مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1179

(177)
جلسة 28 من مايو سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محيى الدين وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 741 لسنة 27 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - الجزاءات التي توقعها الإدارة على المتعاقد المقصر - غرامة التأخير.
المادة 224 من القانون المدني - لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر - المادة 93 من لائحة المناقصات والمزايدات - غرامة التأخير في العقود الإدارية تختلف بطبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية - الشرط الجزائي في العقود المدنية وهو تعويض متفق عليه مقدماً يستحق في حالة إخلال أحد المتعاقدين بالتزامه فيشترط فيه ما يشترط لا استحقاق التعويض بوجه عام من وجوب حصول ضرر للمتعاقد الآخر وأعذار للطرف المقصر وصدور حكم به القضاء أن يخففه إذا ثبت أنه لا يتناسب مع الضرر الذي لحق بالمتعاقد - غرامة التأخير في العقود الإدارية أساسها ضمان تنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها حرصاً على حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد - حق الجهة الإدارية في توقيعها بمجرد حصول التأخير ولو لم يترتب عليه ضرر ودون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أية إجراءات قضائية أخرى - لا يقبل من المتعاقد مع الإدارة إثبات عدم حصول ضرر لها من تأخيره في تنفيذ التزامه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 9 من إبريل سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للآثار (بصفته) - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 741 لسنة 27 ق عليا - عن الحكم الصادر بجلسة 8 من فبراير سنة 1981 من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) - في الدعوى رقم 1389 لسنة 23 ق الذي قضى بإلزام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للآثار بصفته بأن يدفع للمدعي مبلغ 2688.064 جنيه والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة في الطعن الحكم:
أولاً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة.
ثانياً:
( أ ) في الدعوى الأصلية برفضها مع إلزام المدعي فيها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
(ب) في الدعوى الفرعية: الحكم بالطلبات السابق إبداؤها في مذكرة الهيئة المقدمة بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1978 مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً بشقيه مع إلزام رافعه المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 20 من فبراير سنة 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) - لنظره بجلسة 19 من مارس سنة 1985 - وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص في أن الإدارة الهندسية للآثار الإسلامية والقبطية التابعة لمصلحة الآثار طرحت - في مناقصة - عملية ترميم البرج الغربي لسور القلعة (فيما بين مسجد محمد علي وسراي الجوهرة بالقلعة) - طبقاً للشروط العامة المقررة على مقاولي الأعمال الترميمية بالآثار الإسلامية والقبطية - وكذا المقايسة الخاصة بالعملية وقد رست العملية على المطعون ضده مقابل مبلغ 7367.500 جنيه وحدد لإنهاء العملية مدة شهر بحيث يبدأ العمل في 14 من مارس سنة 1962 وينتهي في 13 من إبريل سنة 1962 - امتدت بعد ذلك شهرين بحيث أصبح 13 من يونيو سنة 1962 هو التاريخ المحدد لإنهاء العملية - ولخلاف بين الطرفين حول مدى قيام المقاول بإتمام العملية على الوجه الذي يتطلبه العقد المبرم بين الطرفين وفي الميعاد المحدد أقام المقاول الدعوى رقم 5509 لسنة 1966 أمام محكمة القاهرة الابتدائية بصحيفة أعلنت في 20 من أكتوبر سنة 1966 ضد مصلحة الآثار طالباً إلزامها بدفع مبلغ 6000 جنيه قيمة باقي مستحقاته عن العملية موضوع العقد المؤرخ 14 من مارس سنة 1962 مع المصروفات والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بغير كفالة - وقال شرحاً لدعواه أنه أسندت إليه العملية - وقام بالعمل المطلوب منه على أكمل وجه طبقاً للشروط والمواصفات الموقع عليها من الطرفين وقام بأعمال إضافية وتعديلات بناء على أوامر صدرت إليه وتم الاستلام وإخلاء موقع العمل وتنظيفه بعد ذلك كأمر المصلحة ومرت أعوام على ذلك طالب خلالها بتصفية الحساب وعمل الحساب الختامي عنها وتسليمه مستحقاته التي بلغت 6000 جنيه وانتظر المدعي دون جدوى فلما يئس من المطالبة الودية أنذرها رسمياً في أول مارس سنة 1964 منبهاً عليها بضرورة تصفية حسابه ورغم ذلك لم تحرك ساكناً رغم تمسك المدعي بالصبر ورغم الأضرار المادية التي تصيبه من جراء ذلك - مما اضطره إلى رفع هذه الدعوى - وقدم تدليلاً على ذلك حافظة مستندات ضمت عقداً مؤرخاً 14 من مارس سنة 1962 بشروط عملية البرج موضوع النزاع والإنذار المؤرخ أول مارس سنة 1964 الموجه إلى مصلحة الآثار بشأن المطالبة بالمحاسبة وتسليم المدعي حقوقه.
وبجلسة 18 من فبراير سنة 1967 قررت المحكمة قبل الفصل في الموضوع ندب مكتب الخبراء ليعهد إلى أحد أعضائه بالاطلاع على ملف الدعوى ومستنداتها والانتقال إلى موقع عملية البرج الغربي لسور القلعة لمعاينته ووصفه وإثبات حالته لبيان الأعمال التي قام بها المدعي وما إذا كانت قد تمت طبقاً للشروط والمواصفات الموقع عليها من الطرفين بالعقد المؤرخ 14 من مارس سنة 1962 أم مخالفة لها وتحديد الأعمال المخالفة إن وجدت وقيمتها وبيان الأعمال الإضافية والتعديلات التي تمت بناء على طلب المدعى عليها وتحديد تاريخ التسليم وتصفية الحساب بين الطرفين تصفية نهائية لبيان ما قد يكون مستحقاً لدى المدعى عليها.
