مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ1002

(154)
جلسة 4 من مايو سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 211 لسنة 26 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - سقوط الدعوى التأديبية.
المادتان 59 من القانون رقم 61 لسنة 1971 و93 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام - سقوط الدعوى التأديبية - انقطاع المدة - تنقطع مدة السقوط بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء - عبارة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة والذي يترتب عليه انقطاع ميعاد السقوط من الاتساع والشمول بحيث تتسع لكافة الإجراءات التي يكون من شأنها تحريك الاتهام - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 22 من ديسمبر سنة 1979 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامي نائباً عن الأستاذ فاروق صادق المحامي بصفته وكيلاً عن السيد......... مساعد أمين مخزن بالشركة المصرية لتجارة المعادن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 211 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم بجلسة 23 من أكتوبر سنة 1979 في الدعوى رقم 79 لسنة 12 القضائية المقامة من السيد:........... ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتجارة المعادن بصفته والقاضي بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وقد طلب الطاعن في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ خصم مبلغ 2321.132 جنيهاً من راتب الطاعن موضوع القرار رقم 120 لسنة 1978 الصادر بتاريخ 22 من مارس سنة 1978 حتى يفصل في الطعن.
ثانياً: إلغاء الحكم المطعون عليه وملحقاته.
ثالثاً: إلغاء القرار رقم 120 لسنة 1978 الصادر بتاريخ 22 من مارس سنة 1978 من الشركة المطعون ضدها واعتباره كأن لم يكن مع حفظ كافة حقوق الطاعن الأخرى.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني رأت فيه الحكم بعدم قبول طلب وقف تنفيذ خصم مبلغ 2321.132 جنيهاً وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة جلسة 2 من نوفمبر سنة 1983 وبجلسة 6/ 6/ 1984 قررت تلك الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 2/ 1/ 1984 وبتلك الجلسة قررت المحكمة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 17/ 11/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يستخلص من الأوراق في أنه بتاريخ 22 من مارس سنة 1978 أصدر المدير العام الإداري وعضو مجلس إدارة الشركة المصرية العامة للمعادن القرار رقم 120 لسنة 1978 متضمناً فيما تضمنه مجازاة السيد/........... مساعد أمين مخزن من المستوى الثالث "13.5 - 30 جنيه" بعقوبة خفض الوظيفة للوظيفة الأدنى مباشرة أي إلى عامل مخزن بذات المستوى "12 - 30 جنيه" فأقام المذكور بتاريخ 22 من إبريل سنة 1978 الدعوى رقم 79 لسنة 12 القضائية أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم طالباً الحكم بإلغاء قرار الجزاء المشار إليه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب عليه من آثار مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1974 ورد من دار يسري للطباعة عدد 4000 دوسيه كرتون كعب مشمع حديد لوكس إلى مخزن الأدوات المكتبية الذي يعمل به وذلك كطلب الشركة المدعى عليها وتسلمها السيد/........... أمين المخزن المختص من المورد بعد معاينتها ومراجعة عددها وأضافها إلى المخزن لتصبح عهدته وحرر له عنها إذن إضافة رقم 254 بالتاريخ المشار إليه لقبض ثمنها البالغ قدره 4460 جنيهاً وبالفعل تمكن المورد من صرف الثمن بناء على هذا الإذن وفي شهر مارس سنة 1975 فوجئ بالإدارة القانونية بالشركة تجرى التحقيق معه ومع أمين المخزن بشأن الدوسيهات المشار إليها بمقولة عدم مطابقتها للمواصفات المتفق عليها مع المورد ووجود عيوب ظاهرة بها تفقدها صلاحيتها للاستعمال وانتهى تحقيق هذه الإدارة إلى إحالة الأوراق للنيابة الإدارية حيث قيدت الواقعة مخالفة مالية وإدارية ضده وضد السيد/......... "أمين المخزن" لأنهما لم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة وأتيا ما من شأن المساس بمصلحة مالية للشركة بأن قام الثاني بصفته أميناً للمخزن باستلام الدوسيهات موضوع التحقيق رغم مخالفتها للمواصفات والنموذج المتفق عليه وتسليمه أصل إذن الإضافة إلى المورد مما فوت على الشركة مناقضته قبل تسوية حسابه واستلامه للثمن ولأن المدعي بصفته مساعداً لأمين المخزن قام باستلامها مع أمين المخزن من المورد رغم مخالفتها للمواصفات وطلبت مساءلتهما تأديبياً مع إحالة الأوراق إلى الشركة المدعى عليها لتوقيع الجزاء المناسب عليهما فأصدرت الشركة قرار الجزاء المطعون فيه دون أي مبرر أو سبب صحيح ولما كان هذا القرار قد نزل مع الواقع والقانون نزلاً غير صحيح يطلب إلغاءه للأسباب الآتية:
أولاً: أنه وقت الواقعة لم يكن مساعداً لأمين المخزن بل كان عامل مخزن تنحصر واجبات وظيفته في نقل البضائع الواردة للمخزن وترتيبها داخله دون فحصها والتحقق من مطابقتها للمواصفات وهو الأمر المنوط بأمين المخزن والذي لا يشاركه فيه على عكس ما انتهت إليه النيابة الإدارية.
