أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 828

جلسة 29 من إبريل سنة 1954
(123)
القضية رقم 116 سنة 22 القضائية

برئاسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
ضرائب. رسوم بلدية. الرسوم التي تفرض على المحال التجارية والصناعية. أساس تحديدها. المقصود بالقيمة الإيجارية المنصوص عنها في مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945. المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944.
إن المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 الخاص بنظام المجالس البلدية والقروية إذ أجازت لهذه المجالس أن تفرض في دائرة اختصاصاتها رسوماً على المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة، وإذ نصت الفقرة الأخيرة منها على أن تعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم، وتنفيذاً لهذا النص صدر مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 الذي نصت الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه المعدلة بالمرسوم الصادر في 20 من سبتمبر سنة 1948 على أنه "بالنسبة إلى المحال الصناعية يكون تحديد الرسوم على إنتاجها الفعلي، فإذا تعذر التحديد على هذا الأساس يكون على أساس القوى المحركة في هذه المحال وعدد الدواليب والآلات أو الأنوال التي تدار فيها أو بنسبة مئوية من القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله". إذ نص المرسوم على ذلك دون أن يحدد المقصود بعبارة "القيمة الإيجارية" التي قد يختارها المجلس أساساً لفرض الرسوم عليها، فإن هذا لا يفيد أن المشرع قصد بإشارته إلى القيمة الإيجارية مجردة عن التعريف بها معنى آخر يختلف عن القيمة الإيجارية التي تربط على أساسها عوائد الأملاك، وهو الأساس الذي اتخذه الشارع لتقدير ضرائب شتى صدرت بها قوانين في أوقات مختلفة والذي أصبح بذلك في حكم المصطلح عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكمين المطعون فيهما ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أنه في 10 من فبراير سنة
1947 قرر مجلس بلدى كفر الزيات - الطاعن - فرض رسوم على المحال الصناعية والتجارية بنسبة 12% من القيمة الإيجارية للأماكن التي تشغلها تلك المحال، وذلك استناداً إلى نص المادة 23 من القانون رقم 145 سنة 1944 الخاص بنظام المجالس البلدية والقروية، وإلى نص الفقرة الثالثة من المادة الأولى من المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 وصدق وزير الصحة على هذا القرار بقرار صدر منه في 23 من فبراير سنة 1947. وفي 4 من ديسمبر سنة 1947 أرسل الطاعن إلى المطعون عليها خطاباً طالبها فيه بمبلغ 3000 جنيه قيمة الرسوم المستحقة على محلاتها عن سنة 1947/ 1948، فدفعت المطعون عليها إلى الطاعن هذا المبلغ محتفظة بكافة حقوقها ثم أقامت عليه دعوى لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة قيدت في جدولها برقم 778 سنة 73 ق طلبت فيها الحكم بإلزام الطاعن بأن يرد إليها مبلغ 2203 جنيهات و776 مليماً مع الفوائد ابتداء من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام الوفاء مع إلزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة وذلك على أساس أن هذا المبلغ هو قيمة الفرق بين الرسوم التي قررها الطاعن على محلاتها عن السنة المذكورة وبين الرسوم المقدرة على أساس القيمة الإيجارية للأماكن التي تشغلها هذه المحلات وفقاً للأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884 الخاص بعوائد الأملاك المبنية ودفع الطاعن الدعوى بعدم ولاية القضاء العادي بنظر الدعوى وبعدم قبولها. وفي 24 من نوفمبر سنة 1948 حكمت المحكمة للمطعون عليها بطلباتها، فرفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم قيد في جدول محكمة استئناف الإسكندرية برقم 375 سنة 5 ق أصر فيه على الدفعين اللذين تمسك بهما أمام محكمة الدرجة الأولى وطلب في الموضوع الحكم برفض الدعوى. وفي 24 من مايو سنة 1951 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض هذين الدفعين، وبولاية القضاء العادي بنظر الدعوى وبقبولها، وقبل الفصل في الموضوع بإعادة القضية إلى المرافعة لتقدم المطعون عليها كشفاً ببيان التعويض المستحق لها وفقاً للمبادئ التي تقررت
