مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 973

(148)
جلسة 23 من إبريل سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير وعلي محمد حسن - المستشارين.

الطعن رقم 1225 لسنة 27 القضائية

( أ ) انتخابات - انتخابات عضوية مجالس الوحدات المحلية.
القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية - إبداء الرأي على اختيار المرشحين أو على موضوع الاستفتاء لرئاسة الجمهورية بالتأشير على البطاقة المعدة لذلك - المادة العاشرة من قرار وزير الداخلية رقم 435 لسنة 1973 بشأن إجراءات ترشيح وانتخابات أعضاء مجلس الشعب معدلة بالقرار رقم 2153 لسنة 1975 حددت الرموز التي تقترن ببطاقة الانتخاب على سبيل الحصر على أن يراعى تسلسل هذه الرموز بالبطاقة وفقاً لعدد المرشحين في كل دائرة انتخابية على أن يبدأ بالمرشحين من العمال والفلاحين - الجهة الإدارية مقيدة في اختيارها لرموز المرشحين للانتخابات بالرموز المحددة على سبيل الحصر في قرار وزير الداخلية - اختيار جهة الإدارة رمز "الأرنب" لأحد المرشحين وهو من غير الرموز التي حددها قرار وزير الداخلية يتوافر معه ركن الخطأ في المسئولية الإدارية - تطبيق.
(ب) مسئولية - أركانها.
الضرر الناشئ من اختيار الجهة الإدارية لرمز الأرنب للمرشح في الانتخابات المحلية - وجوب وجود رابطة السببية بين الضرر وخطأ جهة الإدارة - متى ثبت أن الضرر لم ينشأ نتيجة اختيار جهة الإدارة لرمز الأرنب ولكنه نشأ نتيجة فعل الغير لظروف المعارك الانتخابية واستغلال المنافسين والمعارضين صفات المرشح أو الرمز المخصص له في الانتخابات للنيل منه - متى ثبت انتفاء علاقة السببية بين خطأ الجهة الإدارية في اختيار رمز الأرنب والضرر الذي أصاب المرشح فإن المسئولية الإدارية تنتفي - لا محل للحكم بالتعويض - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق الحادي والعشرين من شهر مايو سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 1225 لسنة 27 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 22/ 3/ 1981 في الدعوى رقم 174 لسنة 31 قضائية والقاضي:
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها.
ثالثاً: بإلزام وزير الداخلية بأن يدفع للمدعي مبلغ ثلاثمائة جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده في 29/ 7/ 1981، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه للأسباب التي ارتأتها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) جلسة 16/ 1/ 1985 وفيها تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة 6/ 3/ 1985 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 2/ 4/ 1985 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما تبين من الأوراق تخلص في أن السيد......... أقام الدعوى رقم 174 لسنة 31 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في 16/ 11/ 1976 ضد لجنة اختيار رموز المرشحين لانتخابات اللجان المحلية ومدير أمن الغربية المشرف على هذه اللجنة ووزير الداخلية الرئيس الأعلى لهم، وطلب فيها الحكم بتعويضه عن الضرر الأدبي الذي لحق به وبأولاده بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصروفات، وقال شرحاً لدعواه أنه من بين المرشحين بالمجلس المحلي بقرية دفره مركز طنطا عام 1975 وأن لجنة اختيار رموز المرشحين في الانتخابات اختارت له رمز الأرنب الذي أساء إليه وألحق به