مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1355

(199)
جلسة 25 من يونيه سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير وعلي محمد حسن - المستشارين.

الطعن رقم 1112 لسنة 29 القضائية

عقد إداري - التعهد بالدراسة وخدمة الحكومة (كليات عسكرية) (طلبة).
القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية - قرار نائب رئيس الوزراء وزير الحربية رقم 14 لسنة 1976 بإصدار اللائحة الداخلية للكلية الحربية - انقطاع الطالب بعد دخوله الكلية بأسبوع واستمرار تغيبه لمدة ثلاثة أشهر - حضوره وإقراره بتغيبه بدون ترخيص أو عذر وأنه ليس لديه الرغبة في الاستمرار في الدراسة - صدور قرار مجلس الكلية بفصله - التزامه بسداد التكاليف والنفقات التي تحملتها الكلية طول مدة قيده بها من تاريخ دخوله حتى تاريخ صدوره قرار الفصل - لا يجوز إسقاط مدة غيابه بدون إذن من النفقات الملزم بها - أساس ذلك: العبرة بالنفقات الفعلية التي تحملتها الكلية بغض النظر عن مدى إفادة الطالب بهذه النفقات بسبب يرجع خطئه - شغل الطالب مكاناً بالكلية والتحاقه بها يستلزم تحمله بنصيب من النفقات والتكاليف خلال الفترة التي يعتبر فيها من عداد الطلبة حتى تاريخ صدور قرار الفصل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 13/ 3/ 1983 أودع الأستاذ الدكتور عبد المجيد فياض المستشار بإدارة قضايا الحكومة - نائباً عن السيد وزير الدفاع - قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 537 لسنة 36 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بجلسة 30/ 1/ 1983 بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغاً وقدره اثنان وأربعون جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 9/ 12/ 1981 وحتى تمام السداد والمصروفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بذات الطلبات الواردة في ختام عريضة الدعوى الأصلية مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا للطاعن بصفته مبلغ 600 جنيه (ستمائة جنيه) مع الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد مع إلزامهما بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 17 من إبريل سنة 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة وحددت لنظره أمامها جلسة 7/ 5/ 1984 حيث استمعت إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ملف الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية - فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 9/ 12/ 1981 أقام الطاعن الدعوى رقم 537 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد المطعون ضدهما طالباً في ختام عريضتها الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ ستمائة جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع المصروفات. وبجلسة 30/ 1/ 1983 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي مبلغ 42 جنيه (اثنين وأربعين جنيهاً) والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يبين من الاطلاع على إجراءات مجلس الكلية الحربية المنعقد بهيئة تأديبية أن المدعى عليه الأول تغيب من يوم 12/ 1/ 1981 عن معسكر الكلية الحربية دون أن يرخص له بذلك قانوناً إلى أن حضر من الغياب أمام المجلس وبلغت مدة الغياب 93 يوماً، إذ كان قد التحق بالكلية يوم 6/ 1/ 1981 وبذلك تكون مدة بقائه بالكلية سبعة أيام فقط وهي المدة التي أنفق عليه فعلاً فيها وبمعنى أخر إذا كان القانون يلزم الطالب بالتكاليف الفعلية أثناء المدة التي قضاها بالكلية فإن هذه التكاليف لا تكون إلا عن مدة البقاء الفعلي بالكلية والقول بغير ذلك يترتب عليه تحميل الطالب بنفقات عن مدة لم يكن متواجداً فيها بالكلية خاصة وأن الملحوظ في الدعوى الماثلة أنه رغم أن المدعى عليه الأول تغيب من يوم 12/ 1/ 1981 لأن مجلس الكلية لم ينعقد إلا في 15/ 4/ 1981 أي بعد فوات أكثر من ثلاثة شهور. وأنه لما كانت نفقات اليوم الواحد ستة جنيهات فإن النفقات الجائز المطالبة بها 42 جنيهاً وانتهت المحكمة إلى حكمها المتقدم.