وبجلسة 6 من مايو سنة 1967 قضت المحكمة بندب الخبير المهندس صاحب الدور بدلاً من مكتب الخبراء وقد باشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً بتاريخ 11 من سبتمبر سنة 1967 انتهى فيه إلى ما يأتي:
أولاً: أن المباني المقامة عبارة عن سور الجهة الغربية للقلعة ومبانيها من الحجر من الخارج والدبش والحجر القديم من الداخل وبها فتحات (شبابيك) وليس بها سقف كما توجد آثار هدم وأعمال حفر.
ثانياً:
1 - قيمة الأعمال التي قام بها المقاول هي مبلغ 6712.922 جنيه.
2 - الأعمال مطابقة للمواصفات والشروط حسب العقد المؤرخ 14 من مارس سنة 1962.
3 - لا يوجد مخالفات ولا أعمال إضافية ولا تعديلات.
ثالثاً: العملية لم تسلم ابتدائياً حتى تاريخه.
رابعاً: تصفية الحساب.
1 - الأعمال التي قام بها المقاول - 6712.922 مليمج
2 - قيمة التأمين الذي دفعه المقاول قبل العمل - 770.000 مليمج
3 - المبلغ المنصرف للمدعي من قيمة العملية - 2850.000 مليمج
4 - غرامة التأخير - 115.887 مليمج
وبذلك يكون المبلغ المتبقي للمقاول من العملية هو مبلغ 3747.035 مليمج
وذلك بعد خصم غرامة التأخير والدفعة التي استلمها ما عدا التأمين الذي يصرف للمقاول بعد تصفية الحساب.
وبجلسة 24 من فبراير سنة 1968 حكمت المحكمة حضورياً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.
وبتاريخ 24 من إبريل سنة 1968 استأنف المدعي الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 996 لسنة 85 طالباً إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاصها وبإحالة الدعوى إلى دائرة أخرى بمحكمة القاهرة الابتدائية للفصل في موضوعها مع إلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 26 من إبريل سنة 1969 حكمت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للفصل فيها مع إرجاء الفصل في المصروفات.
وبتاريخ 7 من يوليو سنة 1969 أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت برقم 1389 لسنة 23 ق قدم المدعي حافظة مستندات انتهى فيها إلى طلب المبلغ الذي قرر الخبير استحقاقه له (تصفية للحساب) وقدره 3747.035 جنيه مضافاً إليه قيمة التأمين ومقداره 370 جنيه وليس 270 جنيه حسبما قرر الخبير وبذلك يكون المبلغ المطلوب 4117.035 جنيهاً فضلاً عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ورد على دعوى مصلحة الآثار من أن الخبير كان يقوم بالمعاينة في غير أوقات العمل الرسمية بأن القانون لم يحدد مواعيد عمل رسمية وأن مهندسي المصلحة حضروا عدة مرات أمام الخبير ولم يعترضوا إطلاقاً على المواعيد التي كان يحددها - فضلاً على أن الخبير قد اطلع على الكشوفات الرسمية التي أثبتتها اللجان المختلفة أثناء عملية البناء من السادة المهندسين بالإدارة الهندسية وذهب إلى أن حصول بعض التأخير في تنفيذ العملية يرجع إلى تغيب المهندس أحمد الهنيدي الذي قام بشكواه وأبعد عن الإشراف على العملية.
وبجلسة 10/ 12/ 1978 قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة تضمنت طلبات فرعية موجهة إلى أتعاب وانتهت إلى أن طلبت فيها:
أولاً: في الدعوى الأصلية المرفوعة من المدعي برفضها مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ثانياً: في الدعوى الفرعية المقامة من مصلحة الآثار ضده:
( أ ) الحكم بصحة ونفاذ غرامتي عدم وجود مهندس وغرامة التأخير الموقعتين من الجهة الإدارية على المدعي - طبقاً للمادتين 18، 21 من عقد العملية المبرم بينهما في 14/ 3/ 1962 وذلك عن المدة من 14/ 6/ 1962 حتى 10/ 8/ 1967 والبالغ قدرها 39144.800 جنيه مع إلزام المدعي بالفوائد بواقع 4% سنوياً حتى السداد.
