أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 925

جلسة 27 من مايو سنة 1954
(142)
القضية رقم 258 سنة 22 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
ضرائب. ميعاد اختيار رقم المقارنة للأرباح الاستثنائية. وجوب إخطار الممول بقرار مصلحة الضرائب عن حالة حساباته حتى ينفتح ميعاد الاختيار. يترتب على عدم إخطاره بقاء الميعاد ممتداً. لا يغير من ذلك أن تكون مصلحة الضرائب قد اعتبرت حساباته منتظمة.
سواء أكانت حسابات الممول منتظمة أم غير منتظمة فإن ميعاد اختيار رقم المقارنة للأرباح الاستثنائية لا ينفتح على كلا الاعتبارين إلا بعد إخطاره بقرار مصلحة الضرائب عن حالة حساباته لأنه قبل هذا الإخطار لا يتسنى له الاختيار لجهله بما قد يستقر عليه رأي المصلحة في حقيقة أرباحه عن السنة التي يراد اتخاذها أساساً للمقارنة. وإذن فمتى كان يبين مما أورده الحكم أن الممول لم يكن يعلم على وجه اليقين بتقدير أرباحه تقديراً نهائياً عن سنة 1939 إلا من الكتاب المرسل إليه من مصلحة الضرائب في 14/ 1/ 1946 وأنه بادر في اليوم الثاني لوصوله إلى إبلاغ اختياره رقم المقارنة إلى مصلحة الضرائب بكتاب موصى عليه، وكان دفعه قبل ذلك ضريبة الأرباح العادية عن سنة 1939 بعد تعديل المصلحة لرقمها إنما كان إذعاناً منه لطلب المصلحة وكذلك ما دفعه من ضريبة الأرباح الاستثنائية مما لا يفيد أنه كان يعلم إذ ذاك أن تقدير المصلحة لأرباحه عن تلك السنة نهائياً وإلا لما كانت في حاجة إلى إرسال خطاب 14/ 1/ 1946 المشار إليه والذي أخطرته فيه باعتمادها أرباحه عن تلك السنة، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتماد الرقم الذي اختاره الممول للمقارنة لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه قدم في 27/ 1/ 1940 ميزانيته إلى مأمورية ضرائب الموسكي وذكر فيها أن صافي ربحه بلغ في سنة 1939، 460 جنيهاً و778 مليماً وفحصت المأمورية هذه الميزانية ورأت خصم مبلغ 220 جنيه من بند المصروفات وإضافته على الأرباح فبلغت 680 جنيهاً و778 مليماً. وفي 8/ 3/ 1944 قبل المطعون عليه هذا التقرير ودفع ضريبة الأرباح التجارية كما دفع ضريبة الأرباح الاستثنائية المطلوبة منه عن سنتي 1940، 1941 وفي 14 من يناير سنة 1946 أخطرته المأمورية بخطاب ذكرت فيه أنها اعتمدت أرباحه عن سنة 1939 بمبلغ 680 جنيهاً و778 مليماً وطلبت منه اختيار رقم المقارنة وفقاً للقرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 فرد المطعون عليه على هذا الخطاب بخطاب في 15/ 1/ 1946 قال فيه أنه يختار ربح سنة 1939 رقماً للمقارنة الذي تحسب على أساسه ضريبة الأرباح الاستثنائية وفي 7/ 2/ 1946 ردت عليه مصلحة الضرائب بخطاب جاء به أن حقه في اختيار ربح سنة 1939 قد سقط وأنه بذلك يكون رقم المقارنة الواجب معاملته به هو 12% من رأس المال المستثمر وفي 26/ 6/ 1948 أقام المطعون عليه على الطاعنة الدعوى رقم 511 لسنة 1948 تجاري كلي القاهرة وطلب فيها الحكم باعتبار رقم المقارنة الذي تحسب على أساسه الضريبة الاستثنائية هو ربح سنة 1939 المقدر بمبلغ 