ومن حيث إن أسباب الطعن تقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ أن المادة 11 من القانون رقم 92 لسنة 1975 تقضي بإلزام الطالب بسداد النفقات الفعلية التي تكلفها أثناء المدة التي قضاها بالكلية في حالة فصله بسبب آخر بخلاف عدم اللياقة الطبية أو تجاوز مرات الرسوب أو في حالة استقالته ولما كان المطعون ضده الأول على قوة الكلية ويعامل على أنه أحد طلابها اعتباراً من تاريخ التحاقه بها في 6/ 1/ 1981 حتى تقرر فصله بسبب إدانته في جريمة الغياب المنسوبة إليه، وكان يحق له خلال هذه المدة العدول عن انقطاعه والانتظام في الدراسة، ولكنه بمحض إرادته آثر الاستمرار في الغياب من الكلية فأعطى بفعله الخاطئ الدليل على عدم امتثاله للحياة العسكرية ومؤدى ذلك إعمالاً لحكم القانون والتزاماً بتعهده وتعهد المطعون ضده الثاني فإنهما يلتزمان بالتضامن بأداء التكاليف المقررة عن فترة بقاء المطعون ضده الأول بالكلية من تاريخ التحاقه بها حتى تاريخ فصله منها وهي التكاليف المطالب بها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك، فإنه يكون مخالفاً للقانون وانتهت الجهة الطاعنة إلى طلب تعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بذات الطلبات الواردة في ختام عريضة الدعوى.
ومن حيث إنه عن هذا الوجه من الطعن فإن المادة العاشرة من القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية تنص على أنه يجوز لمجلس الكلية أن يقرر فصل الطالب من الكلية في الحالات:
( أ ) حالة ارتكاب الطالب جريمة تخل بانضباط الكلية ولوائحها وأوامرها المستديمة.
(ب) عدم الصلاحية للحياة العسكرية.
(جـ) إذا رأى مجلس الكلية أن مقتضيات الصالح العام تحتم فصله.
وفي جميع الأحوال يصدر قرار الفصل مسبباً من مجلس الكلية بأغلبية آراء ثلث الأعضاء الحاضرين وذلك بعد سماع أقوال الطالب وتحقيق دفاعه، ويجوز للطالب التظلم من قرار مجلس الكلية إلى وزير الحربية ولا يعتبر قرار الفصل نهائياً إلا بعد تصديق وزير الحربية ونصت المادة 11 من هذا القانون على أنه يجوز قبول استقالة الطالب بعد موافقة مجلس الكلية ويلزم الطالب بسداد النفقات الفعلية التي تكلفها أثناء المدة التي قضاها بالكلية حتى تاريخ تقديم الاستقالة، كما نصت المادة 24 من قرار نائب رئيس الوزراء وزير الحربية رقم 14 لسنة 1976 بإصدار اللائحة الداخلية للكلية الحربية على أنه "يشترط فيمن يتقدم للالتحاق بالكلية الحربية أن يقدم تعهداً كتابياً موقعاً من ولي أمره بأن يرد للكلية التكاليف التي تكلفتها الكلية أثناء الدراسة وذلك في حالة استقالته أو فصله لسبب غير اللياقة الطبية أو استنفاد مرات الرسوم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول التحق بالكلية الحربية متعهداً مع المطعون ضده الثاني بسداد النفقات التي تنفق عليه وتتحملها الكلية طوال مدة وجوده بها في حالة استقالته أو فصله لسبب آخر غير عدم اللياقة الطبية أو تجاوز مرات الرسوب المسموح بها وقد انقطع المطعون ضده الأول عن الكلية اعتباراً من 12/ 1/ 1981 وبعد دخوله الكلية بسبعة أيام فقط حيث كان قد دخلها في 6/ 1/ 1981 ولم يعد للكلية إلا يوم 15/ 4/ 1981 حيث مثل أمام مجلس الكلية الذي واجهه بما هو منسوب إليه من تغيبه عن الكلية وبدون ترخيص فأقر بما نسب إليه وقرر أنه ليس لديه الرغبة في الاستمرار كطالب بالكلية لعدم قدرته على التلاؤم مع الحياة العسكرية، فقرر مجلس الكلية فصله وتصدق على هذا القرار من وزير الدفاع ومن ثم فإن فصله كان بسبب ارتكابه جريمة تأديبية تخل بانضباط الكلية ولوائحها وهي تغيبه عن الدراسة بها ومن ثم فإنه يلتزم والمطعون ضده الثاني بسداد التكاليف والنفقات التي تحملتها الكلية الحربية طوال مدة وجوده بالكلية طبقاً لتعهدهما المشار إليه واللائحة الداخلية للكلية الحربية والقانون رقم 92 لسنة 75 المشار إليه.
