مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1377

(202)
جلسة 29 من يونيه سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 2338 لسنة 30 القضائية

( أ ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - قرار إعلان نتيجة انتخابات ممثلي العمال.
القانون رقم 73 لسنة 1973 في شأن تحديد شروط وإجراءات انتخاب ممثلي العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات الخاصة - القانون لم يحدد جهة قضائية معينة تختص بنظر الطعن في قرار إعلان نتيجة الانتخاب - ينعقد الاختصاص لمجلس الدولة باعتباره صاحب الاختصاص العام بالفصل في سائر المنازعات الإدارية - أساس ذلك الفقرة 14 من المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - تطبيق.
(ب) عامل - مفهومه في ظل أحكام القانون رقم 73 لسنة 1973 في شأن تحديد شروط وإجراءات انتخاب ممثلي العمال.
المادة 3 من القانون رقم 73 لسنة 1973 - المقصود بلفظ العامل في حكم هذه المادة هو من يؤدي عملاً في الإنتاج الصناعي أو الزراعي وتغلب عليه الصفة الفنية اليدوية - الواجبات التي تضمنتها بطاقة وصف الوظيفة بوضع الخطط وإعداد الدراسات والبحوث - لا تعتبر من الأعمال التي تغلب عليها الصفة الفنية اليدوية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 6/ 1984 أودع الأستاذ/ أحمد السيد صالح - المحامي نيابة عن الأستاذ/ محمد رشاد نبيه المحامي بصفته وكيلاً عن محمد حسن العوفي، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2338 لسنة 30 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28/ 4/ 1984 في الدعوى رقم 756 لسنة 38 ق المقامة من المطعون ضده الأول ضد الطاعن والمطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع، القاضي أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً وباختصاصها، ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقبولها شكلاً، ثالثاً: في الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعى عليه الأول (وزير القوى العاملة والتدريب) المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/ 8/ 1984، وتدوول بجلستها على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/ 3/ 1985 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 6/ 4/ 1985، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن، وبجلسة 18/ 5/ 1985 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 11/ 1983 أقام توفيق عبد العزيز محمدين الدعوى رقم 756 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد كل من وزير القوى العاملة والتدريب بصفته، ورئيس مجلس إدارة شركة النصر للكيماويات الدوائية بأبي زعبل البلد، ومحمد حسن العوفي (الطاعن)، وسعيد رزق علي، وطلب في ختام هذه الدعوى الحكم أولاً: - وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليه الأول بصفته باعتماد نتيجة الانتخابات الخاصة بممثلي العاملين بمجلس إدارة الشركة المدعى عليها الثانية التي أجريت في 19/ 10/ 83 فيما تضمنه من اعتبار المدعى عليه الثالث من المرشحين الحائزين على صفة العامل، وفيما تضمنه تبعاً لذلك من استبعاد المدعي من قائمة المرشحين الفائزين بعضوية المجلس المشار إليه، وفيما تضمنه من إعلان فوز المدعى عليه الرابع بعضوية المجلس المشار إليه، وما يترتب على ذلك من نتائج قانونية في مقدمتها حلول المدعي محل المدعى عليه الرابع في عضوية المجلس المشار إليه. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من المسائل المبينة بالطلب السابق. ثالثاً: وفي جميع الأحوال بإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي - شرحاً لدعواه - أنه والمدعى عليهما الثالث والرابع كانوا من المرشحين للانتخابات الخاصة بممثلي العاملين بمجلس إدارة الشركة المدعى عليها الثانية التي أجريت في 9/ 10/ 83، وقد أسفرت نتيجة الانتخابات المشار إليها عن حصول المدعى عليه الثالث على عدد 741 صوتاً مما أهله لشغل المركز الثاني بالنسبة إلى الترتيب العام لعدد الأصوات وعن حصول المدعى عليه الرابع على عدد 616 صوتاً مما أهله لشغل المركز الرابع بالنسبة إلى الترتيب العام لعدد الأصوات، وعن حصول المدعي على عدد 512 صوتاً مما أهله لشغل المركز السادس بالنسبة إلى الترتيب العام لعدد الأصوات. ولما كان العدد المطلوب لعضوية مجلس إدارة الشركة من بين ممثلي العاملين بها - وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 73 - هو خمسة أعضاء، على أن يكون من بينهم ثلاثة على الأقل من العمال، ولما كان المقصود بالعامل - وفقاً للفقرة الثانية من المادة (3) المشار إليها - هو من يؤدي عملاً في الإنتاج الصناعي أو الزراعي وتغلب عليه الصفة الفنية اليدوية، فإنه يتعين إعلان فوز المدعي بعضوية مجلس الإدارة باعتباره صاحب المركز الثالث بالنسبة إلى ترتيب عدد الأصوات الخاصة بالمرشحين الحائزين على صفة العامل، إلا أن المدعى عليه الأول قام باعتماد نتيجة الانتخابات على نحو يتضمن فوز المدعى عليهما الثالث والرابع دون المدعي بعضوية مجلس الإدارة على أساس أن المدعى عليه الثالث هو صاحب المركز الأول بالنسبة إلى ترتيب عدد الأصوات الخاصة بالمرشحين الحائزين على صفة العامل.
