مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1350

(198)
جلسة 25 من يونيه سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 1094 لسنة 29 القضائية

عقد إداري - عقد مقاومة الأعمال - التنازل عنه - شروطه - إبرام العقد بين الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير والهيئة العامة للصرف على قيام الجمعية ببعض الأعمال - نص العقد على ألا يجوز للمقاول أن يتنازل أو يقاول من الباطن كلاً أو جزاءً من العقد بدون الحصول على قبول كتابي من الهيئة مقدماً ويجب أن يكون مصدقاً على التوقيعات الواردة في التنازل من مكتب التوثيق المختص - التزامات الجمعية قبل الهيئة التزامات شخصية لا يجوز أن تحل غيرها فيها أو أن تتعاقد بشأنها مع الغير من الباطن ألا بموافقة الهيئة - إذا تنازلت الجمعية لمقاول دون موافقة الهيئة فلا يحتج بهذا التنازل على الهيئة ولا تنشأ بينها وبين المقاول من الباطن أية علاقة عقدية وإنما تبقى الجمعية مسئولة وحدها قبل الهيئة - لا يغير من ذلك إخطار الجمعية للهيئة بأنها فوضت أحد المقاولين في القيام بتنفيذ العملية وأن له حق التعامل مع الهيئة في كل ما يتعلق بها نيابة عن الجمعية - أساس ذلك: هذا التفويض يعتبر توكيلاً للمقاول في تنفيذ العقد نيابة عن الجمعية أي باسم الجمعية ولحسابها ولا يخول للمقاول من الباطن المطالبة بأية حقوق شخصية قبل الهيئة - لا يخل بالقاعدة المتقدمة أيضاً ما نصت عليه المادة السادسة من القانون رقم 110 لسنة 1975 بشأن الجمعيات التعاونية الإنتاجية والتي تقضي بأن تتولى الجمعية مباشرة كل ما يحقق خدمة المصالح المشتركة لأعضائها وعلى الأخص تهيئة فرص العمل لأعضائها - أساس ذلك: التزام الجمعية بتنفيذ ما يعهد إليها به من عمليات بنفسها أي عن طريق أعضائها المقاولين وفي هذه الحالة يقوم الأعضاء بالعمل باسم الجمعية ولحسابها ولا تكون لهم علاقة تعاقدية مع الهيئة أو تعهد الجمعية ببعض أعمالها إلى أعضائها بطريق التنازل وفي هذه الحالة يتعين الحصول مقدماً على موافقة كتابية من الهيئة حتى يحق للمتنازل له مطالبة الهيئة مباشرة بأداء قيمة ما ينفذه من أعمال - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق التاسع من شهر مارس سنة 1983 قام الأستاذ عبد الفتاح مبارك المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بمحافظة المنوفية بموجب التوكيل الرسمي الخاص رقم 631 ب لسنة 1983 توثيق شبين الكوم، بإيداع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 1094 لسنة 29 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 9/ 1/ 1983 في الدعوى رقم 1997 لسنة 35 قضائية المقامة من المطعون ضده الأول على الجمعية الطاعنة وآخرين والذي قضى:
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني والثالث.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) بأن يؤدي للمدعي مبلغ 8904.941 جنيهاً والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات وطلبت الجمعية الطاعنة للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه للأسباب التي ارتأتها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 6720.815 جنيه وإلزام الطاعن والمطعون ضده الأول مصروفات الطعن مناصفة بينهما.