(ب) إلزامه بدفع مبلغ 1214.225 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
(جـ) الحكم بأحقية الهيئة في توقيع غرامة تأخير وغرامة عدم وجود مهندس على المدعي طبقاً للمادتين 31، 18 من عقد العملية المبرم بينهما على النحو وبالقدر الوارد فيهما وذلك عن المدة من 11/ 8/ 1967 حتى إتمام العمل مهما بلغت مدته والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
(د) إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 8 من فبراير سنة 1981 حكمت المحكمة بإلزام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للآثار بصفته بأن يدفع مبلغ 2688.064 جنيه والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وقد ثبتت المحكمة حكمها بعد أن استعرضت وجهات نظر الطرفين التي تضمنتها مذكراتهما على أنه:
أولاً: عن مقابل الأعمال التي قام بها المدعي تنفيذاً للعقد المسند إليه ولم تصرفها له الإدارة وقد حددها في عريضة دعواه بمبلغ 6000 جنيه ثم عدل طلباته بعد أن قدم الخبير تقريره إلى ما انتهى إليه الخبير من استحقاقه لمبلغ 3747.035 جنيه بالإضافة إلى مبلغ 370 جنيه قيمة التأمين المقدم منه ذهبت المحكمة إلى أن أساس الاختلاف في التقدير بين ما جاء بتقرير الخبير معتمداً على كشوف الحصر المقدمة من المدعي، وبين التقدير الذي قدمته الهيئة المدعى عليها هو الاختلاف في حصر مقادير الأعمال الذي تم بالفعل على الطبيعة - وهي أعمال هدم المباني الحجارة أو مباني الدبش والحفر ونقل الأتربة وكذلك أعمال المباني وغيرها - وقد بينت المادة 40 من العقد مقدماً طريقة الفصل في المنازعات التي قد تنشأ حول حصر الأعمال التي تتم بموجب العقد وهي طريقة تراعي ظروف الأعمال وضرورة البت فيما ينشأ حول حصرها من نزاع فوراً قبل أن تتغير معالمها ويستحيل بعد ذلك الرجوع إلى عناصر الواقع التي تحسم موضوع القياس أو الوزن وضربت لذلك مثلاً هدم مبنى وإزالته من الواقع حيث يستحيل بعد الهدم قياس حجم المباني وأنه بناء على ذلك إذا كان للمقاول ثمة اعتراضات على الحصر الذي قامت به المصلحة فقد كان عليه أن يلجأ إلى الطريق الذي رسمته المادة 40 المشار إليها وهو الأمر الذي لم يثبت من الأوراق ولم يشر إليه المدعي في مذكراته وانتهت المحكمة إلى أنه إزاء ذلك لا مناص من اعتماد تقديرات المصلحة فيما يتعلق بحصر الأعمال التي قام بها المدعي وعدم التعويل على ما جاء بتقرير الخبير في هذا الشأن خاصة وأنه حتى بفرض صحة ما جاء بأقوال الخبير من أنه قام بزيارة موقع الأعمال يوم 5 من يونيو سنة 1967 فإنه لا يوجد بالمحضر الذي أجراه في ذلك التاريخ سوى وصف عام للأعمال دون أية قياسات أو حصر للأعمال التي قال أنه عاينها - وفي محضر 28 من يونيو سنة 1967 أثبت الخبير أنه تحدد يوم 5 من يوليو سنة 1967 موعداً لقيامه مع مهندس المصلحة بحصر العملية بالموقع إلا أن ذلك لم يتم واجتمع الخبير في ذلك اليوم مع بعض مهندسي المصلحة حيث قاموا بمراجعة الحصر شفوياً - وفي آخر محضر مؤرخ 19 من يوليو سنة 1967 أورد الخبير أنه طلب الرسوم الهندسية للعملية وحصرها حتى يتمكن من مراجعة حصر مهندس العملية وحصر المقاولة وتطبيقها على الطبيعة إلا أن أعمال الخبير انتهت عند هذا الحد مما يدل على عدم قيامه بأي حصر للأعمال على الطبيعة وبالتالي يهدم الثقة فيما انتهى إليه من نتائج فيما يتعلق بحقيقة الكميات التي قام المدعي بتنفيذها بالفعل ولا يبقى سوى الحصر الذي أجراه مهندس العملية على الطبيعة أثناء التنفيذ والذي على أساسه صرف المستخلص الأول للمقاول المدعي وأعد المستخلص الثاني الذي لم يصرف له - وإذا كان للمدعي ملاحظات على مسلك مهندس العملية وكان لذلك أثره على تقديرات ذلك المهندس للمقاييس والكميات التي فقدت بالفعل من الأعمال فقد كان طريق المدعي إلى حفظ حقه - هو ما جاء بالمادة 40 من العقد من الاحتكام إلى مدير المصلحة أو على الأقل أن ينبه إلى ذلك بالطريق المرسوم حتى يحفظ حقه قبل جهة الإدارة أما وأنه لم يتبع هذا الطريق فلا مناص من اعتماد الحصر الذي قامت به الإدارة أثناء تنفيذ الأعمال وإذا كانت جملة الأعمال التي قام بها المدعي تقدر بمبلغ 5526.564 جنيه سبق له صرف 2850 جنيهاً منها وبذلك يكون الباقي من قيمة الأعمال الإجمالي 2676.564 جنيه يضاف إليها مبلغ 370 جنيه قيمة التأمين فيكون جملة المستحق للمدعي 3046.564 جنيه.
