مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 897

(136)
جلسة 6 من إبريل سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 2830 لسنة 29 القضائية

( أ ) جنسية - الجنسية المصرية - مدى تمتع السوريين بها بعد انفصال سوريا القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة ظل قائماً بعد انفصال سوريا عن مصر في 28/ 9/ 1961 - رعايا الجمهورية العربية المتحدة من السوريين لا يعتبرون من المتمتعين بجنسية جمهورية مصر العربية بعد الانفصال في 28/ 9/ 1961 حتى صدور القانون رقم 26 لسنة 1975 - تطبيق.
(ب) جنسية - الجنسية المصرية - حالات اكتسابها.
منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 160 لسنة 1950 بشأن الجنسية ونصوص قوانين الجنسية المتعاقبة مطردة على اعتبار من ولد في مصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له مصرياً بحكم القانون - ورود ذات القاعدة في قانون الجنسية الأخير رقم 26 لسنة 1975 - سريان هذا الحكم ولو كان الميلاد قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 160 لسنة 1950 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 16 من يوليو سنة 1983 م أودعت إدارة قضايا الحكومة - نائبة عن وزير الداخلية ومدير الجوازات والجنسية بالإسكندرية - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 19/ 5/ 1983 في الدعوى رقم 644 لسنة 34 ق المقامة من المطعون ضده، والقاضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وباختصاصها، وفي الموضوع بإثبات الجنسية المصرية للمدعي وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وطلب الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب الواردة بتقرير - قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 12/ 1984، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 23/ 2/ 1985، ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة، وقررت إصدار حكمها فيه بجلسة 30/ 3/ 1985 ثم قررت مد أجله لجلسة 6/ 4/ 1985 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده كان قد أقام دعواه رقم 644 لسنة 34 ق بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 14/ 5/ 1980 طلب في ختامها الحكم بإثبات جنسيته المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم 26 لسنة 1975، وإلغاء القرار الإداري بامتناع وزير الداخلية عن إعطائه شهادة بالجنسية المصرية بعد مضي سنة من تاريخ تقديم الطلب في 19/ 2/ 1979 وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه أنه في 17/ 2/ 1979 تقدم بطلب إلى وزير الداخلية للحصول على جنسية جمهورية مصر العربية وذلك لإثبات جنسيته المصرية حيث تعتبره جمهورية مصر العربية سوري الجنسية بحكم الأصل لكون والده سوري الجنسية، وأرفق بطلبه المستندات الدالة على إثبات جنسيته وحقه في الحصول عليها تطبيقاً لأحكام القانونين رقمي 82 لسنة 1958، 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية. واستطرد المدعي أنه ولد على أرض الإقليم المصري في 1/ 6/ 1944 ويقيم إقامة دائمة في مصر ولم يغادرها منذ ميلاده محافظاً على إقامته فيها، كما أن والدته مصرية الجنسية وذلك ثابت ببطاقتها العائلية رقم 5976 سجل مدني محرم بك الصادرة في 1/ 2/ 1968. وأردف المدعي أن والده كان قد غادر سوريا نهائياً وشطب من سجلاتها وقدم لمصر وتزوج من والدته المصرية إلى أن توفى ودفن بالإسكندرية (شهادة وفاة رقم 985 بتاريخ 14/ 4/ 1965 صحة العطارين)، وثابت من الأوراق أن سوريا لا تعترف بوالده كمواطن سوري وقد قررت القنصلية السورية في الشهادة المرفقة الصادرة عنها برقم 562 (84) بتاريخ 21/ 4/ 1969 أنه وأولاده لا يزالون مكتومي القيد في سجلات الأحوال المدنية في سوريا (أي غير معيني الجنسية) على أساس أن والده ترك سوريا منذ حوالي خمسين عاماً دون عودة إليها. كما وأن المدعي قد تزوج بمصرية (السيدة هند إبراهيم أحمد عمران) بتاريخ 10/ 3/ 1975، ويعمل المدعي صاحب محل كوافير للسيدات بشارع محرم بك رقم 92 رخصة محل رقم 15549 بتاريخ 24/ 6/ 1963 ومشترك في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية برقم 49/ 923 بتاريخ 10/ 11/ 1973 كصاحب عمل، وممول ضريبي (ملف رقم 526/ 10/ 9/ 5 منذ بداية النشاط في عام 1962). ولما كان المدعي يستحق الحصول على الجنسية المصرية طبقاً لحكم الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 41 من القانون رقم 26 لسنة 1975، لذا يحق له رفع هذه الدعوى بطلب الحكم له بثبوت جنسية مصر العربية له.