بأسباب حكمها وأرجأت الفصل في المصروفات محيلة في أسباب هذا الحكم الذي صدر منها في نفس اليوم في الاستئناف رقم 376 سنة 5 ق وفي 4 من ديسمبر سنة 1951 حكمت في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليها مبلغ 2188 جنيه و560 مليماً وفوائده بواقع 5% سنوياً ابتداء من 16 فبراير سنة 1948 حتى تمام الوفاء وبالمصروفات المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عنهما. فقرر الطاعن بالطعن بطريق النقض في هذا الحكم هو والحكم الصادر في 24 من مايو سنة 1951.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 376 سنة 5 ق والذي أحال الحكمان المطعون فيهما على أسبابه إذ أقام قضاءه على أن الشارع عندما أصدر المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 كان يقصد احتساب القيمة الإيجارية على أساس الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884 الخاص بعوائد الأملاك المبنية لكي يضع لها معياراً ثابتاً هو المعيار الذي تكفل به الأمر العالي المشار إليه وأن مهمة المجلس في احتساب أساس الرسوم مقصورة على رجوعه إلى هذا المعيار الثابت، بدليل أن المشرع أصدر قوانين عدة اتخذ فيها القيمة الإيجارية أساساً لتقدير الرسم ونص على تقديرها وفقاً للأمر العالي المذكور - إذ أقام الحكم قضاءه على هذا الأساس قد خالف القانون، ذلك أن المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 إذ نص في المادة الأولى منه على القيمة الإيجارية جاء نصه مطلقاً من كل قيد، فلم يحل على الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884 وبذلك يكون قد تعمد عدم التقيد بأحكامه. إذ من المقرر أنه لا تجوز الإحالة على قانون آخر إلا بنص صريح يقضي بهذه الإحالة ودليل ذلك أن المشرع حين أراد أن تكون القيمة الإيجارية مقدرة وفقاً للأمر العالي المشار إليه نص على ذلك صراحة - من ذلك ما ورد في المادتين 39، 74 من القانون رقم 14 سنة 1939 وفي المادة 36 من قانون رسم الأيلولة على التركات وفي المادة 75 من القانون رقم 90 سنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق إذ نص في المواد المشار إليها على أن القيمة التي تتخذ أساساً للربط هي القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط عوائد المباني، والحكمة في ذلك واضحة لأن الرسوم المقررة بالمرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 تفرض سنوياً خلافاً للحالة في عوائد الأملاك المبنية التي تقدر كل ثماني سنوات - يؤكد هذا النص نص المادة العاشرة من هذا المرسوم وهو صريح في أن وظيفة اللجنة المنصوص عليها فيه هي تقدير الرسوم لا مجرد تطبيقها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكمين المطعون فيهما إذ أقاما قضاءهما على أن المجلس البلدي - الطاعن - قد اختار فرض الرسوم على الشركة المطعون عليها على أساس القيمة الإيجارية للأماكن التي تشغلها محلاتها الصناعية ومن ثم كان يتعين عليه أن يتقيد في تحديد هذه القيمة بالأساس الذي تربط عليه عوائد الأملاك المبينة - إذ أقام الحكمان قضاءهما على ذلك لم يخطئا في تطبيق القانون على ما جرى به قضاء هذه المحكمة في الطعن رقم 413 سنة 21 ق - ذلك بأن المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 الخاص بنظام المجالس البلدية والقروية إذ أجازت للمجلس أن يفرض في دائرة اختصاصاته رسوماً على المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة المذكورة، ونصت الفقرة الأخيرة منها على أن تعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها وكذلك أحوال الإعفاء منها وتخفيضها - وتنفيذاً لهذا النص صدر مرسوم 30 من أكتوبر سنة 1945 الذي نصت الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه المعدلة بالمرسوم الصادر في 20 من سبتمبر سنة 1948 على أنه: "بالنسبة إلى المحال الصناعية يكون تحديد الرسوم على إنتاجها الفعلي فإذا تعذر التحديد على هذا الأساس يكون على أساس القوى المتحركة في هذه المحال وعدد الدواليب أو الآلات أو الأنوال التي تدار فيها أو بنسبة مئوية من القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله". إذ نص المرسوم على ذلك دون أن يحدد المقصود بعبارة "القيمة الإيجارية" التي قد يختارها المجلس أساساً لفرض الرسوم عليها فإن هذا لا يفيد أن المشرع قصد بإشارته إلى القيمة الإيجارية مجردة عن التعريف بها معنى آخر يختلف عن القيمة الإيجارية التي تربط على أساسها عوائد الأملاك، وهو الأساس الذي اتخذه الشارع لتقدير ضرائب شتى صدرت بها قوانين في أوقات مختلفة من ذلك الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884 الخاص بعوائد المباني، والقانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية إذ نص في المادة 75 منه على أن يكون أساس تقدير الرسوم النسبية على قيم العقارات المتنازع فيها فإذا لم توضح هذه القيم أو توضحت وكانت في نظر قلم الكتاب أقل من قيمتها الحقيقية قدرها هذا الأخير بحيث لا تقل قيمة الأملاك المبنية عن قيمتها الإيجارية المتخذة أساساً لربط العوائد عليها مضروبة في 15، والقانون رقم 142 سنة 1944 الخاص بفرض رسم أيلولة على التركات إذ نص في الفقرة الثانية من المادة 36 المعدلة بالقانون رقم 217 سنة 1951 على أن تقدر قيمة الأملاك الخاضعة لعوائد المباني بما يعادل اثني عشر مثلاً من القيمة الإيجارية السنوية المتخذة أساساً لربط العوائد، والقانون رقم 99 لسنة 1949 الخاص بفرض ضريبة عامة على الإيراد إذ نص في الفقرة الثالثة من المادة السادسة المعدلة بالقانون رقم 218 لسنة 1951 على أنه "يكون تحديد إيراد العقارات مبنية كانت أو زراعية على أساس القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط عوائد المباني أو ضريبة الأطيان..." فإذا كان الشارع قد عنى في القوانين المشار إليها بتعريف القيمة الإيجارية بأنها هي المتخذة أساساًً لربط العوائد عليها وأغفل المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 هذا التعريف، فإن هذا لا يعني أنه قصد بالقيمة الإيجارية معنى آخر خلاف المعنى الذي أفصح عنه في القوانين الأخرى السالف ذكرها والذي أصبح بذلك في حكم المصطلح عليه يؤكد هذا النظر أن الشارع يهدف دائماً في تقدير الضرائب على العقارات إلى أن يكون مبنياً على أسس لها سمة الاستقرار بحيث لا تتغير من سنة إلى أخرى بل يستمر العمل بها فترة مناسبة وهذا الأساس الثابت يجب أن تحوطه ضمانات كفلها الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1884 وليس ثمة علة مقبولة لاعتبار القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لتقدير وعاء الضرائب الأصلية المفروضة بمقتضى القوانين المشار إليها تختلف عن القيمة الإيجارية التي تتخذ أساساً لتقدير الرسوم البلدية بمقتضى المرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1945 أما استناد الطاعن إلى المادة العاشرة من هذا المرسوم والتي تنص على أنه: "تؤلف في كل مجلس لجنة للقيام بعملية حصر المحال والعقارات والأشياء والحيوانات وغيرها المبينة في المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 وتقدير الرسوم البلدية على كل منها طبقاً للأساس الذي اختاره المجلس عند تقدير فرض الرسم تطبيقاً للمواد السابقة وتحديد مواعيد استحقاقها" فمردود بأن هذا النص لا يتأدى منه المعنى الذي ذهب إليه الطاعن.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.