مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1345

(197)
جلسة 25 من يونيه سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 607 لسنة 28 القضائية

إصلاح زراعي - لجان الفصل في المنازعات الزراعية - عقد إيجار أرض زراعية.
المادة 36 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي معدلاً بالقانون رقم 52 لسنة 1966 - المشرع أجاز للمستأجر في حالة امتناع المؤجر عن تسلم القيمة الإيجارية للأرض الزراعية أن يودع الإيجار الجمعية التعاونية الزراعية - يعتبر الإيداع مبرءاً لذمة المستأجر بقدر ما أودعه من إيجار - على الجمعية التعاونية الزراعية أن تعرض المبلغ المودع على المؤجر أو وكيله في التحصيل موصى عليه بعلم الوصول خلال أسبوع - متى ثبت من الإيصال الصادر من لجمعية أن أمين الصندوق تسلم الإيجار لتسليمه للمؤجر الذي أبدى رغبته في أن تحصل الجمعية الإيجار، فإن الوفاء بالجمعية يعتبر مبرءاً لذمة المستأجر - لا يخل بالقاعدة المتقدمة عدم قيام الجمعية بعرض المبلغ على المؤجر أو وكيله - أساس ذلك: المودع لا سلطان له على الجمعية التعاونية الزراعية حتى يكفل قيامها بهذه الإجراءات أو أن يتحمل تبعة عدم قيامها بها - مثال: براءة ذمة المستأجر في حالة اختلاس أمين الصندوق الإيجار المودع أو عدم إثباته في السجل المعد لذلك طالما أن المودع تسلم إيصالاً يثبت الإيداع - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 14/ 3/ 1982 أودع الأستاذ/ محمد نصر الدين عطية المحامي نائباً عن الأستاذ/ أحمد فؤاد حسن المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ إبراهيم محمد بكر، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير هذا الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 45 لسنة 1 ق بجلسة 24/ 1/ 1982 القاضي "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بمركز بلبيس الصادر بتاريخ 23/ 2/ 1975 في التظلم رقم 5 لسنة 1974 وما يترتب على ذلك من آثار منها إلغاء قرار اللجنة الابتدائية للفصل في المنازعات الزراعية بناحية سلمنت مركز بلبيس رقم 2 لسنة 1973 وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت المدعى عليه المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى الأصلية، مع إلزام المطعون ضدها الأولى بالمصاريف شاملة أتعاب المحاماة عن الدرجتين مع حفظ حقوق الطاعن الأخرى.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 17/ 4/ 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14/ 5/ 1985 حيث استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه بملف الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 824 لسنة 29 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بعريضة أودعتها قلم كتابها بتاريخ 18/ 3/ 1975 طالبة في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع ببطلان وإلغاء القرار رقم 5 لسنة 1974 الصادر عن اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بمحكمة بلبيس الجزئية فيما تضمنه من تأييد القرار الصادر من اللجنة الابتدائية رقم 2 لسنة 1973 والمتضمن فسخ عقد الإيجار المؤرخ 27/ 3/ 1971 والطرد مع إلزام المدعى عليه الأول بالمصروفات والأتعاب وقالت المدعية شرحاً لدعواها أنه بتاريخ 27/ 3/ 1971 استأجرت من المدعى عليه الأول (الطاعن) قطعة أرض زراعية مساحتها 4 س 21 ط - ف كائنة بناحية سلمنت مركز بلبيس بحوض العشرين، وبتاريخ 10/ 11/ 1973 تقدم المدعى عليه الأول بطلب إلى رئيس لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بالقرية يطلب فيه إلزام المدعية بدفع قيمة الإيجار عن قطعة الأرض المذكورة عن المدة من 1969 حتى 1973 ثم قرر بعد ذلك بجلسة 12/ 1/ 1974 أنه يطلب طرد المدعية