680 جنيهاً و778 مليماً الذي اعتمدته مصلحة الضرائب وبإلزامها بأن ترد إليه ما حصلته منه بغير حق وفي 11 من ديسمبر سنة 1950 قضت المحكمة برفض الدعوى استناداً إلى أن المطعون عليه من ذوي الحسابات المنتظمة وقد سقط حقه في اختيار ربح سنة 1939 كرقم للمقارنة لتأخره في الاختيار عن الميعاد المقرر قانوناً وإلى أنه بعد أن علم بتقدير ربح سنة 1939 دفع الضريبة الاستثنائية على أساس أن رقم المقارنة هو 12% من رأس المال المستثمر وهذا يعتبر قبولاً منه بمحاسبته على هذا الأساس دون حاجة بعد ذلك إلى أن تخطره مصلحة الضرائب باعتماد أرباحه عن سنة 1939 استأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 60 لسنة 68 ق تجاري محكمة استئناف القاهرة التي قضت في 17 من إبريل سنة 1950 بإلغاء الحكم المستأنف وباعتبار رقم المقارنة الذي تحسب على أساسه الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية عن سنتي 1940 و1941 هو ربح سنة 1939 البالغ مقداره 680 جنيهاً و778 مليماً فقررت مصلحة الضرائب الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار رقم المقارنة الذي تقدر على أساسه الضريبة الاستثنائية هو ربح سنة 1939 قد خالف القانون ذلك أن المادة الثالثة من القانون رقم 60 لسنة 1941 المنطبق على الممولين الذين لهم حسابات منتظمة ومنهم المطعون عليه تنص على أنه لاختيار الممول لرقم المقارنة بإحدى الطريقتين المنصوص عليهما في المادة السابقة إما باختيار ربح إحدى سنوات 1937 و1938 و1939 وإما باختيار 12% من رأس المال المستثمر يشترط أن يبلغ الممول اختياره لمصلحة الضرائب طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري. ولما كان القرار الوزاري رقم 22 لسنة 1942 قد حدد يوم 15/ 2/ 1942 على اعتبار أنه آخر ميعاد لإبداء هذا الاختيار لذوي الحسابات المنتظمة وكان المطعون عليه لم يبد اختياره لربح سنة 1939 إلا في 15/ 1/ 1946 فإن حقه في الاختيار يكون قد سقط ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم قد أخطأ في القانون إذ لم تلق المحكمة بالاً إلى أن المطعون عليه كان على بينة من تقدير أرباحه في سنة 1939 تقديراً نهائياً وأنه دفع الضريبة الاستثنائية على أساس هذه الأرباح، كما خالف القانون والواقع في الدعوى إذ قال بوجوب مد ميعاد الاختيار للمطعون عليه استناداً إلى أن حكمة التشريع بالنسبة إلى الممولين الذين يمسكون حسابات منتظمة لا تتحقق إلا إذا كانت تقديرات مصلحة الضرائب لأرباحهم متفقة مع إقراراتهم - ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم إذ قرر أن حق المطعون عليه في اختيار ربح سنة 1939 كرقم للمقارنة لم يسقط قد خالف القانون ذلك أنه على فرض التسليم بعدم انتظام حساباته فإن حقه في الاختيار يكون قد سقط لأن القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 قد نصت الفقرة أ من المادة الأولى منه على وجوب تقديم طلب الاختيار في ميعاد لا يتجاوز آخر مارس سنة 1944 بالنسبة للممولين الذين أخطرتهم مصلحة الضرائب قبل تاريخ نشر هذا القرار بالجريدة الرسمية