وبجلسة 19/ 5/ 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بإثبات الجنسية المصرية للمدعي وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أساس أن الثابت أن والد المدعي سوري الجنسية في تاريخ نفاذ القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة ومن ثم يتمتع منذ ذلك الحين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة طبقاً لحكم الفقرة ( أ ) من المادة الأولى من القانون رقم 82 لسنة 1958، ويتمتع بها المدعي تبعاً لوالده. كما أنه وفقا لنص الفقرة ( أ ) من البند ثالثاً من المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية التي تعتبر في عداد المصريين من كسب جنسية الجمهورية العربية المتحدة طبقاً لأحكام القانون رقم 82 لسنة 1958 بالميلاد لأب أو لأم يعتبرون مصريين طبقاً للبند ثانياً من هذه المادة، فإن المدعي يعتبر مصرياً بالميلاد لأم مصرية.
وأردفت المحكمة أنه إذا ما أخذ في الحسبان الشهادة المقدمة من قنصلية سوريا بالقاهرة من أن والد المدعي - وكذا المدعي - مكتوماً القيد بسجلات الأحوال المدنية في سوريا (أي مجهولاً الجنسية) فإن المدعي يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة (مصر) تبعاً لميلاده بمصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له طبقاً لحكم البند ثانياً من المادة الثانية من القانون رقم 82 لسنة 1958، كما يتمتع - لذات السبب - بالجنسية المصرية طبقاً لحكم الفقرة (2) من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 المشار إليه ورتبت المحكمة على ذلك أحقية المدعي في التمتع بالجنسية المصرية.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من عدة أوجه:
الوجه الأول: أقام الحكم المطعون فيه قضاءه - بادئ الأمر - على أن والد المدعي سوري الجنسية ومن ثم يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة عملاً بحكم الفقرة ( أ ) من المادة الأولى من القانون رقم 82 لسنة 1958 التي تقضى بأن تثبت جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان في 22 من فبراير سنة 1958 متمتعاً بالجنسية السورية وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 21 الصادر في 4 من فبراير سنة 1953، ورتبت المحكمة على ذلك أن المدعي يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة تبعاً لوالده. وهذا الحكم مخالف للقانون لأن الفقرة ثانياً من المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية نصت صراحة على أن المصريين هم:........... (ثانياً) من كان في 22 من فبراير سنة 1958 متمتعاً بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية".
ومفاد ذلك أن من كل سوريا في 22 فبراير سنة 1958 ودخل في جنسية الجمهورية العربية المتحدة منذ قيام الوحدة بين مصر وسوريا عملاً بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 82 لسنة 1958 لم يعد معتبراً من المتمتعين بهذه الجنسية بعد أن تم الانفصال بين البلدين في 28/ 9/ 1961 وما ترتب عليه من استرداد سوريا جنسيتها حيث أصدرت في 31/ 10/ 1961 المرسوم التشريعي رقم 67 بشأن جنسية الجمهورية العربية السورية بعد أن ألغت جنسية الجمهورية العربية المتحدة، وبذلك أصبحت جنسية الجمهورية العربية المتحدة من تاريخ الانفصال - مقصورة فقط على من يعتبرون مصريين في حكم قوانين الجنسية المصرية وأصبح السوريون معتبرين من الأجانب، وبهذا قنن الشارع في قانون الجنسية الحالي (رقم 26 لسنة 1975) ما استقر عليه الفقه والقضاء وما جرى عليه العمل من الاعتداد عند تحديد الأصول المصرية بجنسية الفرد قبل قيام الوحدة بين مصر وسوريا في 22 من فبراير سنة 1958. ولما كان المدعي - تبعاً لأبيه - سوريا في 22 من فبراير سنة 1958 فإنه يسترد جنسيته السورية منذ 28/ 9/ 1961 ولا يعتبر من هذا التاريخ مصرياً.