ثانياً: عن الدعوى الفرعية التي أقامتها الهيئة على المدعي بطلب غرامة التأخير وغرامة عدم وجود مهندس طبقاً للمادتين 18، 21 من العقد وذلك اعتباراً من 14/ 6/ 1962 وحتى 10/ 8/ 1967 والبالغ قدرها 39144.800 جنيه ثم اعتباراً من 11/ 8/ 1967 حتى تاريخ إتمام العمل مهما بلغت مدته، وكذلك الحكم للهيئة المذكورة بمبلغ 1214.125 جنيه وفي الحالين بالفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة مع إلزام المدعى عليه فرعياً بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة فقد ذهبت المحكمة بالنسبة لغرامة التأخير إلى أن المطالبة بها لا تقوم على أساس سليم وبالتالي لا تستحقها - إذ الثابت أن المدة المتفق عليها لإنهاء العمل هي شهر واحد يبدأ من 14/ 3/ 1962 أضيف إليها شهران فأصبح الموعد المحدد لإنهاء وتشطيب العملية هو يوم 13/ 6/ 1962 وإذ أنذر المدعي الهيئة في 1/ 3/ 1964 طالباً تصفية الحساب فيما يتعلق بالعملية وموضحاً أنه نهض بالعملية المطلوبة منه على الوجه الأكمل طبقاً للمواصفات والشروط الموقع عليها من الطرفين مما يعد بمثابة الإخطار المنصوص عليه في المادة 55 من العقد والتي تقضي بأنه بمجرد الانتهاء من أي عمل يخطر المقاول الإدارة كتابياً عن ذلك بواسطة إفادة موصى عليها بالبريد أو بإشارة تلغرافية وعندئذ تحدد الإدارة الموعد الذي ستقوم فيه بمعاينة العمل بيد أن الهيئة لم تحفل بإنذار المدعي ولم تعتبره طلباً للتسليم بمقولة أن الأعمال لم تتم كما لم تقم في نفس الوقت بسحب العمل منه والتنفيذ على حسابه - أو إلغاء العقد - في حين أن واقع الحال المستفاد من الأوراق يؤكد أن توقف المقاول عن العمل راجع إلى الإدارة وذلك أن مصلحة السياحة قدمت طلباً أثناء تنفيذ العقد لإنشاء كافتيريا بأعلى المكان الذي تتم فيه الأعمال وثار البحث حول تأثير ذلك على إتمام الأعمال - الأمر الذي حدا بالمدعي إلى التوقف عن الأعمال دون تكملتها بعد أن أصبحت الإدارة في موقف لا يمكنها معه إصدار الأمر إلى المقاول بالتنفيذ وآية ذلك ما ورد على لسان السيد المهندس إبراهيم عبود مدير الإدارة الهندسية بالمصلحة في محضر أعمال الخبير المؤرخ 5/ 7/ 1967 - من أن العملية من الوجهة الأثرية لم تتم إذ لا بد من تكملة السور أما إذا كان لا زال في النية إقامة مشروع الكافتيريا الذي كان مقرراً إقامته وقت إنشاء العملية........... فيؤجل تكملة السور لأنه يهدم - وقد يعتبر إذا عملت كافتيريا انتهاء المقاول عند هذا الحد - بل إن المقاول يقول بأن ثمة أمر شفهي أصدره إليه مدير الإدارة السابق بإنهاء العمل وقد شهد بذلك مدير الإدارة الهندسية اللاحق المهندس إبراهيم عبود ومدير الأعمال محمد فوزي، كل ذلك يفيد أن توقف الأعمال كان يرجع إلى عدم تأكد الهيئة المدعى عليها - بعد أن طرأت فكرة إنشاء الكافتيريا - من ضرورة استكمال الأعمال بالنظر إلى احتمال تعارضها مع مشروع إنشاء الكافتيريا بدليل أن الهيئة لم تقم حتى الآن باستكمال هذه الأعمال على ما يبدو من الأوراق وانتهت المحكمة إلى أنه بالبناء على ما تقدم فإنها تطمئن إلى أن القدر المطلوب من الأعمال كان جاهزاً للتسليم في تاريخ إنذار المدعي للمصلحة في 2/ 3/ 1964 ولم تقم المصلحة بالاستلام في ذلك التاريخ كما لم ترد عليه بضرورة الاستمرار في الأعمال وبالتالي فإن هذا التاريخ يعتبر بمثابة تاريخ للتسليم بالنسبة للقدر من الأعمال الذي قام به المقاول.
ثانياً: أن نص المادة 31 من العقد وهو النص الوحيد الذي يمكن تطبيقه في هذه الحالة بشأن غرامة التأخير دون غيره من نصوص لائحة المناقصات والمزايدات يقضي بأن كل عمل لم ينته في الموعد المحدد له تخصم من حساب المقاول عنه غرامة باعتبار نصف في المائة من قيمة الحساب الختامي حسب عطاء المقاول عن كل يوم من أيام التأخير لغاية إتمام العمل مهما بلغت مدته إن رأت المصلحة إمكان انتظار المقاول لحين إتمامه بمعرفته وهذه الغرامة تترتب حتماً بمجرد التأخير بدون الحاجة إلى إنذار المقاول إنذاراً رسمياً أو غير رسمي وهي بمثابة تعويض عن الضرر المتفق عليه من الآن - وقد لاحظت المحكمة أن هذا النص يقرر تعويضاً اتفاقياً للضرر الذي يلحق الهيئة من جراء التأخير - وليس غرامة تأخير بالمعنى الفني لأنه وإن وصف في بداية المادة بأنه غرامة - إلا أن المتعاقدين قرنا ذلك بالقول بأنها بمثابة تعويض عن الضرر المتفق عليه من الآن، وهو ما يتفق تماماً مع المادة 223 من القانون المدني التي نصت على أن "يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض بالنص في العقد أن في اتفاق لاحق" وبما يختلف بصورة واضحة عما قد يعمد إليه المتعاقد من النص على توقيع الغرامة بمجرد حصول التأخير ولو لم يترتب عليه أي ضرر على النحو الذي نصت عليه المادة 93 من لائحة المناقصات والمزايدات إذ أن هذه المادة بعد أن أشارت إلى كيفية حساب غرامة التأخير في عقود المقاولات نصت صراحة على أن توقع الغرامة بمجرد حصول التأخير ولو لم يترتب عليه أي ضرر - وبما يقتضي ضرورة الرجوع لنصوص القانون المدني في هذا الخصوص دون أحكام لائحة المناقصات والمزايدات وانتهت المحكمة إلى أنه وقد نصت المادة 224 مدني على أن "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر" وأنه إذا أشار مهندس الهيئة المدعى عليها إلى أنه لم يترتب على التأخير أي ضرر مادي. وبالتالي فمن غير الثابت بحسب اعتراف تابعي المدعى عليه أن ثمة ضرر لحق بالهيئة من جراء التأخير وبالتالي فلا يكون ثمة أساس لتوقيع غرامة التأخير على المدعي.