لتخلفها عن سداد الإيجار المشار إليه وبتاريخ 12/ 1/ 1974 قررت اللجنة الابتدائية طرد المدعية من العين محل النزاع وفسخ عقد الإيجار المبرم بينهما في 27/ 3/ 1971 فاستأنفت هذا القرار وقيد استئنافها برقم 5 لسنة 1974، وبجلسة 23/ 2/ 1975 قررت اللجنة الاستئنافية قبول التظلم شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد القرار المتظلم منه، ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة حيث قضت بجلستها بتاريخ 24/ 1/ 1981 بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بمركز بلبيس الصادر بتاريخ 23/ 2/ 1975 في التظلم رقم 5 لسنة 1974 وما يترتب على ذلك من آثار ومنها إلغاء قرار اللجنة الابتدائية للفصل في المنازعات الزراعية بناحية سلمنت مركز بلبيس رقم 2 لسنة 1973 وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت المدعى عليه الأول بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها، على أن المدعية قد أوفت المدعى عليه الأول إيجار السنوات الزراعية 70/ 71 و71/ 72 و72/ 73 عن طريق إيداعها الجمعية التعاونية الزراعية بناحية سلمنت بالإيصالات المؤرخة 12/ 12/ 1970 و13/ 12/ 1971 و20/ 1/ 1974، كما أنها أوفت الأجرة عن سنة 68/ 69 و69/ 70 بموجب إيصالين مؤرخين 20/ 1/ 1970 و22/ 4/ 1971 والثابت منهما أن المدعية كانت تستأجر الأرض محل النزاع من عبد اللطيف مردن المالك السابق لها قبل أن يؤجرها لها المدعى عليه الأول بموجب عقد الإيجار المؤرخ 27/ 3/ 1971 وأضافت المحكمة أنه لما كان سداد الإيجار للجمعية في حالة امتناع المؤجر عن استلام الأجرة أو إعطاء مخالصة يعتبر مبرئاً للذمة بمقدار ما تم إيداعه من أجرة وإذ قامت المدعية بإيداع الأجرة المستحقة للمدعى عليه الأول بعد أن امتنع عن استلامها لذا تكون ذمتها قد برئت سواء أثبت الموظف المختص هذه المبالغ بالسجل المعد لذلك أم لم يثبته وسواء اختلسه أم لم يختلسه، هذا فضلاً عن أن لجنة القرية لم تقم بمعاينة الأرض محل النزاع بكامل هيئتها وتقدير ما يلتزم المؤجر بأدائه إلى المستأجر تعويضاً له عن الزراعة القائمة بالأرض مخالفة بذلك أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 11 من القانون رقم 54 لسنة 66 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية وخلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث إن أسباب الطعن تقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية:
1 - إن وفاء الأجرة للجمعية التعاونية الزراعية مشروط بامتناع المؤجر أو وكيله عن قبضها أو إعطاء مخالفة عنها وهو ما لم يثبت من مستندات المطعون ضدها الأولى.
2 - أن الإيداع الذي يترتب عليه إبراء ذمة المودع، هو ذلك الإيداع الذي حدد القانون شرائطه بأن تودع المبالغ خزانة الجمعية وتقيد بالسجلات ويعقبه عرض المبلغ المودع على المؤجر وهو ما لم يتوافر في النزاع الماثل ولا ينال من ذلك اختلاس كاتب الجمعية لتلك المبالغ، إذ لا يجوز قانوناً الاحتجاج على المؤجر بذلك ولا يمكن أن يتحمل الطاعن خطأ الجمعية في عدم إيصال الأجرة له أو وضعها تحت تصرفه.
3 - أنه قد ثبت للمحكمة علم المطعون ضدها بواقعة شراء الطاعن للعين المؤجرة وقيامها بسداد أجرة 67/ 68 له، فليس لها بعد ذلك أن توفى أجرة السنتين التاليتين على نحو ما تدعيه للبائع، إذ أن مثل هذا الوفاء غير مبرئ للذمة، وهو وحده يشكل إخلالاً من جانبها بالوفاء بالأجرة.
4 - أنه ولئن كانت لجنة القرية لم تقم بمعاينة الأرض طبقاً للقانون قبل إصدار حكم الفسخ حفاظاً على حقوق المستأجر، إلا أن الغاية التي تغياها الشارع من ذلك قد تحققت إذ الثابت من محضر الشرطة رقم 2612 لسنة 1968 بلبيس أن المطعون ضدها، طلبت عند تنفيذ القرار تسليمها المحصولات الموجودة بالعين، وأن الطاعن قد مكنها من ذلك.