ضرراً أدبياً جسيماً يتمثل في الشائعات التي تحيط به وبأبنائه فالمدعي يقيم في قرية يرتبط فيه الأهالي بعضهم بعضا والشائع في القرى المصرية أن الأرنب يضرب به المثل في التحقير والخوف والجبن الذي يجب أن يبتعد عنه المرشح وما كان يغيب عن إدراك اللجنة المذكورة ما ينطوي عليه الرمز من معاني الذلة والمهانة حتى لا يكون هناك فرصة للتهكم والسخرية سواء من جانب الناخبين أو المرشحين، وقد امتد الضرر إلى أبنائه واعتاد أحدهم الهروب من مدرسته من جراء ذلك. وردت وزارة الداخلية على الدعوى بأن اختيار الرمز الانتخابي لا يتم بقرار إداري وإنما هو عمل مادي يخرج عن اختصاص المحكمة طلب إلغائه والتعويض عنه ودفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى كما دفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة للتعويض الذي طلبه المدعي لأولاده وطلبت الوزارة الحكم برفض الدعوى لأنها لم ترتكب خطأ فاختيار الرمز يقصد به إعانة من لا يعرف القراءة والكتابة، ورمز الأرنب يؤخذ بالجدية التي تتناسب مع المواقف الجدية التي يستخدم فيه، ولو كان الأمر كما يصوره المدعي لما نجح في الانتخابات فعلاً وفيها يمثل المواطنين الذين يختارونه ولا يقبل مخلوق أن يختار نائباً عنه تنقصه الصفات الحميدة وفي العصر الجاهلي شبه الشعراء بعض كبارهم في مجال المدح ببعض الحيوانات وفي الولايات المتحدة الأمريكية اختار أكبر أحزابهم الحيوان رمزاً له وفي مصر اختارت بعض المحافظات الحيوان رمزاً لها ثم أن الضرر غير ثابت في هذه الدعوى حيث تم انتخاب المدعي عضواً بالمجلس المحلي عن قريته وهو ما يقطع بأنه لم يلحقه ضرر من اختيار رمز الأرنب. وبجلسة 22/ 3/ 1981 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأسسته على أن الجهة الإدارية إذ اختارت للمدعي رمز الأرنب فإن ذلك يكون تجاوزاً منها للحدود التي يجب أن تقف عندها من ناحية الابتعاد عن كل ما يمس كرامة المواطن لأن المعروف أن هذا الحيوان وإن كان من الحيوانات الداجنة المفيدة إلا أنه يتصف بالجبن، ولا يغير من ذلك أن يكون وارداً ضمن الرموز الانتخابية المحددة في قرار وزير الداخلية رقم 2021 لسنة 1970 لأن الخطأ سواء استند إلى هذا القرار أو إلى اللجنة التي اختارت الرمز لا تتغير طبيعته ولا معنى لاستشهاد الجهة الإدارية بما كان يحدث في العصر الجاهلي لأن العبرة بما هو سائد في الزمان الحاضر، وأضافت المحكمة أن الضرر الأدبي ثابت بمجرد إسناد الرمز للمدعي بما يعنيه في نظر القرويين من معاني، ولا ينفي هذا الضرر نجاح المدعي في الانتخابات لان هذا النجاح يقوم على عناصر أخرى قوامها قوى شخصية المرشح وصلاته العائلية وانتماؤه الحزبي ولا ينفي أن رذاذاً قد أصابه من اختيار الرمز، وقد تكون المعركة الانتخابية أكثر يسراً لو اختير له رمز آخر مناسب، الأمر الذي ترى معه المحكمة تعويض المدعي عن هذا الضرر بمبلغ ثلاثمائة جنيه مراعية في ذلك فوز المدعي في الانتخابات وأن حكم التعويض في ذاته فيه جبر للضرر إلى حد كبير.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون لأن رمز الأرنب من الرموز المنصوص عليها في لائحة الانتخابات وقد سبق أن اختير لمرشحين آخرين ولم يستاءوا منه كما أن المطعون ضده نجح في الانتخابات، وبفرض خطأ اللجنة في اختيار الرمز الانتخابي للمدعي فإنه لم يعترض عليه مما يعد قبولاً منه للرمز، ومن جهة أخرى فإن المدعي لم يصبه ضرر مادي أو أدبي حتى يحكم له بالتعويض.