أما بالنسبة لغرامة عدم وجود مهندس التي تنص عليها المادة 18 من العقد والتي تقضي بأنه يجب على المقاول أن يعين من قبله مهندساً معمارياً لملاحظة الأعمال يكون ذا كفاءة تامة حاصلاً على شهادة حكومية لا تقل في قيمتها عن شهادة مدرسة الفنون والصناعات ويجب أن يعرض اسم المهندس المذكور على المصلحة قبل تعيينه وإذا قصر في استخدام مهندس بصفة مستمرة على النحو المذكور يلزم بغرامة قدرها نصفه جنيه مصري عن كل يوم من الأيام التي تمضي دون استخدام المهندس أو إبداله حسب الأحوال بدون حاجة إلى إعلان أو اتخاذ أي إجراء من الإجراءات أو ضرورة لإثبات الضرر - فقد ذهبت المحكمة إلى أن مفاد هذا النص هو أن تستحق غرامة المهندس دون حاجة لإثبات الضرر ذلك أنه فضلاً على كونها غرامة بالمعنى الفني - فإن - طبيعة تعويضه نظراً لأن المقاول لا بد وأن يكون قد حمل تكلفة استخدام مهندس على فئات العقد وأن في عدم استخدام المهندس استئداء لمقابل دون تقديم ما يقابله من الخدمة وبالتالي تتدخل الإدارة لتسترد بالغرامة هذا المقابل فضلاً عن الضغط عليه لاستخدام المهندس وانتهت المحكمة إلى أنها لا تطمئن إلى ما يدعيه المدعي من استخدامه مهندساً استناداً إلى تقديمه لأصل الكتاب المؤرخ 31/ 3/ 1962 الموجه منه إلى السيد وكيل عام الشئون الهندسية ذاكراً اسم المهندس ورقم قيده بنقابة المهن الهندسية - حيث لا دليل على أن المهندس المذكور باشر عمله إذ ليس له أي توقيع على أية ورقة من أوراق العملية - وانتهت المحكمة من ذلك إلى أنه يستحق قبل المدعي غرامة تأخير عن الفترة من 14/ 3/ 1962 إلى 1/ 4/ 1964 وهو التاريخ الذي سبق للمحكمة أن قررت اعتباره تاريخاً لانتهاء العملية ومقداره 717 يوماً وبذلك تكون غرامة عدم وجود مهندس المستحقة 358.500 جنيه.
ثالثاً: وأخيراً فبالنسبة إلى ما تطالب به الهيئة من إلزام المقاول بدفع مبلغ 1214.125 جنيه وفوائده القانونية فقد ذهبت إلى أنه وإن كانت الهيئة لم توضح في إدعائها أساس هذه المطالبة إلا أنه يبدو أن المقصود بها قيمة الأعمال المخالفة حسب الكشف المرفق من بند 1 - 8 وبالرجوع إلى هذه البنود يتضح أنها تتعلق برفع المخلفات الملقاة بالحفر ونقل أتربة وأنقاض من أماكن متفرقة وفرق السعر بين نوع الحجر المطلوب استعماله حسب المقايسة وسعر الحجر الذي استعمله المقاول فعلاً وفرق النحت والمصبغة الجيدة عن تلك التي أجراها المقاول وخدمة أوجه أحجار الواجهات والأعمدة وكحلة مباني الدبش... إلخ وتشير هذه المخالفات إلى أعمال لم يؤدها المقاول وبالتالي لم يصرف عنها شيئاً من الهيئة حيث إن المستخلص الذي صرفه المقاول لحسابه بصفة عامة قد تم على أساس تقديرات الهيئة وبالتالي فلا وجه للرجوع على المقاول الذي لم يصرف كامل قيمة العملية بقيمة أعمال لم يقم بها. وتشير ثانياً إلى فرق قيمة المواد والمصبغة وطالما كانت المواد من نوع مقبول أي صالح بحسب شروط العقد وكانت الهيئة قد قبلت مستوى الصناعة التي تمت بها الأعمال ولم تأمر بإزالة الأحجار أو بهدم الأعمال غير المطابقة حسب المادة 43 من العقد حيث لم يحدث أن السيد مهندس العملية قد رفض نوع الحجر الذي قدمه المقاولة أو أمره بإعادة الأعمال التي لا ترقى مصنعيتها إلى المستوى المطلوب وبالتالي لا يكون ثمة أساس لمطالبة الهيئة في هذا الشأن - أما الفوائد فقد ذهبت إلى أنها تتقاضى فيما بين ما تستحقه الهيئة وما يستحقه المقاول وبالتالي تنقضي المديونية في شأنها.
ومن حيث إن هذا الحكم لم يصادف قبولاً لدى الهيئة فقد تقدمت بالطعن الماثل طالبة:
أولاً: وقف تنفيذه بصفة مستعجلة.
ثانياً: قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع 1 - برفض الدعوى الأصلية وإلزام المدعي فيها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين 2 - في الدعوى الفرعية - الحكم بالطلبات السابق إبداؤها في مذكرة الهيئة المقدمة بجلسة 10/ 12/ 1978 مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقد استندت الهيئة في ذلك إلى أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله لسببين:
الأول: إن غرامة التأخير المنصوص عليها في العقد هي غرامة تأخير وليست تعويضاً اتفاقياً حسبما ذهبت المحكمة في حكمها المطعون فيه - إذ لا خلاف على أن المقاول لم يقم بالتسليم ابتدائياً وقد أقر المقاول بأنه لم يقم بإتمام العملية وتسليمها إلى ذلك الخبير المنتدب في الدعوى بالرغم من محاباته للمقاول - ولا يمكن اعتبار الإنذار الذي طالب فيه المقاول بتصفية الحساب إخطاراً مما نصت عليه المادة 45 من العقد - ومن ثم تسري الغرامات طالما لم يقم بالتسليم وبذلك تكون دعوى الهيئة الفرعية قائمة على أساس من القانون.
الثاني: أنه نظراً لجدية الطعن طبقاً للأسباب السابق بيانها ونظراً لأن تنفيذ الحكم المطعون عليه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها في حالة تنفيذه وتصرف المحكوم له في المبالغ المحكوم بها وما يترتب على ذلك من صعوبة استردادها مرة أخرى وضياعها على الدولة يحق للسيد الطاعن بصفته طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن تناول ثلاثة أمور:
الأول: قيمة مستحقات المقاول عن الأعمال التي قام بتنفيذها.
الثاني: غرامة التأخير.