ومن حيث إنه بالنسبة لقيمة النفقات التي تحملتها الكلية فإن الثابت من كشف النفقات المقدم منها أن جملتها ستمائة جنيه، بواقع ستة جنيهات لليوم الواحد من تاريخ التحاق المطعون ضده الأول بالكلية في 6/ 1/ 1981 حتى تاريخ فصله في 15/ 4/ 1981 وهي التي يتعين إلزام المطعون ضدهما بأدائها للكلية الحربية ولا يجوز أن يستنزل من هذا المبلغ مقابل الأيام التي غابها المطعون ضده الأول عن الكلية حسبما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه إذ أن العبرة فيما يتعين إلزام المطعون ضدهما به هو النفقات الفعلية التي تحملتها الكلية بغض النظر عن مدى إفادة المطعون ضده الأول بهذه النفقات بسبب راجع لخطئه هو بغيابه عن الكلية دون مبرر ودون إذن مخالفاً بذلك النظام الأساسي للكلية، إذ أن الكلية تتكبد هذه النفقات بمجرد التحاق الطالب بها منذ بداية العام الدراسي حتى لو تغيب الطالب عن الدراسة بعد ذلك فشغل الطالب مكاناً بالكلية والتحاقه بها، يستلزم تحمله بنصيبه في التكاليف والنفقات التي تتكبدها الكلية، هذه النفقات ليست هي التي تتكلفها الكلية خلال المدة التي ينتظم فيها في الدراسة فعلاً فقط وإنما تلك التي يعتبر فيها الطالب من عداد طلبة الكلية، حتى ولو كان متغيباً لأن الكلية تقوم بجميع الخدمات وتؤديها باعتباره شاغلاً لمكان بها، ولا تتوقف الكلية عن الاعتداد بمكان الطالب إلا بعد فصله أو قبول استقالته وبذلك لا يعد شاغلاً لمكان بها أما قبل ذلك فإن الطالب يمكنه أن يعود من تغيبه وينتظم في الدراسة وعلى ذلك تكون الترتيبات والتجهيزات معدة له كطالب بالكلية ولا يقدح في التزام الطالب بهذه النفقات هو ووالده أن مجلس الكلية لم يقرر فصله إلا بعد ثلاثة أشهر من تغيبه إذ أن فصل الطالب من الكلية يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمجلس الكلية وهو لا يلتزم بفصله لمجرد تغيبه إذ قد يبين أن تغيبه كان بعذر مقبول فلا يفصل خاصة وأنه كان بمقدور المطعون ضده الأول تقديم استقالته من الكلية ما دام أنه غير قادر على التلاؤم مع الحياة العسكرية على ما قرر أمام مجلس الكلية أما وأنه لم يفعل فإنه لا يمكن نسبة خطأ إلى مجلس الكلية لمجرد عدم إسراعه في فصل المطعون ضده عند بداية تغيبه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يلزم المطعون ضدهما بالتكاليف والنفقات التي تكبدتها الكلية الحربية مدة قيد المطعون ضده الأول كطالب بها وقصرها على المدة التي حضر الدراسة فيها فعلاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه تعديله والقضاء بإلزام المطعون ضدهما بالتكاليف التي تحملتها الكلية الحربية طوال مدة قيد المطعون ضده كطالب بها وهي ستمائة جنيه مع الفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد مع إلزامهما بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن مبلغ ستمائة جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد وألزمتهما المصروفات.