ونعى المدعي على قرار اعتماد نتيجة الانتخابات أنه مخالف للقانون والواقع للأسباب الآتية:
1 - أن المدعى عليه الثالث ليس من المرشحين الحائزين على صفة العامل وفقاً للتعريف المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973، إذ يشغل وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان بالإدارة العامة للخدمات بقطاع الشئون الإدارية بالدرجة الأولى، وهو ما يبتعد تماماً عن مجال العمل في الإنتاج الصناعي أو الزراعي الذي تغلب عليه الصفة الفنية اليدوية، ومن ثم كان يتعين إخراجه من الشريحة الخاصة بالمرشحين الحائزين على صفة العامل، ونقله إلى الشريحة الخاصة بالمرشحين غير الحائزين على صفة العامل (الفئات) وبذلك يكون المدعي هو صاحب المركز الثالث بالنسبة إلى ترتيب عدد الأصوات الخاصة بشريحة المرشحين الحائزين على صفة العامل، في حين يصبح المدعى عليه الثالث في المركز الثاني بشريحة المرشحين غير الحائزين على صفة العامل (الفئات)، كما يصبح المدعى عليه الرابع هو صاحب المركز الثالث في هذه الشريحة، وبذلك يخرج المدعى عليه الرابع من عداد المرشحين الفائزين بعضوية مجلس الإدارة، ويحل المدعي محله في عضوية المجلس.
2 - أن تواجد المدعى عليهما الثالث والرابع إلى جانب أحمد أحمد العماوي صاحب المركز الأول في عضوية مجلس الإدارة وفقاً للنتيجة التي اعتمدها المدعى عليه الأول، يؤدي إلى بطلان تشكيل مجلس الإدارة، وذلك لأن الثلاثة المذكورين من المرشحين غير الحائزين على صفة العامل، وهو ما يتعارض مع الفقرة الأولى من المادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973 التي تستلزم تواجد ثلاثة أعضاء على الأقل بالمجلس من الحائزين على صفة العامل من بين أعضاء مجلس الإدارة الخمسة المنتجين.
ونظراً إلى أن استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو السابق ينطوي على قدر كبير من الخطر الذي لا يمكن تداركه مستقبلاً، بسبب ما يؤدي إليه التشكيل الباطل لمجلس الإدارة من بطلان القرارات والأعمال التي يصدرها المجلس بشأن مصالح الشركة والعاملين بها، الأمر الذي يحق معه للمدعي أن يطلب وقفه تنفيذ هذا القرار حتى يقضي في الموضوع بإلغائه، على النحو المبين بطلباته.
وقدم المدعي حافظتي مستندات طويت الأولى على صور من أسماء المرشحين لانتخابات مجلس إدارة الشركة ونتيجة الانتخابات وقرار رئيس مجلس إدارة الشركة بندب المدعى عليه الثالث لوظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان، وطويت الحافظة الثانية على صورة تظلم مؤرخ في 20/ 10/ 83 إلى وزير القوى العاملة يتظلم فيه المدعي من انتخاب المدعى عليه الثالث بصفته عاملاً وليس فئات، وصورة قرار رئيس مجلس إدارة الشركة بترقية المدعى عليه الثالث إلى وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان، وصورة نشرة إدارية صادرة من مدير الخدمات.
ودفع الحاضر عن الحكومة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى المادة (44) من القانون رقم 35 لسنة 76 الخاص بالنقابات العمالية، كما دفع احتياطياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم ورفع الدعوى في الميعاد طبقاً لنص المادة (6) من القانون رقم 73 لسنة 1973، وقدم حافظة مستندات طويت على صورة كتاب مديرية القوى العاملة بالقليوبية الذي تفيد فيه برفض تظلم المدعي المقدم في 6/ 9/ 1983 ضد صفة المدعى عليه الثالث كعامل. كما قدم المدعى عليه الثالث حافظة مستندات طويت على شهادة من وزارة القوى العاملة تفيد أنه بالرجوع إلى سجلات انتخابات ممثلي العاملين بمجالس الإدارة تبين أن المدعي لم يتقدم بطعن على نتيجة الانتخابات المعلنة بكتاب الإدارة العامة لعلاقات العمل في 29/ 10/ 1983.
وقدم المدعي مذكرة بالرد على الدفع بعدم الاختصاص الولائي لمحكمة القضاء الإداري، جاء فيها أن الطعن الماثل لا يتعلق بنتيجة انتخابات أحد التشكيلات النقابية العمالية وإنما يتعلق بنتيجة انتخابات ممثلي العاملين بمجلس إدارة إحدى وحدات القطاع العام مما يدخل في نطاق القانون رقم 73 لسنة 1973، وقال أنه سبق أن قدم تظلماً إلى مديرية القوى العاملة ببنها على أثر إعلان أسماء المرشحين لعضوية مجلس الإدارة ضد المدعى عليه الثالث لأنه غير حائز على صفة العامل، كما قدم تظلماً آخر في 20/ 10/ 1983 إلى وزير القوى العاملة على أثر إعلان نتيجة الانتخابات متضمنة فوز المدعى عليه الثالث باعتباره من الحائزين على صفة العامل. كذلك قدم المدعي مذكرة أخرى أضاف فيها أن التظلم إلى وزير القوى العاملة وفقاً للمادة (6) من القانون رقم 73 لسنة 1973 هو تظلم جوازي وليس وجوبياً ولا يرقى إلى طريق الطعن الموازي الذي يؤدي إلى عدم اختصاص القضاء الإداري، وأنه يتضح من بطاقة توصيف وظيفة المدعى عليه الثالث المقدمة من الشركة أنه لا يمكن اعتباره حائزاً لصفة العامل وفقاً للمادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973.
وقدم الحاضر عن الحكومة مذكرة شرح فيها ما سبق أن أبداه من الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لتقديمها بعد الميعاد، وأضاف بالنسبة إلى الموضوع - أن المدعى عليه الثالث تتوافر فيه صفة العامل، وأن وزارة القوى العاملة أجرت بحثاً ميدانياً انتهت فيه إلى توافر صفة العامل في المدعى عليه الثالث، فضلاً عن أن الشركة أقرت بأنه ليس من شاغلي وظائف الإدارة العليا وليس مفوضاً في توقيع الجزاء.
