مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 89

(10)
جلسة 25 من أكتوبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

الطعن رقم 2392 لسنة 30 القضائية

( أ ) استيلاء - سلطة وزير التموين في الاستيلاء على العقارات والمنقولات اللازمة لضمان تموين البلاد.
المادة رقم (1) من الرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956.
أجاز المشرع لوزير التموين إصدار قرار بالاستيلاء على أي عقار أو منقول أو أية مادة أو سلعة لضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع - يلزم لصحة القرار موافقة لجنة التموين العليا وقيام القرار على سبب صحيح يبرره ويتمثل في توافر الحالة التي تبرر انتهاج طريق الاستيلاء وأن يكون مستهدفاً بإصداره ضمان تموين البلاد أو تحقيق العدالة في التوزيع - يستوي أن تكون موافقة لجنة التموين العليا سابقة أو لاحقة على قرار وزير التموين - تطبيق [(1)].
(ب) استيلاء - مبررات الاستيلاء على عقارات ومنقولات الأفراد.
الاستيلاء على العقارات والأموال المملوكة للأفراد وسيلة لا يجوز للإدارة اللجوء إليها إلا إذا استنفدت جميع الوسائل العادية المتاحة لها ولم تجد بعد ذلك بداً من الالتجاء إلى تلك الوسيلة لتحقيق الهدف الذي ترمي إليه - في هذه الحالة تكون الإدارة أمام ضرورة ملجئة اقتضاها الصالح العام الذي يعلو الصالح الفردي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 24 من يونيه سنة 1984 أودع الأستاذ/ أحمد مهران عطا بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة الغازات البترولية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2392 لسنة 30 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 26 من إبريل سنة 1984 في الدعوى رقم 1882 لسنة 35 القضائية القاضي بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام وزارة التموين بالمصروفات، وطلبت الشركة الطاعنة للأسباب المبينة في تقرير الطعن أولاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وثانياً قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات. وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه أولاً رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وثانياً قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وثالثاً إلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7 من إبريل سنة 1986 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر، وبجلسة 7 من يوليه سنة 1986 قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 11 من أكتوبر سنة 1986. وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم لجلسة 25 من أكتوبر سنة 1986. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن ورثة المرحوم جرجس اسكندر ميخائيل، المطعون ضدهم في الطعن الماثل، كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1882 لسنة 35 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بعريضة أودعوها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 23 من مايو سنة 1981 ضد السادة/ وزير التموين ومحافظ القاهرة ورئيس مجلس إدارة شركات الغازات البترولية بصفته، طالبين الحكم بقبول دعواهم شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار الوزاري رقم 131 لسنة 1981 مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.. وقال المدعون شرحاً لدعواهم أنهم كانوا يؤجرون العقار رقم 11، 13 شارع القنطرة و14 شارع الزهار بالقللي قسم الأزبكية لشركة الغازات البترولية (بتروجاس)، ثم أقاموا الدعوى رقم 8523 لسنة 80 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الشركة بطلب إنهاء عقد الإيجار وإخلاء الشركة من العين المؤجرة. وقد حكمت المحكمة بجلسة 11 من مارس سنة 1981 بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 4 من أكتوبر سنة 1952 وبإخلاء الشركة من العين مع إلزامها بالمصروفات. فقامت الشركة باستئناف الحكم المشار إليه. وأثناء تداول نظر الاستئناف علم المدعون، بطريق المصادفة، أن السيد/ وزير التموين قد أصدر القرار رقم 131 لسنة 1981 بالاستيلاء على العقار المشار إليه. فأقاموا الدعوى بطلب وقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار خلال الستين يوماً التالية لعلمهم به. ونعى المدعون على القرار صدوره مخالفاً للقانون ومشوباً بعيب الانحراف لأن وزير التموين أصدره لتعطيل حكم قضائي، ولأن العقار مؤجر لاستعماله مخزناً لأنابيب البترول وقد أصبح العقار محاطاً بمنازل كثيرة مما يجعل من استعماله في الغرض المؤجر له مصدر خطورة على المساكن المحيطة به، فضلاً عن أن من شأن إتمام العمل بمشروع مد المنازل بالغاز الطبيعي بالقاهرة، المقدر له مدة عام على الأكثر، انتفاء الحاجة إلى أنابيب البوتاجاز، الأمر الذي يقطع بانعدام المبرر لإصدار القرار المطعون فيه.