ومن حيث إن مناط الفصل في الطعن الماثل يقوم أساساً على ما إذا كان سداد القيمة الإيجارية المستحقة إلى خزانة الجمعية الزراعية يعد مبرئاً لذمة المطعون ضدها الأولى ومن ثم يعتبر قرار فسخ عقد إيجارها وطردها من الأرض التي تستأجرها مخالف للقانون أم أنه سداد تم على غير مقتضى القانون وبالتالي فإنه لا يعتبر مبرئاً لذمتها ويكون القرار المشار إليه سليماً لا مطعن عليه.
ومن حيث إن المادة 36 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 52 بشأن الإصلاح الزراعي معدلة بالقانون رقم 52 لسنة 66 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالقواعد العامة في الإثبات يجب على المؤجر أن يسلم إلى المستأجر مخالصة مكتوبة عن كل مبلغ يؤديه إليه من الأجر....".
ونصت المادة 36 مكرراً (ز) منه على أنه إذا امتنع المؤجر أو وكيله عن تسلم الأجرة أو إذا امتنع أيهما عن تسليم مخالصة مكتوبة عما يؤديه المستأجر من الأجرة كان للمستأجر أن يودع الأجرة على ذمة المؤجر في الجمعية التعاونية الزراعية المختصة مقابل إيصال من الجمعية أو يودعها الجمعية بموجب حوالة بريدية بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول، وعلى رئيس مجلس إدارة الجمعية أو من يكفله المجلس بذلك من أعضائه أن يعرض المبلغ المودع على المؤجر أو وكيله في التحصيل بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول وذلك خلال أسبوع من تاريخ الإيداع، وفي جميع الأحوال يعتبر الإيداع مبرئاً لذمة المستأجر بمقدار ما تم إيداعه من الأجرة.
ومفاد هذا النص أن المشرع قد أجاز للمستأجر في حالة امتناع المؤجر عن تسلم القيمة الإيجارية للأرض الزراعية أن يودعها الجمعية التعاونية الزراعية، ويعتبر هذا الإيداع مبرئاً لذمة المستأجر بقدر ما أودعه من إيجار.
ومن حيث إن الثابت أن المطعون ضدها قد أودعت قيمة الأجرة المطالب بها كاملة في الجمعية التعاونية الزراعية المختصة بموجب إيصالات صادرة من الجمعية ومختومة بخاتمها وموقع عليها من أمين الصندوق فمن ثم يعد ذلك الإيداع مبرئاً لذمة المطعون ضدها من الأجرة المستحقة عن السنوات التي يطالب بها الطاعن، ولا يقدح في ذلك أن المطعون ضدها لم تقدم ما يثبت امتناع المؤجر عن استلام الأجرة لأن الثابت من الاطلاع على الإيصالات الصادرة من الجمعية التعاونية الزراعية بناحية سلمنت أنه جاء بها "استلمت أنا" أمين الصندوق الجمعية من السيدة فتحية علي علي بكر المستأجر طرف السيد/ إبراهيم بكري مبلغ 27.500 جنيه الإيجار المستحق عليه من السنة الزراعية 69/ 70 وذلك لتسليمه للمؤجر المذكور بناء على رغبته حيث عهد سيادته إلى الجمعية بتحصيل الإيجار بمقتضى ما تضمنه هذا الإيصال أن الطاعن قد أوكل للجمعية تحصيل الإيجار، ومن ثم فإن وفاء السيدة المذكورة الأجرة للجمعية يكون مبرئاً لذمتها.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما أورده الطعن من أن الإيداع الذي يترتب عليه براءة ذمة المودع هو الذي يعقبه قيام الجمعية باتباع الإجراءات الواردة في القانون فهذا الوجه مردود عليه بأن المودع لا سلطان له على الجمعية التعاونية حتى يكفل قيامها بهذه الإجراءات، ويتحمل تبعة عدم قيامها بها فالمشرع اعتد بواقعة إيداع المستأجر للقيمة الإيجارية إيداعاً صحيحاً يشمل القيمة الإيجارية كلها واعتبر هذا الإيداع دليلاً على براءة ذمته قبل المؤجر كما أنه لا شأن للمستأجر بما إذا كان أمين صندوق الجمعية قد اختلس هذه المبالغ المودعة أو لم يثبتها في السجل المعد لذلك، ومن ثم يكون الطعن على هذا النحو غير قائم على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون، مما يتعين معه رفض الطعن وإلزام الطاعن بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.