وقدم المدعى عليه الثالث مذكرة قال فيها أن الشركة المدعى عليها الثانية قامت بسحب حافظة مستنداتها التي تضمنت التوصيف الحقيقي لوظيفته، وقدمت حافظة بديلة تضمنت توصيفاً آخر مخالفاً له، ومن بين ما حواه هذا التوصيف الأخير من أخطاء أن المدعى عليه الثالث يملك حق توقيع الجزاء، بينما الحقيقة غير ذلك، لأن المديرين العامين هم الذين يملكون حق توقيع الجزاء، وليس المدعى عليه الثالث منهم، وطلب تكليف الشركة برد الورقة المسحوبة التي تحتوي على التوصيف الحقيقي لوظيفته الموقع من المختص بإصداره. وأرفق بمذكرته حافظة مستندات طويت على شهادة صادرة من رئيس مجلس إدارة الشركة قال أنها تتضمن التوصيف الحقيقي لوظيفته، وصورة لشهادة أخرى صادرة من رئيس مجلس إدارة الشركة يرى المدعى عليه الثالث أنها تتضمن التوصيف الذي سحبته الشركة بعد تقديمه للمحكمة، وشهادة رسمية صادرة من رئيس مركز ومدينة الخانكة تفيد بأن المدعى عليه الثالث فاز بعضوية المجلس الشعبي المحلي لمركز الخانكة بصفة عامل للدورة الحالية لمدة أربع سنوات.
وقدم المدعى عليه الرابع مذكرة جاء فيها أن الثابت في بطاقة وصف وظيفة المدعى عليه الثالث المقدمة من الشركة المدعى عليها الثانية، أن المدعى عليه الثالث يشغل وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان بالإدارة العامة للخدمات بقطاع الشئون الإدارية، ومن واجبات ومسئوليات هذه الوظيفة اعتماد توقيع الجزاءات على العاملين المخالفين بالإدارة التي يرأسها، ولذلك فإن إدراج اسم المدعى عليه الثالث في شريحة العمال مخالف للقانون، ومن ثم يكون ترشيحه باطلاً ويبطل كل ما تلاه خاصة إعلان فوزه بعضوية مجلس الإدارة، ولا يجوز في هذه الحالة نقل المدعى عليه الثالث إلى شريحة الفئات ليحتل منها المركز الثاني محل المدعى عليه الرابع، لأن حصوله على ثقة من أعطوه أصواتهم كان على أساس تقدمه للترشيح عن فئة العمال، وبالتالي فإن المدعي يحل محل المدعى عليه الثالث في عضوية مجلس الإدارة، أما المدعى عليه الرابع فيبقى كما هو. وانتهى المدعى عليه الرابع في مذكرته إلى طلب الحكم أصلياً بإخراجه من الدعوى بلا مصاريف، واحتياطياً برفض الدعوى في شقها الخاص بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إعلان فوز المدعى عليه الرابع بعضوية مجلس الإدارة وحلول المدعي محله في عضوية المجلس، مع إلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 28/ 4/ 1984 حكمت محكمة القضاء الإداري أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً وباختصاصها، ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، ثالثاً: في الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعى عليه الأول المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها - فيما يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى على أن الدعوى الماثلة تتعرض للطعن في نتيجة انتخاب ممثلي العمال في مجلس إدارة إحدى شركات القطاع العام والتي لا تعتبر إحدى المنظمات النقابية المحددة في القانون رقم 35 لسنة 1976، وإنما يحكمها القانون رقم 73 لسنة 1973 في شأن تحديد شروط وإجراءات انتخاب ممثلي العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات الخاصة، وقد سكت هذا القانون عن تحديد محكمة بذاتها لنظر الطعون في قرار إعلان نتيجة انتخابات ممثلي العمال في مجالس الإدارة، ومن ثم يبقى الاختصاص بنظر هذه الطعون لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره صاحب الاختصاص العام بنظر مثل هذه الطعون، وبالتالي يكون الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة غير قائم على سند صحيح من القانون، ويتعين لذلك رفضه..
وبالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم قيام المدعي بتقديم تظلم إلى وزير القوى العاملة في الميعاد المحدد بالمادة (6) من القانون رقم 73 لسنة 1973، قالت المحكمة أن المستفاد من نص هذه المادة أن الطعن الذي يقدم إلى وزير القوى العاملة هو طعن جوازي لصاحب الشأن، ولا يعتبر بديلاً عن الطعن القضائي بالإلغاء أمام مجلس الدولة، كما لا يعتبر من قبيل التظلمات الوجوبية التي يجب اللجوء إليها قبل رفع الدعوى بالإلغاء، وإنما هو من قبيل التظلمات الاختيارية لصاحب الشأن أن يلجأ إليه دون أن يحرمه أو يعطل حقه في اللجوء مباشرة إلى قاضيه الطبيعي المتمثل في محكمة القضاء الإداري، وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من حافظة المستندات المقدمة من المدعي أنه تقدم بتظلم إلى وزير القوى العاملة في 20/ 10/ 1983 في اليوم التالي لإعلان نتيجة الانتخابات، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لافتقاره إلى الأساس القانوني السليم الذي يقوم عليه..
