمثل في حرمانه من مرتباته عن مدة اعتقاله وما تسبب عن ذلك من آثار نفسية نتيجة تشريد من يعولهم ومد يدهم لغيره أعطوهم أو منعوهم.
ودفعت الحكومة الدعوى بسقوطها بالتقادم طبقاً لأحكام المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات، كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم باستحقاق المدعي للتعويض المناسب الذي تقدره المحكمة عما أصابه من ضرر نتيجة لفصله غير المشروع.
وبجلسة 8/ 2/ 1979 أصدرت المحكمة حكمها الطعين القاضي برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أن التعويض المادي الذي يطالب به المدعي هو تعويض عن حرمانه من راتبه مدة فصله من الخدمة ومن ثم يخضع لمدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصلي وهي خمس سنوات، ولما كان المدعي قد حيل بينه وبين رفع دعوى التعويض بسبب اعتقاله خلال الفترة من 28/ 3/ 1959 حتى 4/ 4/ 1965 ثم بسبب صدور القانون رقم 31 لسنة 1963 فإنه بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 2 ق والقاضي بعدم دستورية القانون رقم 31 لسنة 1963 ونشر في الجريدة الرسمية في 22/ 11/ 1971 يكون قد انفتح للمدعي ميعاد جديد للطعن في القرارات الجمهورية الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبي سواء كان للإلغاء أو التعويض، ولما كان المدعي قد قرر رفع دعواه في 14/ 5/ 1977 أي بعد مضي خمس سنوات على نشوء الحق في التعويض فإن طلب التعويض يكون قد سقط بالتقادم، وأما بالنسبة للتعويض الأدبي فإن في إعادة المدعي إلى الخدمة في 28/ 4/ 1965 وتسوية حالته خير تعويض له وجبر لآلامه النفسية ومن ثم لا يكون للتعويض الأدبي محل.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحق المدعي به لم يسقط كما ادعى الحكم بفوات خمس سنوات على 22/ 11/ 1971 تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه ذلك أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 22/ 5/ 1972 صدر قرار بمعافاة الطاعن من رسوم دعوى التعويض المطالب بها ومن ثم يكون طلب الإعفاء المقدم في 19/ 1/ 1972 والصادر قرار بقبوله في 22/ 5/ 1972 قد قطع مواعيد رفع دعوى التعويض التي أقامها قبل مضي خمس سنوات من تاريخ نشر الحكم المشار إليه.
ثانياً: أن حقيقة دعوى الطاعن هي المطالبة بتعويضه عما أصابه مادياً وأدبياً نتيجة صدور قرار الفصل من الخدمة بغير الطريق التأديبي وذلك في 14/ 5/ 1977 وقد أرفق بها قرار معافاته من الرسوم الصادر في 22/ 5/ 1972 ولكن المحكمة لم تلتفت إليه ومن ثم تكون دعوى الطاعن قد رفعت ابتداء خلال المواعيد القانونية، ويكون الحكم قد أخطأ في حساب مدة تقادم الحق المسقط في الالتجاء إلى القضاء.
ثالثاً: إن الطاعن قد فصل من عمله بالقرار رقم 571/ 1959 وأن اعتقاله أدى إلى تشريد أفراد بيته المدة من 1/ 4/ 1959 إلى 28/ 4/ 1965 وقد ألحق ذلك به أضراراً بالغة أوصلته إلى الحاجة والعوز، مما اضطره إلى الاستدانة هو وأفراد بيته لفقدهم مورد رزقهم الوحيد ولسد حاجيات معيشتهم الضرورية طوال هذه السنين، فضلاً عن الآلام النفسية والجروح التي لحقته بالتعديات المختلفة التي عانى منها الكثير وأدت بآدميته إلى الذل والهوان مما يستحق عنه تعويضاً أدبياً لا يفي به مجرد رجوعه إلى العمل سيما وأن الطاعن قد فصل من عمله دون أو تقوم به حالة من الحالات الموجبة للفصل، إذ أن فصله كان لأسباب سياسية بحتة، ولم يكن لعدم قدرة الطاعن على النهوض بأعباء وظيفته، وقد أعيد الطاعن بالفعل إلى عمله بعد الإفراج عنه لذات وظيفته التي كان معيناً فيها قبل فصله منها من 1/ 4/ 1959 وبذات مرتبه الأمر الذي يعتبر معه قرار فصله من الخدمة كأن لم يكن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد اعتقل في 28/ 3/ 1959 وبتاريخ 1/ 4/ 1959 صدر قرار جمهوري بفصله من الخدمة، وبتاريخ 4/ 4/ 1965 أفرج عنه ثم أعيد تعيينه في ذات الوظيفة التي كان يشغلها قبل فصله من الخدمة وذلك اعتباراً من 28/ 4/ 1965 إلا أنه نظراً لصدور القانون رقم 31 لسنة 1963 الذي يحظر الطعن في القرارات الجمهورية الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبي، امتنع الطاعن عن الالتجاء إلى القضاء حتى أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية القانون المشار إليه والمنشور في 22/ 1/ 1971 والذي فتح - لذوي الشأن - باب الطعن في قرارات رئيس الجمهورية بالفصل بغير الطريق التأديبي إلغاء وتعويضاً، فتقدم الطاعن في 19/ 1/ 1972 بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية لمحكمة القضاء الإداري ملتمساً فيه إعفاءه من رسوم الدعوى المزمع رفعها للمطالبة بالتعويض عن صدور القرار الجمهوري المشار إليه بفصله من الخدمة، وبتاريخ 22/ 5/ 1972 صدر قرار اللجنة بقبول طلب إعفائه من رسوم الدعوى المشار إليها التي أودع عريضتها قلم كتاب المحكمة المذكورة في 14/ 5/ 1972.
