مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1150

(174)
جلسة 25 من مايو سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 1913 لسنة 27 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - سقوط الدعوى التأديبية.
المادة 9 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام والمادة 93 من القانون رقم 48 لسنة 1978 - سقوط الدعوى التأديبية - الرئيس المباشر هو المخاطب دون سواه بحكم السقوط السنوي للمخالفة التأديبية طالما كان زمام التصرف في المخالفة التأديبية في يده - إذا أحيل العامل إلى التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة أصبح التصرف في المخالفة من اختصاص غير الرئيس المباشر وينقضي تبعاً لذلك موجب سريان ميعاد السقوط السنوي - أساس ذلك أن سكون الرئيس المباشر عن ملاحقة المخالفة مدة سنة من تاريخ علمه بوقوعها يعني اتجاهه إلى الالتفات عنها وحفظها - إذا نشط الرئيس المباشر إلى اتخاذ إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة خرج بذلك الأمر عن سلطاته وارتفعت قرينة التنازل وخضع أمر السقوط للأصل وهو ثلاث سنوات - انقطاع المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وسريانه من جديد من تاريخ آخر إجراء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 24 من يونيه سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائباً عن النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1913 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 26 من إبريل سنة 1981 في الدعوى رقم 122 لسنة 21 القضائية المرفوعة من النيابة الإدارية ضد السيدين/......... و........ والقاضي بسقوط الدعوى التأديبية.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم في الدعوى التأديبية بما انتهى إليه تقرير الاتهام ومواد الإحالة أو الحكم بإحالة الدعوى التأديبية إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى من إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل في موضوعها.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة جلسة 4/ 4/ 1984 وبتلك الجلسة قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 15/ 5/ 1984 وبجلسة 6/ 11/ 1984 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 29/ 12/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 3 من يوليه سنة 1979 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية تقرير اتهام ضد كل من:
1 - .......... رئيس قسم 13 بشركة مواد الصباغة والكيماويات سابقاً.
2 - ........... مدير مصنع بشركة مواد الصباغة والكيماويات بالفئة الثانية.
لأنهما خلال الفترة من 10 من نوفمبر سنة 1976 حتى 10 من يناير سنة 1977 بشركة مواد الصباغة والكيماويات لم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة إيجابية ولم يحافظا على أموال الجهة التي يعملان بها بأن:
الأول: أهمل اتباع الأصول الفنية لدى تشغيل كمية 1.5 طن من حامض الأوميجا لإنتاج المادة الوسيطة مما أدى إلى تلفها، كما أهمل إجراء تجارب معملية على كميات محددة ليقف على أسباب الفشل ليتيسر اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو سرعة سحب كمية 295 طن من الحامض المذكور من قسم 17 واستخدامها في التشغيل على النحو الصحيح قبل انتهاء فترة صلاحيتها مما أدى إلى تلفها بدورها نتيجة عدم استخدامها إبان فترة صلاحيتها وذلك على التفصيل الوارد بالأوراق.
الثاني: بصفته مدير المصنع التابع له قسما 13، 17 ومبتكر حق معرفة إنتاج المادة الوسيطة المشار إليها في الأوراق أهمل الإشراف على تشغيل إنتاج تلك المادة، كما قصر في دراسة أسباب فشل الأول في إنتاج المادة الوسيطة وتلف 1.5 طن من حامض الأوميجا بقسم 13 حتى يمكن تداركها بالنسبة لتشغيل الكمية الباقية في فترة صلاحيتها مما أدى إلى عدم استخدام هذه الكمية الأخيرة حتى انتهاء فترة صلاحيتها بالتالي وذلك على النحو الوارد بالأوراق.
وبذلك قانوناً يكونا قد ارتكبا المخالفة المالية والإدارية المنصوص عليها في المادة 44/ 1، 3 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام.
