مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1198

(179)
جلسة أول يونيه سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس - المستشارين.

الطعنان رقما 911 و915 لسنة 27 القضائية

( أ ) استيلاء - تموين - سلطة وزير التموين - لجنة التموين العليا.
القانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين معدلاً بالقانون رقم 380 لسنة 1956 - يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا بعض التدابير ومنها الاستيلاء - موافقة لجنة التموين العليا على قرار الاستيلاء تعتبر شرطاً شكلياً في القرار لا بد من استيفائه - لم يشترط القانون للحصول على موافقة اللجنة موعداً معيناً - يستوي أن يكون صدور هذه الموافقة سابقاً أو لاحقاً على صدور قرار وزير التموين بالاستيلاء - صدور موافقة لجنة التموين العليا على قرار الاستيلاء في تاريخ لاحق لتاريخ صدوره لا يعيب هذا القرار من ناحية الشكل - تطبيق.
(ب) استيلاء - سلطة وزير التموين في إصدار قرار الاستيلاء (سلطة تقديرية) - تموين - القانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين - سلطة وزير التموين في إصدار قرار الاستيلاء هي سلطة تقديرية تجد حدها الطبيعي في استهداف الأغراض التي من أجلها شرع إصدار مثل هذا القرار والتي حددها المشرع في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 - إذا تجاوزت سلطة وزير التموين في إصدار قرار الاستيلاء حدود الأهداف التي تغياها المشرع ابتغاء تحقيق هدف آخر لا يتعلق بضمان تموين البلاد وعدالة التوزيع كان قراره معيباً بعيب مخالفة القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 9/ 5/ 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن وزير التموين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 911 لسنة 27 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 3/ 1981 في الدعوى رقم 53 لسنة 35 ق، المقامة من يحيى محمود إسماعيل ضو ضد وزير التموين، فيما قضى به الحكم من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى في شقها العاجل الخاص بطلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وفي يوم السبت الموافق 9/ 5/ 1981 أودع الأستاذ/ عدلي عبد الشهيد المحامي بصفته وكيلاً عن حسين عبد الرحيم حسين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 915 لسنة 27 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار إليه، فيما قضى به هذا الحكم من رفض طلب التدخل في الدعوى وإلزام طالب التدخل مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء شق الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول تدخل الطاعن والقضاء بقبول تدخله خصماً في الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين، ارتأت فيه الحكم:
أولاً: برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه المقدم من وزير التموين.
ثانياً: بقبول الطعنين شكلاً.
ثالثاً: بالنسبة للطعن المقدم من طالب التدخل بإلغاء الحكم المطعون فيه برفض طلب تدخله والقضاء بقبول تدخله في الدعوى.
رابعاً: بالنسبة للطعن المقدم من وزير التموين برفضه موضوعاً مع إلزامه المصروفات.
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 17/ 12/ 1984، حيث قررت الدائرة ضم الطعن رقم 915 لسنة 27 القضائية إلى الطعن رقم 911 لسنة 27 القضائية للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وتدوول الطعنان بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر.
وبجلسة 4/ 2/ 1985 قرر الحاضر عن المطعون ضده يحيى محمود إسماعيل ضو أن المطعون ضده توفى، وأنه يحضر عن الورثة بتوكيل عام أثبته في محضر الجلسة، وذلك في مواجهة الحاضرين عن الطاعنين.
وبجلسة 18/ 3/ 1985 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظرهما بجلسة 11/ 5/ 1985 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعنين وقررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 9/ 10/ 1980 أقام يحيى محمود إسماعيل ضو الدعوى رقم 53 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير التموين وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير التموين برقم 234 لسنة 1980 بتاريخ 21/ 8/ 1980 بالاستيلاء على مطحن ضو بالعمرانية الشرقية قسم بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة لصالح مطاحن جنوب القاهرة مع ما يترتب على ذلك من آثار، ثم الحكم في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي - شرحاً لدعواه - أنه بمقتضى عقد إيجار مبرم في 1/ 8/ 1976 أجر المدعي كامل أرض ومباني ومنشآت وآلات المطحن المملوك له الكائن بناحية العمرانية بجوار محطة سكة حديد الجيزة، إلى كل من الحاج حسن عبد الرحيم حسين والحاج علي محمد عبد الباسط والحاج محمد محمود السيد الشهير بمحمد عباس، وذلك لمدة أربع سنوات تبدأ من سبتمبر سنة 1976 وتنتهي في 31 أغسطس سنة 1980 ونص بالبند الثاني من عقد الإيجار على أن يتجدد العقد لمدة سنتين أخريين ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم رغبته في التجديد بخطاب موصى عليه بعلم الوصول قبل نهاية المدة بستة شهور كاملة على الأقل. وبتاريخ 26/ 2/ 1980 أرسل المدعي إخطاراً على يد محضر إلى المستأجرين برغبته في إنهاء العقد وعدم تجديده وضرورة تسليم المطحن في الميعاد المحدد لانتهاء عقد الإيجار وهو 31/ 8/ 1980 كما أرسل إليهم خطاباً موصى عليه بعلم الوصول بما يفيد ذلك في 27/ 2/ 1980.
