مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1404

(205)
جلسة 3 من يوليو سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 1101 لسنة 29 القضائية

دعوى - إجراءات في الدعوى - إعلان صحيفة الدعوى.
( أ ) إذا قام المدعي بما أوجبه القانون من تسليم الإعلان للنيابة العامة وقدم الدليل المثبت لذلك فإنه يعتبر قرينة على وصول الإعلان للمدعى عليه وعلمه به وفقاً للمجرى العادي للأمور - للمدعى عليه إقامة الدليل على انتفاء هذه القرينة بإثبات أن النيابة لم ترسل الإعلان لوزارة الخارجية أو أن وزارة الخارجية لم ترسل الإعلان للسفارة أو القنصلية المختصة أو أن هذه السفارة أو القنصلية لم تسلمه الإعلان مباشرة أو عن طريق السلطات المختصة في البلد الأجنبية المقيم بها - إذا يثبت المدعى عليه ذلك يفترض وصول الإعلان إليه - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام - حالات البطلان - عدم الإعلان.
يعتبر الإعلان إجراء جوهرياً في الدعوى وتكمن أهميته في تمكين ذوي الشأن من المثول أمام المحكمة لإبداء دفاعهم - يترتب على إغفال الإعلان وقوع عيب شكلي في الإجراءات - إغفال الإعلان والسير في إجراءات الدعوى دون مراعاته يترتب عليه بطلان الإجراءات وبطلان الحكم، لقيامه على إجراءات باطلة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 10 مارس سنة 1983 أودع الأستاذ جلال الدين محمد رجب المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين صحيفة هذا الطعن بقلم كتاب المحكمة، طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 569 لسنة 35 بجلسة 9/ 1/ 1983 والقاضي بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 6147.665 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 21/ 12/ 1980 وحتى تمام السداد والمصروفات، وطلب الطاعنان في ختام صحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى، واحتياطياً بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للحكم فيها مجدداً بالرفض مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بالمصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم أصلياً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
واحتياطياً: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 17/ 4/ 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 7/ 5/ 1985 حيث استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ملف الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن وزير التعليم العالي كان قد أقام الدعوى رقم 569 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 21/ 12/ 1980 ضد السيدة شهيرة حامد متولي والسيد: حامد متولي محمد طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 6639.480 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد بواقع 4% سنوياً والمصاريف والأتعاب. وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 7/ 7/ 1966 وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات على إيفاد المدعى عليها الأولى إلى الولايات المتحدة للتدريب ثم حولت البعثة للحصول على الدكتوراه في الرياضيات والإحصاء، وفي 16/ 2/ 1970 تقدمت باستقالتها من معهد الدراسات والبحوث الإحصائية بجامعة القاهرة وتزوجت من أمريكي ورفضت العودة إلى مصر.
وبجلسة 9/ 1/ 1983 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 6147.665 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 21/ 12/ 1980 وحتى تمام السداد والمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعى عليه الثاني قد وقع تعهداً التزم فيه باعتباره كفيلاً عن المدعى عليها الأولى برد النفقات والمرتبات التي تصرف عليها طوال مدة دراستها في حالة إنهاء الإجازة وعدم عودتها تنفيذاً للقرار الصادر بذلك، وكان الثابت أن المدعى عليها الأولى لم تقم بتنفيذ التزاماتها وتزوجت في الخارج ورفضت العودة إلى مصر فإنه يتعين والحال كذلك إلزامها وكفيلها بالنفقة طبقاً للقانون رقم 112 لسنة 59 والتعهد المشار إليه، ولا يجدي في هذا الصدد قول المدعى عليه الثاني أن التزامه وفقاً للتعهد قاصر على مدة التدريب ولا تشمل هذه الدراسة للدكتوراه، لأن الثابت من التعهد المشار إليه أنه يكفل المدعى عليها الأولى في سداد كل ما يظهر عليها من التزامات مالية أو ديون تنشأ أثناء إقامتها بالخارج سواء لإدارة البعثات أو لعداها ثم استبعدت المحكمة من المبلغ المطالب به مبلغ 491.815 جنيهاً مقابل المصاريف الإدارية تأسيساً على ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا وخلصت المحكمة إلى حكمها المتقدم.