بتقدير أو اعتماد أرباحهم عن سنة 1939 أو عن السنة المنتهية خلالها ولما كانت المأمورية سبق أن اعتمدت أرباح الممول في سنة 1939 ووافق عليها وربطت الضريبة فعلاً قبل نشر هذا القرار وكان المطعون عليه لم يبلغ عن اختياره إلا في 15/ 1/ 1946 فإن حقه فيه سقط - ويتحصل السببان الرابع والخامس في أن المطعون عليه استعمل حقه فعلاً في اختيار رقم المقارنة بالخطاب المرسل منه إلى مصلحة الضرائب في 27/ 2/ 1943 والذي حدد فيه اختياره لرقم المقارنة على اعتبار أنه 12% من رأس المال المستثمر ودفع ضريبة الأرباح الاستثنائية عن سنة 1941 وفقاً لاختياره فأصبح ملزماً له ولا يجوز العدول عنه غير أن الحكم لم يعتد بذلك إذ اعتبر الخطاب المرسل من مصلحة الضرائب إلى الممول في 14/ 1/ 1946 مبدأ لسريان ميعاد اختيار رقم المقارنة مع أنه لا أثر قانوناً للخطاب المذكور لأن مصلحة الضرائب قد أرسلته خطأ إلى الممول وهذا الخطأ من جانبها لا يجوز التمسك به في مواجهتها لأنه يتعارض مع نص من نصوص القانون رقم 60 لسنة 1941 الذي أسقط حق الممول في الاختيار.
ومن حيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول هذه الأسباب لعدم بيان ما تعيبه الطاعنة فيها على الحكم وهذا الدفع مردود بأنه غير صحيح إذ يبين من إيراد الأسباب السابق بيانها ما تأخذه الطاعنة على الحكم من أوجه تراها مخالفة للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى وأوجه دفاع الطرفين فيها جاء به: "ومن حيث إن هذه المحكمة لا تقر محكمة الدرجة الأولى على رأيها في أن المستأنف "المطعون" عليه باعتباره ممن يمسكون حسابات منتظمة قد سقط حقه في اختيار رقم المقارنة ما دام قد فاته تقديم طلبه بالاختيار في ميعاد غايته 15 من فبراير سنة 1942 وأن اختياره لرقم المقارنة على أساس 12% من رأس المال المستثمر لا رجوع فيه بعد أن قام بسداد الضريبة على ذلك لأن الحكمة التشريعية من ترك حق الاختيار للممول تتنافى مع هذا المنظر إذ أنها لا تتحقق ولم يقصد بها إلا التيسير على الممول كي يختار الأساس الأصلح له الذي تحتسب عليه الضريبة في الأرباح الاستثنائية وهذا لا يتحقق إلا بعد علمه علم اليقين بحقيقة أرباحه في السنة التي يريد اختيارها فإذا تمهلت مصلحة الضرائب في اعتماد أرباحه حتى انقضى الميعاد فإن الممول يكون في حل من تحمل الجزاء المنصوص عنه في الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة وهو معاملته على أساس 12% من رأس المال المستثمر وحده والواقع أن الممول لا يطلب منه أن يعلم مقدماً خلال الميعاد القانوني أن مصلحة الضرائب سوف تعتمد حساباته وتعتبرها منتظمة أو غير منتظمة وهي قد لا تبت في ذلك إلا بعد فحص الدفاتر والحسابات الذي قد يطول إلى سنوات وتتجاوز الميعاد القانوني للإخطار كما حدث في هذه الدعوى فإذا أخذ بتقرير الحكم المستأنف فإن ذلك يؤدي حتماً إلى عكس ما قصده الشارع من التسهيل والتيسير للممول الذي لم يوضع هذا التشريع إلا لمصلحته فضلاً عن أنه يؤدي إلى تسوئ مركز من يمسكون حسابات منتظمة عن غيرهم ممن لا يمسكون، فالممولون من الفئة الأولى