الثالث: غرامة المهندس.
ومن حيث إنه عن الأمر الأول فإن الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بالتقديرات التي أوردها المطعون ضده في عريضة دعواه ولا بالتقديرات التي انتهى إليها الخبير - وإنما أخذ بتقديرات الهيئة الطاعنة من واقع المستندات التي قدمتها وبالتالي فلا يكون لمنازعة الهيئة سند في ذلك فإذا أضيف إلى ذلك أن المطعون ضده في مذكرته المقدمة لجلسة 16 من يناير سنة 1985 قد رد على الهيئة الطاعنة في هذا الصدد وطلب رفض الطعن بشأنه ومن ثم يكون قد أخذ بما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن وبالتالي يكون هذا الحكم قد صدر صحيحاً في هذا الشق ويكون الطعن عليه غير قائم على سند من القانون متعين الحكم برفضه.
ومن حيث إنه عن الأمر الثاني وهو مدى أحقية الهيئة في فرض غرامة التأخير ومدى التزام المقاول بها وما ذهبت إليه المحكمة من أن غرامة التأخير في هذه الحالة كان مقصوداً بها تعويضاً متفقاً عليه مقدماً يتعين لاستحقاقه حصول ضرر للهيئة الأمر الذي لم يحصل - مما ينطبق في شأنه أحكام المادة 224 من القانون المدني التي تقضي بأنه لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر - وقد ذهب المطعون ضده في مذكرته السابق الإشارة إليها إلى ذات النتيجة مؤيداً الحكم لسبب آخر هو أن المطعون ضده وإن كان قد أخطر الجهة الطاعنة بالاستلام في 1 من مارس سنة 1964 إلا أنه في حقيقة الحال كان قد أنجز الأعمال في الموعد المحدد له فعلاً إذ لم يثبت من الأوراق عكس ذلك ثم توقف بسبب خارج عن إرادته من قبل الهيئة الطاعنة منتظراً اتخاذ قرار نهائي منها - إما بإنشاء الكافتيريا فيتوقف في انجازاته إلى القدر الذي أتمه من أعمال وإما بالعدول عن إنشائها فيستمر في إتمام العملية - وقد استغرقت فكرة إنشاء الكافتيريا أو عدم إنشائها وقتاً طويلاً دل على ذلك أنه تعاقب على نشوء هذه الفكرة اثنان من مديري الإدارة الهندسية بالهيئة هما المهندس إبراهيم عبود والمدير السابق له إن ذلك ما أشير إليه في الحكم من أقوال المهندس إبراهيم عبود من أن فكرة إنشاء الكافتيريا كانت مانعة للمقاول من الاستمرار في العمل وحائلة دون قيام الهيئة بتكليفه بالاستمرار في العمل وإنهائه. وانتهت المذكرة إلى أن توقف المقاول عن العمل لم يكن عن طواعية واختيار أو عن إهمال أو تقصير بل بسبب من قبل الهيئة الطاعنة.
ومن حيث إن نص المادة 31 من شروط التعاقد المحرر في 14 من مارس سنة 1962 بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده يقضي بأنه إذا تباطأ المقاول في القيام بالعمل أو لم يتمه في الموعد المحدد فللمصلحة حق معاملته على الوجه الآتي:
أولاً: كل عمل لم ينته في الموعد المحدد له بالتصريح تخصم من حساب المقاول عنه غرامة باعتبار نصف في المائة من قيمة الحساب الختامي حسب عطاء المقاول عن كل يوم من أيام التأخير لغاية إتمام العمل مهما بلغت مدته إن رأت المصلحة إمكان انتظار المقاول لحين إتمامه بمعرفته - وهذه الغرامة تترتب حتماً بمجرد التأخير بدون حاجة إلى إنذار المقاول إنذاراً رسمياً أو غير رسمي وهي بمثابة تعويض عن الضرر المتفق عليه من الآن........ وتخصم هذه الغرامة من المقاول عن المدة التي مضت من اليوم التالي لنهاية ميعاد العملية لغاية اليوم الذي يكتب فيه بأن المصلحة ستجرى إتمام العمل على حسابه من واقع قيمة الأعمال التي أجريت بمعرفته - ومع ذلك فللمصلحة الحق المطلق في حالة التأخير أن تستعمل حقها طبقاً لأحكام المادة 34 (سحب العمل من المقاول) وذلك كله بدون إخلال بحق مطالبة المقاول بأية تعويضات أخرى إن كان لها وجه كما أن المقاول لا يكون مسئولاً عن أي تأخيرات يثبت للمحصلة أن أسبابها لم يكن في إمكانه توقعها وقت استلام الأوامر أو كانت خارجة عن إرادته على شرط أنه عند حدوث أي حادث يرى المقاول أنه سيكون سبباً في تأخير إتمام الأعمال فإنه يجب عليه أن يخطر المصلحة فوراً وكتابته بكل الأحوال والظروف التي تتمكن بها من التحقق من سبب التأخير وتنص المادة 45 على أنه بمجرد الانتهاء من أي عمل يخطر المقاول الإدارة كتابة عن ذلك بواسطة إفادة موصى عليها بالبريد أو إشارة تلغرافية وعندئذ تحدد الإدارة الموعد الذي ستقوم فيه بمعاينة العمل وتجرى هذه المعاينة بمعرفة مهندسها وبحضور المقاول أو مندوبه في غيابه إذا لم يحضر في الميعاد المحدد بعد إعلانه بخطاب موصى عليه بذلك.