الوجه الثاني: أن الحكم المطعون فيه عاد فاعتبر المدعي داخلاً في الجنسية المصرية استناداً إلى حق الدم المقترن بحق الإقليم بحسبانه مولوداً في مصر لأم مصرية من أب مجهول الجنسية واستدل على ذلك بشهادة منسوب صدورها إلى القنصلية السورية بالقاهرة برقم 562/ 84 بتاريخ 21/ 4/ 1969 جاء بها أن والد المدعي مكتوم القيد أي مجهول الجنسية. وهذا الذي ذهب إليه الحكم مخالف أيضاً للقانون ذلك أن الجنسية الأصلية ينظر في اكتسابها إلى لحظة الميلاد ذاتها. وإذ كان المدعي مولوداً في مصر سنة 1944 وكانت المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية المعمول به في تاريخ ميلاد المدعي - تقضي بأن ثبوت الجنسية بالتبعية للمصريين الأصول يشمل أيضاً الزوجة والأولاد القصر بحكم القانون ومن ثم فإن فيصل النزاع يتوقف أساساً على بيان ما إذا كان والد المدعي يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية وفقاً لأحكام هذا المرسوم فيكسبها نجله (المدعي) بالتبعية له أم أن الوالد لا يعتبر داخلاً في هذه الجنسية ومن ثم يفتقد المدعي سبب اكتسابها عن هذا الطريق. ولما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 تنص على أن يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون "كل من يعتبر في تاريخ هذا القانون مصرياً بحسب حكم المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29 من يونيو سنة 1900" وبالرجوع إلى أحكام هذا الأمر يتضح أن الجنسية المصرية تثبت للشخص إذا ما توافر فيه شروط ثلاثة:
( أ ) بدء التوطن في مصر قبل سنة 1898.
(ب) استمرار الإقامة العادية حتى 10 من مارس سنة 1929.
(جـ) عدم انتماء الشخص إلى جنسية دولة أجنبية. وفي تطبيق هذا الشرط يعتبر رعايا الدولة العثمانية الداخلون في جنسية إحدى الدول المنفصلة عن الدولة العثمانية بمقتضى معاهدة لوزان - كسوريا - من رعايا الدول الأجنبية. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن والد المدعي سوري الأصل والمولد ويتمتع بجنسية دولة أجنبية منفصلة عن الدولة العثمانية هي سوريا، فمن ثم لم يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية منذ حضوره إلى مصر سنة 1927، وظل محتفظاً بجنسيته السورية. واكتسب المدعي الجنسية السورية تبعاً لوالده، منذ تاريخ ميلاده في 1944، ولا اعتداد في هذا الشأن بفقد والد المدعي جنسيته السورية في تاريخ لاحق لميلاد الأخير ولا مقنع فيما حوته الشهادة الصادرة من القنصلية السورية منذ سنة 1969 باعتبار والد المدعي مجهول الجنسية، أو القول بسقوط الجنسية السورية عنه لانقطاعه عن سوريا المدة التي حددها قانون الجنسية السوري - لا مقنع في هذا طالما كان والد المدعي معلوم الجنسية في تاريخ ميلاد المدعي.
وأردف الطعن بأن طلب المدعي منحه الجنسية المصرية وفقاً لحكم الفقرة خامساً من المادة الرابعة من قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975 مردود بأن منح الجنسية عن طريق التجنس أمر جوازي للحكومة وفقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة. وهي تملك في هذا الصدد سلطة تقديرية واسعة لا تخضع لرقابة القضاء الإداري ما دام أن قراراها قد خلا من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه يتعين التنويه بادئ ذي بدء إلى أن الحكم المطعون فيه قد وقع في تناقض في الأسباب، إذ سلم في بادئ الأمر بأن والد المدعي سوري الجنسية ومن ثم طبق عليه حكم الفقرة ( أ ) من المادة الأولى من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة التي تنص على أنه "تثبت جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان في 22 من فبراير سنة 1958:
( أ ) متمتعاً بالجنسية السورية وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 21 الصادر في 4 من فبراير سنة 1953 المشار إليه.
(ب) متمتعاً بالجنسية المصرية وفقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956.....
