مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1213

(180)
جلسة 1 من يونيه سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 410 لسنة 28 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - ما لا يبطل الأحكام.
المادة 173 من قانون المرافعات - لا يتطلب المشرع عند فتح باب المرافعة إعلان طرفي النزاع وإنما تطلب أن يكون فتح باب المرافعة لأسباب جدية تبين في ورقة الجلسة وفي المحضر - متى حضر المدعى عليه في أية جلسة أو أودع مذكرة بدفاعه اعتبرت الخصومة حضورية في حقه ولو تخلف بعد ذلك - ليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفوية - أساس ذلك: النظام القضائي بمجلس الدولة يقوم أساساً على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة - متى ثبت حضور المدعى عليه وتقديمه مذكرات بدفاعه فإن إعادة الدعوى للمرافعات والحكم فيها دون إعادة إعلان ذوي الشأن لا يبطل الحكم - تطبيق.
عاملون بالقطاع العام - تأديب - الجزاءات التأديبية - سلطة توقيعها.
مجلس إدارة الشركة هو صاحب الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في المادة 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978 على شاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها فيما عدا عقوبتي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة المنوطة بالمحكمة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 22 من فبراير سنة 1982 أودع الأستاذ غبريال إبراهيم المحامي نائباً عن الأستاذ حامد عكاز المحامي الوكيل عن السيد/.......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 410 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1981 في الدعوى رقم 157 لسنة 22 القضائية المقامة من السيد/........... ضد شركة مصر لتجارة السيارات، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار الصادر بمجازاة الطاعن بتاريخ 4 من يونيو سنة 1979 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد ذكر الطاعن أنه تقدم بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1981 بطلب معافاة من المصروفات وندب أحد السادة المحامين لإقامة الطعن وقيد هذا الطلب برقم 5 لسنة 28 القضائية وتحدد لنظره جلسة 28 من ديسمبر سنة 1981 وفيها رفض الطلب.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق قدم السيد مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصلياً: بإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى - واحتياطياً: بإلغاء قرار الجزاء المطعون عليه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 3 من أكتوبر سنة 1984، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة لنظره بجلسة 12/ 12/ 1984 وبجلسة 13 من مارس سنة 1985 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 13 من إبريل سنة 1985، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية آخذاً في الحسبان أن الحكم المطعون فيه صدر في 18 من أكتوبر سنة 1981 وتقدم الطاعن بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية في 7 من ديسمبر سنة 1981، وقد رفض طلبه بجلسة 28 من ديسمبر سنة 1981 فأقام طعنه في 22 من فبراير سنة 1982 ومن ثم يكون الطعن قد أقيم في الميعاد القانوني.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يخلص من الأوراق، في أن السيد/......... قد أقام الدعوى رقم 1016 لسنة 1979 عمال كلي إسكندرية - أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية المعنية أودعت قلم كتابها بتاريخ 27 من أغسطس سنة 1979، وطلب فيها إلغاء القرار الصادر من شركة مصر لتجارة السيارات بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من أجره وما يترتب على ذلك من آثار، وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1978 وقع حادث داخل الشركة المدعى عليها أودى بحياة أحد العمال وقيدت الواقعة عوارض نيابة العطارين وأثر ذلك فوجئ بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من أجره بزعم أنه أهمل إهمالاً جسيماً في عمله.
وبجلسة 20 من مارس سنة 1980 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وأمرت بإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للاختصاص، ونفاذاً لذلك أحيلت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها برقم 157 لسنة 22 القضائية.
وبجلسة 18 من أكتوبر سنة 1981 قضت المحكمة التأديبية بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً. وبنت قضاءها على ما يثبت لها من الأوراق والتحقيقات وما شهد به كل من....... و......... و........ و.........، وما قرره العامل المتوفى/............ من أن المدعي بصفته رئيساً للعامل المتوفى قد كلفه بالعمل في سيارته الخاصة التي أحضرها إلى محطة خدمة فرع الشركة بالإسكندرية لإجراء بعض الأعمال بها دون إخطار المسئولين بالفرع أو إجراء أمر شغل لها مما أدى إلى وفاة العامل المذكور نتيجة حدوث ماس كهربائي أثناء قيامه بتنظيف السيارة بالبنزين.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره فضلاً عما شابه من بطلان في الإجراءات، ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى ومحاضر الجلسات أن الهيئة التي سمعت المرافعة تختلف عن تلك التي أصدرت الحكم المطعون فيه، إذ قررت المحكمة بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1981 إعادة الدعوى للمرافعة لذات الجلسة دون أن يعلن الخصوم بهذا القرار ولم يكن أي منهم حاضراً لهذه الجلسة، ثم أصدرت الحكم في هذه الجلسة الأمر الذي يشوب هذا الإجراء بالبطلان مما يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه، وأضاف الطاعن أنه يشغل الدرجة الثانية وبهذه المثابة يكون مجلس الإدارة هو المختص بمجازاته عملاً بنص المادة 84/ 4 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام، وإذ صدر قرار الجزاء المطعون فيه من رئيس مجلس الإدارة فإنه يكون معدوماً.