وبتاريخ 21/ 8/ 1980 أصدر وزير التموين قراراً برقم 234 لسنة 1980 يقضي بالاستيلاء على مطحن ضو بالعمرانية الشرقية قسم بولاق الدكرور المملوك لكل من حسن عبد الرحيم حسين وعلي محمد عبد الباسط ومحمد محمود السيد، وبأن يسلم المطحن المستولى عليه إلى شركة مطاحن جنوب القاهرة. ونعى المدعي على هذا القرار أنه مشوب بعيب مخالفة القانون وعيب الشكل مما يجعله محلاً للطعن فيه بالإلغاء، ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 تجيز لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع أن يصدر - بموافقة لجنة التموين العليا - قرارات بالاستيلاء على أي واسطة من وسائط النقل أو أية مصلحة عامة أو خاصة أو أي معمل أو مصنع أو محل صناعة أو عقار أو منقول أو أي مادة أو سلعة، وهذه السلطة منحها الشارع لوزير التموين على سبيل الاستثناء وخروجاً على الأصل الدستوري المقرر في شأن احترام حقوق الملكية الخاصة، ولذلك فإنها منوطة بتحقيق هدف خاص هو ضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع فإذا ما استهدف الوزير أي غرض آخر كان قراره مخالفاً للقانون، وقد صرح الوزير في مؤتمر صحفي عقده في 22/ 8/ 1980 نشرته الصحف في اليوم التالي - أنه تم الاستيلاء على مطحن الضو بالجيزة لارتكابه 19 قضية تموينية في سنة واحدة، وأنه ليس معقولاً أن تدفع الدولة دعماً قدره 726 مليون جنيه سنوياً لدعم الخبز والدقيق يذهب معظمه إلى جيوب أصحاب المطاحن والمخابز، ومؤدى هذا التصريح أن الوزير قد أفصح صراحة عن الأسباب التي قام عليها قراره بالاستيلاء على المطحن، وأنه استهدف به عقاب أصحابه على ارتكابهم المخالفات المنسوبة إليهم مستبقاً حكم القضاء بإدانتهم، وخرج بذلك على الأهداف الخاصة التي حددها الشارع بتخويله سلطة الاستيلاء، ومن ثم فإن قراره يكون غير قائم على سبب صحيح.
ومن ناحية أخرى فقد أوجب نص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 موافقة لجنة التموين العليا على كل قرار يتخذه وزير التموين، ويتعين أن تتم هذه الموافقة قبل صدور قرار الوزير وفي كل حالة على حدة، والثابت أن قرار الوزير المطعون فيه صدر بصورة عاجلة وعلى نحو مفاجئ لم يتسع معه الوقت لدعوة لجنة التموين العليا للحصول على موافقتها قبل اتخاذ القرار، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد شابه عيب في الشكل يؤدي إلى بطلانه ويوجب إلغاءه، حتى ولو تمت موافقة لجنة التموين العليا عليه بعد ذلك. وأضاف المدعي إلى ما تقدم أنه علم أن وزارة التموين طلبت من النيابة العامة - بعد صدور القرار المطعون فيه - حفظ المحاضر المحررة ضد أصحاب المطحن، فإن صح ذلك لكان قرار الاستيلاء مفتقداً ركن السبب، هذا فضلاً عن أن القرار المطعون فيه صدر بالاستيلاء على المطحن ومشتملاته في مواجهة مستأجريه مع علم الوزارة بأنه مملوك للمدعي وهذا الخطأ - في إسناده الملكية - يحقق أضراراً بالغة للمدعي يتعين المبادرة إلى تلافيها. واختتم المدعي دعواه بأن طلب إلغاء القرار المطعون فيه يستند إلى أسباب جدية - على ما سلف بيانه - كما يتوافر له ركن الاستعجال إذ يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها تتمثل في حرمان المالك من ملكه ومصادرة حقه في الانتفاع به واستغلاله، الأمر الذي يجيز له طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بطلباته سالفة الذكر.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة حافظتي مستندات تتضمنان صورة من القرار المطعون فيه ومحضر اجتماع لجنة التموين العليا في 15/ 12/ 1980 وإقرارها للقرار المشار إليه، ورد وزارة التموين على الدعوى وحاصله أن قرار الاستيلاء قائم على أسباب جدية، إذ ورد من مديرية تموين الجيزة ما يفيد أن مطحن ضو بالعمرانية حررت ضده عدة محاضر تموينية بخلاف كثرة التعطل به مما يؤدي إلى نقص كميات الخبز المعروضة في المنطقة التي يوجد بها، فضلاً عن أن أصحاب المطحن تعمدوا عدم إصلاح الأعطال بقصد الحصول على إذن بتوقف المطحن لبيع الأرض المقام عليها، وأن قرار الاستيلاء إنما يصدر في مواجهة الحائز الفعلي بغض النظر عن كونه مالكاً أو مستأجراً، وأنه ليس ثمة ما يجول دون تقدم المدعي إلى لجنة التعويضات بصفته مالكاً، وأن المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 استلزمت موافقة لجنة التموين العليا على القرار ولم يرد فيها ما يوجب الحصول على الموافقة قبل إصدار القرار، وقد قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 25/ 6/ 1980 في الدعوى رقم 119 لسنة 34 ق بأنه ليس وجوبياً عرض القرار على لجنة التموين العليا قبل إصداره، وأنه من المبادئ المستقرة أن الإجازة اللاحقة مثل الإذن السابق.