وقد طلبت النيابة الإدارية محاكمتهما بالمادة سالفة الذكر والمواد 80، 82، 83 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمادتين 15، 19 من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 26 من إبريل سنة 1981 حكمت المحكمة بسقوط الدعوى التأديبية استناداً إلى أن المخالفة المنسوبة إلى المتهمين وقعت في شهر أكتوبر سنة 1976 وعلم بها الرئيس المباشر فور وقوعها بينما لم تقم الشركة التي يعملان بها بإبلاغ النيابة الإدارية إلا في 14 من نوفمبر سنة 1977 أي بعد مضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بالواقعة، ومن ثم تكون الدعوى التأديبية بشأن المخالفة المنسوبة إليهما قد سقطت بالتقادم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن سقوط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بالمخالفة مرده إلى قيام قرينة في حق جهة الإدارة تنفيذ تنازلها عن تحريك الدعوى التأديبية، فإذا تحركت فعلاً بإجرائها التحقيق فيها انهارت هذه القرينة وإذ كان الثابت أن الإدارة القانونية بالشركة، بدأت تحقيق هذه الواقعة في 14 من يونيه سنة 1977 واستمرت الإجراءات إلى أن أبلغت النيابة الإدارية في 14 من نوفمبر سنة 1977، ومن ثم فإن الدعوى التأديبية لم يلحقها السقوط لمضي سنة لانتفاء موجبها ويضحى الحكم المطعون فيه والحالة هذه مخالفاً للقانون مستوجباً الإلغاء.
ومن حيث إن المادة 9 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام تقضي بأن تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة أو ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها أي المدتين أقرب وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق والاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء، وقد صدر القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين بالقطاع العام مقرراً ذات الحكم في المادة 93 منه، والمستفاد من ذلك أن الرئيس المباشر هو المخاطب دون سواه بحكم السقوط السنوي للمخالفة التأديبية طالما كان زمام التصرف في المخالفة التأديبية في يده، أما إذا خرج الأمر عن سلطانه بإحالة المخالفة إلى التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وأصبح التصرف فيها بذلك من اختصاص غيره، انقضى تبعاً لذلك موجب سريان السقوط السنوي وتكمن حكمة ذلك في أن سكون الرئيس المباشر عن ملاحقة المخالف مدة سنة من تاريخ علمه بوقوع المخالفة التأديبية قرينة على اتجاهه إلى الالتفات عنها وحفظها، أما إذا نشط إلى اتخاذ إجراءات التحقيق والاتهام أو المحاكمة وخرج بذلك الأمر عن سلطاته ارتفعت قرينة التنازل هذه وخضع بالتالي أمر السقوط للأصل وهو ثلاث سنوات وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق والاتهام أو المحاكمة ويسري ميعاد جديد من تاريخ آخر إجراء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضدهما وقعت خلال شهر أكتوبر سنة 1976، وقام السيد مدير التخطيط والمتابعة بإخطار رئيس مجلس إدارة الشركة بهذه المخالفات بكتابه المؤرخ 13 من مارس سنة 1977 فأشر