وبالنسبة إلى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، قالت المحكمة أن القانون رقم 73 لسنة 1973 حدد الشروط التي يجب أن تتوافر في المرشح من العاملين بالشركة لعضوية مجلس الإدارة، وذلك في المادة الثانية منه، ومن بين هذه الشروط ألا يكون من شاغلي وظائف الإدارة العليا أو المفوضين في توقيع الجزاء في الوحدات الاقتصادية التابعة للقطاع العام، ثم نص في المادة الثالثة على أن يقوم الناخبون بانتخاب نصف عدد أعضاء مجلس الإدارة من بين العاملين، على أن يكون خمسون في المائة على الأقل من العمال، وذلك في الجهات التي يمارس نشاطاً إنتاجياً في الصناعة أو الزراعة، ويقصد بالعامل في حكم هذه المادة من يؤدي عملاً في الإنتاج الصناعي أو الزراعي وتغلب عليه الصفة الفنية اليدوية. ولما كان الظاهر من الأوراق أن المدعى عليه الثالث يشغل وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان، وهي وظيفة تقع بالإدارة العامة للخدمات التابعة لقطاع الشئون الإدارية، ويبين من بطاقة وصف هذه الوظيفة المقدمة في حافظة مستندات الشركة - أو واجبات ومسئوليات هذه الوظيفة تقوم على وضع الخطط والدراسات والإشراف على العاملين بالإدارة وتنسيق العمل فيما بينهم وتقييم أدائهم، وغير ذلك من الواجبات والمسئوليات التي تبعد شاغل هذه الوظيفة عن صفة العامل وفقاً للتعريف المحدد في القانون رقم 73 لسنة 1973 الذي يتطلب أن يؤدي عملاً في الإنتاج تغلب عليه الصفة الفنية واليدوية، فإنه بناء على ذلك لا يصدق على المدعى عليه الثالث وصف عامل وفقاً للتعريف المشار إليه، ومن ثم تكون قد تخلفت فيه صفة العامل التي دخل على أساسها الانتخابات لعضوية مجلس الإدارة وفاز بعضوية هذا المجلس على أساس توفرها، وبالتالي يصبح قرار إعلان فوزه في الانتخابات لعضوية مجلس الإدارة على أساس هذه الصفة مخالفاً للقانون بحسب الظاهر من الأوراق. وطبقاً لنص المادة (7) من القانون 73 لسنة 1973 فإن من يقبل الطعن في انتخابه تزول عضويته ويحل محله المرشح التالي له في عدد الأصوات، دون أن يكون له الحق في الاستمرار في عضوية مجلس الإدارة بصفة أخرى غير الصفة التي رشح نفسه على أساسها، ومن ثم فإنه يترتب كأثر لقبول طعن المدعي أن يكون من حقه أن يحل محل المدعى عليه الثالث في عضوية مجلس الإدارة باعتباره صاحب أعلى الأصوات من الحائزين لصفه العامل بعد الذين فازوا بعضوية مجلس الإدارة..
وفيما يختص بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إعلان فوز المدعى عليه الرابع، قالت المحكمة أن الظاهر من الأوراق أن المدعى عليه الرابع رشح نفسه باعتباره من الفئات غير الحائزين لصفة العامل وفاز بعضوية المجلس على أساس هذه الصفة، وليس في أوراق الدعوى ما يكشف عن أن قرار إعلان فوزه قد شابه عيب من العيوب التي تؤدي إلى إلغائه الأمر الذي يتعين معه رفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار (في هذا الخصوص)..
وخلصت المحكمة مما تقدم إلى أنه - بحسب الظاهر من الأوراق - فإن قرار فوز المدعى عليه الثالث بعضوية مجلس الإدارة بصفته حائزاً على صفة عامل، قد صدر مخالفاً للقانون الأمر الذي يرجح معه الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع، ويتوفر بذلك ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، كما أن ركن الاستعجال في هذا الطلب متوافر نظراً لما يترتب على استمرار تنفيذ القرار من حرمان المدعي من عضوية مجلس الإدارة وتمثيل العاملين الحائزين على صفة عامل في مجلس الإدارة، الأمر الذي يتعذر تداركه إذا استمر تنفيذ هذا القرار، ولذلك فإنه يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب السالف بيانها..
ومن حيث إن الطعن المشار إليه يقوم على أساس أنه بالنسبة إلى الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً، فإن الحكم المطعون فيه أغفل أن المجال هنا هو مجال انتخابات عمالية طبقاً للقانون رقم 73 لسنة 1973، وأن سكوت هذا القانون عن تحديد جهة الاختصاص بنظر الطعون يفيد الارتداد إلى القوانين العمالية ومنها قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 باعتباره القانون العام في كل ما يتصل بالانتخابات العمالية، وقد جعل الاختصاص بالفصل فيها للقضاء العادي.
وبالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم قيام المطعون ضده الأول بتقديم تظلم إلى وزير القوى العاملة في الميعاد المحدد بالمادة (6) من القانون رقم 73 لسنة 1973، فإن الأمر هنا ليس أمر تظلم يتسم بالجواز أو الوجوب، وإنما هو أمر طعن في نتيجة الانتخابات رسم القانون طريقه، وبغير هذا الطريق لا يكون ثمة طعن، وتعبير المادة (6) المذكورة بجواز الطعن ليس معناه أن الطعن جوازي، وإنما هو إجازة لكل من يرى وجهاً للطعن في الانتخابات أن ينشط للطعن فيها، فالجواز هنا مرتبط بقيام عيب في نتيجة الانتخابات يملك كل ذي شأن أن ينشط بمناسبته إلى الطعن في ميعاده وبالطريق الذي حدده القانون، ولهذا فإن الطعن هنا إجراء يتعين الالتجاء إليه عند قيام سببه، أما القول بجواز التظلم أو وجوبه فمجاله القرار النهائي الذي يصدره وزير القوى العاملة في الطعن، وإن كان من المسلم به عدم قابلية هذا القرار للطعن القضائي، هذا فضلاً عما قررته وزارة القوى العاملة من أنه بالرجوع إلى سجلات الانتخابات المشار إليها تبين عدم وجود طعن عليها من المطعون ضده الأول. ولذلك فإن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً يكون قائماً على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى برفض هذا الدفع - مخالفاً للقانون.