ثانياً: بفرض أن أمين المخزن طلب منه استلام الملفات فإنما كان ذلك من قبيل طلب المساعدة من رئيس إلى مرءوس تجب عليه طاعته.
ثالثاً: الثابت من الأوراق أنه لم يصدر منه ما يصم تصرفه بالخطأ أو الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي فضلاً عن أنه لم يكون هو القائم بعمل أمين المخزن.
رابعاً: ليس في الأوراق ما يستوجب مساءلته سوى ما شهد به المشرف على أقسام المخازن وهي شهادة متناقضة مع حقيقة العمل المسند إليه وقت الواقعة.
خامساً: بافتراض وقوع خطأ منه فإن الجزاء الموقع عليه لا يتناسب مع ما قد يفترض في حقه من خطأ.
سادساً: القرار المطعون عليه حمله بمبلغ 2312.132 جنيهاً قيمه نصف الخسارة وحمل أمين المخزن النصف الثاني وبافتراض وجود خطأ في جانبه فإن الشركة لم تحتسب ثمن الملفات الموردة خصماً من المبلغ المحمل لهما.
وبجلسة 20 من مارس سنة 1979 أودعت الشركة المدعى عليها حافظة مستندات طويت على ملف خدمة الطاعن وملفات التحقيق والقرار المطعون فيه وأمر التوريد رقم 188 المؤرخ الأول من ديسمبر سنة 1974 وملف نموذج للملفات التي تم توريدها للشركة.
وبجلسة 15 من مايو سنة 1979 أودع المدعي مذكرة بدفاعه ردد فيها ما سبق أن أورده بعريضة الدعوى وأضاف أنه كان يتعين على الشركة ندب أحد الفنيين لمطابقة الأصناف الموردة إلى المخزن مع الشروط الموضوعة لها وإذ كان هناك خطأ قد وقع فإنه يرجع إلى عدم اتباع الإجراءات التي تنص عليها لائحة المخازن والمشتريات يؤكد ذلك قيام الشركة بتدارك هذا النقص بعد أن وقعت الواقعة محل التحقيق بتشكيل لجنة فنية لاستلام أي بضائع ترد إلى المخزن هذا ولا محل لما ذهبت إليه النيابة الإدارية من عقد مسئوليته استناداً إلى توقيعه على إذن الإضافة واستلامه للأصناف إذ أن ذلك تم تنفيذاً للأمر الصادر إليه من رئيسه أمين المخزن وينصب على العدد فقط دون المواصفات الفنية إذ أن هذه المواصفات لا يعلمها ولا دراية له بها وليست من اختصاصه وانتهى المدعي إلى التماس الحكم بطلباته الواردة بعريضة الدعوى.