يسقط حقهم بمجرد فوات الميعاد في حين أن فريق الفئة الثانية رغم قعودهم عن تنفيذ ما فرضه القانون عليهم من إمساك حسابات منتظمة يتمتعون بميعاد يظل مفتوحاً حتى يخطروا بتقدير حساباتهم أو اعتمادها عن السنة التي يختارونها لرقم المقارنة وإن طال الأمد... ولا يمكن أن تتحقق حكمة التشريع في التفريق بين نوعي الممولين إلا إذا اشترط فيمن يعتبر ممسكاً لحسابات منتظمة أن تأتي تقديرات المصلحة عن أرباحه في السنة التي اختارها كرقم للمقارنة متفقة تماماً مع إقراره عن أرباحه عن نفس هذه السنة إنما إذا كان من المتوقع أن يختلف أساس التقدير اختلافاً جوهرياً ولو كان الممول يدعي بانتظام حساباته وتحقق فعلاً بأن زادت المصلحة أرباح الممول عما جاء بإقراره زيادة محسوسة كما هو الحال بالنسبة للمستأنف في هذه الدعوى فلا يجوز أن يقيد باختياره الأول على أساس أنه من ذوي الحسابات المنتظمة ويحرم من اختياره رقم المقارنة الآخر الذي ظهر أنه أكثر ملاءمة له بعد تعديل مصلحة الضرائب لأرباحه عن سنة 1939 برفعها من 460 جنيهاً و778 مليماً إلى 680 جنيهاً و778 مليماً لأن الممول في الواقع وقت الاختيار الأول ما كان في مقدوره أن يتهكن بما سوف تستقر عليه أرباحه في النهاية - وبالتالي لا تتهيأ له وقتئذ فرصة اختيار رقم المقارنة لأن هذا الاختيار تابع لإجراءات يجب على مصلحة الضرائب مراعاتها قبله وبذلك لا نبدأ مواعيد السقوط بالنسبة له إلا بعد إنهاء إجراءات المصلحة التي لها المرجع الأخير في تحديد الأرباح هذا بفرض أن حسابات الممول منتظمة وهو أمر غير مقطوع به لما ثبت في الدعوى رقم 59 تجاري الخاصة بنفس الممول عن أرباحه العادية من سنة 1940 إلى سنة 1945 والمؤجلة للنطق بالحكم بجلسة اليوم أن مصلحة الضرائب فحصت حساباته واعتبرتها غير منتظمة وأهدرتها ولجأت لطريقة التقدير". وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه سواء اعتبرت حسابات الطاعن منتظمة أم غير منتظمة فإن ميعاد اختيار رقم المقارنة لا ينفتح على كلا الاعتبارين بالنسبة إليه إلا بعد أن يخطر بقرار مصلحة الضرائب عن حالة حساباته لأنه قبل هذا الإخطار لا يتسنى له الاختيار لجهله بما قد يستقر عليه رأي مصلحة الضرائب في حقيقة أرباحه عن السنة التي يريد اتخاذها أساساً للمقارنة - ولما كان يبين مما أورده الحكم أن المطعون عليه لم يكن يعلم على وجه اليقين بتقدير أرباحه تقديراً نهائياً عن سنة 1939 إلا من الكتاب المرسل من مصلحة الضرائب إليه في 14/ 1/ 1946، وأنه بادر في اليوم التالي لوصوله إلى إبلاغ اختياره رقم المقارنة إلى مصلحة الضرائب بكتاب موصى عليه، وأن دفعه قبل ذلك ضريبة الأرباح العادية عن سنة 1939 بعد تعديل المصلحة لرقمها إنما كان إذعاناً منه لطلب المصلحة وكذلك ما دفعه من ضريبة الأرباح الاستثنائية مما لا يفيد أنه كان يعلم إذ ذاك أن تقدير المصلحة لأرباحه عن تلك السنة كان نهائياً، وإلا لما كانت في حاجة إلى إرسال خطاب 14/ 1/ 1946 المشار إليه والذي تخطره فيه باعتماد أرباحه عن تلك السنة - لما كان ذلك، فإن أسباب الطعن تكون على غير أساس ويتعين رفضها.