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهي الطعن، والخاص ببطلان الحكم المطعون فيه لصدوره من هيئة أخرى غير الهيئة التي سمعت المرافعة، فإن المادة 173 من قانون المرافعات والتي تنص على أنه "لا يجوز فتح باب المرافعة بعد تحديد جلسة النطق بالحكم إلا بقرار تصرح به المحكمة في الجلسة، ولا يكون ذلك إلا لأسباب جدية تبين في ورقة الجلسة وفي المحضر". فهي لا تتطلب عند فتح باب المرافعة إعلان طرفي النزاع وكل ما تطلبه هو أن يكون فتح باب المرافعة لأسباب جدية تبين في ورقة الجلسة وفي المحضر، وهو ما حرصت المحكمة التأديبية على إثباته في محضر الجلسة، إذ قررت إن إعادة الدعوى للمرافعة كان سبب تغير الهيئة، ويضاف إلى ذلك أنه من المبادئ الأساسية في فقه المرافعات أنه إذا حضر المدعى عليه في أية جلسة أو أودع مذكرة بدفاعه اعتبرت الخصومة حضورية في حقه ولو تخلف بعد ذلك، كما أن النظام القضائي بمجلس الدولة يقوم أساساً على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفوية وإن كان للمحكمة أن تطلب إلى الخصوم أو إلى المفوض ما تراه لازماً من إيضاحات، ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطاعن قد قدم العديد من المذكرات المشتملة على دفاعه فإنه لا يكون ثمة إخلال بحقه في الدفاع ويكون النعي على الحكم بالبطلان لا يستند على أساس من القانون، وذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من وجهي الطعن الذي نعى فيه الطاعن على القرار المطعون عليه صدوره من شخص غير مختص بإصداره فإن المادة 84 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 تنص على أنه "يكون الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية كما يلي:
1 - لشاغلي الوظائف العليا كل في حدود اختصاصه توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوماً في السنة بحيث لا تزيد مدته في المدة الواحدة عن خمسة عشر يوماً.....
2 - لرئيس مجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثالثة فما دونها توقيع أي من الجزاءات التأديبية الواردة في البنود 1 - 8 من الفقرة الأولى من المادة 82.
3 - للمحكمة التأديبية بالنسبة للجزاءات الواردة في البنود من 9 إلى 11 من المادة 82 ويكون التظلم من هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا.
4 - لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها عدا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات القضائية توقيع أي من الجزاءات الواردة في المادة 82 من هذا القانون.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن مجلس الإدارة هو صاحب الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في المادة 82 على شاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها - شأن الطاعن - وذلك فيما عدا عقوبتي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة المنوطة بالمحكمة التأديبية وفقاً لحكم المادة 85 من القانون المذكور على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، ولا يجوز القول بأن سلطة شاغلي الوظائف العليا في توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوماً في السنة تشمل جميع العاملين بما بينهم شاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها - شأن الطاعن - لا حجة في ذلك لأن الفقرة الرابعة من المادة 84 قد خصصت عموم حكم الفقرة الأولى من المادة المذكورة بأن جعلتها مقصورة على العاملين من الدرجة الثالثة فما فوقها، ويؤكد هذا المفهوم أن الفقرة الثانية من هذه المادة قد قصرت سلطة رئيس مجلس الإدارة - وهو في درجة أعلى في مدارج التدرج الوظيفي من شاغل الوظائف العليا - في توقيع الجزاءات التأديبية الواردة في البنود 1 - 8 من الفقرة الأولى من المادة 82 على العاملين من شاغلي وظائف الدرجة الثالثة فما دونها، ولا يعقل أن يكون المشرع قد خول شاغلي الوظائف العليا سلطة توقيع جزاء الإنذار والخصم من المرتب على شاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها وحرم رئيس مجلس الإدارة من مباشرة هذا الاختصاص. وما ذهب إليه دفاع الشركة المدعى عليها والذي أخذ به الحكم المطعون فيه من أن رئيس مجلس الإدارة يملك إصدار القرار المطعون فيه وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 84 بوصفه من شاغلي الوظائف العليا لا يتسق مع أي منطق قانوني إذ مؤداه أن رئيس مجلس الإدارة لا يملك أصلاً هذا الاختصاص بوصفه رئيس مجلس إدارة وإنما يملكه بوصفه الأقل وهو أنه أحد العاملين من شاغلي الوظائف العليا وهو ما لا يستساغ عقلاً ومنطقاً، وبهذه المثابة يكون القرار المطعون عليه قد خالف القانون ويتسم بعدم المشروعية التي توجب الحكم بإلغائه ولا يغل هذا القضاء - بطبيعة الحال - من يد الشركة في اتخاذ ما تراه من إجراءات قانونية.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن قرار الجزاء المطعون عليه قد صدر ممن يختص بإصداره، فإنه يكون قد خالف القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون عليه الصادر من رئيس مجلس إدارة الشركة المدعى عليها بمجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من أجره.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون عليه.