رئيس مجلس الإدارة في ذات التاريخ بإجراء تحقيق وأحيل الموضوع إلى إدارة الشئون القانونية والتي قامت بإعداد تحقيق في هذا الشأن بدأ في 14 من يونيه سنة 1977 حيث رأت في 17 من أكتوبر سنة 1977 إحالته إلى النيابة الإدارية التي بدأت التحقيق في 26 من نوفمبر سنة 1977 وأقامت الدعوى التأديبية في 3 من يوليه سنة 1979 ومن ثم فإن مدة سقوط هذه الدعوى تكون قد انقطعت ولا يكون ثمة مجال للقول بسقوطها بمضي المدة قبل إحالة المطعون ضدهما إلى المحاكمة التأديبية.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكانت الدعوى المقامة ضد المطعون ضدهما لم تسقط بالتقادم، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بخلاف ما تقدم قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ومن ثم يتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن الدعوى مهيأة للحكم فيها بعد أن أبدى أصحاب الشأن دفاعهم وقدموا مستنداتهم ومن ثم يتعين الفصل في موضوعها.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن خطة الإنتاج بشركة مواد الصباغة والكيماويات تضمنت أن يقوم قسم (17) بها خلال شهر أكتوبر سنة 76 بإنتاج عدد 6 شحنة من حامض الأوميجا، ثم يقوم قسم (17) باستخدام هذه الكمية خلال شهر نوفمبر لإنتاج مادة وسيطة لازمة لإنتاج نوع معين من الصبغات وقد قام قسم (17) بإنتاج 6 شحنات من حامض الأوميجا بكمية بلغ وزنها 4 طن وصدرت شهادة صلاحية تلك الكمية من الإنتاج من الجهة المختصة وهي الرقابة الفنية في 9 من نوفمبر سنة 1976، وقد قام قسم (13) بسحب 1.5 طن من هذه الكمية في 11 من نوفمبر سنة 1976، ولم يسحب الكمية الباقية لفشله في إنتاج المادة الوسيطة من الكمية الأولى.
وبسؤال السيد/.......... مدير الإنتاج بالشركة في التحقيق الذي أجرى بمعرفة النيابة الإدارية أفاد أنه لا يمكن تحديد سبب تلف كمية 1.5 طن من حامض الأوميجا فقد يرجع ذلك إلى أن الضمان غير سليم والمقصود بالضمان هي الخطوات التي يتعين اتباعها لإنتاج المادة الوسيطة، وفي هذه الحالة يكون المسئول هو رئيس القسم وقت أخذ الضمان وقد يكون السبب هو حدوث خطأ عن الإنتاج فيكون المسئول رئيس القسم أثناء الإنتاج ويشارك رئيس القسم مدير عام الإنتاج وقت الحادث.
وقد أجاب عن سبب عدم قيامه باختبار معملي لطريقة إنتاج المادة الوسيطة حتى يمكن تحديد المسئولية، بأنه لا داعي لإجراء هذا الاختبار إذ أن رئيس القسم وقد أخذ الضمان يكون غير مسئول لأنه لا بد أن يكون الضمان سليماً.
وبسؤال السيد/........ مدير مصنع بالشركة أفاد أنه اشترك باعتباره مشرفاً على القسمين (13)، (17) في تقرير إنتاج مادة الأوميجا، وأنه لم يتم إجراء اختبار معملي قبل تقرير الإنتاج بسبب وجود ضمان منذ سنة 1974، كما قرر أنه لم يحضر عملية الإنتاج بقسم (13) لسبب حصوله على أجازات مرضية واعتيادية اعتباراً من 15 من نوفمبر سنة 1976 حتى آخر شهر ديسمبر سنة 1976، كما قرر أنه لا يمكن تحديد سبب فشل قسم (13) وإن كان لا بد أن يكون ثمة خطأ في عملية الإنتاج بهذا القسم لأن الضمان موجود، ولم يخبره أحد بالسبب.