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 20/ 3/ 1985 وفيها حضر جميع الخصوم وقررت الدائرة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 17/ 4/ 1985 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظرة بجلسة 14/ 5/ 1985 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما تبين من الأوراق تخلص في أن السيد/ عبد القادر عبد القادر إبراهيم أقام الدعوى رقم 4352 لسنة 1977 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية في 26/ 11/ 1977 ضد الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بمحافظة المنوفية وهيئة الصرف بشمال ووسط الدلتا ووزير الري بطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة عشر ألف جنيه والمصروفات، وقال شرحاً لدعواه أن الجمعية التعاونية المذكورة أسندت له الأعمال الصناعية على فرع مصرف البرلس والتي سبق للهيئة المذكورة إسنادها للجمعية، وأنه قام بتسليم العمل لجهة الإدارة في 5/ 9/ 1976 وبلغ الختامي 8900 جنيه وقد علم أن الإدارة العامة لمشروعات الصرف جارية في مبلغ 1105 جنيهات كغرامات تأخير من مستحقاته دون أن يكون له دخل في التأخير لأنه لم يتسلم الأسمنت الخاص بالعملية في ميعاده وكان يوفر الأسمنت اللازم له من عملياته الأخرى بقدر المستطاع، ونظراً لتأخر صرف مستحقاته فقد أنذر المدعى عليهما لذلك في 12 و22/ 4/ 1977 دون جدوى مما اضطره إلى رفع الدعوى للمطالبة بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه يشمل مبلغ 8900 جنيه ختامي العملية والباقي تعويضاً له عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به نتيجة لعدم صرف مستحقاته. وبجلسة 30/ 10/ 1978 قضت المحكمة المذكورة بندب خبير في الدعوى قام بإيداع تقرير انتهى فيه إلى أن المدعي أنجز الأعمال الصناعية المعهودة إليه وأن المبالغ المستحقة له هي 890.941 جنيهات بعد خصم الاستقطاعات عدا غرامة التأخير وأن المدعى عليه الثاني لا يحق له فرض غرامة تأخير لأن التأخير يرجع إلى التأخير في تسليم الأسمنت للمدعي وعدم توافر الأسمنت البحري، أما تأخير صرف مستحقات المدعي فيرجع إلى عدم توافر الاعتماد المالي الخاص بذلك، وبجلسة 30/ 3/ 1981 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وتنفيذاً لهذا الحكم قيدت الدعوى بجدول محكمة القضاء الإداري بالقاهرة برقم 1094 لسنة 29 قضائية وبجلسة 9/ 2/ 1983 أصدرت هذه المحكمة حكمها المطعون فيه وأسسته على أن تقرير الخبير انتهى إلى استحقاق المدعي مبلغ 8904.941 جنيهات أما بالنسبة للتعويض فقد أسهم المدعي في حصول الضرر الناتج عن تأخير الصرف فقد كان عليه أن يشترط موافقة جهة الإدارة المسبقة على عقد المقاولة من الباطن، ولذا فلا موجب لتعويضه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون لسببين:
أولهما: أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون بتقريره أن المدعي لا يستطيع أن يرجع على جهة الإدارة بأية حقوق تعاقدية نتيجة لعقد المقاولة من الباطن وخالف قانون الجمعيات التعاونية الإنتاجية رقم 110 لسنة 1975 ولائحته الداخلية اللذين جعلا المقاول عضواً فيها ونصا على أن تقوم الجمعية بتوزيع الأعمال التي تسند إليها على أعضائها، كما أن الحكم شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال حين قرر أن الهيئة المدعى عليها الثانية رفضت تفوض المدعي مع أن تقرير الخبير أوضح أن مراسلات عديدة تبودلت بين جهة الإدارة والمقاول المدعي تقطع بموافقتها على تنفيذه للعملية المسندة أصلاً إلى الجمعية كما أنه لا محل للتضامن لأنه لم يتفق عليه ولا توجد حالة من حالاته المنصوص عليها في القانون المدني.
والسبب الثاني: أن تقرير الخبير حدد المبالغ المستحقة للمدعي وهي 8904.941 جنيه بعد خصم الاستقطاعات المفروضة عدا غرامة التأخير ورغم اطمئنان المحكمة إلى هذا التقرير حكمت للمدعي بكل هذا المبلغ دون أن تستنزل منه الاستقطاعات وقدرها 4240.321 جنيهاً فيكون الباقي له 4664.620 جنيهاً.