ورتب على ذلك تمتع المدعي بجنسية الجمهورية العربية المتحدة تبعاً لوالده السوري. ثم عاد الحكم وأخذ في حسبانه الشهادة المقدمة من المدعي والصادرة من قنصلية سوريا بالقاهرة برقم 562/ 1984 بتاريخ 21/ 4/ 1969 التي تفيد بأن والد المدعي وأولاده ومن بينهم المدعي - لا يزالون مكتومي القيد (أي مجهولي الجنسية) بسجلات الأحوال المدنية في سوريا، ورتب على ذلك تمتع المدعي بجنسية الجمهورية العربية المتحدة (الجنسية المصرية) تبعاً لميلاده بمصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسيه له، طبقاً لحكم البند ثانياً من المادة الثانية من القانون رقم 82 لسنة 1958 الذي ينص على أن "يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة:
أولاً:............
ثانياً: من ولد في الجمهورية العربية المتحدة من أم تحمل جنسية هذه الجمهورية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له"..
وأيضاً طبقاً لحكم الفقرة (2) من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 التي تنص على أن "يكون مصرياً:
1 - .................
2 - من ولد في مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له".
ليس هذا فحسب بل أن الحكم المطعون فيه - بالإضافة إلى تناقضه - قد أخطأ في تطبيق أحكام القانونين رقمي 82 لسنة 1958، 26 لسنة 1975 المشار إليهما على الحالة المعروضة ذلك أنه ولئن كانت المادة الأولى من القانون رقم 82 لسنة 1958 قد أثبتت في الفقرة ( أ ) جنسية الجمهورية العربية المتحدة لمن كان في 22 من فبراير سنة 1958 متمتعاً بالجنسية السورية وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 21 الصادر في 4 من فبراير سنة 1953 - إلا أنه بعد أن وقع الانفصال بين مصر وسوريا في 28 من سبتمبر سنة 1961 وانتهت الوحدة بين البلدين بادرت سوريا وأصدرت المرسوم التشريعي رقم 67 في 31/ 10/ 1961 بشأن جنسية الجمهورية السورية، وألغت به جنسية الجمهورية العربية المتحدة، ومن ثم استرد السوريون جنسيتهم السورية.
وإذا كان القانون رقم 82 لسنة 1958 المشار إليه قد ظل قائماً حتى صدر القانون رقم 26 لسنة 1975 مثيراً بذلك إشكالات كثيرة - إلا أن القضاء الإداري قد بادر إلى وضع الأمور في نصابها القانوني السليم مقرراً أن رعايا الجمهورية العربية المتحدة من السوريين لا يعتبرون من المتمتعين بجنسية الجهورية بعد انفصال سوريا في 28/ 9/ 1961، وأصبحت جنسية الجمهورية العربية المتحدة مقصورة فقط على من يعتبرن من المصريين في حكم قوانين الجنسية المصرية وأصبح السوريون معتبرين من الأجانب (المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 26 لسنة 1975).
آية ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 نصت على أن المصريين هم: -
أولاً:...........
ثانياً: من كان في 22 فبراير سنة 1958 متمتعاً بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية.
ثالثاً: من كسب جنسية الجمهورية العربية المتحدة طبقاً لأحكام القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة:
( أ ) بالميلاد لأب أو لأم يعتبرون مصريين طبقاً للبند ثانياً من هذه المادة أو.........
ومفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق أحكام القانون إذ اعتبر والد المدعي وبالتبعية المدعي - متمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة منذ 22 فبراير سنة 1958، غافلاً عن أن هذه الجنسية قد زالت منذ تاريخ الانفصال في 28/ 9/ 1961 عن رعايا الجمهورية من السوريين وأصبحت مقصورة فقط على من كان في 22 فبراير سنة 1958 متمتعاً بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية.
ومن حيث إنه ولئن كان ذلك - إلا أن القدر الثابت من الأوراق أن المدعي كان قد قدم ضمن حافظة مستنداته المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة التحضير المنعقدة في 7 من ديسمبر سنة 1980 صورة من الشهادة رقم 562/ 1984 الصادرة من قنصلية الجمهورية العربية السورية بالقاهرة بتاريخ 21/ 4/ 1969 تفيد أن والد المدعي وولديه (المدعي وشقيقه المدعو حلمي) لا زالوا مكتومي القيد في سجلات الأحوال المدنية في سوريا بما يفيد أنهم مجهولو الجنسية.