ومن حيث إنه قد بات مسلماً أن الحق في التعويض الناشئ عن الإخلال بالالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام لأنه هو المقابل له فتسري بالنسبة للحق في التعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصيل وبالتالي فإن التعويض عن الأضرار المادية التي تتحصل في حرمان الطاعن من راتبه بسبب فصله من الخدمة تسقط دعوى المطالبة به بمضي مدة التقادم المسقط للحق في المرتب وهي خمس سنوات تسري من التاريخ الذي يستطيع فيه ذو الشأن اتخاذ الإجراءات للمحافظة على حقه، وينقطع بأي إجراء من إجراءات المطالبة القضائية.
فإذا كان الثابت أن الطاعن قد تعذر عليه المطالبة بحقه في التعويض بسبب اعتقاله خلال الفترة من 28/ 3/ 1959 حتى 4/ 4/ 1965، ثم حيل بينه وبين الالتجاء إلى القضاء بسبب صدور القانون رقم 31 لسنة 1963 الذي حظر على القضاء النظر في الطعون الخاصة بقرارات رئيس الجمهورية بالفصل بغير الطريق التأديبي إلى أن صدر حكم المحكمة الدستورية العليا الذي نشر في 22/ 11/ 1971 فتقدم بطلب إعفائه القاطع للتقادم في 19/ 1/ 1972 والذي صدر قرار بقبوله في 22/ 5/ 1972، ومن ثم فلا تسري مواعيد التقادم المسقط في حق الطاعن إلا اعتباراً من تاريخ صدور القرار بقبول طلب إعفائه من رسوم الدعوى التي أقامها في 14/ 5/ 1972 أي قبل مرور خمس سنوات على صدور القرار المشار إليه.
وإذ أقرت المحكمة في حكمها الطعين المبادئ السابقة إلا أنها انتهت إلى سقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم لمضي المدة المشار إليها وكان مرجح ذلك إلى إغفالها طلب الإعفاء المقدم من الطاعن (المدعي) قبل إقامة دعواه والقرار الصادر بشأنه الأمر الذي انتهى بها إلى هذه النتيجة غير المنطقية فإنها تكون قد أخطأت في تحصيل الوقائع تحصيلاً وافياًَ وفي سلامة التطبيق القانوني عليها. الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء حكمها فيما قضى به من رفض الدعوى لسقوط الحق في التعويض بالتقادم.