وبالنسبة إلى مدى قيام صفة العامل في الطاعن، فقد تقدم المطعون ضده الأول بتظلم في هذا الشأن في 6/ 9/ 1983، وتبين من خلال البحث الميداني والواقعي لوزارة القوى العاملة أن صفة الطاعن كعامل لم تزايله وإنما هي ثابتة له، وأخطرت الشركة بذلك في 9/ 9/ 1983، وأعلن ذلك خلال يومين من تاريخ الإبلاغ بلوحة الإعلانات بالشركة، وعلم به المطعون ضده علماً يقيناً من ذلك التاريخ ولم يحرك ساكناً إلا من خلال الطعن القائم. وطبقاً لنص المادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973 فإن الخلاف في صفة العامل الفنية اليدوية يفصل فيه وزير القوى العاملة، وقد فصل الوزير في هذا الخلاف بالفعل. ولم يعد للمطعون ضده من سبيل في إثارة الخلاف من جديد، ولما كانت الشركة قد أعلنت الكشوف المعتمدة للمرشحين وصفة كل منهم خلال اليومين التاليين لتاريخ إبلاغها برفض تظلم المطعون ضده الأول في صفة الطاعن في 9/ 9/ 1983 فإن علم المطعون ضده الأول برفض تظلمه في صفة الطاعن أصبح يقيناً منذ 11/ 9/ 1983، وكان يتعين عليه أن يطعن في قرار الوزير برفض تظلمه في موعد غايته 11/ 11/ 1983، أما وأنه لم يفعل، فقد باتت المنازعة في صفة الطاعن لا محل لها، وأصبح قرار وزير القوى العاملة في شأنها حصيناً، ومن ثم صارت المنازعة فيه من خلال الطعن القائم غير مقبولة شكلاً، ولم يعد وجه للطعن في نتيجة الانتخابات إلا فيما يتصل بعملية الانتخاب ذاتها، أما صفة الطاعن فقد أصبحت بمنأى عن كل طعن.
وبالإضافة إلى ما تقدم فإن صفة الطاعن العمالية قد تضافرت على نسبتها إليه الأوراق الصحيحة والوقائع الثابتة، ومن ذلك ما يأتي: (1) بطاقة التوصيف لوظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان - التي يشغلها الطاعن - والمعمول بها منذ إنشاء تلك الإدارة وحتى تقديم صورتها في 5/ 6/ 1984 والمعتمدة من رئيس قطاع الشئون الإدارية بالشركة، والتي تنص صراحة على أن شاغلها يقوم تحت الإشراف العام بتقديم الخدمات في النواحي الفنية واليدوية في مجال الإسكان والزراعة، وتقطع واجبات هذه الوظيفة ومسئولياتها في غلبة الصفة الفنية واليدوية على شاغلها، (2) شهادتا الشركة في 20/ 8/ 1983، 22/ 3/ 1984 بقيام الطاعن بمباشرة العمل باستصلاح وزراعة أراضي الشركة ومباشرة عمليات التشييد والبناء لمساكن العاملين بها، وبأنه لم يطرأ أي تغيير في طبيعة عمله الفنية واليدوية ولا في صفته العمالية، وبأنه ليس من سلطته توقيع الجزاء، (3) أوامر التكليف الصادرة إليه في الفترة من 26/ 12/ 1981 حتى 6/ 2/ 1984 التي تدل على غلبة الصفة الفنية واليدوية على عمل الطاعن، (4) فوز الطاعن بعضوية المجلس الشعبي لمركز الخانكة بصفته عاملاً.
وخلص الطاعن مما سبق إلى تحقق صفة العامل فيه طبقاً لأحكام القانون رقم 73 لسنة 1973 وأن هذه الصفة لم تزايله، وأنه لذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد جانب الصواب قانوناً وواقعاً ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن المطعون ضده الأول قدم مذكرة بدفاعه، أحال فيها إلى ما أورده في مذكراته السابق تقديمها في الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، وإلى الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه وتقرير هيئة مفوضي الدولة، كما قدم مذكرة تكميلية قال فيها أن المستندات التي قدمها الطاعن تحت اسم صورة من توصيف الوظيفة التي يشغلها وصور من أوامر التكليف الصادرة إليه من مدير عام الخدمات، جميعها زائفة ومصطنعة حصل عليها الطاعن بطريق التواطؤ والتزوير مع بعض رؤسائه بالشركة، وأنه إزاء ذلك قدم المطعون ضده الأول شكوى إلى رئيس مجلس إدارة الشركة الذي أحالها إلى مدير عام الشئون القانونية للتحقيق فيها، كما قدم شكوى مماثلة إلى النيابة الإدارية قيدت برقم 2 لسنة 1985، وقال المطعون ضده الأول أنه يبادر بالطعن بالتزوير أمام هذه المحكمة على المستندات المشار إليها، وأوضح في مذكرته - ما يراه من شواهد هذا التزوير - وانتهى إلى طلب السماح له باتخاذ الإجراءات القانونية للطعن بالتزوير على المستندات المقدمة من الطاعن، وتكليف الشركة بتقديم نتيجة التحقيق الذي قامت به الإدارة العامة للشئون القانونية، وضم التحقيقات التي أجريت في النيابة الإدارية بشأن الأوراق المطعون عليها بالتزوير، والتمس الحكم أصلياً برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات، واحتياطياً بإجابته إلى طلباته السابقة.