وبجلسة 9 من ديسمبر سنة 1982 حكمت محكمة القضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وبجلسة 26 من إبريل سنة 1984 حكمت تلك المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام وزارة التموين المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه وإن كان المستفاد من نص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بالقانون رقم 380 لسنة 1956 أن وزير التموين قد خول إصدار قرارات الاستيلاء على العقارات متى كان ذلك لازماً وضرورياً لضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع شريطة الحصول على موافقة لجنة التموين العليا سواء قبل أو بعد صدور القرار بالاستيلاء، إلا أن سلطة الوزير في إصدار القرار تجد حدها الطبيعي في استهداف الأغراض التي عني المشرع بتأكيدها بأن يكون القرار لازماً بالفعل لضمان تموين البلاد، فإذا كان الثابت من الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 28 من مارس سنة 1982 في الاستئناف رقم 2189 لسنة 98 ق أن الحكم الابتدائي الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 11 من مارس سنة 1981 في الدعوى رقم 8523 لسنة 1980 بطرد شركة الغازات البترولية من عين النزاع لم يكن قابلاً للتنفيذ لعدم شموله بالنفاذ المعجل وأن الشركة تمارس نشاطها بعين النزاع بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 4 من أكتوبر سنة 1952، فلا يكون ثمة سبب يبرر إصدار القرار المطعون فيه أو ضرورة ملجئة توجيه في ظل الظروف التي صدر فيها فضلاً عن أنه لم يجد بعد صدور القرار المطعون فيه ما يبرر بقاءه، فقد ألغى الحكم الاستئنافي الحكم الابتدائي ورفض طلب المدعين طرد الشركة من عين النزاع وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر دون سبب يبرره الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ أقام قضاءه بإلغاء القرار المطعون فيه على أن الهدف الذي تغياه مصدره كان متحققاً بالفعل قبل صدوره وبالتالي يكون القرار قد صدر في غير محله ودون سبب يبرره أو ضرورة توجبه. ذلك، على ما ورد بتقرير الطعن، أن الشركة الطاعنة تشغل عين النزاع منذ سنة 1952 وتستعملها مستودعاً لاسطوانات البوتاجاز وقطع غيارها ومستلزماتها خدمة لساكني مناطق القللي والأزبكية وما جاورها، وأن الشركة إذ فوجئت بالمطعون ضدهم في الطعن الماثل يقيمون الدعوى أمام القضاء المدني بطلب إخلائها من عين النزاع، وصدور حكم المحكمة الابتدائية بإجابتهم إلى ما طالبوا به في هذا الشأن، فقد بادرت بطلب استعمال الرخصة المقررة لوزير التموين لمواجهة ما يهدد تموين المنطقة، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً لحكم القانون. فضلاً عن أنه وإن كان الحكم الابتدائي قد ألغي بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف إلا أن هذا الحكم الأخير قد طعن فيه بطريق النقض بما من شأنه قيام احتمال إلغائه، الأمر الذي يتعين معه ضرورة الإبقاء على قرار الاستيلاء.
