مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 816

(123)
جلسة 23 من مارس سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة ثروت عبد الله أحمد وجمال السيد دحروج وعادل محمود فرغلي وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

الطعنان رقما 338 و368 لسنة 27 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - الوقف عن العمل وصرف نصف المرتب.
المادة 86 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - الجهة التي وقعت الجزاء على العامل لا تملك إعمال سلطتها في تقرير ما يتبع بشأن أجر العامل الموقوف صرف مرتبه إلا بتحقق شرطين الأول: أن تكون المحكمة التأديبية المختصة قد قررت عدم صرف نصف الأجر الموقوف صرفه. والثاني: أن يكون العامل قد جوزي بجزاء أشد من الإنذار أو الخصم من الأجر لمدة خمسة أيام - إذا تخلف أحد هذين الشرطين غلت يد الجهة التي وقعت الجزاء في شأن تقرير ما يتبع بشأن الأجر الموقوف صرفه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 12/ 2/ 1981 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 338 لسنة 27 القضائية كما أودعت في يوم الأربعاء الموافق 18/ 2/ 1981 الأستاذة عصمت الجوهري المحامية بصفتها وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة شركة الملابس والمنتجات الاستهلاكية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 338 لسنة 27 قضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 20/ 12/ 1980 في الدعوى رقم 100 لسنة 21 القضائية المقامة من السيد.......... والقاضي برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الطعن وباختصاصها بنظره وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجر الطاعن عن فترة وقفه عن العمل في المدة من 6/ 9/ 1978 حتى 9/ 2/ 1979 وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقيته في صرف النصف الموقوف صرفه من أجره خلال الفترة المشار إليها وبرفض ما عدا ذلك من طلبات.
وقد طلب الطاعن في الطعن رقم 338 لسنة 27 القضائية للأسباب المبينة في تقرير طعنه، قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المطعون ضده عن فترة وقفه عن العمل في المدة من 6/ 9/ 1978 حتى 5/ 12/ 1978 كما طلب الطاعن في الطعن رقم 368 لسنة 27 القضائية للأسباب المبينة في تقرير طعنه، قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المطعون ضده من نصف الأجر خلال مدة الإيقاف من 6/ 9/ 1978 حتى 9/ 2/ 1979 وتأييد قرار الطاعن في هذه الجزئية مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان الطعنين إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني رأت فيه، للأسباب المبينة به، الحكم المقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المطعون ضده عن فترة وقفه عن العمل في المدة من 6/ 9/ 1978 حتى 5/ 12/ 1978 ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وقد حدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة جلسة 15/ 2/ 1984 وقد قررت الدائرة إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظرهما بجلسة 13/ 3/ 1984 وبجلسة 16/ 10/ 1984 قررت المحكمة إحالتهما إلى هذه المحكمة لنظرهما بجلسة 1/ 12/ 1984 وقررت هذه المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 4/ 3/ 1979 أودع السيد......... العامل بوظيفة من الدرجة الخامسة في شركة الملابس والمنتجات الاستهلاكية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية عريضة دعوى قيدت بجدولها تحت رقم 100 لسنة 21 القضائية طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها بإلغاء قرار رئيس مجلس إدارة شركة الملابس والمنتجات الاستهلاكية رقم 75 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 9/ 2/ 1979 فيما تضمنه من توقيع الجزاء عليه بمجازاته بخفض وظيفته إلى وظيفة من الدرجة السادسة ذات الربط من (192 - 540) وعدم صرف المرتب الموقوف صرفه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الشركة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه أن القرار المطعون فيه نسب إليه قيامه بالتلاعب في البضاعة المسلمة إليه على سبيل الأمانة بما نتج عنه حدوث عجز في عهدته في حيث إن الاتهام لم يثبت في حقه لأن التحقيق الذي بني عليه هذا القرار أجري بمناسبة شكوى ضده من إحدى المواطنات تتهمه بأنه باع لها ملابس داخلية واستولى على ثمنها لنفسه، فتشكلت لجنة لجرد عهدته لم تسفر عن وجود عجز بعهدة الملابس الداخلية، بينما ظهر عجز في عهدته الكلية وأن هذا ينفي شبهة اتهامه بالتلاعب في البضاعة المسلمة إليه خاصة وأن هذا العجز يظهر عادة عند إجراء الجرد السنوي في كل أقسام البيع. كما أن الشركة المدعى عليها كانت قد أوقفته عن العمل عندما بدأت إجراءات التحقيق المشار إليه وأصدرت قرارها بوقف صرف نصف مرتبه إلا أن المحكمة عند عرض الأمر عليها قررت صرف النصف الموقوف صرفه من مرتبه.
