مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1060

(163)
جلسة 18 من مايو سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 507 لسنة 20 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة.
المادة 110 مرافعات - أقام المدعي دعواه أمام المحاكم المدنية في 2/ 7/ 1970 بطلب تعويض عن قرار فصله - صدور حكم المحكمة المدنية في 23/ 2/ 1971 بعدم الاختصاص والإحالة لمحكمة القضاء الإداري تأسيساً على أن قرار فصل المدعي من هيئة السكك الحديدية قرار إداري - صدور حكم محكمة القضاء الإداري في 10/ 2/ 1974 بعدم الاختصاص والإحالة للمحكمة التأديبية لوزارة النقل تأسيساً على أن قرار إنهاء الخدمة هو قرار تأديبي يطالب المدعي بالتعويض عنه - طعن هيئة مفوضي الدولة في 10/ 4/ 1974 في حكم محكمة القضاء الإداري تأسيساً على أن اختصاص المحاكم التأديبية بالتعويض عن القرارات غير المشروعة لا ينعقد إلا إذا كان طلب التعويض متعلقاً بقرار تأديبي ولم يفصح حكم محكمة القضاء الإداري عما يمكن أن يستخلص منه أن المنازعة ترتبط بقرار تأديبي كان بمناسبة صدور فعل من المدعي في جريمة تأديبية أم هو قرار فصل نتيجة لما ينص عليه القانون من إنهاء الخدمة - صدور حكم المحكمة التأديبية في 10/ 2/ 1977 برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات - المادة 110 مرافعات - الإحالة ملزمة - متى صدر حكم المحكمة المدنية بعدم الاختصاص والإحالة لمحكمة القضاء الإداري وأصبح حكم الإحالة نهائياً بعدم الطعن عليه في الميعاد يتعين على محكمة القضاء الإداري نظر الدعوى والفصل فيها - صدور حكم المحكمة الإدارية العليا في 18/ 5/ 1985 بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري - أساس ذلك - الإحالة ملزمة - لا وجه للاحتجاج بأن المحكمة التأديبية قد قضت في موضوع الدعوى بعد إحالتها من محكمة القضاء الإداري - أساس ذلك: المحكمة التأديبية قد بادرت بالفصل في الدعوى قبل صدور الحكم في الطعن المنظور أمام المحكمة الإدارية العليا - حكم المحكمة التأديبية لا يجوز أية حجية في مواجهة قضاء المحكمة الإدارية العليا الذي يجب أن يعلو على المحكمة الأدنى ما دام أن كلاهما قد صدر في عين النزاع - حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري فيما قضى به في الإحالة وإعادة نظر الدعوى أمامها دون الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 10 من إبريل سنة 1974 أودع السيد الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن قيد بجدولها تحت رقم 507 لسنة 20 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود) بجلسة 10 من فبراير سنة 1974 في الدعوى رقم 387 لسنة 26 القضائية المقامة من السيد/ ........... ضد السادة رئيس مجلس إدارة هيئة السكك الحديدية، ومدير الهيئة لشئون التشغيل والمشرف على شركة عربات النوم ومدير إدارة خدمة النوم والأكل بالهيئة المذكورة والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية لوزارة النقل والمواصلات للاختصاص وأبقى الفصل في المصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي ثبت اختصاصها بنظر الدعوى والفصل فيها.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق قدم السيد/ مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه إلى طلب ذات الطلبات التي تضمنها التقرير به.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25 من أكتوبر سنة 1982.