كما قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني، استناداً إلى أن القرار المطعون فيه صدر في 21/ 8/ 1980 وعلم به المدعي علماً يقينياً في 22/ 8/ 1980 حسبما قال المدعي في صحيفة دعواه، ولكنه لم يقم دعواه إلا في 26/ 10/ 1980 بعد الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء. وطلبت أيضاً الحكم بعدم قبول طلب وقف التنفيذ لعدم قبول دعوى الإلغاء ولافتقاره لأسباب جدية، ذلك أن المستفاد من نص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 أن الاستيلاء منوط بهدف تحقيق العدالة في توزيع المواد التموينية وضمان إمداد المواطنين بما يلزمهم منها، والخبز في المرتبة الأولى من مواد التموين، والثابت من ديباجة القرار أن المطحن كثر التعطل ودائم المخالفة للقانون وحرر ضده أكثر من محضر، وهذا يؤدي إلى نقص كميات الخبز المعروضة، وبالتالي لا يتحقق ضمان تموين المواطنين بالخبز، ويكون مناط تطبيق المادة المذكورة متحققاً، وأن الحالة الواقعية تتمثل في عدم ضمان إمداد الأماكن المحيطة بالمطحن بدقيق الخبز نتيجة لكثرة تعطل المطحن أما الحالة القانونية فتتمثل في مخالفة قوانين التموين، وكلتاهما يبرر تدخل جهة الإدارة بالقرار المطعون فيه لضمان توفير الدقيق للمخابز الموجودة بمنطقة المطحن.
وعقب المدعي على دفاع الحكومة بمذكرة جاء بها أنه عن الأسباب التي قام عليها القرار، فالثابت أن المخالفات المنسوبة للمطحن منها ست شكاوى إدارية، وأربع مخالفات مقيدة ضد أشخاص لا صلة لهم بالمطحن، وأربع مخالفات أخرى قضى فيها بالبراءة لعدم المخالفة والأربع مخالفات الباقية قضى فيها بالغرامة وطعن في الحكم بالاستئناف ولم يفصل فيه، ولذلك فإن القول بأن المطحن ارتكب 19 مخالفة في سنة واحدة يجافي الواقع، وأما القول بأن أصحاب المطحن كانوا يتعمدون عدم إصلاح الأعطال تمهيداً لتوقف المطحن وبيع أرضه فيكفي لدحضه أن المطحن مؤجر بمبلغ 400 جنيه شهرياً، ومن مصلحة المستأجرين بقاء المطحن لأن هدمه لا يفيد سوى مالكه المدعي، أما المستأجر فإنه يضار من توقف المطحن وهدمه، كما أن القرار تضمن في ديباجته موافقة لجنة التموين العليا على خلاف الحقيقة التي قدمتها الجهة الإدارية ذاتها بتقديم ما يفيد صدور هذه الموافقة بعد أربعة أشهر من تاريخ صدور القرار وليس للوزير أن ينفرد باتخاذ القرار دون موافقة لجنة التموين العليا التي تشكل من سبعة وزراء وستة من وكلاء الوزارات يرأسها وزير التموين طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 1876 لسنة 1961، ولا يتصور أن يحشد المشرع هذا العدد من الوزراء ووكلاء الوزارات لمجرد إقرار ما يتخذه وزير التموين من تدابير، بل الأقرب إلى الصواب أن يعرض الوزير على اللجنة ما يقترحه من إجراء لدراسة ملاءمته، ثم يتقيد الوزير برأي اللجنة وهو شكل جوهري مقرر لمصلحة عامة يترتب البطلان على إغفاله، ولا محل للقول بأن الإجازة اللاحقة بمثابة الإذن السابق، لأن ذلك في مجال القانون الخاص حيث الإدارة هي أساس العلاقات القانونية، أما في مجال القانون العام فإن الموظف العام مقيد باتباع ما يقضي به الشارع من ضوابط تحقيقاً للمصلحة العامة، ثم أن محضر لجنة التموين العليا بجلسة 15/ 12/ 1980 تضمن أن اللجنة عقدت اجتماعها برئاسة وزير التموين وحضور الأعضاء دون أن يبين ما إذا كان النصاب القانوني لصحة الاجتماع قد توافر من عدمه.