وأخيراً قدم المطعون ضده الأول مذكرة ختامية تضمنت الرد على ما أثاره الطاعن بخصوص تحصن قرار وزير القوى العاملة (مديرية القوى العاملة بالقليوبية) في الطعن المقدم من المطعون ضده الأول بشأن صفة الطاعن، فقال أن الطعن ينصب أساساً على قرار وزير القوى العاملة بإعلان نتيجة الانتخابات الخاصة بعضوية مجلس إدارة الشركة، وأن قرار مديرية القوى العاملة بالقليوبية الصادر في الطعن المقدم منه في شأن صفة الطاعن لم يتحصن قبل رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، حيث لم يعلن هذا القرار للمطعون ضده الأول، إنما أبلغ فقط للشركة وليس ثمة ما يثبت أن الشركة قامت بإبلاغه إليه، هذا فضلاً عن أنه تظلم في 30/ 10/ 1983 فور إعلان نتيجة الانتخابات قبل مضي ستين يوماً من التاريخ الفرضي لإبلاغ الشركة. كما تضمنت المذكرة الأخيرة الرد على ما ذهب إليه الطاعن من أن التوصيف الذي يعتد به هو الوارد في قرار رئيس مجلس إدارة الشركة، فقد أبدى المطعون ضده الأول أن ما ورد في قرار رئيس مجلس الإدارة يتعلق بالاختصاصات والمهام الملقاة على عاتق إدارة الأراضي والإسكان بشكل عام، وليس على وجه التحديد بالاختصاصات والمهام الملقاة على مدير تلك الإدارة، وأن العبرة في تحديد اختصاصات كل وظيفة بما هو مدون في بطاقة الوصف الخاصة بها والمودعة لدى إدارة التنظيم والإدارة.
وقدم المطعون ضده الأول أربع حوافظ مستندات طويت على بعض المستندات التي يراها مؤيده لطلباته، ومن بينها صورة رسمية من مذكرة النيابة الإدارية لشركات التموين والصحة في القضية رقم 235 لسنة 1985 بخصوص الشكوى المقدمة من المطعون ضده الأول في شأن بطاقة وصف وظيفة الطاعن التي حصل عليها من الشركة على خلاف الحقيقة،
والتي انتهت فيها النيابة الإدارية إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد بعض العاملين بالشركة ومن بينهم الطاعن، ومساءلة المخالفين إدارياً، وإبلاغ النيابة العامة.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرة عقب فيها على بعض المستندات المقدمة منه بشأن توصيف الوظيفة التي يشغلها، مؤكداً صحة هذه المستندات، وأنها هي المثبتة لحقيقة وصف وظيفته ومعتمدة من المسئولين ذوي الاختصاص في الشركة، وأن مستند التوصيف الذي استبدلته الشركة - بعد سحب المستندات الحقيقية - مصطنع لحساب المطعون ضده الأول ولا يمثل الحقيقة، وتحتوى بنوده على مخالفات واضحة للقانون، ويخلو من توقيعات معتمدة للمسئولين، وقال الطاعن أن مجرد تسمية إدارة الأراضي والإسكان يستتبع اتصالها بالشئون العملية الفنية واليدوية، وهي بطبيعتها إدارة تنفيذ لا تخطيط، وأن تبعيتها للإدارة العامة للخدمات يفترض أنه يغلب عليها طابع العمل اليدوي والفني، ويتضح ذلك من بيان الأعمال التنفيذية التي تختص بها هذه الإدارة في مجال الزراعة والإسكان، والتي تقطع بأن طبيعة عمل الطاعن فنية ويدوية. وتناول الطاعن - في مذكرته - الرد على ما أثاره المطعون ضده الأول بشأن تزوير مستند التوصيف المقدم من الطاعن، فقال إن الادعاء بالتزوير لم يشمل التوقيعات على المستند المذكور أو أن تغييراً أحدث في صلبه ذلك أن هذا المستند صادر من الشركة وموقع عليه من المسئولين فيها، وليس هناك ما يمكن أن يوصف بأنه تغيير في صلبه، ولم يقصد بذلك الإدعاء سوى الكيد والمماطلة، الأمر لذي ينبغي معه أن يطرح هذا الإدعاء لعدم قيامه على سند من القانون أو الواقع. كما قدم الطاعن مذكرة تكميلية تضمنت ترديد الأسانيد السابق إيضاحها في تقرير الطعن والمذكرة الأولى المقدمة من الطاعن، في شأن تأكيد صفته كعامل من واقع طبيعة عمله الفني واليدوي، وطبقاً للمستندات التي قدمها والمثبتة لوصف وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان التي يشغلها. وأودع الطاعن ثلاث حوافظ طويت على المستندات التي أشار إليها في تقرير طعنه ومذكرتيه.