وبجلسة 23 من أكتوبر سنة 1979 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وأقامت قضاءها على أنه قد ثبت لها من واقع الأوراق والتحقيقات أن المدعي أهمل إهمالاً جسيماً في أداء عمله باستلام الملفات المشار إليها رغم مخالفتها للنموذج "العينة" ورغم ما بها من عيوب ظاهرة أشار إليها المدعي نفسه بالتحقيق وأنه لا حجة لما أثاره من أنه وقت الواقعة كان مجرد عامل مخزن يختص فقط بنقل البضائع الواردة للمخزن وترتيبها داخله ذلك أن الثابت من الأوراق أن المدعي وقت الواقعة كان متضامناً مع أمين مخزن المهمات والأدوات الكتابية في العهد ومفاد ذلك أنه مسئول عما يصيب العهدة من فقد أو تلف وبالتالي فإنه كان يتعين عليه أن يتأكد عند تسلم الأصناف التي ترد إلى المخزن من أنها من نفس العينة المعتمدة من الشركة وإثبات حالة الأصناف التالفة في محاضر التسليم وفضلاً عن ذلك فقد أقر الطاعن في التحقيق بأنه قام بالاشتراك مع أمين المخزن باستلام الملفات وأنه قام معه بفحصها وتأكد من مطابقتها للبيانات الواردة بصورة أمر التوريد، ومن ثم فإن الشركة المدعى عليها تكون قد استخلصت الواقعة التي بني عليها الجزاء استخلاصاً سائغاً من واقع الأوراق المطروحة كما أن تحميل المدعي بمبلغ 2321.132 جنيهاً يجد سنده في القواعد العامة التي تقضي بأن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض وقد ثبت خطأ الطاعن في استلام الملفات رغم ما بها من عيوب تجعلها غير صالحة للغرض الذي طلبت من أجله ومن ثم يكون طلب إلغاء ذلك القرار بشقيه على غير أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن إن الحكم المطعون عليه قد صدر مجانباً للصواب والحق وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: ارتكان الحكم إلى ما جاء من أقوال في التحقيق الذي أجرته الشركة دون تقييم لدور كل من أمين المخزن والمدعي باعتباره عامل مخزن ومناط عمله ودون نظر إلى حقيقة وضع المدعي كعامل مخزن في ذلك الوقت.
ثانياً: لم يراع الحكم أن المدعي في تاريخ الواقعة لم يكن مساعداً لأمين المخزن بل كان عاملاً تنحصر واجباته في نقل البضائع وترتيبها داخل المخزن على عكس وظيفة أمين المخزن الذي يشرف على ما يقوم به عامل المخزن ويقوم بفحص البضائع ومطابقتها على المواصفات وقبولها أو رفضها وكذلك أن المدعي لم يشارك في الاستلام على عكس ما انتهت إليه النيابة الإدارية جزافاً على غير سند من الواقع وإذ فرض أن المدعي قد استلم الملفات لإيداعها المخزن فإنما كان ذلك من قبل المساعدة في العمل التي طلبها أمين المخزن من المدعي باعتباره رئيساً له تجب على المدعي طاعته.
ثالثاً: أن الحكم المطعون عليه لم يراع احتساب ثمن الملفات الواردة خصماً من المبالغ المحملة على المدعي وأمين المخزن أي أن الشركة قامت بتحصيل ثمن الملفات كاملاً دون تشكيل لجنة فنية لفحص الملفات وتقييمها وحصر التالف منها ليمكن خصم قيمته على حساب المتسبب فعلاً في القبول.
وقد قدم الطاعن بجلسة 1/ 2/ 1984 مذكرة بدفاعه دفع فيها بسقوط الإجراءات التأديبية بمضي المدة استناداً إلى حكم المادة 51 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 التي تقضي بسقوط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة وبانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة ما لم تنقطع المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة على أن تسري من جديد ابتداء من آخر إجراء ذلك أن المخالفة وقعت في 20/ 12/ 1974 وفي مارس سنة 1975 بدأ التحقيق الذي باشرته الإدارة القانونية بالشركة ثم من بعدها النيابة الإدارية الذي قيد برقم 57 لسنة 1975 ثم صدر القرار رقم 120 لسنة 1978 وإذ لم تتخذ إجراءات تحقيق أو اتهام أو محاكمة منذ عام 1975 حتى 1978 فإن الأمر يؤدي إلى سقوط تلك الإجراءات التأديبية وبالتالي سقوط الجريمة التأديبية كما نعى على القرار المطعون عليه صدوره معيباً بعيب عدم الاختصاص ذلك أنه صدر من المدير العام الإداري للشركة وليس من رئيس مجلس إدارتها الذي ينعقد له الاختصاص بإصدار هذا القرار هذا بالإضافة إلى أن هذا القرار يشوبه البطلان ذلك أنه قد حوى أكثر من عقوبة على فعل واحد إذ أنه انطوى على توقيع عقوبات ثلاث على الطاعن:
1 - تخفيض الوظيفة.