وبجلسة 16/ 12/ 1980 حضر الأستاذ/ عدلي عبد الشهيد المحامي عن حسن عبد الرحيم حسين أحمد مستأجري المطحن، وطلب قبول تدخله خصماً منضماً للمدعي في طلباته، وبجلسة 3/ 2/ 1981 قدم المتدخل حافظة مستندات ومذكرة قال فيها أنه مستأجر المطحن بعقد ينتهي في آخر أغسطس سنة 1980، وقد تجدد العقد لمدة سنتين، وأنه صاحب حق فيما اشتراه من مواد تموينية وما أضافه للمطحن من أدوات وآلات وما أودع في حسابه من نقود، ولذلك فهو صاحب مصلحة وصفة في التدخل.
وبجلسة 10/ 3/ 1981 حكمت محكمة القضاء الإداري:
أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني.
ثانياً: برفض طلب التدخل في الدعوى وألزمت طالب التدخل مصروفات هذا الطلب.
ثالثا: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، على أن الثابت من الأوراق أن الدعوى أقيمت في 9/ 10/ 1980 وليس في 26/ 10/ 1980 - حسبما جاء في دفع الحكومة - ومن ثم تكون مقامة في الميعاد القانوني، ويكون الدفع بعدم قبولها في غير محله.
وفيما يتعلق بطلب التدخل في الدعوى المقدم من حسن عبد الرحيم حسين على أساس أنه مستأجر المطحن، قالت المحكمة أنه لم يقدم أي دليل يثبت صحة إدعائه بتجديد عقد الإيجار لمدة سنتين، وأنه يدحض هذا الإدعاء ما ورد بصحيفة الدعوى من أن المدعي قام بإخطاره بعدم رغبته في تجديد عقد الإيجار لمدة سنتين أخريين طبقاً لما يقضي به البند الثاني من العقد وأنه لذلك فإن مصلحة طالب التدخل - وهي أيلولة المطحن إليه في حالة الحكم للمدعي بطلباته لم يقم عليها دليل، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طلب تدخله في الدعوى، مع إلزامه مصروفات هذا الطلب.
وبالنسبة إلى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، قالت المحكمة أن البادي من ظاهر أوراق الدعوى أن القرار المشار إليه صدر استناداً إلى المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين، الذي استلزم في مادته الأولى الحصول على موافقة لجنة التموين العليا على قرارات الاستيلاء، حدد الغرض منها بأنه ضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، وقد تضمن القرار المطعون فيه الصادر في 21/ 8/ 1980 ما يفيد موافقة لجنة التموين العليا عليه، وذلك على خلاف الحقيقة التي قدمتها الجهة الإدارية ذاتها، وهي أن اللجنة المشار إليها وافقت على القرار في تاريخ لاحق هو 15/ 12/ 1980، الأمر الذي يعيب القرار من ناحية الشكل، لإهداره ضمانة شرعها القانون لحماية المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء، ولا يغير من ذلك موافقة اللجنة على القرار بعد صدوره بمقولة أن الموافقة اللاحقة بمثابة الإجازة السابقة، لأن هذا القول لا يصدق إلا في مجال القانون الخاص حيث يعمل مبدأ سلطان الإرادة، أما في نطاق القانون العام فإن مخالفة قواعد الشكل الجوهرية يستتبع بطلان التصرف دون حاجة إلى النص على ذلك صراحة. ومن جهة أخرى فقد أبدت الجهة الإدارية أن سبب القرار المطعون فيه هو تحرير عدة محاضر تموينية ضد أصحاب المطحن الذين تعمدوا عدم إصلاح الأعطال به بقصد التوصل إلى وقفه تمهيداً لبيع الأرض المقام عليها وقد فند المدعي هذا السبب بأن المطحن مؤجر لآخرين ليس من مصلحتهم وقف العمل به، وأن الاستيلاء لم يشرع كجزاء على المخالفات التموينية، وأنه بالنسبة إلى هذه المخالفات فقد حفظت ست منها إدارياً، وقيدت أربع منها ضد أشخاص لا صلة لهم بالمطحن، وحكم بالبراءة في أربع منها لعدم المخالفة وقضى بالغرامة في الأربع مخالفات الباقية وطعن بالاستئناف فيها ولم يفصل فيه، الأمر الذي يكون معه القرار بالاستيلاء غير قائم على كامل سببه، يضاف إلى ما تقدم أن الغاية التي استهدفها المشرع من الاستيلاء تبدو غير واضحة، فليس ثمة ارتباط بين المخالفات المنسوبة للمطحن، والتي يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة المسئولين عنها - وبين ضمان تموين البلاد بالدقيق وتحقيق العدالة في توزيعه، ما دام لم يثبت أن المطحن توقف عن العمل فعلاً على وجه يتأثر معه ضمان تموين البلاد بالدقيق.