وبجلسة 16/ 6/ 1979 قدم الحاضر عن الشركة المدعى عليها حافظتي مستندات طويت على ملف خدمة المدعي وأوراق التحقيق ومذكرة بنتيجته وبجلسة 1/ 12/ 1979 قدمت حافظة مستندات طويت على صورة طبق الأصل من القرار المطعون فيه ومن القرار الصادر في التظلم منه بعد عرض الأمر على اللجنة الثلاثية ومذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات والأتعاب استناداً إلى أن ما قررته المواطنة صاحبة الشكوى في التحقيق هو بذاته دليل قاطع بثبوت مخالفة تلاعب المدعي في عهدة البضائع المسلمة إليه، والأمر بالنسبة له لا يقف عند حد العجز في عهدته وإنما ينطوي على إخلال جسيم من جانبه بالتزاماته المترتبة على علاقة العمل فضلاً عن خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي بالإساءة إلى سمعة الشركة.
كما قدم المدعي بالجلسة ذاتها مذكرة بدفاعه كرر فيها ما سبق أن أبداه في عريضة الدعوى واختتمها بالتصميم على طلباته واحتياطياً بالحكم بتخفيف الجزاء.
وبجلسة 12/ 1/ 1980 قدمت الشركة المدعى عليها مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لنهائية القرار المطعون فيه كما ذهبت إلى أن قرار المحكمة التأديبية بصرف نصف المرتب الموقوف صرفه هو قرار مؤقت لا يحول، إذا ما جوزي العامل بجزاء أشد بما هو منصوص عليه في المادة 86 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، دون أن تقرر الشركة حرمانه من نصف أجره الموقوف صرفه طوال مدة إيقافه واختتمتها بطلب رفض الدعوى.
وبجلسة 20/ 12/ 1980 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها تأسيساً على أن الدفع بعدم الاختصاص المبدى من الشركة المدعى عليها مردود بأن المقصود بنهائية قرار الجزاء هو استنفاد ولاية الجهة التي أصدرته سلطتها في سحبه بما يجعل الجزاء قابلاً للطعن فيه بالإلغاء مما يتعين معه رفض الدفع، وعلى أن المخالفة المنسوبة إلى المدعي ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً من واقع أقوال المواطنة مقدمة الشكوى مما كشفت عنه أوراق الدعوى وأن الجزاء متناسب مع جسامة المخالفة وبالتالي فإن القرار المطعون فيه يكون قائماً على سببه المبرر له، وعلى أن قيام السلطة الرئاسية التي وقعت العقوبة التأديبية على العامل بتقرير حرمانه من الجزء الموقوف صرفه من أجره خلال فترة وقفه عن العمل، إذا جوزي بجزاء أشد من خصم خمسة أيام، إنما يكون في حالة ما إذا قررت المحكمة التأديبية عدم صرف هذا النصف الموقوف صرفه من أجره خلال فترة الوقف عن العمل ولما كان الثابت أن المحكمة التأديبية بالإسكندرية قررت بجلسة 15/ 10/ 1978 صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المدعي عن مدة وقفه عن العمل احتياطياً اعتباراً من 6/ 9/ 1978، كما أن النيابة الإدارية رفضت عرض أمر مد وقفه عن العمل لمدة تزيد على ثلاثة شهور فإن القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المدعي عن مدة وقفه عن العمل من 6/ 9/ 1978 حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه في 9/ 2/ 1979 بإنهاء وقفه يكون قراراً باطلاً ولا يترتب أي أثر في هذا الشأن.
ومن حيث إن مبنى الطعنين أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله عندما قضى بإلغاء قرار عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المطعون ضده عن مدة وقفه عن العمل من 6/ 9/ 1978 حتى 5/ 12/ 1979 وهو موضوع الطعن رقم 338 لسنة 27 ق وعن مدة وقفه عن العمل للفترة من 6/ 9/ 1978 حتى 9/ 2/ 1978 وهو موضوع الطعن رقم 368 لسنة 27 ق وذلك تأسيساً على أن السلطة التي وقعت الجزاء على المطعون ضده هي التي تملك البت في الأجر الموقوف صرفه خلال مدة وقفه بصفة نهائية. وإذ قررت تلك السلطة عدم صرفه هذه المدة وكان قرارها في هذا الصدد قائماً على السبب المبرر له - بعد أن تبين للمحكمة سلامة الجزاء الموقع على المطعون ضده - فمن ثم يكون إلغاء القرار عن هذه المدة مخالفاً للقانون الأمر الذي يحق معه طلب إلغاء الحكم فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجر الطاعن عن مدة وقفه عن العمل الفترة من 6/ 9/ 1978 حتى 5/ 12/ 1978 أو عن الفترة من 6/ 9/ 1978 حتى 9/ 2/ 1979.
