مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 936

(142)
جلسة 9 من إبريل سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محي الدين وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 1824 لسنة 27 القضائية

إثبات - طرق إثبات المحرر العرفي.
المادة 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - الأصل في الورقة العرفية أن تكون حجة على الكافة في كل ما دون بها فيما عدا التاريخ المعطى لها - تاريخ الورقة العرفية لا يكون له حجية بالنسبة للغير ما لم تتوافر له الضمانات التي تكفل ثبوته على وجه اليقين وترفع عنه كل مظنة أو شبهة في صحته - طرق إثبات المحرر العرفي الواردة في المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1968 على سبيل المثال لا الحصر - الأصل الجامع أن يكون تاريخ الورقة العرفية ثابتاً على وجه قاطع الدلالة لا يخالطه شك - لا وجه للاعتداد بأي وسيلة لا تحقق الغاية منها - تقدير ذلك متروك لسلطة القاضي التقديرية ومما يستقل به حسبما يستخلصه من ظروف الدعوى وملابستها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 9/ 6/ 1981 أودع الأستاذ/ يوسف كمال أحمد المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير هذا الطعن نائباً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته - بموجب القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية - ضد السيد/ رستم محمد عثمان في القرار الصادر من اللجنة القضائية الثانية بجلسة 14/ 4/ 1981 في الاعتراض رقم 165 لسنة 1977 المقام من المطعون ضده ضد الطاعن بصفته - والذي قضى بالاعتداد بعقد البيع المؤرخ 15/ 6/ 1962 واستبعاد مساحة 2 س 1 ط 30 ف بزمام منيل هاني مركز اهناسيا محافظة بني سويف والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض مما يستولى عليه لدى محمد عثمان حلمي طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم:
أولاً: بوقف تنفيذ القرار الصادر في الاعتراض رقم 165 لسنة 1977.
ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم بعدم الاعتداد بعقد البيع المؤرخ 15/ 6/ 1962 وعدم استبعاد مساحة 2 س 1 ط 30 ف بزمام منيل هاني مركز اهناسيا محافظة بني سويف والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض مما يستولى عليه لدى محمد عثمان حلمي طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه في شقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 6/ 2/ 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره جلسة 19/ 2/ 1985. وفي هذه الجلسة استمعت المحكمة إلى ملاحظات الطرفين وقررت النطق بالحكم بجلسة 26/ 3/ 1985 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 9/ 4/ 1985 لإتمام المداولة. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بجلسة 14/ 4/ 1981 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 9/ 6/ 1981 ومن ثم فإن الطعن يكون قد أودع خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1969 ولما كان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإنه من ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده أقام الاعتراض رقم 165 لسنة 1977 ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أشار فيه إلى أنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 15/ 6/ 1962 باع المرحوم محمد عثمان حلمي عمدة نزلة المماليك مركز اهناسيا محافظة بني سويف إلى المعترض أطياناً زراعية كائنة بزمام منيل هاني مركز اهناسيا محافظة بني سويف مساحتها 2 س 1 ط 30 ف بيانها كالآتي:
20 ط بحوض الجنينة البحري قطعة ص 6.
22 س 4 ط 5 ف بحوض القنطرة/ 3 قسم أول قطعة ص 124، ص 129، ص 3.
15 س 15 ط 8 ف بحوض الأمراء/ 4 قطعة ص 5، ص 6، ص 10، ص 11، ص 6.
15 س 21 ط 5 ف بحوض الشابورة/ 5 قطعة ص 74، ص 75.
22 س 10 ط 9 ف بحوض الهوبشات/ 6 قسم/ 2 قطعة ص 60، ص 62.
المجموع 2 س 1 ط 30 ف وذلك طبقاً لما هو وارد في العقد.