وانتهت المحكمة مما تقدم إلى أن القرار المطعون فيه - بحسب ظاهر الأوراق - خالف للقانون، الأمر الذي ترى معه المحكمة رجحان الحكم بإلغائه عند الفصل في الموضوع، وبذلك يتحقق ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، أما ركن الاستعجال في هذا الطلب فهو متحقق أيضاً لما يمثله الاستيلاء على المطحن من اعتداء على حق المدعي في الانتفاع بمطحنه على الوجه الذي يراه محققاً لمصالحه، وما يترتب على ذلك من نتائج قد يتعذر تداركها، ومن ثم يكون من المتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن رقم 915 لسنة 27 القضائية المقام من طالب التدخل حسن عبد الرحيم حسين، يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما قضى به منه رفض طلب تدخله في الدعوى وإلزامه مصروفات هذا الطلب، وذلك استناداً إلى أن قرار الاستيلاء المطعون فيه صدر في 21/ 8/ 1980 وتنفذ في ذات يوم صدوره في مواجهة الطاعن وشريكيه باعتباره الحائز الفعلي للمطحن بطريق الإيجار الذي لم تكن مدته قد انقضت وقت صدور قرار الاستيلاء وتنفيذه، وأن الجهة الإدارية قد استلمت المطحن وموجوداته بموجب محاضر جرد في ذات تاريخ صدور قرار الاستيلاء، ومن بين هذه الموجودات دفتر شيكات باسم الطاعن ومواد تموينية وآلات وأدوات مملوكة للطاعن ملكية خالصة، كما استولت الجهة الإدارية على النقود الخاصة بالطاعن التي وجدت بخزينته وقت الجرد، وأن الطاعن قدم لمحكمة القضاء الإداري حافظة انطوت على المستندات الدالة على ذلك، ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بدلالة هذه المستندات التي تبرز صفة ومصلحة الطاعن في التدخل في الدعوى.
وأضاف الطاعن - في أسباب طعنه - أن المطعون ضده الأول يحيى محمود إسماعيل ضو لم يستصدر في مواجهة الطاعن حكماً يقضي بفسخ عقد الإيجار وتسليم المطحن، وأنه لا يكفي مجرد انتهاء العقد بانتهاء مدته، وأن الحكم المطعون فيه استند إلى ما أورده المطعون ضده الأول في صحيفة دعواه من أن عقد الإيجار ينص على أنه يتجدد لمدة سنتين ما لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بعدم رغبته في التجديد، وأن المطعون ضده الأول قام بهذا الإخطار، ورتب الحكم على ذلك نتيجة مؤداها أن مصلحة طالب التدخل - وهي أيلولة المطحن إليه في حالة الحكم للمدعي بطلباته - لم يقم عليها دليل وقال الطاعن أن هذا الذي ساقه الحكم المطعون فيه ينطوي على قصور مخل في التسبيب، إذ أنه استند إلى مجرد أقوال رددها المطعون ضده الأول في صحيفة دعواه دون أن يقدم المستندات الدالة على ذلك، فضلاً عن أن الطاعن أقام دعوى أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد المطعون ضدهما بطلب الحكم باستمرار العلاقة الإيجارية بين الطاعن والمطعون ضده الأول عن المطحن موضوع النزاع - واختتم الطاعن تقرير طعنه بأن صدور الحكم بوقف تنفيذ قرار الاستيلاء المطعون فيه - كخطوة نحو إلغاء هذا القرار - مفاده إعادة أطراف النزاع إلى الحالة التي كان عليها المطحن وقت صدور القرار المقضى بوقف تنفيذه ويكون الطاعن صاحب صفة ومصلحة محققتين في استلام المطحن الذي نزع من تحت يده في 21/ 8/ 1980.