وبسؤال السيد............. مدير إدارة التجهيز والتشطيب بالشركة قرر أنه اشترك في تقرير خطة الإنتاج الشهرية الخاصة بإنتاج مادة الأوميجا بقسم (17) خلال شهر أكتوبر 1976 ثم إنتاج المادة الوسيطة بقسم 13 بعد ذلك وأنه لم يتم اختبار معملي لإنتاج المادة الوسيطة قبل تقرير إنتاجها لوجود ضمان إنتاج سابق أجرى عام 1974 وما دام هذا الضمان موجوداً فليس هناك مبرر لأي تشكيك في صحته كما قرر أنه لا يمكن تحديد سبب فشل قسم (13) في إنتاج المادة الوسيطة وإن كانت المسئولية على رئيس قسم (13) لأنه مسئول عن حسن الإنتاج المطلوب ما دام الضمان موجوداً وثابت به المعادلات الكيميائية وطريقة التشغيل مفصلاً (ص 14 من التحقيق) وقرر السيد/.............. رئيس قسم 17 بالشركة أنه قام بإنتاج أربعة أطنان من حامض الأوميجا في 3 من نوفمبر سنة 1976 وأرسل عينة للتحليل الذي انتهى في 9 من نوفمبر سنة 1976 إلى أن نسبة التركيز 46%، 60% ومن ثم صدرت شهادة صلاحية لها وقد قسم (13) باستلام 1.5 طن من الحامض في 11 من نوفمبر سنة 1976، ولم يسحب باقي الكمية مما ترتب عليه تلفها لأنها تتلف بعد مضي شهر واحد من إنتاجها.
وقرر السيد/............ مدير عام الشئون الفنية بالشركة أن تلف أي مادة في التشغيل أمر يحدث كثيراً في شركات التصنيع وخاصة في المجال الكيميائي كما حدث بالنسبة للمادة الوسيطة وذلك لأي سبب من الأسباب الفنية (ص 26 من التحقيق).
كما قرر أنه لا يمكن تحديد سبب فشل قسم (13) في إنتاج المادة الوسيطة، وأنه لم يتم إجراء اختبار معملي قبل تقرير الإنتاج لأن ضمان إنتاج كل من الحامض والمادة الوسيطة موجود، كما قرر أنه بحث سبب الفشل في إنتاج المادة الوسيطة مع رئيس قسم 13 السيد/.......... ومدير إدارة التخطيط السيد/........ ولم يتم التوصل إلى معرفة سبب الفشل.
وقرر السيد/........ رئيس مجلس إدارة الشركة أن قسم (17) قام بإنتاج مادة حامض الأوميجا خلال شهر أكتوبر سنة 1976 وتبين صلاحية هذه المادة في 9 من نوفمبر سنة 1976 وقام قسم (13) بسحب 1.5 طن من هذه الكمية في 11 من نوفمبر سنة 1976 ولكنه فشل في إنتاج المادة الوسيطة، فقام باستخدام مادة وسيطة مستوردة كانت موجودة من قبل في إنتاج الصبغة المطلوبة. كما قرر أنه لا يلزم إجراء اختبار معملي قبل تقرير إنتاج المادة المطلوبة إذ لا يمكن التشكيك في ضمان الإنتاج أو حق المعرفة لأنه بصدور هذا الضمان فإنه يعتبر بمثابة شهادة معتمدة ومعترف بها لا يستطيع أحد أن يحاول بشأنها من ناحية طريقة التشغيل أو نتائجها، كما أن التجارب التي يقوم بها القسم المكلف بالإنتاج ليس المقصود بها التحقق من طريقة التشغيل أو النتائج الواردة بضمان التشغيل أو حق المعرفة وإنما التحقق من صلاحية المواد المستخدمة في حد ذاتها بالرغم من وجود شهادة صلاحية صادرة من المعمل وهذا عرف جرى عليه العمل. ومن ثم لا يجوز لرئيس قسم (13) أن يدعي بعدم صلاحية ضمان الإنتاج أو صلاحية حامض الأوميجا لأن الفرض أنه أجرى اختبار لمعرفة صلاحية الحامض (ص 31 من التحقيق).
وقرر أن المسئول عن الخسائر هو رئيس قسم (13) السيد/........ ومدير المصنع......... لأنه كان يجب عليهما معرفة سبب فشل إنتاج المادة الوسيطة وكذلك سحب 2.5 طن المتبقية وتشغيلها خلال فترة الصلاحية وهي شهر يبدأ من نوفمبر سنة 1976 كما أن استخدام الكمية المتبقية وتشغيلها كان من شأنه كشف سبب فشل الكمية السابق استخدامها.
