مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 889

(134)
جلسة 2 من إبريل سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 1503 لسنة 27 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - إخلال جهة الإدارة بالتزامها قبل المتعاقد - أثره.
التزام الجهة الإدارية بتسليم المتعاقد مواد البناء يعني بحسب النية المشتركة للمتعاقدين تسليم المتعاقد تصاريح الحصول على مواد البناء وليس مواد البناء ذاتها - على المتعاقد تقديم التصاريح للجهة القائمة على توزيع هذه المواد ودفع ثمنها واستلامها - ينقضي التزام الجهة الإدارية في هذا الشأن بمجرد تسليم التصاريح خلال المدة المتفق عليها بغض النظر عن تاريخ استعمالها - تسليم المتعاقد تصاريح مواد البناء بعد نفاذ المدة المحددة لتسليمها - متى ثبت أن زيادة أسعار مواد البناء ترجع إلى تأخير تسليم التصاريح فإن على جهة الإدارة تعويض المتعاقد بدفع قيمة فروق الأسعار - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق الثامن والعشرين من شهر مايو سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن محافظ سوهاج، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 1503 لسنة 27 قضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 29/ 3/ 1981 في الدعوى رقم 1788 لسنة 33 قضائية المقامة من المطعون ضدهما على الطاعن، والذي قضى بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعيين مبلغ 610 جنيهات والمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات، وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما في 28/ 7/ 1981، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه للأسباب التي ارتأتها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات. وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة جلسة 16/ 1/ 1985 وفيها تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة 20/ 2/ 1985 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة المذكورة لنظره بجلسة 5/ 3/ 1985 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما تبين من الأوراق تخلص في أن السيدين أبو الفتوح محمد عبد المجيد وحسن محمد أحمد الحواش أقاما الدعوى رقم 1655 لسنة 1977 أمام محكمة سوهاج الابتدائية بطلب إلزام محافظ سوهاج بأن يدفع لهما مبلغ 610 جنيهات والمصروفات والأتعاب، وأبديا في صحيفة الدعوى أنهما تعاقداً مع مديرية الإسكان بسوهاج على بناء مدرسة بناحية العوامية مركز ساقلته، وأنهما اشترطا في عطائهما عن هذه العملية أنه إذا حدثت زيادة في الأسعار التموينية للمواد عموماً يتحمل الإسكان الفرق ثم تنازلا عن هذا الشرط عند التفاوض معهما بشأنه على أن يقوم الإسكان بتسليمهما المواد خلال شهر من تاريخ استلام الموقع، ولكن حدث أن تسلما بعض الكميات بعد هذا الشهر وزادت أسعار هذه الكميات عما كانت عليه خلاله الأمر الذي ترتب عليه تكبدهما فروقاً في الأسعار بلغت 610 جنيهات حسب الحصر الختامي للعملية الموجود بمديرية الإسكان، وبجلسة 25/ 2/ 1978 قضت المحكمة المذكورة بإلزام محافظ سوهاج بأن يدفع للمدعيين المبلغ المطلوب والمصاريف، واستأنف محافظ سوهاج هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط برقم 148 لسنة 53 قضائية وبجلسة 20/ 11/ 1978 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة، وتنفيذاً لهذا الحكم الأخير أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - دائرة العقود والتعويضات حيث قيدت بجدولها برقم 1788 لسنة 33 قضائية، وبجلسة 29/ 3/ 1981 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها المطعون فيه، وقد أسست المحكمة قضاءها على أن نكول الإدارة عن تنفيذ شرط المدعيين صرف المواد خلال شهر من بداية مدة العقد يشكل خطأ عقدياً تسأل عنه الإدارة إذا ترتب عليه ضرر ومن بين الأضرار التي لحقت بالمدعيين نتيجة لذلك تحملهما بفروق الأسعار الناتجة عن زيادة سعر الحديد والخشب عن سعرهما خلال الشهر الأول من مدة العقد ومن ثم وجب أن تتحمل الإدارة هذه الفروق ليس استناداً إلى شرطيهما اللذين تنازلا عنه ولكن استناداً إلى القواعد العامة التي تقضي بأن كل خطأ يترتب عليه ضرر يلزم من ارتكبه بالتعويض وهو ما لم يتفق طرفا العقد على عكسه صراحة أو ضمناً وأنه لا خلاف بين الطرفين على مقدار الفروق التي نجمت عن زيادة الأسعار.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لسببين: أولهما أن البند ثانياً من المادة 17 من العقد تنص على أنه لا يحق للمقاول أن يطالب بزيادة في أسعار عطائه بسبب تقلبات الأسعار مهما كانت الأسباب حتى ولو كانت ناتجة عن زيادة التسعيرة الرسمية التي تصدرها الحكومة المصرية، وهذا النص واضح في عدم استطاعة المقاولين المطالبة بأي زيادة في الأسعار، والسبب الثاني: أن المحافظة لم تخل بالتزامها العقدي لأنها قامت بصرف تصاريح مواد البناء ولكن الشركة الموزعة هي التي تأخرت في تسليم المواد للمطعون ضدهما حيث يتم ذلك بالدور طبقاً لنظام التوزيع ويضع المتعاقد ذلك في اعتباره عند التعاقد.
ومن حيث إن هذا الطعن مردود بسببه بأن المطعون ضدهما لم يطالبا بفروق الأسعار الناتجة عن تقلبات السعر حسبما يبين من ظاهر هذه المطالبة، وإنما يطلبان في الحقيقة وواقع الأمر تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بهما نتيجة لإخلال الجهة الإدارية بالتزامها بتسليمهما مواد البناء خلال الشهر الأول من مدة تنفيذ العملية، تلك الأضرار التي تمثلت في زيادة الأسعار التي تم بها الشراء عن الأسعار النافذة خلال الشهر الأول من مدة العملية، ومن ثم فلا يحق للجهة الإدارية الاحتجاج عليهما بنص المادة 17 من الشروط العامة للعقد سالفة الذكر الذي يبقى قائماً بالنسبة لأي مطالبة بفروق الأسعار إذا كانت قد حدثت زيادة فيها خلال الشهر الأول من مدة تنفيذ العملية عما كانت عليه وقت تقديم العطاء أو وقت التعاقد، ومن المسلم أن التزام الجهة الإدارية بتسليم المطعون ضدهما مواد البناء يعني بحسب النية المشتركة للمتعاقدين تسليم المطعون ضدهما تصاريح الحصول على مواد البناء وليس مواد البناء ذاتها بحيث يكون على المطعون ضدهما تقديم هذه التصاريح للجهة القائمة على توزيع هذه المواد ودفع ثمنها واستلامها وينقضي التزام الجهة الإدارية في هذا الشأن بمجرد تسليم التصاريح خلال مدة الشهر المتفق عليها بغض النظر عن تاريخ استعمالها، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن فروق الأسعار التي طالب بها المطعون ضدهما ناتجة عن زيادة الأسعار نتيجة لصدور تصاريح مواد البناء بعد انتهاء الشهر الأول من مدة تنفيذ العملية، عما كانت عليه الأسعار وقت التعاقد خلال الشهر المشار إليه، وكان الثابت أيضاً أن قيمة هذه الفروق لا خلاف عليها بين الجهة الإدارية والمطعون ضدهما فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلزام الجهة الإدارية بدفع الفروق المطلوبة، يكون قد صادف وجه الحق في قضائه، ويتعين لذلك الحكم برفض الطعن مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت محافظة سوهاج المصروفات.