2 - تخفيض المرتب.
3 - تحميله بنصف مبلغ 4220.240 جنيهاً فضلاً عن 10% مصاريف إدارية.
ومن حيث إنه بالاطلاع على أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 الذي وقعت في ظله المخالفة يبين أن المادة 59 منه تنص على أنه "تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة وتسقط هذه الدعوى في كل حالة بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء..." كما أنه بالرجوع إلى أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظله يبين أن المادة 93 منه تنص على أنه "تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة أو ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها أي المدتين أقرب وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء..." ومفاد أحكام هذين النصين أن أي إجراء يتخذ في مقام التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة من شأنه قطع ميعاد السقوط وسريان مدة جديدة يبدأ حسابها من الإجراء الأخير كما أن عبارة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة" الواردة بالمادتين المشار إليهما والذي يترتب عليه انقطاع ميعاد السقوط من الاتساع والشمول بحيث تتسع لكافة الإجراءات التي يكون من شأنها تغير الاتهام وتحريكه وذلك حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المخالفة التي صدر بشأنها القرار المطعون عليه قد وقعت في 20/ 12/ 1974 وبتاريخ 6/ 3/ 1975 تقدم السيد/.......... أخصائي تخطيط ومتابعة أول بمذكرة إلى رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها أثار فيها موضوع الدوسيهات ومخالفتها للمواصفات فأحالها رئيس مجلس الإدارة بتاريخ 6/ 3/ 1975 إلى الإدارة القانونية بالشركة للتحقيق حيث بدأت هذه الإدارة مباشرة التحقيق في 10/ 3/ 1975 ورفعت مذكرة التحقيق المؤرخة 16/ 4/ 1975، والمنتهية إلى طلب إحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية، إلى رئيس مجلس الإدارة الذي أحال الأمر إلى النيابة الإدارية لمؤسسات المال والاقتصاد وقيد بها قضية برقم 57 لسنة 1975 وقد باشرت هذه النيابة التحقيق الذي سألت فيه الطاعن وانتهت بتاريخ 26/ 1/ 1976 في مذكرتها المعدلة بشأنه إلى مساءلته تأديبياً نظراً لأنه لم يؤد العمل المنوط به بدقة وأتى ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للشركة وعلى أن تخطر الشركة النيابة بعودة......... أمين المخزن من أجازته وبتاريخ 17/ 7/ 1976 أخطرت الشركة النيابة الإدارية بملاحظاتها على التحقيق وطلبت استكماله وإخطار الشركة بالنتيجة فأعادت النيابة الإدارية التحقيق في القضية بتاريخ 5/ 10/ 1976 حيث استدعت الطاعن وسمعت أقواله في 18/ 10/ 1976 و7/ 12/ 1976 وانتهت من التحقيق بإعداد مذكرتها المؤرخة 19/ 12/ 1976 التي وردت إلى الشركة المطعون ضدها في 1/ 2/ 1977 فأعدت إدارة الشئون القانونية بالشركة مذكرة شاملة عن الموضوع مؤرخة 13/ 3/ 1977 عرضت في التاريخ ذاته على رئيس مجلس إدارة الشركة لتقرير ما يراه في ضوء ما انتهت إليه النيابة الإدارية فتأشر منه في 13/ 3/ 1977 بأن تحدد قيمة الخسارة التي لحقت الشركة وبالفعل شكلت لجنة لهذا الغرض صدر بتشكيلها القرار الإداري رقم 11 لسنة 1977 وقدمت بتاريخ 17/ 