كما قرر أن تلف أي مادة يحدث كثيراً ولكن يجب الوقوف على سبب التلف وهو أمر يتطلبه التحقيق لمعرفة السبب وتحديد المسئولية.
وقرر السيد/....... رئيس قسم (13) أنه استقال من الشركة اعتباراً من أول يوليه سنة 1977 ليعمل بالقطاع الخاص، كما قرر أنه قام بسحب 1.5 طن من حامض الأوميجا لإنتاج المادة الوسيطة وفشل في ذلك بالرغم من استخدامه حق المعرفة الموجود، وأنه لم يقم بإجراء اختبار معملي قبل الإنتاج لأن ذلك غير لازم لوجود حق المعرفة، كما قرر أنه استعان بالسيد/....... لمحاولة إنتاج المادة الوسيطة إلا أنه فشل بدوره، ولم يطالبه بالكمية الباقية لفشله هو والسيد/........ في إنتاج المادة الوسيطة.
ومن حيث إنه يخلص من الوقائع السابقة أن حق معرفة المادة الوسيطة (الضمان) قد تقرر سنة 1974 وأن صاحب هذا الحق (المبتكر) هو السيد/...... وآخر كما أنه لم يتم احتياج المادة الوسيطة منذ تقرير حق المعرفة إلا في سنة 1976 وأن جميع من أخذت أقوالهم أجمعوا على عدم معرفة سبب الفشل في إنتاج المادة الوسيطة وقرر بعضهم أنه لا بد أن يكون رئيس قسم (13) قد ارتكب خطأ مما أدى إلى هذه النتيجة كما أنه يبين مما تقدم أن رأى من أخذت أقوالهم اختلف في ضرورة القيام باختبارات معملية قبل تقرير إنتاج المادة الوسيطة، فذهب أحدهم..... مدير عام الإنتاج أنه كان يجب تجربة الضمان قبل تقرير الإنتاج لأن الضمان تقرر سنة 1974 والإنتاج تقرر سنة 1976 كما تغير رئيس قسم (13) بعد تقرير الضمان، وقرر الباقي أنه بوجود الضمان لا يلزم إجراء اختبارات معملية.
كما اختلف رأي من أخذت أقوالهم في ضرورة قيام رئيس قسم (13) بإجراء اختبارات معملية قبل إنتاج المادة الوسيطة.
ومن حيث إن النيابة الإدارية طلبت مساءلة السيد/....... لأنه أهمل اتباع الأصول الفنية لدى تشغيل كمية 1.5 طن من حامض الأوميجا لإنتاج المادة الوسيطة مما أدى إلى تلفها، كما أهمل إجراء تجارب معملية على كمية محددة ليقف على أسباب الفشل ويتلافاها لتيسير اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو سرعة سحب كمية 2.5 طن من الحامض واستخدامها في التشغيل على النحو الصحيح قبل انتهاء فترة صلاحيتها مما أدى إلى تلفها بدورها نتيجة عدم استخدامها إبان فترة صلاحيتها وبالتالي تلفها.
ومن حيث إن المخالفة التأديبية باعتبارها خروجاً عن واجبات الوظيفية ومقتضياتها يتعين لنسبتها إلى العامل أن يثبت الخطأ في جانبه، والخطأ يتمثل في فعل يرتكبه مخالفاً لما تقضي به القوانين واللوائح والتعليمات سواء أكانت إدارية أم فنية، أو الامتناع عن عمل يتعين عليه اتخاذه طبقاً لما تقضي به القوانين أو اللوائح أو التعليمات، ومن ثم فالخطأ كركن من أركان المخالفة التأديبية كقاعدة عامة - واجب الإثبات، لا يفترض في حق العامل، وإذ عجز جميع من أخذت أقوالهم عن تحديد الخطأ المنسوب إلى السيد/...... وإنما افترضوا هذا الخطأ استناداً إلى أنه لم يحقق النتيجة وهي تحضير المادة الوسيطة فكأنهم بذلك قد اعتبروا النتيجة سبباً للخطأ وليس العكس، وهو قول يجافي الصواب ويأباه المنطق والقانون.