وقد قام المعترض بوضع يده على الأطيان المشتراة واستغلها استغلال المالك لملكه وأدرجها ضمن حيازته بالجمعية التعاونية الزراعية بالناحية منذ شرائها حتى الآن ويقوم بدفع الأموال الأميرية المقررة عليها إلا أنه فوجئ بالإصلاح الزراعي يستولى عليها باعتبارها مملوكة للمرحوم محمد عثمان حلمي طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 ولما كانت طرق إثبات التاريخ التي حددتها المادة 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 لم ترد على سبيل الحصر وإنما وردت على سبيل المثال وذلك أخذاً من صياغة الفقرة (هـ) من تلك المادة، وإن الإثبات المشار إليه يعد واقعة قاطعة الدلالة في أن التصرف المذكور تم قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 وبالترتيب على ذلك فإن العقد محل الاعتراض يكون قد اكتسب تاريخاً ثابتاً قبل 23/ 7/ 1969 تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 ومن ثم يكون الاستيلاء الحاصل على هذه الأطيان قد تم بالمخالفة لأحكام القانون. وانتهى المعترض في اعتراضه إلى طلب إحالة الاعتراض إلى مكتب خبراء وزارة العدل ببني سويف لندب أحد خبرائها لتحقيق وضع يد المعترض منذ سنة 1962 والرجوع إلى سجلات الجمعية التعاونية الزراعية بالناحية للتثبت من ورود هذه الأطيان في حيازة المعترض وقيامه بدفع الأموال المقررة عليها منذ شرائها حتى الآن والحكم بعد ذلك باعتبار الاستيلاء الحاصل على مساحة 3 س 1 ط 30 ف بزمام منيل هاني مركز اهناسيا محافظة بني سويف كأن لم يكن والاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 15/ 6/ 1962 الصادر لصالح المعترض.
وأودع المعترض تأييداً لاعتراضه أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي حافظة مستندات اشتملت على:
1 - عقد بيع ابتدائي صادر لصالحه من المرحوم محمد عثمان حلمي بتاريخ 15/ 6/ 1962 وذلك عن مساحة الأرض محل النزاع.
2 - شهادة صادرة من الجمعية الزراعية بناحية منيل هاني تفيد بأن السيد رستم محمد عثمان حلمي مقيدة له حيازة بنوع الملك تحت رقم 19، من واقع سجل 2 خدمات زراعية ثابت بها ورود المساحة موضوع التداعي بحيازة المعترض منذ سنة 1962/ 1963 الزراعية.
3 - خطاب مؤرخ 12/ 3/ 1977 موجه من مراقبة الضرائب العقارية ببني سويف قسم الشئون الإدارية إلى المعترض متضمناً قيامه بسداد الأموال الأميرية عن الأطيان موضوع الاعتراض اعتباراً من سنة 1962.
وبجلسة 2/ 4/ 1979 قررت اللجنة القضائية قبول الاعتراض شكلاً وقبل الفصل في الموضوع إحالة أوراق الاعتراض إلى مكتب خبراء وزارة العدل ببني سويف ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للانتقال إلى العين موضوع النزاع ومعاينتها على الطبيعة وبيان اسم واضع اليد وتاريخ بدء وضع اليد ومدته وسببه وعلى السيد الخبير الانتقال إلى الجمعية الزراعية بناحية منيل هاني مركز اهناسيا محافظة بني سويف لبيان ما إذا كان العقد الابتدائي المؤرخ 15/ 6/ 1962 قد ورد في سجلات الجمعية من عدمه وبيان تاريخ وروده ومساحته وأسماء أطرافه.
وقد باشر الخبير مأموريته وأودع تقريره المؤرخ 17/ 9/ 1979 الذي انتهى فيه إلى النتائج الآتية:
1 - أن المعترض واضع اليد على أطيان النزاع ومساحتها 2 س 1 ط 30 ف بصفته مالكاً لها بالمشتري بموجب عقد البيع العرفي المؤرخ 15/ 6/ 1962 وذلك ابتداء من العام الزراعي وحتى الآن.