ومن حيث إن مناط الفصل في مدى مشروعية قرار وزير التموين رقم 181 لسنة 1981 بالاستيلاء على العقار المملوك للمطعون ضدهم بالطعن الماثل، هو بتوافر أركان قيامه صحيحاً على النحو الذي حددته المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956 التي تجري عبارتها على النحو الآتي: "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل التدابير الآتية أو بعضها: الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل أو أية مصلحة عامة أو خاصة أو أي معمل أو مصنع أو محل صناعة أو عقار أو منقول أو أي مادة أو سلعة وكذلك إلزام أي فرد بأي عمل أو إجراء أو تكييف وتقديم أية بيانات". ويستفاد من حكم هذه المادة أنه يلزم لصحة القرار الصادر من وزير التموين بالاستيلاء موافقة لجنة التموين العليا وقيامه على سبب صحيح يبرره ويتمثل في توافر الحالة التي تبرر انتهاج طريق الاستيلاء، وأن يكون مستهدفاً بإصداره ضمان تموين البلاد أو تحقيق العدالة في التوزيع.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق، أن المطعون ضدهم كانوا، ومورثهم، يؤجرون العقار محل المنازعة بموجب عقد إيجار مؤرخ 4 من أكتوبر سنة 1952 لشركة برتلد جاز التي انتقلت ملكيتها إلى الجمعية التعاونية للبترول التي زالت صفتها وحلت محلها الشركة الطاعنة بالطعن الماثل، وقد وجه المطعون ضدهم إليها إنذاراً بتاريخ 28 من مايو سنة 1978 يتضمن التنبيه بعدم تجديد عقد الإيجار واعتباره منتهياً في 30 من سبتمبر سنة 1978، ثم أقاموا الدعوى رقم 8523 لسنة 1981 جنوب القاهرة ضد شركة الغازات البترولية (الطاعنة بالطعن الماثل) طالبين الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 4 من أكتوبر سنة 1952 واعتباره كأن لم يكن وإخلاء العين المؤجرة تأسيساً على أن العقار المؤجر هو أرض فضاء لا يخضع لقاعدة الاعتداء القانوني لعقود الإيجار المقررة لقوانين إيجار الأماكن. وبتاريخ 11 من مارس سنة 1981 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بانتهاء عقد الإيجار المشار إليه وبإخلاء الشركة الطاعنة بالطعن الماثل من عين النزاع. وبتاريخ 8 من إبريل سنة 1981 طعنت الشركة بالاستئناف في الحكم المشار إليه، وبتاريخ 9 من إبريل سنة 1981 صدر قرار وزير التموين رقم 181 لسنة 1981 بالاستيلاء على العقار استناداً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 على أن يسلم العقار المستولى عليه إلى شركات الغازات البترولية. فأقام المطعون ضدهم بالطعن الماثل الدعوى رقم 1882 لسنة 35 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المشار إليه وهى الدعوى التي صدر فيها الحكم محل الطعن الماثل بإلغاء القرار.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار رقم 131 لسنة 1981 قد أشار في ديباجته إلى موافقة لجنة التموين العليا، فالثابت أن اللجنة قد وافقت على القرار بعد صدوره بجلستها المنعقدة بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1981. وأنه وإن كانت موافقة لجنة التموين العليا على قرار الاستيلاء، بالتطبيق لحكم المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المشار إليه تعتبر شرطاً إجرائياً لا بد من استيفائه لصحة قرار الاستيلاء من حيث الناحية، إلا أن المرسوم بقانون المشار إليه لم يشترط في هذه الموافقة موعداً معيناً.
وقد سبق لهذه المحكمة قضاء بأنه يستوي لتمام الإجراءات أن يكون صدور الموافقة سابقاً أو لاحقاً على قرار وزير التموين بالاستيلاء (الحكم الصادر بجلسة أول يونيه سنة 1985 في الطعنين رقمي 911 و915 لسنة 27 القضائية).