ومن حيث إن الطعن رقم 911 لسنة 27 القضائية المقام من وزير التموين، يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك استناداً إلى أن الثابت من الأوراق أن مطحن ضو بالعمرانية حررت ضده عدة محاضر تموينية، بخلاف كثرة التعطل مما يؤدي إلى نقص كميات الخبز المعروضة في المناطق الكائن بها فضلاً عن أن أصحاب المطحن تعمدوا عدم إصلاح الأعطال بقصد الحصول على إذن بتوقف المطحن لبيع الأرض المقام عليها، وأنه طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين - التي تجيز لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع أن يصدر بموافقة لجنة التموين العليا قرارات بالاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل أو أية مصلحة عامة أو خاصة أو أي معمل أو مصنع أو محل صناعي أو عقار أو منقول - فإن سلطة وزير التموين في الاستيلاء تقوم على تحقيق العدالة في توزيع المواد التموينية وضمان إمداد المواطنين بما يلزمهم من مواد التموين، وبالنظر إلى أن المطاحن من المرافق التموينية الأساسية التي تدعمها الدولة، وبناء على الوقائع الثابتة في حق المطحن المشار إليه، فقد صدر القرار المطعون فيه، حيث تدخلت وزارة التموين بما لها من سلطة في هذا الخصوص لضمان تموين المواطنين بالدقيق والخبز، ومن ثم يكون القرار الصادر في هذا الشأن قد استند إلى أسبابه الصحيحة قانوناً القائمة على سند من المشروعية. ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 استلزمت قبل صدور قرار الاستيلاء الحصول على موافقة لجنة التموين العليا، إذ أن تلك الموافقة هي عنصر شكلي لا يؤثر في موضوع القرار ومضمونه، وأن العرض على اللجنة المذكورة إن تم في تاريخ لاحق لصدور القرار فإنه لا يؤثر فيه، باعتبار أن سلطة وزير التموين في الاستيلاء مستمدة من خطورة الحالة الناجمة عن عدم الاستيلاء على المطحن بالنظر إلى أهميته في التموين وتأثير ذلك على المواطنين، وأنه من المقرر أن الإجازة اللاحقة كالإذن السابق متى تحققت الغاية التي استهدفها القانون، وأن موافقة لجنة التموين العليا ليست إجراء جوهرياً بحيث يترتب على مخالفتها بطلان القرار، وأنه جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على تصحيح القرارات الإدارية إذا ما توافر لها وجه التصحيح اللازم بعد صدورها، وأن محكمة القضاء الإداري نصبت نفسها - في حكمها المطعون فيه - مكان وزارة التموين في تقدير مدى ملاءمة تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، في حين أن للوزارة سلطة تقديرية واسعة في هذا الصدد دون تعقيب من القضاء، ما دام أن عملها لم يشبه عيب الانحراف بالسلطة كما أن الحكم المطعون فيه تطرق إلى العلاقة الإيجارية بين المدعي ومستأجري المطحن دون مقتض، إذ المفروض هو وزن القرار المطعون فيه وبيان ما إذا كان قائماً على سببه، فضلاً عن أن هذا الحكم صدر بالمخالفة لما استقر عليه قضاء مجلس الدولة، وأنه لما كان تنفيذ الحكم من شأنه أن يؤدي إلى نتائج يتعذر تداركها، باعتبار أن المطحن المستولى عليه من المرافق الحيوية في مجال التموين وأنه قد عهد بإدارته إلى شركة مطاحن جنوب القاهرة حتى يستطيع تأدية رسالته، فإن مبررات طلب وقف تنفيذ هذا الحكم تكون قائمة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الطعن رقم 915 لسنة 27 القضائية المقام من طالب التدخل حسن عبد الرحيم حسين، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يستأجر المطحن محل النزاع من مالكه المطعون ضده الأول يحيى محمود إسماعيل ضو، بموجب عقد إيجار محرر في أول أغسطس سنة 1976 لمدة أربع سنوات تبدأ من 1/ 9/ 1976 وتنتهي في 31/ 8/ 1980 وقد صدر قرار وزير التموين رقم 234 لسنة 1980 المطعون فيه في 21/ 8/ 1980، ويقضي بالاستيلاء فوراً على مطحن ضو بالعمرانية الشرقية المملوك لكل من حسن عبد الرحيم حسين وآخرين، وبأن يسلم المطحن المستولى عليه إلى شركة مطاحن جنوب القاهرة، وقد تم تنفيذ قرار الاستيلاء المشار إليه في ذات تاريخ صدوره بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض، التي قامت بتحرير محضر استيلاء بتاريخ 21/ 8/ 1980 بحضور الطاعن بصفته مستأجر المطحن المستولى عليه - وتضمن هذا المحضر بياناً بموجودات المطحن التي تم الاستيلاء عليها ومن بينها مبلغ من النقود مقداره 2633 جنيهاً مملوك للطاعن كان بخزينة المطحن عند جردها، ودفتر شيكات خاص بالطاعن، وكميات من الدقيق والنخالة كان المطحن قائماً بالعمل في إنتاجها، بالإضافة إلى كميات من القمح كانت معدة للطحن، وجميعها مملوك للطاعن، هذا فضلاً عن قطع الغيار والعدد والأدوات والأثاث والأجولة الفارغة التي كانت موجودة بالمطحن وقت الاستيلاء عليه. ويتضح مما تقدم أن قرار الاستيلاء المطعون فيه صدر ونفذ في مواجهة الطاعن في تاريخ سابق على انتهاء عقد إيجار المطحن المبرم بين مالكه وبين الطاعن، وأنه تم تنفيذ هذا القرار تحت يد الطاعن وبحضوره على موجودات المطحن المبينة في محضر الاستيلاء المشار إليه، ومن بينها أشياء من المتيقن أنها مملوكة للطاعن، مثل النقود ودفتر الشيكات والقمح والدقيق والنخالة، الأمر الذي يجعل الطاعن في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له، وبذلك تكون للطاعن مصلحة شخصية ومباشرة في التدخل في الدعوى المقامة من المطعون ضده الأول بطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، ومن ثم يكون من المتعين الحكم بقبول طلب تدخله في الدعوى وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، وقضى برفض طلب التدخل في الدعوى استناداً إلى أن مصلحة طالب التدخل - وهي أيلولة المطحن إليه في حالة الحكم للمدعي بطلباته - لم يقم عليها دليل، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون الطعن عليه في هذا الخصوص قائماً على أساس سليم من القانون، ويتعين لذلك الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الطاعن التدخل في الدعوى، والقضاء بقبول طلب تدخله في الدعوى، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالطعن رقم 911 لسنة 27 القضائية المقام من وزير التموين بالنسبة إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات، فإن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين - معدلة بالقانون رقم 380 لسنة 1956 - تنص على أنه "يجوز لوزير التموين ولضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل التدابير الآتية أو بعضها:.......