ومن حيث إن المادة 86 من القانون رقم 52 لسنة 1975 بشأن نظام الحكم المحلي تنص على أنه مع مراعاة أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية تجرى وزارة الداخلية عملية الانتخاب لعضوية المجالس للوحدات المحلية طبقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 73 لسنة 1953 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وتنص المادة 29 من القانون رقم 73 لسنة 1953 المشار إليه على أن (يكون إبداء الرأي على اختيار المرشحين أو على موضوع الاستفتاء أو في خانة الاستفتاء لرئاسة الجمهورية بالتأشير على البطاقة المعدة لذلك...... وضماناً لسرية الانتخابات أو الاستفتاء تعد البطاقات بحيث يقترن اسم كل مرشح فيها أو موضوع مطروح للاستفتاء بلون أو رمز على الوجه الذي تبينه اللائحة التنفيذية......) وتنص المادة العاشرة من قرار وزير الداخلية رقم 435 لسنة 1973 بشأن إجراءات ترشيح وانتخاب أعضاء مجلس الشعب، المعدلة بالقرار رقم 2153 لسنة 1975 على أن (تعد بطاقة انتخاب بيضاء……. وتشتمل البطاقة على رمز خاص يسهل تمييزه قرين اسم كل مرشح…. وتحدد الرموز الواردة بالبطاقة على الوجه الآتي: هلال - نخلة - جمل - مفتاح - كف - ساعة - سيارة - قارب شراعي - مظلة - فانوس - سلم نقالي - مسدس - سمكة - نجمة - ميزان - زهرة - دراجة - سيف - قلة - تليفون - قطار سكة حديد - طيارة - طبق فنجان - كرسي - كتاب مفتوح - وابور جاز - كنكة - مئذنة - نظارة - ملعقة - لمبة - ورقة شجرة - حمامة - أبو القردان - عين - مضرب - مكتب - عنقود عنب - زجاجة - براد شاي - حنفية - دبابة - زهر طاولة - ترابيزة - هدهد - بطة - شوكة - تليفزيون - فيل - سبحة - عنكبوت - ديك - مدفع - مشط - برج حمام - شادوف - موسى - فراشة - كأس - كوز ذرة - الشمس - غزالة - بكرة خيط - هرم - شمعة - جمجمة - فأس - سهم - وقوس - الهلب - الحدوة. ويراعى تسلسل هذه الرموز بالبطاقة وفقاً لعدد المرشحين في كل دائرة انتخابية على أن يبدأ بالمرشحين من العمال والفلاحين).
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن الجهة الإدارية مقيدة في اختيارها لرموز المرشحين للانتخابات بالرموز المحددة على سبيل الحصر في قرار وزير الداخلية المشار إليه، فإذا كانت قد اختارت للمطعون ضده رمز الأرنب وهو من غير الرموز التي حددها وزير الداخلية في قراره، فإنها تكون قد خالفت القانون، الأمر الذي يتوافر به ركن الخطأ في المسئولية الإدارية.
ومن حيث إنه عن الضرر الذي لحق المطعون ضده من اختيار الجهة الإدارية لرمز الأرنب له في الانتخابات المحلية، فإن هذا الضرر بفرض حدوثه كما أوضحه المطعون ضده، لم ينشأ عن خطأ الجهة الإدارية في اختيار رمز الأرنب له في الانتخابات، فالأرنب شأن الرموز الأخرى المنصوص عليها في قرار وزير الداخلية المشار إليه، قصد به إعانة الناخبين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة على اختيار المرشح الذي يريدون انتخابه من خلال التعرف على الرمز المخصص له وهو في العادة يكون حيواناً أو طيراً أو شيئاً من البيئة المحلية يكون معلوماً لجمهور الناخبين ولكنه ضرر نشأ عن فعل الغير وهو ظروف المعارك الانتخابية وما تقتضيه من وجود مؤيدين ومنافسين أو معارضين لكل مرشح، فمن الطبيعي أن يستغل المنافسون والمعارضون صفات المرشح الطبيعية أو عمله أو اسمه الحقيقي أو اسمه المشهور به أو الرمز المخصص له في الانتخابات عادة للنيل منه فيها عن طريق التهكم عليه أو السخرية منه، وعادة ما يتحملها المرشح لأنها قد تفيد في تعرف كثير من الناخبين عليه ولأن فوزه في الانتخابات أو فشله فيها يرتبط برصيد المرشح أو الحزب الذي ينتمي إليه من الحب والثقة والتقدير وفقاً لنظام الانتخابات المعمول به، وهذا ما يفسر فوز المطعون ضده في الانتخابات رغم الضرر الذي قد يكون لحق به.
ومن حيث إنه وقد انتفت علاقة السببية المباشرة بين خطأ الجهة الإدارية في اختيار رمز الأرنب للمطعون ضده في الانتخابات وبين الضرر الذي أصابه من اختيار هذا الرمز فإن المسئولية الإدارية تنتفي تبعاً لذلك لتخلف أحد عناصرها القانونية، ولا يكون ثمة محل للحكم للمطعون ضده بأي تعويض.
ومن حيث إنه وقد أخذ الحكم المطعون فيه بغير ذلك وقضى للمطعون ضده بتعويض عن خطأ الإدارية في اختيار رمز له في الانتخابات دون استظهار علاقة السببية بين هذا الخطأ وبين الضرر الذي لحق بالمطعون ضده، فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وبقبول دعوى التعويض شكلاً وبرفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي طبقاً للمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.