من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن القرار المطلوب التعويض عنه قد صدر في 1/ 4/ 1959 أثر اعتقال الطاعن في 28/ 3/ 1959 لأسباب سياسية والذي امتد حتى 4/ 4/ 1964، وبتاريخ 28/ 4/ 1965 صدر القرار رقم 330 لسنة 1965 وأعيد إلى عمله في ذات وظيفته كعضو فني بتوجيه المكتبات في الدرجة الثامنة، ثم سويت حالته بمقتضى القرار الجمهوري رقم 3602/ 1966 بتسلسل علاواته في الدرجة الثامنة حتى بلغ الدرجة السابعة في 31/ 2/ 1966، الأمر الذي يتظاهر على أن الفصل من الخدمة قد تم لذات الأسباب التي اعتقل من أجلها ولم يقدم بشأنها إلى المحاكمة، وبمجرد أن تم الإفراج عنه بزوال هذه الأسباب أعيد إلى عمله بذات الوظيفة والدرجة التي كان عليها قبل فصله من الخدمة وسويت حالته باعتبار خدمته مستمرة بافتراض عدم فصله أو اعتقاله كما لم تقدم الجهة الإدارية في الدعوى الأصلية أو أثناء نظر الطعن ما يفيد أن فصل الطاعن كان يرجع إلى أسباب تتعلق بصلاحيته أو قدرته على النهوض بأعباء الوظيفة أو تنال من سمعته أو نزاهته التي تنعكس على كرامة الوظيفة أو تؤثر على الثقة فيها وكل أولئك آية على أن القرار الصادر بفصل الطاعن من الخدمة قد قام على غير سند يبرره قانوناً، فصدر مخالفاً للقانون على وجه يكون ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية التي أصدرته بطريقة غير مشروعة تسوغ لذوي الشأن المطالبة بالتعويض عما عساه يكون قد أصابه من أضرار مادية وأدبية.
ومن حيث إنه عن الأضرار المادية التي أصابت الطاعن فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد حرم من مرتباته التي كان يستحقها فيما لو استمر في وظيفته كعضو فني بتوجيه المكتبات من الدرجة الثامنة، والتي لم تصرف له بعد إعادته إلى الخدمة في 28/ 4/ 1965، وقد ظل هذا الحرمان قائماً خلال الفترة من 1/ 4/ 1959 حتى 28/ 4/ 1965، ومن ثم فإن المدعي يكون محقاً فيما يطالب به من تعويض عن الأضرار المادية المتمثلة في حرمانه من أجره خلال الفترة المشار إليها، ويستحق - جبراً لهذه الأضرار - تعويضاً يوازي مجموع أجوره التي كان يستحقها خلال فترة فصله من الخدمة ولا يسوغ الإدعاء بأن الطاعن قد سويت حالته طبقاً للقانون رقم 28 لسنة 1972 الذي يحظر صرف أية فروق مالية عن الماضي، ما دام الثابت من الأوراق أن الطاعن قد فصل من الخدمة قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 أي بعيداً عن النطاق الزمني لسريان القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه، والذي حدد طوائف المخاطبين بأحكامه في المادة الأولى بأنهم العاملون المدنيون الذين....... انتهت خدمتهم عن غير الطريق التأديبي في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972، ومن ثم يخرج العاملون المدنيون الذين فصلوا من الخدمة بغير الطريق التأديبي قبل صدور القانون رقم 31 لسنة 1963 - ومن بينهم الطاعن - من الخضوع للأحكام الخاصة بالقانون رقم 28 لسنة 1972، سيما وأن الجهة الإدارية قد سوت حالة الطاعن بالفعل قبل صدور القانون المشار إليه وليس تطبيقاً له، الأمر الذي يعيد للطاعن حقه الطبيعي في المطالبة بالتعويض طبقاً للقواعد العامة.
ومن حيث إنه لا يمكن للمحكمة أن تغفل الظروف والملابسات التي أحاطت بقرار الفصل وجعلت من القرار غير المشروع أمراً لا يتصور احتماله ولا يمكن إغفال آثاره، وإذ يتعين التفرقة بين صدور قرار الفصل في الظروف العادية، وبين صدوره في مرحلة اعتقال الطاعن وبسببها فيسلب العامل وظيفته بعد أن سلبه حريته، وما يجلبه ذلك عليه وعلى أسرته من آلام يعجز عنها الوصف، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب واعتبر في إعادة العامل المفصول إلى وظيفته تعويضاً كافياً عما أصابه من أضرار أدبية ونفسية فإن المحكمة تكون قد أخطأت في فهم الواقع وسلامة التطبيق القانوني الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء حكمها فيما انتهت إليه من رفض التعويض عن الأضرار الأدبية والقضاء للطاعن بالتعويض المناسب عما أصابه من أضرار في ظل الظروف التي أحاطت بقرار الفصل.
ومن حيث إن المحكمة تقرر للطاعن تعويضاً نقدياً قدره ثلاثة آلاف جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 571 لسنة 1959 بفصله من الخدمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمدعي تعويضاً قدره ثلاثة آلاف جنيه عما أصابه من أضرار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.


[(1)] حكمت المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1985 في الطعن رقم 567 لسنة 29 بسقوط دعوى التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون بمضي خمس عشرة سنة.