(هـ) الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل أو أية مصلحة عامة أو خاصة أو أي معمل أو مصنع أو محل صناعي أو عقار أو منقول..." واستناداً إلى هذا النص أصدر وزير التموين القرار رقم 134 لسنة 1980 بتاريخ 21/ 8/ 1980 بالاستيلاء على مطحن ضو بالعمرانية الشرقية قسم بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة لصالح شركة مطاحن جنوب القاهرة، وقد أوضحت مذكرة وزارة التموين التي عرضت على لجنة التموين العليا بجلسة 15/ 12/ 1980 في شأن الاستيلاء على المطحن المذكور دواعي إصدار هذا القرار، إذ جاء فيها أنه ورد للوزارة كتاب مديرية تموين الجيزة متضمناً أن مطحن ضو بالعمرانية الشرقية ارتكب العديد من المخالفات التموينية وقيدت ضده 19 قضية تموينية، بالإضافة إلى كثرة تعطل المطحن، وتبين أن أصحاب المطحن يتعمدون عدم إصلاح الأعطال لإمكان الحصول على إذن بتوقف المطحن لبيع الأرض المقام عليها وبناء على ذلك وافقت لجنة التموين العليا على إقرار ما تم من حيث قيام وزارة التموين بإصدار القرار الوزاري رقم 234 لسنة 1980 بالاستيلاء على المطحن المشار إليه، وذلك على النحو الوارد بمحضر اجتماع لجنة التموين العليا بجلسة 15/ 12/ 1980.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه ولئن كانت موافقة لجنة التموين العليا على قرار الاستيلاء تعتبر شرطاً شكلياً في القرار لا بد من استيفائه، إلا أن القانون لم يشترط للحصول عليها موعداً معيناً، ومن ثم فسيان أن يكون صدور هذه الموافقة، سابقاً أو لاحقاً للقرار الصادر بالاستيلاء، بالتطبيق لحكم المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، وعلى ذلك فإن صدور موافقة لجنة التموين العليا على قرار الاستيلاء المطعون فيه في تاريخ لاحق لتاريخ صدوره، لا يعيب هذا القرار من ناحية الشكل طالما أن الثابت أن هذه اللجنة وافقت على قرار الاستيلاء عند عرضه عليها بجلسة 15/ 12/ 1980، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن موافقة اللجنة على قرار الاستيلاء في تاريخ لاحق يعيب القرار من ناحية الشكل، قد أخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى مدى سلطة وزير التموين في إصدار قرار الاستيلاء طبقاً للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، فإنه ولئن كان إصدار هذا القرار يدخل في السلطة التقديرية لوزير التموين - بموافقة لجنة التموين العليا - إلا أن هذه السلطة تجد حدها الطبيعي في استهداف الأغراض التي من أجلها شرع إصدار مثل هذا القرار، والتي حددها المشرع صراحة في نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، وهي ضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، فإذا جاوزت سلطة وزير التموين في إصدار قرار الاستيلاء حدود الأهداف التي تغياها المشرع، ابتغاء تحقيق هدف آخر لا يتعلق بضمان تموين البلاد وعدالة التوزيع، فإنه يكون قد خالف حكم القانون.
ومن حيث إن الواضح من الأوراق أن قرار الاستيلاء المطعون فيه يستند في إصداره إلى أن المطحن المستولى عليه ارتكب العديد من المخالفات التموينية وقيدت ضده 19 قضية تموينية، بالإضافة إلى كثرة تعطل المطحن مما يؤدي إلى نقص كميات الخبز المعروضة في المناطق الكائن بها، فضلاً عن أن أصحابه يتعمدون عدم إصلاح الأعطال لإمكان الحصول على إذن بتوقف المطحن لبيع الأرض المقام عليها.