7/ 1977 تقريراً بمقدار هذه الخسارة وقدرتها بمبلغ 4220.240 جنيهاً وبتاريخ 3/ 11/ 1977 تأشر من رئيس مجلس الإدارة إلى مدير الإدارة القانونية طالباً أن يعرض عليه الجزاء الإداري المناسب وفي 28/ 11/ 1977 اقترح عليه مدير الإدارة القانونية توقيع جزاء خفض الوظيفة وبتاريخ 3/ 12/ 1977 أشر رئيس مجلس الإدارة بالموافقة على هذا الجزاء وبتاريخ 22/ 3/ 1978 أصدر المدير العام الإداري القرار التنفيذي لقرار الجزاء الموقع من رئيس مجلس الإدارة في 3/ 12/ 1977 رقم 120 لسنة 1978 المطعون عليه فإنه يبين مما تقدم أن ما أقام عليه الطاعن الدفع بسقوط الدعوى بمقولة أنه لم يتخذ أية إجراءات تحقيق منذ عام 1975 حتى عام 1978 لا أساس له من الواقع بل الثابت على وجه اليقين أن إجراءات التحقيق تعاقبت منذ تاريخ العلم بالمخالفة حتى تاريخ توقيع الجزاء من رئيس مجلس إدارة الشركة دون أن يفصل بين أي أجراء وإجراء آخر من إجراءات التحقيق فاصل زمني يؤدي مقدار مدته إلى سقوط الدعوى ومن ثم يكون هذا الدفع غير قائم على أساس صحيح من الواقع ولا سند له من القانون مما يتعين الحكم برفضه.
ومن حيث إن المستظهر من التحقيقات أن أمين المخزن قرر عند سؤاله "تحقيق إداري صفحة 2" أنه قام هو والطاعن بفض محتويات بعض أغلفة هذه الملفات حيث وردت معبأة داخل باكوات للتأكد من أنها مطابقة للمواصفات وقد تبين له فعلاً مطابقة الوارد للمواصفات وصفاً وعدداً وعندئذ طلب من الطاعن تحرير إذن بالإضافة حيث كان مشغولاً في عمل آخر، وعند مواجهته بعهدته النيابة الإدارية "صفحة 2، 3" بذلك قرر (دوري أنه كرئيس مخزن هو نفس دور مساعد أمين المخزن من حيث التسليم والتسلم وكان قصدي أن ما تسلمه هو وما قام به كنت سأقوم أنا به عند استلام أي رسالة وكان قصدي أن.......... الطاعن شافها كما أنكر أنه قام بتسليم إذن بالإضافة إلى المورد وقرر أن الذي سلم الإذن للمورد هو الطاعن خلافاً لما ذكره الطاعن من أن أمين المخزن هو الذي سلم الإذن للمورد الذي بدونه ما كان يستطيع المورد صرف قيمة الملفات الموردة وعند اطلاعه على صورة إذن الإضافة التي قدمها الطاعن للنيابة الإدارية، تأكيداً لصحة أقواله عدل أمين المخزن عن أقواله السابقة وقرر أنه هو فعلاً الذي قام بالتأشير على إذن الإضافة بما يفيد الاستلام وأنه لم يكن متذكراً ذلك عند إبداء أقواله السابقة وقرر أن المفروض أن أصل الإذن يرسل إلى المشتريات يسلمونه للمخازن، ولكن نظراً لأنه كان هناك إجازة في اليوم التالي تقريباً ولعدم التأخير فقد سلم إلى المورد ليقوم بتسليمه إلى إدارة المشتريات. ولما كان يبين من كل ما تقدم أن أمين المخزن قد قرر فعلاً أن دور الطاعن تحصل في فض محتويات بعض الأغلفة وأن أمين المخزن الذي تبين له مطابقة الدوسيهات للمواصفات وصفاً وعدداً وأنه هو الذي طلب من الطاعن تحرير إذن الإضافة لأن أمين المخزن كان مشغولاً في عمل آخر، ثم قرر بعد إنكار وفي ظل دليل كتابي قاطع بخط يده أنه هو الذي سلم إذن الإضافة إلى المورد بعد توقيعه بذلك حتى يتسنى للأخير صرف القيمة متبعاً بذلك أسلوباً مغايراً لما جرى عليه العمل فإن جماع ما تقدم يقطع بأن دور الطاعن فيما تم لم يجاوز بعض الأعمال المادية البحتة التي كلف بها من رئيسه أمين المخزن الذي يعمل به.