ومن حيث إن أسباب الطعن تقوم على أن الحكم المطعون فيه باطل لعدم اتصال علم الطاعنة الأولى بإجراءات الدعوى لأن الثابت أنها لم تعلن بالدعوى في أي مرحلة من مراحلها، ومن ثم يكون هناك بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، يضاف إلى ذلك أن الذي قام بالصرف على بعثة الطاعنة هي مؤسسة فورد، ولم يكن معهد الدراسات والبحوث الإحصائية بجامعة القاهرة يعلم شيئاً عما تدفعه المؤسسة المذكورة، كما أن المحكمة اكتفت بالأخذ بكشف النفقات المقدم من جهة الإدارة وهو ما لا يسلم به الطاعنان، إذ أن الوزارة لم تقدم أي مستند يفيد تسلم المطعون ضدها لأية مبالغ من معهد الدراسات الإحصائية أو من مكتب البعثات، وأضاف الطاعنان أن الحكم قضى بالفوائد بالمخالفة لأحكام الدستور كما أن الكفالة لا تسري على موضوع الدعوى، لأن نطاق الكفالة هو سداد ما يظهر عليها من التزامات مالية أو ديون تنشأ أثناء إقامتها في الخارج، وإن الدين موضوع الدعوى لم ينشأ أثناء إقامة الطاعنة بالخارج، إذ أنه لا ينشأ في حالة عدم العودة للوطن طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 112 لسنة 1959 إلا عند انتهاء مدة البعثة ويحل وقت العودة، ولا تعود يضاف إلى ذلك أنه لما كان قرار قبول الاستقالة يقطع كل صلة بين الطاعنة وجهة العمل، وقد استقالت في 8/ 3/ 1970، ولم تتخذ جهة الإدارة أي إجراء لمطالبة الطاعنة وضامنها خلال خمس سنوات من هذا التاريخ حتى إيداع عريضة الدعوى في 21/ 12/ 1980، فيكون الحق المطالب به قد انقضى بالتقادم لمضي المدة المنصوص عليها في المادة 378 من القانون المدني، وخلص الطاعنان إلى طلباتهما المشار إليهما في صدر هذا الحكم.
ومن حيث إنه عما تنعاه الطاعنة على الحكم بالبطلان لعدم إعلانها بالدعوى، فإن وإن خلت أوراق الدعوى مما يفيد وصول الإعلان إلى المدعى عليها بالطريق الدبلوماسي بعد ثبوت تسليمه للنيابة العامة في 18/ 3/ 1981، إلا أنه وقد قام المدعي بما أوجبه عليه القانون من تسليم الإعلان للنيابة وقدم الدليل المثبت لذلك، فإن ذلك يعتبر قرينه على وصول الإعلان للمدعى عليها وعلمها به وفقاً للمجرى العادي للأمور، ما لم تقدم المدعى عليها الدليل على انتفاء هذه القرينة بإثبات أن النيابة لم ترسل الإعلان لوزارة الخارجية أو أن وزارة الخارجية لم ترسل الإعلان للسفارة أو القنصلية المختصة، أو أن هذه السفارة أو القنصلية لم تسلمها الإعلان مباشرة أو عن طريق السلطات المختصة في البلد الأجنبية، التي تقيم فيها، وما دامت الطاعنة لم تثبت ذلك، فإن إعلانها يفترض وصوله إليها.
على أنه وإن افترض أن الطاعنة قد أعلنت بصحيفة الدعوى على نحو ما تقدم، إلا أن الثابت أنها لم تعلن بأي جلسة من الجلسات المحددة لنظر الدعوى.
ومن حيث إن الإعلان يعد إجراء جوهرياً في الدعوى، وتكمن أهميته في تمكين ذوي الشأن من المثول أمام المحكمة لإبداء دفاعهم، وتقديم ما قد يعن لهم من بيانات ومستندات لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها، ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بمصلحة جوهرية لذوي الشأن، ويترتب على إغفال ذلك وقوع عيب شكلي في الإجراءات والأضرار بصالح الخصم الذي وقع هذا الإغفال في حقه، ومن ثم فإن إغفال الإعلان والسير في إجراءات الدعوى دون مراعاة أحكام القانون المتعلقة بهذا الإجراء الجوهري، يترتب عليه بطلان هذه الإجراءات وبطلان الحكم لقيامه على هذه الإجراءات الباطلة.
وبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت أن الطاعنة الأولى لم تعلن بأي جلسة من الجلسات المحددة لنظر الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وبالتالي لم تتمكن من إبداء دفاعها، وهو الغرض الذي يبغيه المشرع من هذا الإعلان وعلى ذلك فإنه يكون قد وقع عيب جوهري في الإجراءات أدى إلى بطلان الحكم لقيامه على هذه الإجراءات الباطلة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن، قائماً على أساس سليم من القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات) للفصل فيها مجدداً وأبقت الفصل في المصروفات.