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة في فقه القانون الإداري أن غرامات التأخير في العقود الإدارية تختلف عن طبيعة الشرط الجزائي في العقود المدنية ذلك أن الشرط الجزائي في العقود المدنية هو تعويض متفق عليه مقدماً يستحق في حالة إخلال أحد المتعاقدين بالتزامه فيشترط فيه ما يشترط لاستحقاق التعويض بوجه عام من وجوب حصول ضرر للمتعاقد الآخر وأعذار للطرف المقصر وصدور حكم به وللقضاء أن يخففه إن ثبت أنه لا يتناسب والضرر الذي لحق بالمتعاقد بينما الحكمة في الغرامات التي ينص عليها في العقود الإدارية هي ضمان تنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها حرصاً على حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد وقد نصت المادة 93 من لائحة المناقصات والمزايدات على حق الإدارة في توقيعها بمجرد حصول التأخير ولو لم يترتب عليه ضرر ودون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أية إجراءات قضائية أخرى - ومن ثم فلجهة الإدارة أن توقعها بنفسها دون حاجة إلى حكم بها إذا أخل المتعاقد بالتزامه قبلها ولا يقبل منه إثبات عدم حصول ضرر لها من تأخيره في تنفيذ التزامه فاقتضاء الغرامة منوط بتقديرها باعتبارها القوامة على حسن سير المرافق العامة - وبدهي ألا تتنازل الإدارة عن هذا الامتياز الذي يمكنها من سرعة توقيع الجزاء على المقاول المتخلف وبالتالي تنفيذ العقد في الأوقات المتفق عليها بما يؤكد ضمانها لحسن سير المرفق العام وانتظامه - على أن العقد قد يتضمن شروطاً خاصة كأن يحدد مقداراً معيناً للغرامة يختلف عما ورد باللائحة وفي هذه الحالة يتعين إعمال هذا الشرط الخاص دون غيره على ما هو مسلم به في العقد ومع ذلك تظل الغرامة على طبيعتها ولا تنقلب إلى شرط جزائي - وفي ضوء ذلك يمكن النظر إلى نص المادة 31 من شروط التعاقد المشار إليها فهذا النص قد حدد مقداراً معيناً للغرامة ولم يقصد إسباغ صفة الشرط الجزائي عليها ولا يغير من ذلك انتهاء النص بالإشارة إلى أنها بمثابة تعويض عن الضرر المتفق عليه من الآن إذ سبق هذا التعبير ما يؤكد انصراف القصد إلى اعتبارها غرامة تأخير بالنص على أنها تترتب حتماً بمجرد التأخير بدون الحاجة إلى إنذار المقاول إنذاراً رسمياً أو غير رسمي - أما الإشارة إلى كونها تعويض عن الضرر متفق عليه مقدماً فلا يعدو أن يكون إقراراً بطبيعتها وتأكيداً لاعتبارها غرامة تأخير لن ينتظر لتوقيعها حصول الضرر. وبالبناء على ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد فاته التوفيق إذ اعتبرها شرطاً جزائياً يتوقف إعماله على حصول الضرر للإدارة الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه في هذا الشأن.
ومن حيث إنه عن غرامة التأخير فإنه ولئن كان من المبادئ المسلمة في فقه القانون الإداري أن غرامات التأخير في العقود الإدارية مقررة ضماناً لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها حرصاً على حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد ولذا فإن الغرامات التي ينص عليها في تلك العقود توقعها جهات الإدارة من تلقاء نفسها دون أن تلتزم بإثبات حصول الضرر كما لا يقبل ابتداء من المتعاقد إثبات عدم حصوله على اعتبار أن جهة الإدارة في تحديدها مواعيد معينة لتنفيذ العقد يفترض فيها أنها قدرت أن حاجة المرفق تستوجب التنفيذ في هذه المواعيد دون أي تأخير لئن كان ما تقدم كله هو الأصل على ما أسلفنا إلا أنه من المسلم كذلك إن اقتضاء الغرامات منوط بتقدير الجهة الإدارية المتعاقدة باعتبارها القوامة على حسن سير المرافق العامة والقائمة تبعاً لذلك على تنفيذ شروط العقد - ومن ثم فلها أن تقدر الظروف التي يتم فيها تنفيذ العقد وظروف المتعاقد فتعفيه من تطبيق الجزاءات المنصوص عليها في العقد كلها أو بعضها بما في ذلك غرامة التأخير إذا هي قدرت إن لذلك محلاً - كما لو قدرت أنه لم يلحق المصلحة العامة أي ضرر من جراء التأخير أو غير ذلك من الظروف وبالتالي فإن الإدارة إذا أقرت صراحة أو ضمناً إنها لم تحرص على تنفيذ العقد في المواعيد المتفق عليها ترتيباً على أن تنفيذ العقد في هذه المواعيد كان غير لازم فيعتبر ذلك بمثابة إعفاء ضمني للمتعاقد من تنفيذ الغرامة عليه مما لا يكون معه محل لتوقيع غرامة عليه.
