مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 808

(122)
جلسة 23 من مارس سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الحكم بوقف التنفيذ - طبيعته.
الحكم الصادر في طلب وقف تنفيذ القرار، وإن كانت له مقومات الأحكام وخصائصها بالنسبة إلى وجوب تنفيذه وجواز الطعن فيه استقلالاً أمام المحكمة الإدارية العليا - طبيعته - هو حكم وقتي يستنفد غرضه وينتهي أثره من تاريخ صدور حكم فاصل في موضوع الدعوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 5/ 1/ 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن وزير الحكم المحلي ومحافظ كفر الشيخ ورئيس الوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 153 لسنة 27 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 25/ 11/ 1980 في الشق المستعجل من الدعوى رقم 111 لسنة 34 ق المقامة من صلاح إبراهيم الصعيدي، ضد رئيس الوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ، والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 20/ 7/ 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن وزير الحكم المحلي ومحافظ كفر الشيخ ورئيس الوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1505 لسنة 28 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 25/ 5/ 1982 في موضوع الدعوى رقم 111 لسنة 34 ق المشار إليها، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية، ارتأت فيه الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطعن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. كما قدمت تقريراً بالرأي القانوني في الطعن رقم 1505 لسنة 28 القضائية، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وتدوولا بجلساتها على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/ 1/ 1985 قررت الدائرة ضم الطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية إلى الطعن رقم 1505 لسنة 28 القضائية للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 4/ 2/ 1985 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظرهما بجلسة 9/ 3/ 1985 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعنين وقررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/ 10/ 1979 أقام صلاح إبراهيم الصعيدي الدعوى رقم 111 لسنة 34 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد رئيس الوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ، وطلب في ختامها الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري رقم 169 لسنة 1979 الصادر من مجلس مدينة كفر الشيخ.
ثانياً: ببطلان القرار المذكور وما يترتب عليه من آثار، مع إلزام المدعى عليه المصروفات والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة.
وقال المدعي - شرحاً لدعواه - أن المدعى عليه أصدر القرار الإداري رقم 169 لسنة 1979 القاضي بإزالة جزء من مبنى المدعي، الذي لم يعلن بهذا القرار كما شرع المدعى عليه في تنفيذ القرار المذكور عن طريق إحضار شرطة المرافق لإجراء هدم مبنى المدعي، مع أن الثابت أن المدعي اشترى الأرض المقام عليها المبنى من مجلس مدينة كفر الشيخ، وأن هناك محضراً بالتسليم موقعاً عليه من مهندس مجلس المدينة، وترخيصاً بالبناء صرح فيه مجلس المدينة بإقامة المبنى المذكور. وقد اتضح أن أحد الملاك المجاورين تقدم بشكوى لمجلس مدينة كفر الشيخ وأن هذا الأخير أراد مجاملته فأصدر المشار إليه، والذي يطعن عليه المدعي لأسباب الآتية:
أولاً: أن القرار لم يصدر ضد المدعي مباشرة، وإنما صدر ضد وكيله مما يعتبر مخالفاً للقانون.
ثانياً: أن النزاع الذي صدر بشأنه القرار نزاع بين جارين مالكين لا شأن لمجلس المدينة به وما كان له أن يصدر قراراً على ملك المدعي.
ثالثاً: أن المدعي اشترى الأرض المقام عليها البناء من مجلس المدينة كفر الشيخ، وقام المجلس بتسليم الأرض المقام عليها البناء له، ثم أقام المدعي البناء بموافقة مجلس المدينة وبترخيص منه، وبالتالي فإن القرار رقم 169 لسنة 1979 الذي يهدم جزءاً من ملك المدعي يعتبر قراراً باطلاً وتعدياً على أملاك خاصة للمدعي.
وقدم المدعي - تأييداً لدعواه - حافظة مستندات تضمنت الآتي:
1 - محضر مؤرخ 23/ 8/ 1967 باستلام القطعة رقم 187 الخاصة به، صادر من الجهة البائعة له وهي مشروع مدينة كفر الشيخ الجديدة، ومعتمد من رئيس المشروع.
2 - ترخيص بناء رقم 338 لسنة 1977 صادر في 27/ 11/ 1977 من الإدارة الهندسية بمجلس مدينة كفر الشيخ، يصرح للمدعي ببناء الدور الأرضي والأول العلوي.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة حافظة مستندات تضمنت الآتي:
1 - صورة من قرار رئيس نيابة كفر الشيخ الصادر في محضر الشكوى رقم 673 لسنة 1979 إداري قسم كفر الشيخ.