2 - أن المعترض ظل يزرع أطيان النزاع المذكورة بنفسه ابتداء من العام الزراعي 1962/ 1963 وحتى نهاية 1966 الزراعية وابتداء من العام الزراعي 1966/ 1967 قام بتأجير مساحة قدرها 10 س 21 ط 13 ف إلى بعض المستأجرين الذين يضعون اليد عليها حتى الآن ويقومون بسداد الإيجار سنوياً له أما باقي أطيان النزاع ومساحتها 16 س 3 ط 16 ف فمنها مساحة 16 س 7 ط - ف بور غير مستغلة والباقي لا زال المعترض يزرعه بنفسه حتى الآن.
3 - المساحة موضوع النزاع والواردة بالعقد العرفي المؤرخ 15/ 6/ 1962 ومقدارها 2 س 1 ط 30 ف تدخل ضمن مساحة الـ - س 20 ط 30 ف التي وجدت في حيازة المعترض ابتداء من العام الزراعي 1962/ 1963 وذلك طبقاً لسجلات الحيازة الموجودة بالجمعية الزراعية ولم يرد نص العقد تفصيلاً بسجلات الجمعية.
وبجلسة 14/ 4/ 1981 أصدرت اللجنة القضائية قرارها بالاعتداد بعقد البيع المؤرخ 15/ 6/ 1962 واستبعاد المساحة محل النزاع والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض مما يستولى عليه لدى محمد عثمان حلمي طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969. وقد استندت اللجنة في قرارها إلى أن الثابت من تقرير الخبير أن المعترض يضع يده على المساحة موضوع الاعتراض قبل العمل بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 ومنذ هذا العقد بسجلات الجمعية التعاونية الزراعية المختصة وأصبح المعترض يتعامل على هذه المساحة باعتباره مالكاً لها، وأن سجلات الجمعية التعاونية الزراعية وأوراقها تعتبر أوراقاً رسمية طبقاً لأحكام القانون رقم 53 لسنة 1966 بشأن الزراعة فإن التصرف موضوع الاعتراض يكون ثابت التاريخ بورود مضمونه بسجلات الجمعية التعاونية الزراعية وأوراقها المختلفة قبل العمل بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 ويتعين الاعتداد به واستبعاد المساحة الواردة به من الاستيلاء عليها بالتطبيق لأحكام القانون.
ومن حيث إن تقرير الطعن يستند إلى الأسباب الآتية:
أولاً: أن الخبير قد ضمن تقريره في شأن موضوع النزاع (الصحيفة رقم 6) أقوال الحاضر عن الإصلاح الزراعي والتي تضمنتها الصحيفة رقم 10 من محاضر الأعمال والتي تخلص في أن الأطيان موضوع النزاع لم يتم الاستيلاء عليها باعتبار أنها واردة بإقرار احتفاظ السيد/ محمد عثمان حلمي والد المعترض والخاضع للقانون رقم 50 لسنة 1969 وذلك دون تعليق منه على هذه الأقوال، كما أنه لم يطلع على ملفات الخاضع لدى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً لقرار اللجنة الصادر بجلسة 2/ 4/ 1979 الأمر الذي يعتبر معه هذا التقرير غير مكتمل لعناصره وإنه بذلك لا يرقى إلى مرتبة الاطمئنان إليه واعتباره أساساً لما ذهبت إليه اللجنة في قرارها المطعون عليه.
ثانياً: إنه من واقع ملف الخاضع رقم 1084 فإن المساحة موضوع النزاع تدخل ضمن احتفاظ الخاضع سالف الذكر وبإقراره، ذلك أن ملكيته وقت صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 قد بلغت 11 س 11 ط 100 ف تدخل فيها المساحة المشار إليها. كما أنه نظراً لأن الخاضع قد توفى بتاريخ 2/ 11/ 1970 وقد بلغ جميع أولاده سن الرشد، الأمر الذي بناء عليه احتفظ هؤلاء بمساحة 50 فداناً وترك للاستيلاء مساحة 10 س 15 ط 45 ف تم الاستيلاء عليها كما هو ثابت بمحاضر الاستيلاء المرفقة بملف الإقرار فضلاً عن مساحة - س 20 ط 4 ف ضمن إقرار الخاضع أنه تصرف فيها الأمر الذي كان يتعين معه على اللجنة والحال على هذا النحو أن تقضي بعدم اختصاصها بالتطبيق لنص المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952.