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن الوظيفة التي يعمل بها الطاعن هي "عامل مخزن" وأنه قد طلب من الشركة المطعون ضدها أن تقدم بياناً بتوصيف هذه الوظيفة حتى يتبين للمحكمة اختصاصات ومسئوليات من يشغلها من واقع الهيكل الوظيفي للشركة إلا أن الشركة المطعون ضدها تقاعست عن تقديمه بالرغم من منحها على نحو ما هو ثابت بمحاضر الجلسات، أربعة آجال لتنفيذ ذلك بدءاً من جلسة 29/ 12/ 1984 وحتى 13/ 4/ 1985 نهاية الأجل الذي منح لها لتقديم هذا البيان عند تقرير حجز الطعن للحكم واكتفت بتقديم مذكرة بتاريخ 13/ 4/ 1985 لم تشر فيها من قريب أو بعيد إلى البيان المطلوب أو ما كان يتعين أن يوضحه هذا البيان ونظراً لأن من يشغل وظيفة عامل مخزن شأن الطاعن لا يتأتى أن تسند إليه مسئولية أمور يتطلب البت فيها والقيام بها تمتعه بدراية فنية تسمح له أن يمارسها على النحو السليم وإنما طبائع الأمور تقضي بأن تكون الأعمال الموكولة إليه والتي يسأل عنها من قبيل الأعمال المادية التي لا تستلزم مهارة فنية معينة ولا يقدح في هذا النظر عبارة "متضامن في العهدة" المضافة أمام الوظيفة التي يقوم بأعمالها ذلك أن التضامن هنا لا ينصرف إلى الأعمال التي تتطلب دراية فنية في شئون المخازن والتي تخرج حسب طبيعتها عن الأعمال المنوطة به بحكم وظيفته وإنما تجد حدها في حدود العهدة الموجودة بالمخازن كماً ونوعاً" كما أنه لا يسوغ اعتبار الطاعن مسئولاً عن التأكد والتحقق من أن الأصناف التي ترد إلى المخزن والتي يتم استلامه لها مطابقة فنياً للمواصفات المتعاقد عليها وإنما تكون مسئوليته في مجال الاستلام قاصرة على إضافة هذه الأصناف إلى العهدة باعتباره متضامناً في المسئولية عن كمية ونوع الأصناف ولا ينال من ذلك توقيع الطاعن على إذن الإضافة إذ أنه بتوقيعه عليه يقر باستلامه هذه الأصناف كماً ونوعاً وإضافتها على هذا النحو إلى الأصناف عهدته وبالتالي فإنه لا سند من القانون أو الواقع لإدانة الطاعن بأنه أخل بواجبات وظيفته لأنه لم يؤد العمل المنوط به بدقة.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكانت الأوراق خلواً مما يفيد ارتكاب الطاعن خطأ أياً كان رتب حقوقاً للشركة مصدرة قرار الجزاء ولم يثبت من واقع الأوراق قيام علاقة سببية بين ثمة خطأ يكون قد ارتكبه الطاعن وما قد أصاب الشركة المطعون ضدها من أضرار مالية تتمثل في الخسارة التي لحقت بها من جراء استلام الملفات فإن النتيجة التي انتهى إليها القرار المطعون فيه سواء فيما يتعلق بتوقيع جزاء خفض الوظيفة أو فيما يتعلق بتحميل الطاعن مبلغ 2312.132 جنيه الذي يمثل نصيبه من الخسارة التي لحقت بالشركة بسبب استلام الملفات تكون غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، ومن ثم يكون هذا القرار فاقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير هذا النظر وذهب غير هذا المذهب يكون قد جانب الصواب ويتعين من ثم الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخفض الوظيفة وفيما تضمنه من تحميله بنصف مبلغ 4320.240 جنيهاً فضلاً عن 10% مصاريف إدارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن وتحميله مبلغ 1321.132 (ألف وثلاثمائة وواحد وعشرون جنيهاً ومائة واثنين وثلاثون مليماً).