2 - صورة القرار رقم 169 لسنة 1979 الصادر في 19/ 9/ 1979 من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ، المطعون فيه.
3 - صورة المحضر المحرر بمعرفة رئيس وحدة شرطة المرافق تنفيذاً للقرارين المشار إليهما.
كما أودعت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها، انتهت إلى طلب الحكم:
أولاً: بعدم قبول طلب وقف التنفيذ، تأسيساً على أن عنصر الاستعجال منتف تماماً من وقائع الدعوى، حيث نفذت الوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ القرار المطعون فيه وأزالت ما أقيم من بناء مخالف لأحكام القانون.
ثانياً: برفض الدعوى، استناداً إلى أن المدعي خالف أحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، وأنه لما كان من صميم أعمال الوحدة المحلية المحافظة على تنفيذ قرار التقسيم، فقد أصدرت القرار الإداري رقم 169 لسنة 1979 بتقسيم العجز، وتنفيذاً لذلك فقد تم التقسيم وإزالة ميدة كانت مقامة في العجز.
وبجلسة 25/ 11/ 1980 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن البادي من ظاهر الأوراق أن الدكتور/ محمد فؤاد عبد المجيد بوصفه جاراً للمدعي ومالكاً للقطعة رقم 202 من تقسيم مدينة كفر الشيخ الجديدة، تقدم بالشكوى رقم 673 لسنة 1979 إلى قسم شرطة مدينة كفر الشيخ، لما تكشف له من وجود عجز في مساحة القطعة الخاصة به مقداره متر واحد من الجهة القبلية ومتران من الجهة البحرية، وبعرض هذه الشكوى على النيابة العامة قرر رئيس النيابة إخطار مجلس مدينة كفر الشيخ - الإدارة الهندسية - لاتخاذ ما تراه بشأن النزاع وفقاً للإجراءات المقررة ويفهم المتضرر باللجوء إلى القضاء المدني إذا شاء مع إبقاء الحال كما هو عليه، ومن ثم فإنه ليس صحيحاً ما جاء بديباجة القرار المطعون فيه من أن هذا القرار قد صدر تنفيذاً لقرار النيابة العامة، إذ أن هذه الأخيرة أصدرت قرارها بإبقاء الحال على ما هو عليه وللمتضرر - وهو الشاكي بطبيعة الحال وليس المدعي - الالتجاء إلى القضاء المدني.
هذا فضلاً عن أنه بالاطلاع على أحكام القوانين التي أشارت إليها ديباجة القرار المطعون فيه وهي القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الحكم المحلي، والقانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، والقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، ويبين أنها قد جاءت جميعها خلوا من نص صريح أو ضمني يخول الوحدات المحلية سلطة إصدار مثل هذا القرار، الأمر الذي تستبين منه المحكمة أن القرار المطعون فيه قد شابه عيب جسيم ينحدر به إلى درجة الانعدام، بوصفه غصباً لسلطة القضاء، وبذلك يعتبر ركن الجدية متوافر في طلب وقف تنفيذه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال والذي يتمثل في خطر قيام جار المدعي بالبناء على قطعة أرضه بأبعادها الجديدة، نتيجة تنفيذ القرار المطعون فيه وتقسيم العجز بينه وبين المدعي الذي يحوز قطعة الأرض الخاصة به دون عجز منذ استلامه إياها بموجب المحضر المحرر في 23/ 8/ 1967.