ومن حيث إنه إذا كان ذلك وكان الثابت من أوراق الطعن أنه وإن كانت الهيئة قد وجهت عدة خطابات إلى المقاول تستحثه فيها على الإسراع في العمل بما يستفاد منه بطء العمل أو عدم سيره بالسرعة المطلوبة إلا أن الشواهد المستفادة من سلوك الهيئة حيال المقاول بعد ذلك يؤدي إلى خلاف ذلك فالمشاهد أن العمل ظل سائراً إلى أن اقترح إنشاء الكافتيريا على جزء من السور وهي حقيقة أثبتها تقرير الخبير وإنشاء هذه الكافتيريا يتطلب كما جاء على لسان أحد المسئولين في الهيئة إيقاف العمل في تكملة السور إذا تقرر إنشاؤها فعلاً - وإذا لم يؤخذ بهذا الاقتراح ورأى تكملة السور فإن العمل يستأنف - وإذن فقد أصبح الأمر متوقفاً على اتخاذ قرار نهائي من الهيئة في هذا الشأن وقد كان أن أوقف العمل عند الحد الذي وصل إليه وانتظر المقاول القرار دون جدوى الأمر الذي اضطره في 1/ 4/ 1964 إلى إنذار الهيئة بتصفية مستحقاته ومفاد ذلك أن الهيئة لم تتحرك منذ انتهى ميعاد التنفيذ إلى أن تم الإنذار ولذلك لم يكن منتظراً أن تتحرك - وبذلك وقفت فكرة إنشاء الكافتيريا مانعاً للمقاول من الاستمرار في العمل وحائلة دون قيام الهيئة بتكليفه بالاستمرار في العمل وإنهائه - ومن ثم فتوقفه عند الحد الذي وصل إليه لم يكن عن تقصير من جانبه. فإذا أضيف إلى ذلك أنه رغم الإنذار فقد بقيت الهيئة دون حراك إلى أن تقدم بالدعوى كل ذلك يدل بما لا يدع محلاً للشك على أن الإدارة لم تكن حريصة على أن يتم العمل في الميعاد الأمر الذي يتفق مع ما قرره المقاول من أنه لم يحدث في تاريخ المصلحة أن طبقت غرامة التأخير على أي مقاول لما لأعمال المصلحة من طابع خاص - واستشهد فيه بأقوال المدير السابق المخضرم محمد عباس بدر - الأمر الذي يستفاد منه أن الإدارة قد أعفته ضمناً من توقيع الغرامة ولا ينال من ذلك قيمة الغرامة الضخمة التي أفصح عنها تقرير مهندس العملية - إذ الثابت من تقرير الخبير ص 3 وجود خلاف شخصي بين المقاول ومهندس العملية - فضلاً عما قرره مدير القسم المهندس إبراهيم عبود الخاص بهذه العملية والمهندس أحمد لطفي مدير الأعمال - من أنهم لا يوافقون إطلاقاً على ما جاء بشأن غرامة التأخير في تقرير المهندس وأنه لا يوجد ضرر مادي وأن العملية تعتبر منتهية في نوفمبر سنة 1963 وأن المقاول أتم الأعمال حسب الشروط والمواصفات وأنه قد شكلت لجنة من مهندسي مصلحة الآثار هم أعضاء فيها ومعهم مدير الأعمال محمد فوزي - وأقروا جميعاً بمطابقة الأعمال التي تمت حسب الشروط والمواصفات.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من عدم احتساب غرامة تأخير لدى المقاول صحيح في القانون محمولاً على ما أسلفنا من أسباب.
ومن حيث إنه عن الأمر الثالث: وهو غرامة المهندس فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من إلزام المطعون ضده بغرامة المهندس وفقاً لما قرره للأسباب التي استند إليها. ومن ثم يكون الطعن على هذا الشق ولا أساس له من القانون متعيناً الحكم برفضه وبذلك يكون المستحق للهيئة قبل المطعون ضده عن هذه الغرامة هو مبلغ 717.500 جنيهاً وفقاً لما جاء بالحكم وصحته 656 يوماً = 328 جنيهاً.
ومن حيث إنه بالنسبة لما تطالب به الهيئة من إلزام المقاول بسداد مبلغ 1214.125 جنيه وفوائده القانونية - الذي ذهب الحكم المطعون فيه إليه - فإن الهيئة لم توضح أساس هذه المطالبة فالواضح من الاطلاع على العقود من 1 إلى 8 من الكشف الذي أشار إليه الحكم أن بعضها عن أعمال لم يقم بها المقاول كنقل أتربة وأنقاض ورفع مخلفات وبالتالي لم يتقاض عنها شيئاً كما ذهب إلى ذلك بحق الحكم المطعون فيه إلا أن البعض الأخر من العقود يتعلق بفرق السعر في المواد الخام التي التزم المقاول باستخدامها في العملية وتلك التي استخدمها فعلاً، وكذا فرق المصنعية حيث قدم للعملية خامات مقبولة فقط وليست من الجودة المطلوبة والمتفق عليها ومن ثم فإنه وإن كانت الهيئة قد قبلت هذه الخامات والمصنعية إلا أنه لا يستحق عنها إلا قيمتها الحقيقية (المواد 25 وما بعدها من شروط التعاقد) - وهي الواردة بالبنود من 5 إلى 8 وجملة قيمتها 427.520 جنيه قيمة فرق السعر بين نوع الحجر الهيضم من أجود نوع وبين سعر الحجر الذي أدخله المقاول في العمل من نوع مقبول وفرق النحت والمصنعية الجيدة + 397.554 جنيه فرق السعر بين مستوى المصنعية التي أجريت بالنسبة لمباني الدبش = 825.064 جنيه ويتعين خصمها من قيمة المستحق للمقاول.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم جميعه يكون الحساب النهائي للعملية حتى أول إبريل سنة 1964 كالآتي:
5526.564 مليمجـ قيمة ما أتمه المقاول من أعمال + 370.000 مليمجـ قيمة التأمين = الجملة 5896.564 مليمج
يخصم منه المبالغ الآتية:
2850.000 مليمجـ قيمة ما صرف إليه من حساب العملية.
825.064 مليمجـ فرق سعر المواد الأولية والمصنعية.
328.000 مليمجـ غرامة المهندس
الجملة 4003.064 مليمج
وبذلك يكون الباقي المستحق للمطعون ضده هو مبلغ 1893.500 جنيه (ألف وثمانمائة وثلاثة وتسعون جنيهاً وخمسمائة مليماً) يتعين الحكم بإلزام الهيئة الطاعنة بسدادها للمطعون ضده - وإلزام طرفي المنازعة بالمصروفات مناصفة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام الهيئة الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 1893.500 جنيه (ألف وثمانمائة وثلاثة وتسعون جنيهاً وخمسمائة مليم) وألزمت طرفي النزاع المصروفات مناصفة .