وحيث تضاربت آراء من أخذت أقوالهم في التحقيق بالنسبة لالتزام المذكور في إجراء اختبارات معملية قبل الإنتاج أو بعده، بحيث لا يمكن الجزم بوجوب هذا الإجراء ومن ثم لا يمكن القول بخطأ العامل المذكور إذ لم يقم بإجراء هذا الاختيار، مما يترتب عليه براءته من هذه المخالفة أيضاً.
ومن حيث إنه لما تقدم فإنه يتعين الحكم ببراءة السيد/...... مما نسب إليه.
ومن حيث إنه عن مسئولية السيد/....... فإن المنسوب إليه هو أنه بصفته مدير المصنع التابع له قسما 13، 17 ومبتكر حق إنتاج المادة الوسيطة أهمل في الإشراف على تشغيل إنتاج تلك المادة كما قصر في دراسة أسباب فشل السيد/....... في إنتاج المادة الوسيطة وتلف 1.5 طن من حامض الأوميجا حتى يمكن تداركها في إنتاج الكمية الباقية في فترة صلاحيتها مما يترتب عليه عدم إنتاج هذه الكمية خلال فترة صلاحيتها ومن ثم تلفها.
ومن حيث إن العامل المذكور يدفع هذه المخالفة إنه كان خلال هذه الفترة في أجازات مرضية واعتيادية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن قسم رقم (17) أنتج حامض الأوميجا وتقرر صلاحيته في 9 من نوفمبر سنة 1976 واستلمه قسم رقم (13) في 11 من نوفمبر سنة 1976 وتداثرت أقوال الشهود على أن فترة صلاحية هذا الحامض شهر من تاريخ إنتاجه، ومن ثم فإن فترة صلاحيته تنتهي في 8 من ديسمبر سنة 1976.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الأجازات التي حصل عليها السيد/..... خلال هذه الفترة يبين أنه حصل على أجازة مرضية من 16 من نوفمبر سنة 1976 حتى 28 من نوفمبر سنة 1976، وأن أيام 30 نوفمبر، وأول، 2 ديسمبر كان عطلة عيد الأضحى أجازة، ثم حصل على أجازة اعتيادية من يوم 4 من ديسمبر حتى يوم 9 من ديسمبر سنة 1976، ومن ذلك يبين أنه خلال فترة صلاحية حامض الأوميجا للتشغيل، كان السيد المذكور في أجازات مرضية واعتيادية ومن ثم ما كان في مكنته الإشراف على دراسة أسباب فشل إنتاج المادة الوسيطة خلال فترة صلاحية حامض الأوميجا والتي تنتهي في 8 من ديسمبر سنة 1976، ولا يجوز القول أنه كان حرياً به ألا يحصل على أجازة اعتيادية قبل إجراء هذه الدراسة، ذلك أن الحصول على الأجازة الاعتيادية بموافقة السلطة المختصة حق مشروع لا يجوز محاسبة العامل عليه، فضلاً عن أن البادي من الأوراق أنه حصل على هذه الأجازة عقب أجازة مرضية طويلة مما يرجح معه أن حالته الصحية كانت تستدعي عدم قيامه بالعمل.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون المخالفة المسندة إلى السيد المذكور غير قائمة على أساس ومن ثم يتعين الحكم ببراءته.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كما تقدم فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من سقوط الدعوى التأديبية غير قائم على أساس سليم من القانون، ومن ثم يتعين إلغاؤه، ومن حيث إنه تبين أن المخالفات المنسوبة إلى العاملين المحالين للمحاكمة التأديبية غير قائمة في حقهما ومن ثم يتعين براءة المحالين إلى المحاكمة التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة العاملين المتهمين.