ومن حيث إن جهة الإدارة لم تجحد هذه الشهادة ولم تقدم ما يثبت عكسها، بل أنها بنت الوجه الثاني من الطعن على أساس التسليم بما ورد بها غاية الأمر أنها ذهبت إلى ضرورة النظر في شروط اكتساب الجنسية الأصلية إلى لحظة الميلاد ذاتها أي إلى أول يونيه سنة 1944.
ويضاف إلى ذلك أن ظروف والد المدعي وملابسات حالته ترجح صحة ما ورد بهذه الشهادة ذلك أن البادي من الأوراق أنه نزح من سوريا إلى مصر في سنة 1927 واستمرت إقامته بمصر دون انقطاع تزوج من والدة المدعي المصرية الجنسية بتاريخ 13/ 4/ 1939 وأنجب منها المدعو بتاريخ 1/ 6/ 1944 وتوفى ودفن بأرض مصر بتاريخ 10/ 6/ 1965 كما وأن المدعي نفسه منذ ولادته في 1/ 6/ 1944 وهو يقيم في مصر وتزوج من مصرية وأنجب منها ولدين ويباشر نشاطه الحرفي كحلاق للسيدات منذ 4/ 1/ 1962.
ومن حيث إنه باستقراء أحكام القوانين المتعاقبة الخاصة بالجنسية المصرية يبين أن المادة 2 من القانون رقم 160 لسنة 1950 قد نصت على أن يكون مصرياً:
1 - ................
2 - من ولد في مصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له....".
وبتاريخ 20 نوفمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 391 لسنة 1956 ونصت المادة 2 منه على أن "يكون مصرياً:
أولاً: من ولد لأب مصري.
ثانياً: من ولد في الأراضي من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له....".
ويسري حكم البنود (ثانياً) و(ثالثاً) و(رابعاً) ولو كان ميلاد هؤلاء قبل تاريخ العمل بهذا القانون".
ثم صدر القانون رقم 82 لسنة 1958 ونصت المادة 2 منه على أن يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة:
أولاً: من ولد لأب متمتع بهذه الجنسية.
ثانياً: من ولد في الجمهورية العربية المتحدة من أم تحمل جنسية هذه الجمهورية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له.
ثالثاً:............
رابعاً:...........
ويسري حكم هذه المادة ولو كان الميلاد قبل تاريخ العمل بهذا القانون".
ثم صدر أخيراً القانون رقم 26 لسنة 1975 ونصت المادة 2 منه على أن "يكون مصرياً:
1 - من ولد لأب مصري.
2 - من ولد في مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له.
ومفاد ما تقدم أنه منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 160 لسنة 1950 في 18/ 9/ 1950، ونصوص القوانين المتعاقبة الصادرة في شأن الجنسية المصرية مضطردة على اعتبار من ولد في مصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له مصرياً بحكم القانون. وقد قطعت الفقرة الأخيرة من المادة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 391 لسنة 1956 بسريان هذا الحكم ولو كان الميلاد قبل تاريخ العمل بهذا القانون (أي قبل 20 نوفمبر سنة 1956) وهو الأمر الذي ينطبق على حالة المدعي المولود في 1/ 6/ 1944، ويدلل في ذات الوقت على عدم صحة ما ورد بتقرير الطعن من أنه يلزم لاكتساب الجنسية المصرية في هذه الحالة توافر شروطها وقت الميلاد.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن القدر المتيقن أن المدعي - المطعون ضده - يعتبر مصرياً بحكم القانون اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 391 لسنة 1956 المشار إليه (أي اعتباراً من 20 نوفمبر سنة 1956) تأسيساً على أنه قد ولد في أرض مصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له. وقد رددت المادة 2 من القانون رقم 26 لسنة 1975 - المعمول به حالياً - ذات الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ولئن تناقض في أسبابه على الوجه السابق بيانه، إلا أنه قد انتهى إلى هذه النتيجة، ومن ثم ترى هذه المحكمة تأييد ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه لغير ما قام عليه من أسباب، وعلى ذلك يغدو الطعن الماثل حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى، تلزمه المصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.