ومن حيث إن الشركة المطعون ضدها الثالثة قدمت حافظة مستندات طويت على مذكرة رئيس قطاع الشئون الإدارية بها، التي تتضمن بيان الأعمال التنفيذية التي تختص بها إدارة الأراضي والإسكان في مجال الزراعة والإسكان، وطبيعة عمل هذه الإدارة، وبيان أسماء أعضاء مجلس إدارة الشركة المنتخبين بصفة عامل ووظائفهم ودرجاتهم والإدارات والقطاعات التابعين لها والأعمال التي يقومون بها. كما قدم المطعون ضده الرابع حافظة مستندات طويت على قرار رئيس الجمهورية رقم 33 لسنة 1977 بإعادة تنظيم وحدات التنظيم والإدارة بالأجهزة المختلفة، وصورة بطاقة وصف وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان الصادرة من الإدارة العامة للتنظيم والإدارة بالشركة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن المادة (44) من قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 جعلت الطعن في انتخابات تشكيلات المنظمات النقابية أمام المحكمة الجزئية المختصة، فإن الأمر في خصوص المنازعة المعروضة يتعلق بالطعن في قرار إعلان نتيجة انتخاب ممثلي العمال في مجلس إدارة إحدى شركات القطاع العام، مما لا يدخل في نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 35 لسنة 1976 المشار إليه، وإنما يخضع لأحكام القانون رقم 73 لسنة 1973 في شأت تحديد شروط وإجراءات انتخاب ممثلي العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات الخاصة، ولم يحدد هذا القانون جهة قضائية معينة تختص بنظر الطعن في قرار إعلان نتيجة الانتخاب، ومن ثم يكون الاختصاص بنظر الطعن في هذه الحالة لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره صاحب الاختصاص العام بالفصل في سائر المنازعات الإدارية وفقاً لنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وعلى ذلك فإن الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً يكون غير قائم على أساس من القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم قيام المدعي (المطعون ضده الأول) بالطعن في قرار إعلان نتيجة الانتخاب خلال ثلاثة أيام من تاريخ إعلان النتيجة وذلك بعريضة توجه لوزير القوى العاملة وفقاً لنص المادة (6) من القانون رقم 73 لسنة 1973 المشار إليه، فإن الطعن المنصوص عليه في هذه المادة هو طعن جوازي، وهو لا يعدو أن يكون من قبيل التظلمات الإدارية، ولا يمكن اعتباره طريق طعن بديل للطعن القضائي بالإلغاء أمام مجلس الدولة، كما أنه لا يعتبر من التظلمات الوجوبية التي يتعين اللجوء إليها قبل رفع الدعوى بالإلغاء طبقاً لنص المادة (12) من قانون مجلس الدولة، ومن ثم فإن عدم قيام المطعون ضده الأول بالطعن في قرار إعلان نتيجة الانتخاب وفقاً للمادة (6) من القانون رقم 73 لسنة 1973 لا يحرمه حق اللجوء مباشرة إلى طريق الطعن القضائي بالإلغاء أمام مجلس الدولة، وذلك بغض النظر عما ثار بشأن التظلم المرسل منه إلى وزير القوى العاملة في 20/ 10/ 1983 غداة إعلان نتيجة الانتخاب في 19/ 10/ 1983، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لهذا السبب لا يقوم على أساس قانوني سليم ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه فيما يختص بعدم قبول المنازعة في صفة الطاعن بعد أن فصل وزير القوى العاملة في هذه الصفة وأصبح قراره في شأنها حصيناً لعدم قيام المطعون ضده الأول بالطعن في هذا القرار خلال الميعاد القانوني، فإن المادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973 تنص على أنه "يقصد بالعامل في حكم هذه المادة من يؤدي عملاً في الإنتاج الصناعي أو الزراعي وتغلب عليه الصفة الفنية اليدوية، ويفصل وزير القوى العاملة في أي خلاف ينشأ في هذا الشأن"، ويبين من هذا النص - وغيره من نصوص القانون رقم 73 لسنة 1973 - أن قيام وزير القوى العاملة بالفصل فيما ينشأ من خلاف حول صفة العامل، لا يعتبر قراراً إدارياً منشئاً لمركز قانوني للعامل الذي فصل في صفته، بحيث يتعين الطعن في هذا القرار استقلالاً خلال المواعيد القانونية المقررة، وإنما لا يعدو الأمر - في هذه الحالة - أن يكون مجرد إجراء من إجراءات الانتخاب التي تمثل في مجموعها عملية مركبة، تبدأ بالترشيح لعضوية مجلس الإدارة ممن تتوافر فيهم شروط الترشيح المنصوص عليها في المادة (2) من القانون رقم 73 لسنة 1973، وتنتهي بإعلان وزارة القوى العاملة لنتيجة الانتخاب طبقاً للمادة (6) من هذا القانون، ويكون قرار الوزارة بإعلان النتيجة هو القرار الإداري المنشئ للمراكز القانونية لأعضاء مجلس الإدارة الذين أعلن فوزهم في الانتخاب، وهو القرار الذي يجوز الطعن فيه، ويعتبر الطعن في هذا القرار شاملاً لجميع شروط وإجراءات العملية الانتخابية بما في ذلك الصفة التي رشح على أساسها عضو مجلس الإدارة وتم انتخابه بناء على توافرها فيه، وعلى ذلك فإن القول بعدم قبول المنازعة في صفة الطاعن على النحو سالف الذكر لا يستند إلى أساس صحيح قانوناً..
ومن حيث إن المادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973 تنص على أن "يقوم الناخبون بانتخاب نصف عدد أعضاء مجلس الإدارة من بين العاملين، على أن يكون خمسون في المائة منهم - على الأقل - من العمال، وذلك في الجهات التي تمارس نشاطاً إنتاجياً في الصناعة أو الزراعة. ويقصد بالعامل في حكم هذه المادة من يؤدي عملاً في الإنتاج الصناعي أو الزراعي وتغلب عليه الصفة الفنية اليدوية..".
وواضح من هذا النص أنه يشترط ألا يقل عدد العمال المنتخبين أعضاء بمجلس الإدارة عن نصف عدد الأعضاء المنتخبين عن العاملين في الجهات التي تمارس نشاطاً إنتاجياً في الصناعة أو الزراعة، وقد عرف النص سالف الذكر العامل - في تطبيق حكمه - بأنه من يؤدي عملاً في الإنتاج الصناعي أو الزراعي وتغلب عليه الصفة الفنية اليدوية".
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن الطاعن يشغل وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان بالإدارة العامة للخدمات التابعة لقطاع الشئون الإدارية بالدرجة الأولى، وطبقاً لبطاقة وصف هذه الوظيفة - المقدمة من الشركة والصادرة من الإدارة العامة للتنظيم والإدارة باعتبارها الإدارة المختصة بإعداد البطاقة والاحتفاظ بها، وفقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 33 لسنة 1977 بإعادة تنظيم وحدات التنظيم والإدارة - فإن واجبات ومسئوليات هذه الوظيفة تتعلق في عمومها بوضع الخطط وإعداد الدراسات والبحوث والاتصال بالجهات خارج الشركة والإشراف على العاملين بالإدارة وتنسيق العمل فيما بينهم وتقييم أدائهم وإعداد تقاريرهم الدورية، وغير ذلك من الواجبات والمسئوليات التي تضمنتها تفصيلاً بطاقة وصف الوظيفة المذكورة، والتي لا تعتبر - بطبيعتها - من الأعمال التي تغلب عليها الصفة الفنية اليدوية، والأمر الذي يفتقد معه شاغل هذه الوظيفة صفة العامل في تطبيق حكم المادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973، ومن ثم لا تصدق على الطاعن صفة العامل وفقاً لحكم هذه المادة.