وبجلسة 9 من يناير سنة 1985 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة رابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 2 من مارس سنة 1985 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 4 من مايو سنة 1985 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يخلص من الأوراق - في أن المدعي السيد/......... أقام الدعوى رقم 3023 لسنة 1970 عمال كلي بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية في 2 من يونيه سنة 1970 ضد السادة رئيس مجلس إدارة هيئة سكك حديد مصر ومدير الهيئة لشئون التشغيل ومدير إدارة خدمة النوم والأكل بالهيئة المذكورة، وطلب فيها بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 2000 (ألفي جنيه) والمصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وبجلسة 23 من فبراير سنة 1971 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ورأت إحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وأبقت الفصل في المصاريف وبنت قضاءها على أن القرار الصادر بفصل المدعي من هيئة سكك حديد مصر يعتبر قراراً إدارياً مما يختص مجلس الدولة بنظر المنازعات الخاصة به ونفاذاً لذلك أحالت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت بجدولها تحت رقم 387 لسنة 26 القضائية وبجلسة 10 من فبراير سنة 1974 قضت المحكمة المتقدمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية لوزارة النقل والمواصلات للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات وبنت قضاءها على أن القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي هو قرار تأديبي وقد أقام المدعي الدعوى الماثلة للمطالبة بالتعويض عنه ومن ثم سيعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم التأديبية عملاً بأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة الذي خلع على المحاكم التأديبية الولاية العامة للفصل في مسائل تأديب العاملين ومن ثم فإن ولايتها هذه تتناول الدعوى التأديبية المبتدأة التي تختص فيها المحكمة بتوقيع جزاء تأديبي كما تتناول الطعن في أي جزاء تأديبي على النحو الذي تفصله نصوص قانون مجلس الدولة وأن اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل في هذا الطعن لا يقتصر على الطعن بإلغاء الجزاء بل يتناول طلبات التعويض عن الأضرار المترتبة على الجزاء وقد أحيلت الدعوى بالفصل إلى المحكمة التأديبية للعاملين بالنقل والمواصلات حيث قيدت بجدولها تحت رقم 80 لسنة 8 القضائية وبجلسة 10 من فبراير سنة 1977 قضت المحكمة الأخيرة:
أولاً: بعدم قبول الطعن ضد مدير الهيئة لشئون التشغيل ومدير إدارة خدمة النوم والأكل لرفعه على غير ذي صفة.
ثانياً: برفض الطعن وإلزام الطاعن بمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن اختصاص المحاكم التأديبية في التعويض عن القرارات الإدارية غير المشروعة لا ينعقد إلا إذا كان طلب التعويض متعلقاً بقرار تأديبي ولم يتضمن الحكم المطعون فيه في أسبابه ما يمكن معه أن يستخلص من هذه الأسباب أركان القرار التأديبي بل جاء حكمها قاصراً على إثبات صدور القرار الفصل دون أن توضح ما إذا كان هذا الفصل قد حدث نتيجة لما ينص عليه القانون من إنهاء الخدمة للأسباب الواردة فيه أم أن هذا القرار قد صدر بنية تأديب المدعي لسبب صدور فعل منه استوجب ذلك باعتباره جريمة تأديبية واتخذت بشأنه الإجراءات التي ينص عليها القانون في هذه الحالة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المادة 110 من قانون المرافعات توجب على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها أي بالفصل في موضوعها ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وأن المشرع إنما استهدف من إبراز حكم هذا النص حسم المنازعات ووضع حد لها حتى لا تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة لأخرى وفي ذلك ما فيه مضيعة لوقت القضاء ومجلبة لتناقض أحكامه وأنه إزاء صراحة نص المادة 110 من قانون المرافعات وإطلاقه فقد بات ممتنعاً على المحكمة التي تحال إليها الدعوى بعد الحكم بعدم الاختصاص من المحكمة المحيلة أن تبادر البحث في موضوع الاختصاص أياً كانت طبيعة المنازعة ومدى سلامة الحكم الصادر فيها بعدم الاختصاص والأسباب التي بني عليها حتى ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالوظيفة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت أن محكمة القاهرة الابتدائية قد قضت بجلستها المنعقدة في 21 من فبراير سنة 1971 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري تأسيساً على أن المدعي يعتبر من عداد الموظفين العموميين وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بعدم الطعن عليه وهو ما لا ينازع فيه طرفاً الخصومة فمن ثم كان يتعين على محكمة القضاء الإداري أن تفصل في الدعوى نزولاً على حكم المادة 110 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب فيما قضى به من عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى بعد أن أحيلت من محكمة القاهرة الابتدائية ويتعين والحالة هذه إلغاؤه والقضاء باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل في موضوعها ولا مثار للاحتجاج في هذا الشأن بأن المحكمة التأديبية للعاملين بالنقل والمواصلات قد قضت في موضوع هذه الدعوى بعد أن أحيلت إليها من محكمة القضاء الإداري بالحكم المطعون فيه لا مثار للاحتجاج بذلك لأن المحكمة التأديبية المذكورة أخطأت إذ بادرت بالفصل في الدعوى بالرغم من عدم اختصاصها بنظرها قبل أن يفصل في الطعن الماثل وبهذه المثابة فإن حكمها المشار إليه لا يحوز أي حجية في مواجهة قضاء المحكمة الإدارية العليا الذي يجب أن يعلو على حكم المحكمة الأولى ما دام كلاهما قد صدر في عين النزاع وبناء على ذلك يتعين على محكمة القضاء الإداري أن تقضى في موضوع المنازعة دون ثمة اعتداد بالحكم الصادر من المحكمة التأديبية سالف الذكر.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وباختصاصها وبإحالتها إليها للفصل في موضوعها وأبقت الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها وأبقت الفصل في المصروفات.