وبجلسة 25/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام جهة الإدارة المصروفات. واستندت المحكمة في ذلك إلى ذات الأسباب التي أقامت عليها قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه السابق ذكرها، وإلى أن جهة الإدارة لم تقدم أية مستندات أو تبد أي دفع أو دفاع جديد سواء أثناء تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة أو أثناء نظرها أمام المحكمة، وأن ما أورده الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكفي بذاته للحكم بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن الطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية يقوم على أساس أن الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك استناداً إلى أن القرار المطعون فيه صدر بعد أن تبين مخالفة المدعي لقواعد تقسيم الأراضي المعدة للبناء، وكان مرجع اكتشاف هذه المخالفة الشكوى المقدمة من جار المدعي والتي حققت بواسطة النيابة العامة التي أصدرت قرارها للوحدة المحلية بأعمال القوانين واللوائح التي تنظم أعمال البناء، ومن ثم صدر القرار المطعون فيه إعمالاً لهذه الأحكام، وليس صحيحاً أن هذا القرار استند إلى أن النيابة أمرت بالإزالة وأن الإزالة تمت بناء على هذا الأمر، وأنه باستقراء نصوص القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء يبين أن حق إصدار قرارات الإزالة ثابت للسلطات القائمة على أعمال التنظيم، وأنه بإنزال أحكام هذا القانون على واقعة الدعوى يبين بجلاء أن للوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ - استناداً إلى أن التقسيم موضوع الدعوى يقع في نطاق اختصاصها - أن تصدر قراراً بتقسيم العجز الخاص بالقطعة المشتراة من قبل المدعي وإزالة كل ما يتم بالمخالفة لأحكام التقسيم المنظمة لعمليات البناء، ولذلك فإن عنصر الجدية يكون غير متوافر في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن رقم 1505 لسنة 28 القضائية يقوم كذلك على أساس أن الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله استناداً إلى ذات الأسباب التي قام عليها الطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية، وباعتبار أن الوحدة المحلية هي السلطة المختصة القائمة على أعمال التنظيم، ومن ثم يجوز لها طبقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1940 في حالة اتخاذ إجراءات مخالفة لأحكام هذا القانون أن توقف فوراً بالطرق الإدارية الأعمال موضوع المخالفة، وأنه لذلك يكون القرار المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بإلغاء هذا القرار - قد خالف حكم القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية، فإنه لما كان الحكم الصادر في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإن كانت له مقومات الأحكام وخصائصها بالنسبة إلى وجوب تنفيذه وجواز الطعن فيه استقلالاً أمام المحكمة الإدارية العليا، إلا أنه حكم وقتي بطبيعته يستنفد غرضه وينتهي أثره من تاريخ صدور حكم فاصل في موضوع الدعوى. ولما كانت محكمة القضاء الإداري أصدرت بجلسة 25/ 5/ 1982 حكماً في موضوع الدعوى رقم 111 لسنة 34 ق قضت فيه بإلغاء القرار المطعون فيه - وهو الحكم المقام بشأنه الطعن رقم 1505 لسنة 28 القضائية - فإن الحكم الصادر من المحكمة بجلسة 25/ 11/ 1980 في الشق المستعجل من الدعوى المذكورة، والقاضي بوقف تنفيذ القرار المشار إليه، ويكون قد استنفد غرضه وانتهى أثره، ومن ثم يكون الطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية المقام بشأنه قد أصبح غير ذي موضوع بعد أن انتفى عنصر النزاع فيه، الأمر الذي يتعين معه الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطعن، وإلزام جهة الإدارة مصروفاته.
ومن حيث إنه فيما يختص بالطعن رقم 1505 لسنة 28 القضائية، فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده اشترى قطعة الأرض رقم 187 في التقسيم رقم 2 من مشروع مدينة كفر الشيخ الجديدة وتسلمها بموجب محضر الاستلام المؤرخ في 23/ 8/ 1967، ثم حصل على الترخيص رقم 338 لسنة 1977 من الإدارة الهندسية بمجلس مدينة كفر الشيخ لبناء الدور الأرضي والأول العلوي على قطعة الأرض المذكورة، وأنه بناء على الشكوى رقم 673 سنة 1979 إداري قسم كفر الشيخ المقدمة من الدكتور محمد فؤاد عبد المجيد، بصفته المالك لقطعة الأرض رقم 202 من التقسيم المشار إليه والمجاورة لأرض المطعون ضده، بخصوص ما تكشف له من وجود عجز في مساحة قطعة الأرض الخاصة به، فقد قرر رئيس نيابة كفر الشيخ إخطار مجلس مدينة كفر الشيخ - الإدارة الهندسية - لاتخاذ ما تراه بشأن النزاع وفقاً للإجراءات المقررة، وأن يفهم المتضرر باللجوء إلى القضاء المدني إذا شاء مع إبقاء الحال كما هو عليه، واستناداً إلى قرار النيابة العامة المشار إليه أصدر رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ القرار رقم 169 لسنة 1979 بتاريخ 19/ 9/ 1979 ويقضى هذا القرار - في مادته الأولى - بأن يقسم العجز في مسطح أطوال القطعتين 202، 187 تقسيم 2 مشروع مدينة كفر الشيخ الجديدة بالتساوي بين القطعتين مع التزام الإدارة الهندسية بالتخطيط المعتمد لقطع التقسيم، ويقضى - في مادته الثانية - بأن يخطر أصحاب القطعتين بهذا الإجراء وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء المدني إذا شاء تنفيذاً لقرار النيابة في المحضر رقم 673 إداري القسم 1979. وقد قامت وحدة شرطة المرافق - مع مهندس التنظيم المختص - بتنفيذ القرار رقم 169 لسنة 1979 وتحرير محضر بذلك بتاريخ 23/ 10/ 1979، وجاء في ذلك المحضر أنه بالمعاينة على الطبيعة تبين أن صاحب القطعة رقم 187 قام بالبناء طبقاً لمحضر الاستلام دون مراعاة العجز الموجود والذي يتضرر منه صاحب القطعة رقم 202، وأنه بناء على قرار النيابة وعلى القرار الإداري الصادر في هذا الشأن تم تقسيم العجز الموجود وإزالة ميده كانت مقامة في هذا العجز.