ومن حيث إنه باستقراء أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 يبين أن المادة 86 منه تنص على أنه "لرئيس مجلس الإدارة، بقرار مسبب، حفظ التحقيق وله أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة شهور ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تحددها. ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف الأجر ابتداء من تاريخ الوقف.
ويجب عرض الأمر فوراً على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف الباقي من أجره فإذا لم يعرض الأمر عليها خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف وجب صرف الأجر كاملاً حتى تقرر المحكمة ما يتبع في شأنه.
وعلى المحكمة التأديبية أن تصدر قرارها خلال عشرين يوماً من تاريخ رفع الأمر إليها فإذا لم تصدر المحكمة قرارها في خلال هذه المدة يصرف الأجر كاملاً. فإذا برئ العامل أو حفظ التحقيق معه أو جوزي بجزاء الإنذار أو الخصم من الأجر لمدة لا تتجاوز خمسة أيام صرف إليه ما يكون قد أوقف صرفه من أجره فإن جوزي بجزاء أشد تقرر الجهة التي وقعت الجزاء ما يتبع في شأن الأجر الموقوف صرفه: ومؤدى أحكام هذا النص فيما يتعلق بأجر العامل - الذي يوقف عن عمله احتياطياً - أنه يترتب على وقفه عن العمل وقف صرف نصف أجره اعتباراً من تاريخ وقفه على أن يعرض ذلك على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير ما يتبع بشأنه فإن لم يعرض عليها أو تراخت المحكمة في إصدار قرارها صرف الأجر كاملاً. أما إذا قررت المحكمة وقف صرف الأجر فإن الأجر الموقوف صرفه يتحدد نهائياً في ضوء ما يسفر عنه مركز العامل الموقوف صرف أجره من الاتهام المنسوب إليه بما يترتب على ذلك من وجوب صرف الأجر الموقوف صرفه إليه في حالة براءته أو حفظ التحقيق أو مجازاته بجزاء الإنذار أو الخصم من الأجر لمدة لا تتجاوز خمسة أيام أما إذا جوزي بجزاء أشد من الجزاءات المنوه عنها فتنعقد للجهة التي وقعت الجزاء سلطة تقدير وتقرير ما يتبع بشأن الأجر الموقوف الصرف. ومفاد ذلك أن الجهة التي وقعت الجزاء على العامل لا تملك أعمال سلطتها في تقرير ما يتبع بشأن أجر العامل الموقوف صرف مرتبه إلا بتحقق شرطين:
الأول: أن تكون المحكمة التأديبية المختصة قد قررت عدم صرف نصف الأجر الموقوف صرفه.
الثاني: أن يكون العامل قد جوزي بجزاء أشد من الإنذار أو الخصم من الأجر لمدة خمسة أيام. وترتيباً على ذلك إذا تخلف أحد هذين الشرطين غلت يد الجهة التي وقعت الجزاء في شأن تقرير ما يتبع بشأن الأجر الموقوف صرفه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المحكمة التأديبية بالإسكندرية قررت بجلسة 15/ 10/ 1978 صرف نصف الأجر الموقوف صرفه من أجر المطعون ضده فإنه بذلك يكون قد تخلف أحد الشرطين اللازمين لكي تنعقد للجهة التي وقعت الجزاء عليه سلطة تقرير ما يتبع في شأن الأجر الموقوف صرفه. إذ أنه ليس ثمة أجراً موقوف الصرف يتيح لهذه الجهة أن تعمل سلطتها التقديرية في شأن صرفه من عدمه بعدما قررت المحكمة المختصة صرفه على النحو السابق الإشارة إليه. وترتيباً على ذلك فإن الحكم الطعين يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه - بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المطعون ضده عن فترة وقفه عن العمل في الفترة من 6/ 9/ 1978 حتى 9/ 2/ 1979 لصدوره مخالفاً حكم القانون. ومن ثم يكون الحكم قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً قانونياً سائغاً استناداً إلى الأسباب التي أقامها عليها. وبالتالي فإن الطعن عليه، في هذا الشق، والحالة هذه يكون جديراً بالرفض لقيامه على أسباب غير سليمة قانوناً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهماً موضوعاً.