ومن حيث إنه فيما يختص بالمخالفات التموينية المقيدة ضد المطحن، فإنه يبين من ظاهر الأوراق - وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه دون التغلغل في الموضوع أو المساس بطلب الإلغاء - أن عدداً من هذه المخالفات قيد شكاوى إدارية، وأن بعضها غير خاص بهذا المطحن، وأن البعض الآخر حكم فيه بالبراءة أو بالغرامة وأن هذه المخالفات - في مجموعها - ليس من شأنها أن تؤثر على الأهداف التي تغياها المشرع من تخويل وزير التموين سلطة إصدار قرار الاستيلاء وهي ضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، ومن ثم فإنها لا تنهض سبباً مبرراً لإصدار قرار الاستيلاء المطعون فيه.
ومن حيث إنه فيما يختص بكثرة تعطل المطحن مما يؤدي إلى نقص كميات الخبز المعروضة في المناطق الكائن بها، وتعمد عدم إصلاح الأعطال بقصد الحصول على إذن بتوقف المطحن لبيع الأرض المقام عليها، فإن جهة الإدارة لم تقدم المستندات ولم تسق الأدلة المؤيدة لذلك بل جاءت أقوالها - في هذا الخصوص - مرسلة دون سند يدعمها من الأوراق، بل إن الظاهر من الأوراق ومن واقع الأمور يناقضها، فمن بين المخالفات المنسوبة إلى المطحن لا توجد سوى مخالفة واحدة خاصة بانخفاض معدل الإنتاج، وهي المخالفة المقيدة برقم 332 في 14/ 4/ 1979، ولا يستدل من هذه المخالفة - الوحيدة في نوعها - أن المطحن كثير التعطل أو أنه كان بسبيله لأن يتوقف عن الإنتاج، وقد يكون انخفاض معدل الإنتاج راجعاً إلى سبب آخر غير تعطل المطحن، ولما كان الثابت في محضر الاستيلاء على المطحن تنفيذاً للقرار المطعون فيه والمحرر بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض في 21/ 8/ 1980 أن المطحن وقت الاستيلاء عليه - كان قائماً بالعمل في إنتاج الدقيق البلدي، وأن العمل استمر به حتى تم طحن كل كميات القمح التي كانت موجودة في المطحن وأجهزته، وأسفرت عملية الطحن عن إنتاج كميات كبيرة من الدقيق والنخالة تسلمتها اللجنة المذكورة، كذلك فإنه لما كان الثابت أن المطحن كان مؤجراً للطاعن طالب التدخل وآخرين من مالكه المطعون ضده في تاريخ صدور قرار الاستيلاء عليه، فإنه من غير المنطقي أن يتعمد مستأجرا المطحن عدم إصلاح أعطاله حتى يتوقف تماماً عن الإنتاج فيحصل مالكه على إذن بتوقفه ليتمكن من بيع الأرض المقام عليها، إذ ليس من مصلحة المستأجرين في شيء - بحسب التقدير العادي للأمور - أن يتوقف المطحن المؤجر لهم عن الإنتاج في الوقت الذي ما زالوا ملزمين بأداء الأجرة لمالكه. وعلى أية حال فلم يثبت أن المطحن توقف عن الإنتاج فعلاً أو أنه كان بسبيله إلى ذلك عند إصدار قرار الاستيلاء المطعون فيه، على وجه يؤثر في ضمان تموين المناطق الكائن بها بالدقيق والخبز أو يخل بالعدالة في التوزيع، مما يقوم سبباً مبرراً لإصدار هذا القرار، فالأصل أن يكون سبب القرار حقيقياً لا وهمياً ولا صورياً ولا يجوز أن يقوم السبب على مجرد الفرض والاحتمال، وإلا فقد القرار أساسه القانوني..
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه فإن قرار الاستيلاء المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - لم يصدر في نطاق الأهداف التي حددتها المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 45 - وهي ضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، وبالتالي يكون هذا القرار قد صدر بالمخالفة للقانون، ويكون طلب وقف تنفيذه قد توافر فيه أحد ركنيه وهو ركن الجدية، بالإضافة إلى أن ركن الاستعجال في هذا الطلب متحقق أيضاً لما يترتب على الاستمرار في تنفيذ قرار الاستيلاء المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه استناداً إلى أن هذا القرار بحسب الظاهر من الأوراق مخالف للقانون، فإنه فيما انتهى إليه محمولاً على أسبابه الصحيحة بعد استبعاد ما أورده بخصوص عيب الشكل، يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ومن ثم فإن الطعن عليه من جهة الإدارة - فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون غير قائم على أساس سليم من القانون، ويتعين لذلك رفض هذا الطعن وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول الطعن رقم 915 لسنة 27 القضائية شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الطاعن التدخل في الدعوى، وبقبول تدخله فيها، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 911 لسنة 27 القضائية شكلاً وبرفضه موضوعاً، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.