ومن حيث إنه لا محل للاستناد إلى الشهادتين المؤرختين في 20/ 8/ 1983، 22/ 3/ 1984 والموقعتين من رئيس مجلس إدارة الشركة. اللتين قدمهما الطاعن لإثبات صفته كعامل، ذلك أن هاتين الشهادتين لا تقومان مقام بطاقة وصف وظيفة الطاعن المشار إليهما، وليس من شأنهما إضفاء وصف جديد على وظيفة الطاعن مغاير للوصف الذي تضمنته البطاقة الصادرة من الجهة صاحبة الاختصاص في الشركة وهي الإدارة العامة للتنظيم والإدارة.
كما أنه لا يجوز للطاعن الاحتجاج ببطاقة وصف وظيفة مدير إدارة الأراضي والإسكان المقدمة منه والمعتمدة من رئيس قطاع الشئون الإدارية في 5/ 6/ 1984 والتي تضمنت وصفاً مغايراً لهذه الوظيفة ذلك أن الواضح من صورة مذكرة النيابة الإدارية في القضية رقم 235 لسنة 1985 المشار إليها، أنه تبين من التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية أن بطاقة وصف الوظيفة المقدمة من الطاعن قام بإعدادها موظفون غير مختصين على خلاف الحقيقة وقام باعتمادها رئيس قطاع الشئون الإدارية بقصد تعزيز موقف الطاعن أمام القضاء الإداري على غير سند من الواقع والقانون، مما ترتب عليه قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد المسئولين عن إعداد واعتماد البطاقة المشار إليها - ومعهم الطاعن - ومساءلتهم إدارياً وإبلاغ النيابة العامة، الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة طرح بطاقة وصف الوظيفة المقدمة من الطاعن جانباً لعدم الاطمئنان إلى سلامتها في ضوء ما انتهت إليه مذكرة النيابة الإدارية.
أما بالنسبة إلى باقي المستندات التي تقدم بها الطاعن لإثبات صفته كعامل، فإنه فيما يختص بشهادة الوحدة المحلية لمركز ومدينة الخانكة من أن الطاعن قد فاز بعضوية المجلس الشعبي المحلي بصفة عامل، فإنها غير منتجة في تقرير هذه الصفة له طبقاً للمادة (3) من القانون رقم 73 لسنة 1973 التي وضعت تعريفاً خاصاً للعامل في تطبيق حكمها. وأما فيما يتعلق بأوامر التكليف الصادرة للطاعن، فإنها - بغرض التسليم بصحتها - صدرت له بصفته مديراً لإدارة الأراضي والإسكان بما تضمه هذه الإدارة من موظفين وعمال على اختلاف درجاتهم وتنوع تخصصاتهم، ولم تصدر إليه بصفته الشخصية ليقوم بنفسه بتنفيذ الأعمال موضوع التكليف. وأخيراً فإن قرار رئيس مجلس الإدارة رقم 525 لسنة 1981 الصادر في 14/ 10/ 1981 - الذي يستند إليه الطاعن - خاص بإنشاء إدارة الأراضي والإسكان وتحديد اختصاصاتها، ولا شأن له بتحديد اختصاصات مدير هذه الإدارة أو وصف وظيفته.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وبحسب الظاهر من الأوراق، تكون قد تخلفت في الطاعن صفة العامل التي رشح نفسه على أساسها في الانتخاب لعضوية مجلس الإدارة وفاز بالعضوية على أساس توفر هذه الصفة فيه، ومن ثم يكون قرار إعلان فوزه في الانتخاب لعضوية مجلس الإدارة على أساس صفته كعامل مخالفاً للقانون، الأمر الذي يرجح معه الحكم بإلغائه عند الفصل في موضوع الدعوى، وبالتالي يكون طلب وقف تنفيذ هذا القرار قد توافر له ركن الجدية، كما أن ركن الاستعجال في هذا الطلب متوافر أيضاً لما يترتب على استمرار بقاء الطاعن عضواً بمجلس الإدارة مشاركاً في ممارسة اختصاصاته واتخاذ قراراته من نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغاء القرار المطعون فيه، ويتعين لذلك الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار فيما تضمنه من إعلان فوز الطاعن بعضوية مجلس الإدارة.
ومن حيث إن المادة (7) من القانون رقم 73 لسنة 1973 تنص على أنه "إذا قبل الطعن أو خلا محل أحد الأعضاء بسبب الاستقالة أو الوفاة أو سقطت العضوية أو زالت عنه لفقدان شرط من الشروط، حل محله المرشح التالي له في عدد الأصوات، وتستمر عضويته للمدة الباقية للعضو الذي حل محله.." وطبقاً لنص هذه المادة يترتب على وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على الوجه السابق زوال عضوية الطاعن في مجلس الإدارة، ويحل محله في هذه العضوية المطعون ضده الأول باعتباره - بحسب الظاهر من الأوراق - المرشح التالي له في عدد الأصوات من بين المرشحين الحائزين على صفة العامل.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إعلان فوز المطعون ضده الرابع فإنه يبين من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده الرابع رشح نفسه في انتخاب مجلس الإدارة باعتباره من الفئات غير الحائزين لصفة العامل، وفاز بعضوية المجلس على هذا الأساس، وليس ثمة ما يشوب قرار إعلان فوزه من العيوب التي تؤدي إلى إلغائه، ومن ثم فإن هذا الطلب لا يتوافر فيه ركن الجدية، ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعاً فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم، ويتعين لذلك رفضه وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات"..