أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 917

جلسة 20 من مايو سنة 1954
(140)
القضية رقم 59 سنة 23 القضائية

برئاسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وسليمان ثابت، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) ضرائب: معنى عبارة منشأة قائمة في مصر.
(ب) ضرائب: إقليمية الضريبة. شركة ملاحة بحرية قائمة في الخارج. اقتصار نشاطها في مصر على مجرد تحصيل أجور نقل الركاب والبضائع وشحنها وتفريغها. إناطتها سمساراً بحرياً له شخصية تجارية مستقلة عنها بالقيام بهذه الأعمال. خضوع نشاط هذا السمسار لضريبة الأرباح المصرية. عدم خضوع نشاط الشركة لهذه الضريبة.
1 - لم ير المشرع في القانون رقم 14 لسنة 1939 أن يقصر فرض ضريبة الأرباح على المنشآت التجارية والصناعية التي لها أماكن ثابتة تشغلها بمصر بل قصد أن يفرضها على نوع معين من أنواع الإيرادات المنقولة سواء جاءت تلك الأرباح نتيجة منشآت بالمعنى الضيق أم نتيجة مزاولة نشاط تجاري أو صناعي بمصر على وجه الاعتياد والامتهان، فلا يكفي لإعفاء المنشأة من ضريبة الأرباح التجارية المقررة بالمادة 33 من القانون المذكور أن لا يكون لها بمصر مكتب فرعي أو وكيل خاص مفوض منها وتابع لها متى كانت الأرباح المفروضة عليها الضريبة ناتجة من مزاولتها على وجه الاستمرار والاعتياد نشاطاً كملت دورته في مصر ولو لم يكن لها كيان محلي قائم بها.
2 - لما كان الثابت هو أن الشركة الطاعنة - وهي شركة ملاحة بحرية مركزها وإدارتها في بلاد اليونان - ليس لها من نشاط في مصر سوى تحصيل أثمان تذاكر سفر الركاب وأجور شحن البضائع وتفريغها، وأنها عهدت بهذه الأعمال إلى سمسار بحري له شخصية تجارية مستقلة عنها ويتعامل مع شركات أخرى مقابل عمولة يتقاضاها منها، وكان صافي أرباح هذا السمسار الناتجة من نشاطه التجاري المشار إليه والذي يتمثل في جملة ما يتقاضاه من عمولة مخصوماً منها مصروفاته خاضعاً لضريبة الأرباح التجارية في مصر وهو بذاته يعادل صافي الربح الذي كان يعود على الشركة الطاعنة لو أنها كانت تقوم بتلك الأعمال بوساطة مكتب فرعي لها دون أن تعهد بها إلى أحد سماسرة النقل أو الوكلاء البحريين، وكان الربح الذي تحققه الشركة من مباشرة عمليات النقل في عرض البحار على سفنها التي تحمل علم الدولة التي تنتمي إليها لا يخضع لضريبة الأرباح التجارية لأنه ناتج عن استثمار يتم بأكمله في الخارج فلا يجوز أن تقع نتائجه تحت حكم قانون الضرائب المصري عملاً بمبدأ إقليمية الضريبة، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بخضوع هذه الشركة لضريبة الأرباح التجارية يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة وهي شركة يونانية للملاحة ومركزها العام باليونان وتقوم بواخرها بنقل الركاب وشحن وتفريغ البضائع من الموانئ المصرية وإليها، ويقوم بهذه العمليات عن الشركة وكيل أعمال بحري هو سبيرو. ج. كوتا كيس وقد فرضت مصلحة الضرائب على الشركة الطاعنة ضريبة عن أرباحها في سنة 1938 مقدارها 84 جنيهاً و611 مليماً استناداً إلى أنها تقوم بنشاط تجاري مستمر بميناء الإسكندرية عن طريق وكيلها سبيرو. ج. كوتا كيس، وهذا النشاط يتضمن شحن وتفريغ البضائع وتحصيل أثمان تذاكر سفر الركاب وأجور شحن البضائع الصادرة والواردة. فأقامت الطاعنة في 11 من يناير سنة 1949 الدعوى رقم 1044 سنة 1949 تجاري الإسكندرية الابتدائية على المطعون عليها مؤسسة دعواها على أنه ليس لها فرع بالإسكندرية، بل يقوم بأعمالها في مصر وكيل بحري هو سبيرو. ج. كوتا كيس وهو المسئول عن دفع الضرائب المستحقة على أرباحه التجارية، وأنها أي الشركة الطاعنة ليس لها رؤوس أموال مستثمرة في القطر المصري، وإنما تمر بواخرها بموانيه كما تمر بسائر البلدان الأخرى. وطلبت إعفاءها من كافة الضرائب المصرية على الدخل استناداً إلى أنها لا تشتغل منشأة في مصر، وأن كوتا كيس ليس إلا وكيلاً عمومياً للأعمال البحرية التي يكلف بها من شركات مختلفة وليس له أية صفة لتمثيلها أو الوكالة عنها حتى يترتب على ذلك فرض ضرائب على الشركة الطاعنة في مصر - فدفعت المطعون عليها بأن النزاع المطروح يتعلق بمبدأ إقليمية الضريبة، وبمقتضاه يحق للدولة فرض الضريبة على الدخول والأرباح التي تحققها المنشأة أو الشركات التي تعمل بأراضيها بغض النظر عن جنسيتها أو موطنها. وفي 17 من مارس سنة 1951 قضت المحكمة برفض الدعوى. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 322 سنة 7 ق تجاري الإسكندرية وبنت استئنافها على نفس الأسباب التي أسست عليها دعواها أمام محكمة أول درجة. وفي 6 من نوفمبر سنة 1952 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. فقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أنها شركة ملاحة بحرية مركز إدارتها وحساباتها ببلاد اليونان، وأن السفن التابعة لها تسير عبر البحار ولا تمر على المواني المصرية إلا لإنزال الركاب وتفريغ البضائع الواردة واستقبال المسافرين إلى الخارج وشحن البضائع المصدرة وليس لها في الديار المصرية فروع أو مكاتب أو وكلاء تابعون لها، وأنها عهدت إلى سمسار بحري مقيم بالقطر المصري بتحصيل أثمان تذاكر الركاب وأجور شحن البضائع وتفريغها مقابل عمولة يتقاضاها منها، وله مكاتب خاصة به بالإسكندرية ويتعامل مع شركات ملاحة أخرى. ومن مقتضى ذلك أن المادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939 لا تسري على أرباح الشركة عملاً بمبدأ إقليمية الضريبة إذ يشترط لخضوع شخص طبيعي أو معنوي لضريبة مصرية عن أرباح تجارية أو صناعية أن تكون هذه الأرباح ناتجة عن أعمال تمت بداخل القطر المصري. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الشركة الطاعنة تقوم بمصر بأعمال شحن البضائع وتفريغها وبيع تذاكر الركاب ورتب على ذلك إخضاعها لضريبة الأرباح التجارية المصرية. مع أن الأعمال المذكورة ليست هي مصدر أرباح الشركة الطاعنة إذ عهدت بها إلى سمسار بحري مستقل عنها مما كان لا يجوز معه إخضاعها لضريبة الأرباح التجارية المقررة بالمادة 33 من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه وإن كان لا يكفي لإعفاء الشركة من ضريبة الأرباح التجارية المقررة بالمادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أن لا يكون لها بمصر مكتب فرعي أو وكيل خاص مفوض منها وتابع لها متى كانت الأرباح المفروضة عليها الضريبة ناتجة من مزاولتها على وجه الاستمرار والاعتياد نشاطاً كملت دورته في مصر، ولو لم يكن لها كيان محلي قائم بها - ذلك لأن المشرع لم ير في القانون رقم 14 لسنة 1939 - أن يقصر فرض ضريبة الأرباح على المنشآت التجارية والصناعية التي لها أماكن ثابتة تشغلها بمصر، بل قصد أن يفرضها على نوع معين من أنواع الإيرادات المنقولة سواء جاءت تلك الأرباح نتيجة منشآت بالمعنى الضيق أم نتيجة مزاولة نشاط تجاري أو صناعي بمصر على وجه الاعتياد والامتهان، إلا أن الثابت في واقعة الدعوى هو أن الشركة الطاعنة وهي شركة ملاحة بحرية مركزها وإدارتها في بلاد اليونان ليس لها من نشاط في مصر سوى تحصيل أثمان تذاكر سفر الركاب وأجور شحن البضائع وتفريغها، وقد عهدت بهذه الأعمال إلى سمسار بحري له شخصية تجارية مستقلة عنها ويتعامل مع شركات أخرى وذلك مقابل عمولة يتقاضاها منها. وصافي أرباح هذا السمسار الناتجة من نشاطه المشار إليه والتي تتمثل في جملة ما يتقاضاه من عمولة مخصوماً منها مصروفاته، هذا النشاط خاضع لضريبة الأرباح التجارية في مصر، وهو بذاته يعادل صافي الربح الذي كان يعود على الشركة الطاعنة لو أنها كانت تقوم بتلك الأعمال بوساطة مكتب فرعي لها ثابت ومستقر في مصر أو وكيل خاص مفوض منها وتابع لها دون أن تعهد بها إلى أحد سماسرة النقل أو الوكلاء البحريين. أما الربح الذي تحققه الشركة الطاعنة من مباشرة عمليات النقل في عرض البحار على سفنها التي تحمل علم الدولة التي تنتمي إليها. هذا الربح لا يخضع لضريبة الأرباح المصرية لأنه ناتج عن استثمار يتم بأكمله في الخارج فلا يجوز أن تقع نتائجه ربحاً كانت أم خسارة تحت حكم قانون الضرائب المصري عملاً بمبدأ إقليمية الضرائب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على خلاف ذلك، فإنه يتعين نقضه لخطأ في تطبيق القانون دون حاجة لبحث السبب الثاني للطعن.
ومن حيث إن موضوع الدعوى صالح للحكم فيه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مصلحة الضرائب غير محقة في فرض ضريبة على أرباح الشركة المدعية الناتجة من مباشرتها عمليات النقل عبر البحار. أما الربح الناتج من نشاط السمسار البحري الذي عهدت إليه الشركة المدعية بتحصيل أثمان تذاكر سفر الركاب وأجور شحن البضائع وتفريغها نظير عمولة يتقاضاها منها، فإن هذا السمسار هو الذي يسأل عن الضريبة المستحقة عليه، لأن له شخصية مستقلة عن الشركة المدعية وليس تابعاً لها. ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء للشركة المستأنفة بعدم خضوع أرباحها لضريبة الأرباح التجارية المصرية.