ثالثاً: أن تقرير الخبير موضوع النزاع الماثل قد انتهى إلى أن المعترض يضع يده على أطيان النزاع بصفته مالكاً بمقتضى عقد البيع العرفي المؤرخ 15/ 6/ 1962 دون أية إشارة إلى أنه اطلع على هذا العقد، كما أن وضع يد المعترض على هذه الأطيان منذ عام 1962 حسبما هو وارد بالتقرير سالف الذكر يكسبه ملكيتها، ذلك أن الدولة تعتبر مالكة لها منذ 23/ 7/ 1969 تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 طبقاً لما نصت عليه المادة الخامسة في فقرتيها الثانية والثالثة والمادة 23 من هذا القانون.
رابعاً: إن ما انتهى إليه التقرير سالف الذكر من ثبوت حيازة المعترض للأطيان موضوع النزاع منذ عام 1962 وقيامه بسداد الأموال الأميرية عن هذه الأطيان ليس من شأنهما أن يجعلا من العقد العرفي المؤرخ 15/ 6/ 1962 المشار إليه ثابت التاريخ على النحو الذي أوردته المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ذلك أن سجلات الجمعية لا تكسبه الصفة الرسمية التي تستلزمها المادة 15 سالفة الذكر، كما وأن سداد الأموال الأميرية يكون من المالك وقد يكون من غير المالك، الأمر الذي تكون معه اللجنة فيما ذهبت إليه بقرارها المطعون عليه قد جانبها الصواب خاصة وأن تقرير الخبير قد انتهى إلى أنه لم يثبت مضمون العقد المشار إليه تفصيلاً بسجلات الجمعية المختصة.
ثم أضافت الهيئة الطاعنة في تقريرها إلى أنه لما كان تنفيذ الحكم الصادر في الاعتراض رقم 165 لسنة 1977 محل الطعن الماثل من شأنه أن يرتب ضرراً بالهيئة لا يمكن تداركه، كما وأن هذا الاعتراض محتمل الإلغاء للأسباب السابق بيانها، مما يتعين معه وقف تنفيذ هذا الحكم لحين الفصل في موضوع الطعن الحالي وبتاريخ 3/ 3/ 1985 أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد من الأراضي الزراعية وما في حكمها يتبين أن المادة الأولى منه تنص على أنه: "لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية وما في حكمها ومن الأراضي البور والصحراوية أكثر من خمسين فداناً.
كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضي جملة ما تمتلكه الأسرة مع مراعاة حكم الفقرة السابقة. كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أن "تستولي الحكومة خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى للملكية المقررة وفقاًَ لأحكام المادة السابقة".
ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك السابقة ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به، وأخيراً نصت المادة 23 من القانون المذكور على أن يعمل به اعتباراً من يوم 23/ 7/ 1969.
ومن حيث إن المادة 15 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية تنص على أنه "لا يكون المحرر العرفي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت ويكون للمحرر تاريخ ثابت:
( أ ) من يوم أن يقيد في السجل المعد لذلك.
(ب) من يوم أن يثبت مضمونه في ورقة أخرى ثابتة التاريخ.
(جـ)..................