ومن حيث إن السبب الأول للطعن مردود بأن المادة 19 من عقد المقاولة المبرم بين الجمعية الطاعنة وهيئة الصرف بشمال ووسط الدلتا تنص على أنه لا يجوز للمقاول أن يتنازل أو يقاول من الباطن كلاً أو جزءاً من العقد بدون الحصول على قبول كتابي من الهيئة مقدماً ويجب أن يكون مصدقاً على التوقيعات الواردة في التنازل من مكتب التوثيق المختص، وطبقاً لهذا النص تكون التزامات الجمعية مع الهيئة التزامات شخصية لا يجوز للجمعية أن تحل غيرها فيها أو أن تتعاقد بشأنها مع الغير من الباطن إلا بموافقة الهيئة، فإن حدث التنازل عن العقد دون موافقة الهيئة فلا يحتج به على الهيئة، ولا تنشأ بينها وبين المتعاقد أية علاقة عقدية وإنما تبقى الجمعية مسئولة وحدها في مواجهة الهيئة. ولا يغير من ذلك إخطار الجمعية للهيئة في 21/ 6/ 1975 بأنها فوضت المطعون ضده الأول في القيام بتنفيذ العملية وأن له حق التعامل مع الهيئة في كل ما يتعلق بها نيابة عن الجمعية لأن هذا التفويض يعتبر توكيلاً للمطعون ضده الأول في تنفيذ العقد نيابة عن الجمعية أي باسم الجمعية ولحسابها ولا يخول للمطعون ضده الأول المطالبة بحقوق شخصية له من العقد وهذا ما أكدته الهيئة في ردها على الجمعية بتاريخ 30/ 6/ 1975 بقولها أن الجمعية هي جهة التعامل مع الهيئة في كل ما يتعلق بهذه العملية كما لا يغير مما تقدم ما نصت عليه المادة 6 من القانون رقم 110 لسنة 1975 بشأن الجمعيات التعاونية الإنتاجية من أن تتولى الجمعية مباشرة كل ما يحقق خدمة المصالح المشتركة لأعضائها وعلى الأخص تهيئة فرص العمل لأعضائها لأن المستفاد من هذا النص هو أن تقوم الجمعية بتنفيذ ما يعهد إليها به من عمليات بنفسها أي عن طريق أعضائها المقاولين وفي هذه الحالة يقوم الأعضاء بالعمل باسم الجمعية ولحسابها ولا تكون لهم علاقة تعاقدية مباشرة مع الهيئة، أو أن تعهد الجمعية ببعض أعمالها إلى أعضائها بطريق التنازل وفي هذه الحالة يتعين الحصول مقدماً على موافقة كتابية من الهيئة حتى يحق لهم مطالبة الإدارة مباشرة أي باسمهم ولحسابهم بأداء قيمة ما ينفذونه من أعمال.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني للطعن، فقد انتهى تقرير الخبير إلى أن المطعون ضده قام بإنجاز جميع الأعمال الصناعية على مصرف البرلس وأن البالغ المستحقة له عن ذلك هي 8904.941 بعد خصم الاستقطاعات ما عدا غرامة التأخير، ولما كان الثابت من مذكرة الهيئة المقدمة إلى الخبير أن باقي المستحق للجمعية عن الأعمال التي قامت بها هو مبلغ 8904.941 جنيه وأن جملة الاستقطاعات 4240.321 جنيه شاملة غرامة التأخير البالغ قيمتها 3480.494 جنيه منها مبلغ 320 جنيه سبق خصمه من الدفعة الجارية رقم 3، وكان تقرير الخبير قد انتهى إلى عدم استحقاق غرامة التأخير نظراً لأنه يرجع إلى التأخير في تسليم الأسمنت المخصص للعملية وعدم توافر الأسمنت البحري فقد أخطأ الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الجمعية الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول المبلغ المستحق من الأعمال التي نفذت دون خصم المستقطعات عدا غرامة التأخير، الأمر الذي يتعين معه الحكم بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام الجمعية بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 890.941 جنيه مضافاً إليه مبلغ 320 جنيه غرامة التأخير التي خصمت دون وجه حق من الدفعة الجارية رقم 3 فيكون المبلغ الإجمالي للمطعون ضده الأول 9224.941 جنيه يستنزل منه الاستقطاعات عدا غرامة التأخير وتبلغ 1759.527 جنيه فيكون المبلغ الذي تلتزم الجمعية بأدائه للمطعون ضده الأول هو 7465.414 جنيه (سبعة آلاف وأربعمائة وخمسة وستون جنيهاً وأربعمائة وأربعة عشر مليماً) ولا يخل ذلك بحق الجمعية في المقاصة بين المبلغ المستحق عليها للمطعون ضده الأول وبين ما يكون مستحقاً لها قبله إذا توافرت الشروط القانونية لذلك.
ومن حيث إن كلاً من طرفي الخصومة قد أخفق في بعض طلباته ومن ثم يكون من المتعين الحكم بمصاريف الطعن على الطرفين مناصفة بينهما طبقاً للمادة 186 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام المدعى عليه الأول (الجمعية الطاعنة) بأن تؤدي إلى المدعي (المطعون ضده الأول) مبلغ 7465.414 جنيه (سبعة آلاف وأربعمائة وخمسة وستون جنيهاً و 414/ 1000 مليم) والمصروفات وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطاعنة والمطعون ضده الأول المصروفات.