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الاستيلاء على العقارات والأموال المملوكة للأفراد هي وسيلة لا يجوز للإدارة اللجوء إليها، ولا سعياً لتحقيق مصلحة عامة إلا إذا استنفدت جميع الوسائل العادية المتاحة لها، ولم تجد بعد ذلك بداً من الالتجاء إلى تلك الوسيلة لتحقيق الهدف الذي ترمي إليه، إذ في هذه الحالة تكون الإدارة أمام ضرورة ملجئة اقتضاها الصالح العام الذي يعلو على الصالح الفردي، وفي خصوصية المنازعة الماثلة فإن الشركة الطاعنة قد أبدت بأنها تستعمل العقار مستودعاً لأنابيب البوتاجاز ومنفذاً لتوزيعها لخدمة أهالي المنطقة، ولم يحاول المطعون ضدهم في ذلك. وعلى ذلك فإنه إزاء ما تكشف من نية المطعون ضدهم الصريحة وعزمهم الأكيد على إنهاء العلاقة الإيجارية بشأن العقار محل المنازعة بدءاً من توجيه الإنذار المعلن بتاريخ 28/ 5/ 1978 ثم الالتجاء إلى القضاء المدني بطلب ذلك وبإخلاء الشركة، وما كان من استجابة الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 11 من مارس سنة 1981 إلى ما يطلبون في هذا الشأن، فإن من شأن ما تقدم قيام الحالة الواقعة التي تبرر للإدارة استعمال الوسيلة الاستثنائية المقررة بالمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، مما يصح معه ركن السبب في القرار المطعون فيه. ولا يغير من هذا النظر ما أبداه المطعون ضدهم من أن الإدارة في سبيلها إلى الانتهاء من مشروع مد خطوط أنابيب الغاز الطبيعي إلى المنازل مما من شأنه انعدام الحاجة إلى استعمال العين مستودعاً ومنفذاً لتوزيع أنابيب البوتاجاز، إذ لا يبين من الأوراق أنه قد تم بالفعل الاستغناء عن استعمال العقار للغرض الذي أشارت إليه الشركة الطاعنة. ومن ناحية أخرى فليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الحكم الابتدائي الصادر بانتهاء العلاقة الإيجارية وبإخلاء الشركة للعين إذ كان غير مشمول بالنفاذ المعجل وأنه قد تم الطعن عليه بالفعل بطريق الاستئناف ثم قضاء الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي، كل ذلك مما من شأنه نفي قيام الضرورة الملجئة إلى صدور القرار بالاستيلاء؛ ذلك أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بانتهاء عقد الإيجار وبإخلاء الشركة الطاعنة من العين محل المنازعة وإن كان حكماً قابلاً للطعن عليه بطريق الاستئناف، وكان الطعن عليه من شأنه أن يوقف من حجية الشيء المحكوم فيه التي تتوفر له من تاريخ صدوره، إلا أنه وقد كشف عن عدم أحقية الشركة في الاعتداء القانوني لعقد الإيجار فإنه لا يكون ثمة تثريب على جهة الإدارة، وهى بعد ليست طرفاً في العلاقة الإيجارية ولا في المنازعة القضائية المترتبة عليها، إن هي استشعرت ما يهدد بقاء الشركة واستقرارها بعين النزاع، وأن تقوم بناء على ذلك باتخاذ الإجراء الذي يلزم ضماناً لاستقرار أوامر الشركة للخدمة التموينية التي تقوم عليها - فإذا كان الحكم الابتدائي قد صدر في 11 من مارس سنة 1981 فقامت الشركة بالطعن عليه بطريق الاستئناف يوم 8 من إبريل سنة 1981 وصدر قرار وزير التموين بالاستيلاء يوم 9 من إبريل سنة 1981 فلا يكون ثمة وجه للنعي بأن الإدارة استعملت سلطتها في غير ما ضرورة تبررها.
وليس من أثر لما قضت به محكمة الاستئناف بعد ذلك أو ما يمكن أن يكون عليه وجه الحكم في الطعن بالنقض المقام عن الحكم الاستئنافي، ذلك أن وزن القرار الإداري بميزان المشروعية إنما يكون بالنظر إلى تاريخ صدوره. فإذا كان القرار بالإستيلاء قد صدر صحيحاً فإنه اعتباراً من هذا التاريخ تكون العلاقة الإيجارية، بافتراض استقرارها حتى هذا التاريخ، قد انتهت وحل محلها، سنداً لاستقرار الشركة على عين النزاع، نظام قانوني آخر قوامه أحكام الاستيلاء على النحو المحدد بالرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين. فإذا كان ذلك وكانت الأوراق خلواً مما يفيد أن قرار الاستيلاء قد صدر لغاية غير تلك المنصوص عليها بالمرسوم بقانون المشار إليه وهى ضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، فيكون قد صدر صحيحاً لا محل للنعي عليه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فيتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعين بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعين بالمصروفات.


[(1)] راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة أول يونيه سنة 1985 في الطعن من رقمي 911 و915 لسنة 27 القضائية.