ومن حيث إن المستفاد من سياق نص المادة 15 من قانون الإثبات آنفة الذكر أن الأصل في الورقة العرفية أن تكون حجة على الكافة في كل ما دون بها فيما عدا التاريخ المعطى لها، فلا تكون له حجية بالنسبة للغير ما لم يتوافر له الضمانات التي تكفل ثبوته على وجه اليقين وترفع عنه كل مظنة أو شبه في صحته وحكمة استثناء التاريخ على هذا الوجه تتمثل حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المدني في حماية الغير من خطر تقديم التاريخ في الأوراق العرفية وذلك بمراعاة أن الورقة العرفية هي من خلق ذوي الشأن فيها، ومن اليسير إعطاء هذه الورقة تاريخاً كاذباً إضراراً بالغير الذي يحتج عليه بها، ومن ثم كان لزاماً حماية الغير من هذا الغش الذي يسهل وقوعه إضراراً به، وذلك باشتراط أن يكون تاريخ الورقة العرفية ثابتاً لكي يحتج عليه به، ونزولاً على هذه الحكمة واتساقاً معها فقد جاءت طرق إثبات التاريخ التي ساقها النص المتقدم على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر وغنى عن البيان أن الأصل الجامع في هذه النصوص أن يكون تاريخ الورقة العرفية ثابتاً على وجه قاطع لا يخالطه شك ومن ثم فلا اعتداد في هذا الصدد بأي وسيلة لا تحقق هذه الغاية وتقدير ذلك مما يستقل به القاضي حسبما يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن سند المطعون ضده في ثبوت تاريخ العقد محل النزاع قبل 23/ 7/ 1969 تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 يتمثل في الشهادة المقدمة منه (المطعون ضده) والصادرة عن الجمعية التعاونية الزراعية بناحية منيل هاني التي تفيد أن المذكور له حيازة بالجمعية 7/ 62/ 1963 ومساحتها - س 20 ط 30 ف بطريق الملك تحت رقم 19 سجل 2 خدمات كما جاء بتقرير الخبير المنتدب أن المساحة موضوع النزاع والواردة بالعقد العرفي المؤرخ 15/ 6/ 1962 ومقدارها 2 س 1 ط 30 ف تدخل ضمن مساحة الـ - س 20 ط 30 ف التي وجدت في حيازة المطعون ضده ابتداء من العام الزراعي 1962/ 1963 وذلك طبقاً لسجلات الحيازة الموجودة بالجمعية الزراعية.
ومن حيث إن ما يستند إليه المطعون ضده في هذا الشأن مردود عليه بما أثبته الخبير صراحة في تقريره من أن نص العقد محل النزاع يرد تفصيلاً بسجلات الجمعية (صفحة 8 من التقرير). كما أنه بالاطلاع على الإقرار المقدم من الخاضع إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 13/ 10/ 1969 تنفيذاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 يتبين أن الخاضع قد أدرج المساحة محل النزاع ضمن الأطيان المحتفظ بها لنفسه هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الإقرار المذكور لم ترد به ثمة إشارة من قريب أو بعيد للعقد محل النزاع في حين أنه قد أشار صراحة إلى عقدين عرفيين آخرين صادرين من الخاضع للغير وليس لنجله (المطعون ضده) أحد هذين العقدين بمساحة 1 س 20 ط 3 ف أما العقد الثاني فإنه بمساحة فدان واحد. وفضلاً عما تقدم جميعه فإن الثابت أيضاً من الاطلاع على الإقرار المذكور أن الذي قام بتحريره ليس هو الخاضع شخصياً وإنما نجله (المطعون ضده) وذلك بموجب توكيل رسمي عام رقم 50 لسنة 1959 توثيق بني سويف ومن البديهي أنه لو كان العقد محل النزاع قد تم إبرامه فعلاً بين الطرفين قبل صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 وخضوع الأب لأحكامه لكان أولى بالمطعون ضده أن يقوم بإدراج هذا التصرف في الإقرار المقدم منه نيابة عن والده.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم جميعه فإن إدعاء المطعون ضده بثبوت تاريخ العقد محل النزاع يكون قائماً على غير أساس من الواقع أو القانون. ولما كان قرار اللجنة القضائية المطعون فيه قد انتهى إلى غير هذه النتيجة فإنه من ثم يكون قد صدر على نحو مخالف للقانون الأمر الذي يتعين معه على المحكمة القضاء بإلغائه وبرفض الاعتراض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184/ 1 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض الاعتراض رقم 165 لسنة 1977 وألزمت المطعون ضده المصروفات.