ومن حيث إن الواضح مما تقدم أن المطعون ضده قام بالبناء على القطعة رقم 187 الخاصة به طبقاً لمحضر الاستلام سالف الذكر، ولم يجاوز المساحة المحددة في ذلك المحضر، وأن جاره المذكور عندما تكشف له وجود عجز في القطعة رقم 202 الخاصة به تقدم بالشكوى المشار إليها، فقررت النيابة العامة إبقاء الحال على ما هو عليه، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء المدني إذا شاء، ولا شك في أن المقصود بالمتضرر في هذه الحالة هو من تقدم بالشكوى، وهو جار المطعون ضده، وعلى ذلك فإن مقتضى تنفيذ قرار النيابة العامة - الصادر في هذا الخصوص - هو إبقاء مساحة كل من القطعتين 187، 202 - محل النزاع - على ما هو عليه - وأن يلجأ جار المطعون ضده - باعتباره المتضرر - إلى القضاء المدني المختص إذا شاء، للحصول على حكم فاصل في أصل الحق المتنازع عليه بينه وبين المطعون ضده. وعلى الرغم من أن القرار رقم 169 لسنة 1979 المطعون فيه استند إلى قرار النيابة العامة في شأن هذا النزاع، إلا أنه انتهى إلى نتائج تتعارض تماماً مع ما عناه قرار النيابة العامة، إذ تضمن القرار المطعون فيه تقسيم العجز في مسطح القطعتين المذكورتين، وبذلك فإنه لم يبق الحال على ما هو عليه، كما أن مقتضى تنفيذه - على هذا الوجه أن يصبح المتضرر الذي عليه أن يلجأ إلى القضاء المدني إذا شاء هو المطعون ضده وليس جاره الشاكي، الأمر الذي يناقض قرار النيابة العامة الصادر في خصوص الشكوى المشار إليها.
ومن حيث إنه لا وجه لما جاء بتقرير الطعن من مخالفة المطعون ضده لقواعد تقسيم الأراضي المعدة للبناء، وأن القرار المطعون فيه صدر إعمالاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، الذي يجيز في المادة (21) منه للسلطة القائمة على أعمال التنظيم في حالة اتخاذ إجراءات جنائية عن الجرائم التي تقع مخالفة لأحكام هذا القانون أن توقف فوراً بالطريق الإداري الأعمال موضوع المخالفة، وأن الوحدة المحلية التي أصدرت القرار المطعون فيه هي السلطة المختصة القائمة على أعمال التنظيم، لا وجه لذلك، إذ أن الثابت من المحضر المحرر بمعرفة وحدة شرطة المرافق تنفيذاً للقرار المطعون فيه، أنه بالمعاينة تبين أن صاحب القطعة رقم 187 - وهو المطعون ضده - قام بالبناء عليها طبقاً لمحضر الاستلام، بمعنى أنه لم يجاوز مساحة قطعة الأرض المسلمة إليه، كما أنه لم يثبت أن ثمة إجراءات جنائية قد اتخذت ضد المطعون ضده عن جريمة وقعت منه بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المشار إليه مما يجيز للسلطة القائمة على أعمال التنظيم أن تتدخل لتوقف فوراً بالطريق الإداري الأعمال موضوع المخالفة طبقاً لنص المادة (21) من هذا القانون، وحقيقة الواقع أن الأمر في المنازعة الماثلة لا يعدو أن يكون مجرد خلاف بين جارين - هما الشاكي والمطعون ضده - في صدد تحديد مساحة قطعة الأرض التي تخص كلاً منهما، مما يعتبر الفصل فيه من اختصاص القضاء المدني، على نحو ما قررته النيابة العامة.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعاً، فإن القرار المطعون فيه لا يستند إلى أساس سليم من القانون، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويتعين لذلك الحكم برفض الطعن المقام بشأنه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً: بانتهاء الخصومة في الطعن رقم 153 لسنة 27 القضائية، وألزمت جهة الإدارة مصروفاته.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 1505 لسنة 28 القضائية شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت جهة الإدارة مصروفاته.